البروسيلا
.. المرض المرعب
زياد طارق
السدرة
البروسيلا
هو أحد الأمراض الهامة التى تصيب الحيوان، وتسبب خسائر
اقتصادية كبيرة، وهو من الأمراض التى تنتقل إلى الإنسان،
وتسبب له ما يعرف باسم الحمى المالطية أو حمى البحر الأبيض
المتوسط أو الحمى المتموجة، ويرجع اكتشاف هذا المرض إلى
الطبيب الإنجليزي سير ديفيد بروس سنة 1878، ومن هنا سمى
المرض باسم هذا الطبيب وقد كان اكتشاف المرض أولاً فى
الإنسان فى جزيرة مالطة (من هنا أخذ المرض أسم الحمى
المالطية) حيث توجد أحد القواعد البريطانية، وذلك أثر وفاة
بعض الجنود البريطانيين نتيجة لتناولهم ألبان ماعز ملوثة،
وتم عزل الميكروب المسبب من طحال الجنود المتوفين فى ذلك
الوقت. والمرض يصيب جميع الحيوانات المجترة مثل الأبقار
والجاموس والأغنام والماعز وغير المجترة مثل الخنازير
والخيول والكلاب وكذلك الحيوانات البرية، ويسبب المرض خسائر
كبيرة نتيجة الاجهاضات التى تحدث للحيوانات المصابة بميكروب
البروسيلا، وتتعاظم خطورة المرض لسهولة انتقاله للإنسان،
وربما أيضا لصعوبة تشخيصه فى الإنسان نتيجة لتداخل أعراضه مع
أعراض الكثير من الأمراض التى تصيب الإنسان . يعتبر مرض
البروسيلا من الأمراض واسعة الانتشار في معظم بلدان العالم
وإن كان هناك بعض الدول التي نجحت في التخلص من هذا المرض
مثل السويد والنرويج والدنمارك ويوغوسلافيا، وذلك بعد برامج
حازمة للحجر البيطري، والتخلص من الحيوانات الإيجابية للمرض،
ومازال هذا المرض يسبب هاجساً كبيراً وتحدياً قائماً لكثير
من الدول، وخاصة دول العالم الثالث لما يسببه من خسائر كبيرة
للاقتصاد القومى، وكذلك لما تتكلفه برامج التخلص من هذا
المرض من تكاليف باهظة قد لا تتحملها اقتصاديات تلك الدول.
البروسيلا من الميكروبات العصوية سالبة الجرام والتى تنمو فى
جو لاهوائى، ومقاومة الميكروب للحرارة ضعيفة، وكذلك للحموضة
ومع ذلك فقد كان من المعروف أن هذا الميكروب يفضل الأماكن
الرطبة ذات الحرارة المنخفضة ولكن الميكروب قد خلق ليحيا وفى
تحديه للطبيعة يتحور ويصبح مقاوماً للظروف الغير مواتية فنجد
أن المرض أيضا موجود فى بيئات ذات حرارة مرتفعة وجافة .وكان
للميكروب إلى وقت قريب ستة أنواع
Species
معروفة ظهر أخرها فى الاكتشاف عام 1967 بروسيلا الكلاب
Brucella canis،
والتى تصيب الكلاب والإنسان ولكن اكتشاف الإنسان لا يتوقف
عند حد فقد اكتشف نوع سابع فى أواخر التسعينيات من القرن
المنصرم، وهذا النوع يصيب الحيوانات البحرية، ويعرف باسم
بروسيلا البحريات
Brucella maris
، وينتقل أيضاً إلى الإنسانعلى غير كثير من أمراض الحيوان
فإن البروسيلا لا يميزها أعراض ظاهرة يمكن من خلالها التخمين
بهذا المرض اللهم عرض الإجهاض فى الثلاثة شهور الأخيرة من
فترة العشر فى الأبقار أو الجاموس الذى قد يشير بإصبع
الاتهام لهذا المرض، ولكن ليس بصورة مؤكدة، وهناك علامة أخرى
قد تساعد فى التشخيص الإكلينيكى، وهو احتباس المشيمة سواء
بعد الإجهاض أو فى الولادة العادية، وهذا المرض قد يسبب
الإجهاض فى الولادة الأولى، ولكن بعد ذلك تلد الحيوانات
ولادات طبيعية دون أى علامات مرضية واضحة ويكون الحيوان فى
هذه الحالة حاملا للمرض، وهنا مكمن الخطر وخاصة فى حال
انتقال هذا الحيوان الحامل للعدوى إلى مكان آخر أو إلى مزرعة
أخرى دون وجود سجلات لهذه الحيوانات وخاصة عند صغار
المربين. تنتقل العدوى بطرق عدة أهمها عن طريق الجهاز
التنفسى باستنشاق أتربة ملوثة بالميكروب , وكذلك تناول
الحيوانات لعلائق أو أعلاف ملوثة بهذا الميكروب أو ماء ملوث
بالميكروب وهذا التلوث يأتى من مخلفات إجهاض الحيوانات من
الأجنة والسوائل المصاحبة، وكذلك المشيمة بعد نزولها أو
إنزالها وعدم التخلص من هذه المخلفات تخلصاً صحياً . كما
تأتي العدوى من الرضاعة الطبيعية من أم مصابة .
