استراحة المدى

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 
الفنان ميمون الخالدي : الاعمال التلفزيونية الحالية لا تعبر عن هموم الإنسان العراقي!

 

ستار جاسم ابراهيم
يعد الفنان د. ميمون الخالدي، واحداً من الممثلين العراقيين الذين عرفوا بأدوارهم الجادة، معبرين عن الواقع العراقي بكل تفاصيله. فهو فنان شامل ساهم في اعمال مسرحية متألقة، واعمال تلفزيونية واذاعية فضلاً عن ممارسة التدريس في اكاديمية الفنون الجميلة. في هذا اللقاء سلط الضوء على الكثير من الهموم التي ترافق الفنان العراقي، والاعمال الفنية العراقية، التي باتت لاتمثل الفن العراقي.
الفن العراقي الاصيل، بعد ما يسمى بالتغيير والتحرير والاحتلال، وتعدد الهويات والجنسيات، هل بامكانه مواكبة هذا التغيير؟ فقد عرضت بعض المسرحيات من نوع المونودراما ومسرحيات للاطفال ولكن هل تساوت مع مديات الهوة التي حدثت بعد زوال الحكم السابق؟
- ان حجم الكارثة خطير للغاية حين ينهض التدمير بكل اشكاله حين لا نعرف كيف نحيا لنفرح ونعمل ونصنع بهمة عالية مستقبلنا المشرق، حين نهشم ابتسامة اطفالنا، حين يزرع الموت في مكان شجرة الحياة، مالذي يتبقى للفن بشكل عام والمسرح بشكل خاص؟.
فالمسرح لصيق بالإنسان وبكل تجلياته وطروحاته واحلامه وذاته الباحثة عن كينونتها، مالذي تبقى له لكي ينشط ويتفاعل ويجابه؟ ، لاشيء في وطن يمضي من خوف الى خوف مشيعاً فرحته المحملة بالآلام والتخلف؟!
* يلاحظ على حركة بعض فنانينا الهجرة بفنهم الى الخارج، أتمثل هذه الحركة تنفساً خارج المحيط المعتاد، أم القصد الانتشار الفني بعد ان عز الانتشار المأمول في الوطن المكلوم؟
- لنتفق جميعاً، ولو مرحلياً على ان لا مسرح الآن في العراق على مستوى التلقي وذلك بسبب الاوضاع الآنية وعدم الاستقرار، إذ لا وجود لمواعيد ثابتة للعرض المسرحي وموعد المسرح هو الليل كما هو معروف للجميع، ولا ليل في العراق..
* ولا نهار! واختلطت على الناس الامور..!
- نعم هذا صحيح فضلاً عن ان الجمهور يهرع الى البيوت خوفاً من اولى ساعات الاصيل، والعرض المسرحي لا قيمة له إلا بالمشاهد، وهو غائب وعليه فلا وجود لمسرح على هذا الاساس، ولكن من جهة اخرى هل نبقى كالدمى الصامتة التي هجرها محركها؟ وهذا خوف آخر هو ان يعلو الصدأ اجسادنا وفكرنا، فنهرع الى العمل صامتين.. عليه نحن نعمل .. نتمرن..
نجرب في اكثر من مجموعة، هاجسنا الخلق والابداع ، ونحن فخورون بانفسنا، وآلينا عليها ان لا نتوقف فما النتيجة؟ بالنتيجة ان نتواصل مع انفسنا أولاً، ثم نستثمر المهرجانات العربية والدولية وان نقول للعالم نحن موجودون ولم نترك الساحة، ومازلنا ننبض بالحياة رغم الموت والدمار. وبهذا كانت مشاركاتنا الخارجية تمثل تنفساً صحياً أزاحت عنا الرتابة والجمود.
* لعل ما تفضلت به يمثل عملية تحريك او زحزحة لجمود الحركة الفنية بعد التغيير، ولكنها لا تمثل نهضة او وثبة فاعلة لها اثرها الملموس .
- انه النهوض حتى في العتمة، والالق سوف يفصح عن نفسه عندما ندرك ان بدء الحياة من أولها لن يفوت أو انه حتى قبل الموت بيوم واحد!
