هل بصمات الاصابع قابلة للتكرار
حتى الآن لا تزال هناك الكثير من الظواهر الغامضة في الطبيعة
التي تثير حيرة العلماء ودهشتهم العميقة، خاصة ان هذه
الظواهر تبدو عصية على الفهم، برغم الدراسات المتشعبة التي
تتناولها من حين لآخر، ولكن مع مرور الوقت يقترب الباحثون من
إيجاد حلول علمية لبعض من هذه الظواهر.
يؤكد الباحثون في قسم الرياضيات بجامعة أريزونا الأمريكية
أنهم اكتشفوا نماذج رياضية معقدة، حيث تتيح هذه النماذج
قوانين التنبؤ ببصمات الأصابع، فقد استطاعوا ابتكار نموذج
يمكن ان يتنبأ بالأنماط المتعددة من بصمات الأصابع، مع
ملاحظة ان هذه الأنماط لا يمكن ان تتشابه بين اثنين من البشر
.
بالرغم من ان استخدام بصمات الأصابع كوسيلة لتحديد هوية
الاشخاص بدأ منذ الفى عام تقريبا وبالتحديد في الصين
القديمة، فان دراسة هذه الظاهرة على اسس علمية لم تبدأ الا
قبل مئتي عام على وجه التقريب، فلم يتوصل العلماء إلى اسباب
مقنعة تبرر حدوث هذه الظاهرة، وبهذه الصورة المعقدة،
ويرى الباحثون ان التفاوت في بصمات الأصابع يمكن تفسيره في
ضوء التفاعل بين الرياضيات وعلم الاحياء، بالرغم من ان تلك
المهمة تبدو شبه مستحيلة تقريبا منذ الوهلة الاولى، اذ ان
تصنيف بصمات الأصابع يتطلب ضرورة التمتع بوجهة نظر مغايرة
للمألوف من جهة، فضلا عن التبحر في الرياضيات خصوصا نظرية
الاحتمالات، مع ملاحظة ان التطبيقات الخاصة بتلك النظرية لا
تزال في مراحلها المبكرة حتى بالنسبة للدول الاكثر تقدما في
العالم، فضلا عن ذلك فان العمل على تجميع الحقائق التي تبدو
شبه متنافرة يعتبر مهمة شاقة للغاية، وتكمن الصعوبة الأساسية
في ان بصمات الأصابع تتأثر بعوامل كثيرة، منها تفاوت سمك
طبقات الجلد من شخص لآخر، ولكن امكن رصد مظاهر هذا التفاوت
طبقا للنماذج الرياضية التي ابتكرها الباحثون ، بين الطبقة
الخارجية من الجلد والطبقة الغائرة تقع عدة طبقات تعرف باسم
الطبقات الأساسية، وتتكون هذه الطبقات من خلايا تظل تنقسم
بطريقة معينة، الامر الذى يمنح الشخص بصمات الأصابع المميزة،
وعندما امكن التعرف على الطريقة التي تنقسم بها هذه الخلايا
بات من السهل التنبؤ بالشكل الذى تكتبه بصمات الأصابع في كل
شخص، خاصة ان طريقة انقسام هذه الخلايا تشبه الطريقة التي
تنقسم بها الخلايا النباتية، اذ ان النباتات تحتوى على اجزاء
معينة تضم بعض الخلايا التي تظل تنمو باستمرار طالما ظل
النبات على قيد الحياة، مثل الطرف الغض في نباتات الصبار،
مما يتيح للنباتات الفرصة لكى تنمو بانتظام وبالشكل المعروف.
تتميز الطبقة الأساسية بأنها تشبه الطرف الغض من الصبار،
ولذلك تنمو بمعدلات اسرع من غيرها من طبقات الجلد سواء
الطبقات الداخلية أو الخارجية، ومع زيادة نمو الطبقة
الأساسية يتزايد الضغط الناجم عن الطبقة الأساسية، ولكن
يتضاعف الضغط على الطبقة الداخلية نظرا لأنها اقل صلابة من
الطبقة الخارجية، ونتيجة لذلك التفاوت في الضغط تحدث بصمات
الأصابع، وهى تشبه الأخاديد الدقيقة في سطح الجلد، وبالتالى
يتغير شكل البصمات من شخص لآخر بسبب اختلاف القوة الناتجة عن
الضغط اثناء تكوين البصمات، واذا امكن ضبط هذه القوة فان
النتيجة ستمثل في تشابه بصمات الأصابع، على غرار ما يحدث في
النباتات.
ايضا يتأثر الضغط الناجم عن نمو الطبقة الأساسية من الجلد
على الخصائص المميزة لتلك الطبقة، ويتأثر تكون هذه البصمات
بمدى سمك طبقات الجلد، حيث تظهر الملامح المميزة لهذه
الطبقات عندما يكون الجنين في بطن الام، خصوصا عندما يبلغ
الجنين ستة اسابيع، ويوضح الباحثون انه عندما تنمو طبقة
الجلد الأساسية فانها تضاعف من الضغط الواقع على الطبقة
الداخلية، وهناك ثلاثة أنماط أساسية من بصمات الأصابع، وتعرف
هذه الأنماط باسم الأقواس أو الانشوطة أو الدوامة، نظرا لان
كلا منها تأخذ الشكل الهندسى المعروف لكل من تلك الأشكال،
فعلى سبيل المثال عندما يتضاعف الضغط الناجم عن الطبقة
الوسطى تأخذ بصمات الأصابع شكل الدوائر.
|