البروسيلا فى
الإنسان:
على الرغم من أن
البروسيلا هو مرض حيوانى أساساً إلا أن بداية اكتشافه كان فى
الإنسان ، ولنستعرض هذا المرض بداية من اسمه فهو يسمى بأسماء
عديدة، هى الحمى المالطية نسبة إلى المكان الذى اكتشف فيه
لأول مرة. ويعرف أيضا باسم الحمى المتموجة، وذلك لارتفاع
درجة حرارة المريض ثم انخفاضها على هيئة موجات كل فترة،
وكذلك يعرف باسم حمى البحر الأبيض المتوسط، وذلك للزعم
بانتشار المرض فى دول حوض البحر الأبيض المتوسط على الرغم من
وجود هذا المرض فى معظم أنحاء العالم. ويعتبر مرض البروسيلا
من الأمراض المهنية
تتراوح فترة
الحضانة من أسبوع إلى 3 أسابيع ، وقد تصل إلى 90 يوماً،
وتعتمد فى هذا على عوامل عدة منها : جرعة الإصابة، مدى ضراوة
عترة الميكروب، تكرار التعرض للاصابة وكذلك مقاومة الشخص،
والتى تختلف من فرد إلى آخر. يتداخل مرض البروسيلا مع عديد
من الأمراض التى تصيب الإنسان لتشابه الأعراض مثل:
(الأنفلونزا – التيفويد- الروماتيزم- السل - الملاريا). ولذا
كانت صعوبة تشخيص المرض من الأعراض الاكلينيكية، وذكرت بعض
المراجع أن حالة واحدة تشخص مقابل 25 حالة تفقد طريقها
للتشخيص السليم أى أن 4% فقط هو الذى يشخص تشخيصا صحيحا.
أعراض المرض : ارتفاع درجة الحرارة وخاصة فى المساء مع وجود
عرق غزير , و قشعريرة والشعور بغثيان , والتهاب حاد بالمفاصل
وشعور بالآم أسفل الظهر , وفقدان الشهية , والشعور بالتعب
لأقل مجهود.
هل يوجد تطعيم
للبروسيلا ؟
إلى الآن لم يثبت
نجاح أى لقاح للوقاية من البروسيلا فى الإنسان بصورة فعالة
وآمنة، وكل ما تم فى هذا المجال لم تخرج عن كونها محاولات،
ولكنها لم تصادف النجاح المنشود، وذلك لإمكانية حدوث العدوى
من خلال اللقاحات، وبالتالى التخوف من استعمالهاختاما من
المهم التعاون بين الهيئات البيطرية ومديريات الصحة لتقييم
هذا المرض وإعطائه مزيداً من الاهتمام وخاصة أنه فى تزايد
مستمر مما يحتم ضرورة مقاومة المرض فى الحيوان لأنه المصدر
الرئيسى للعدوى فى الإنسان. وكذلك ضرورة العمل على تداول
الألبان فى صورة مبسترة، وهذا ليس للوقاية من البروسيلا فقط،
ولكن للوقاية من العديد من الأمراض التى تكون الألبان سببا
فى انتشارها، أما إذا تعذر هذا فلابد من غلى الحليب مدة
كافية لا تقل عن عشرة دقائق والامتناع تماماً عن استعمال
الحليب فى صورته الخام. مع التاكيد على ضرورة إجراء
اختبارات البروسيلا بصفة دورية كإجراء وقائى لمن يعملون فى
علاج الحيوان وتربيته كالأطباء البيطريين وعمال المزارع
والمجازر والفلاحين المربين وتسهيل هذا الأمر عليهم وإجراء
هذه الاختبارات بالمجان. مع عمل حملات للتوعية الصحية
والبيطرية تجوب القرى لزيادة الوعى بهذا المرض ومحاولة
القضاء عليه أو الحد من انتشاره .
|