* قلناها مراراً: الفن ينمو ويتصاعد في نموه ليؤتي ثمره في جو من الحرية المطلقة، ترى متى يحصل هذا الاطمئنان لعين تستقرئ مستقبلاً عساه يكون منظوراً لتستقر في احداق قوم ينتظرون ؟
- عندما نعي ضرورة الفن وأثره الفعال في انشطة الحياة المتشعبة كافة، وعندما نريد ذلك فعلاً، والمشكلة اننا نريد وباصرار التفريط بما في أيدينا، وبهذا نكون خارج محيط الزمن.
* حدثنا عن نشاطاتك!
- في الداخل امارس هوايتي المفضلة: (التدريس في كلية الفنون الجميلة) قسم المسرح، كما اني قدمت في العام الماضي مسرحية (اعتذر استاذي) في مهرجان بغداد المسرحي على خشبة المسرح الوطني وشاركت بنفس العرض في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، ورشحت لجائزة افضل ممثل وحصلت المسرحية على الجائزة الكبرى وهي جائزة افضل عمل جماعي وهي المرة الاولى التي يحصل فيها المسرح العراقي على مثل هذه الجائزة منذ تأسيس هذا المهرجان سنة 1988، وما حصل هو افتخار حقيقي لنا جميعاً.
* وما حصل بعدها ؟
- من الطريف ان أذكركم انه عند عودتنا من القاهرة عن طريق الاردن شاركنا في مهرجان المسرح العربي للطفل في عمان بمسرحية (أمنيات صغيرة) من اخراج الفنانة اقبال نعيم، وقدمتها مجموعة اعتذر استاذي نفسها وفزت بجائزة افضل ممثل من الكبار للاطفال، وكنت سعيداً بهذا، لانها المرة الاولى التي امثل فيها لاعزائنا الصغار.
ثم شاركت مع مجموعة مبدعة اخرى بمهرجان (طرطوشة) الدولي للمسرح في اسبانيا وذلك بمسرحية (حريق البنفسج) تأليف واخراج الفنان حيدر منعثر للفترة 19-29 تشرين الثاني الماضي وقدمنا العرض هناك بمدينتي طرطوشة و (تراكونا) وكان حضورنا المسرحي فاعلاً مع الجمهور الاسباني خصوصاً وان ترجمة فورية رافقت العرض في كلتا المدينتين وقد جاءت مشاركتنا في اسبانيا بناء على مشاهدة مباشرة من قبل مدير المهرجان عندما كنا مشاركين في مهرجان الرباط الدولي في المغرب في تموز الماضي.
* البعض من فنانينا المعروفين يشكون الاهمال والتهميش المتعمد، آخرون يشكون البطالة ماذا تقول في ذلك؟
- الجواب عن ما تفضلت به يمثل جانبين مهمين يمكن النظر من خلالهما الى الموضوع:
الجانب الاول عندما ندع كل شيء على ما هو عليه، الوضع الامني، اللا استقرار، نجد ان رجال السياسة في أوطاننا يسعون باتجاهات مختلفة تكون فيه الثقافة والفن بشكل خاص في ذيل القائمة من اهتماماتهم، وعليه فكلنا على هذا الأساس نشكو من الاهمال والبطالة. والجانب الثاني علينا ان لا نصدأ من الإهمال والبطالة ولا ندعهما كاختيار ذاتي، اذا أخذنا بنظر الاعتبار ان القادم من الايام يجعل من العمل في هذا المضمار مشروعاً خاصاً ينهض به الفنان من دون انتظار احد. اما ما يتعلق بالتلفزيون فلا اعتقد ان فنانا نظيفاً يأسف على اهماله وبهذا الكم من الاعمال التي ظهرت في الفضائيات العراقية الجديدة والتي جعلت من السلبي والهامشي نموذجها في الخطاب الدرامي. فهي أعمال لا تعبر عن الإنسان العراقي الذي يجب ان تسوقه الدراما التلفزيونية بل هو سقط المتاع، والقائمون على هذه الاعمال عرفوا من يختارون لتجسيدها، لكن المحزن ان الدورة المقيتة تستمر دائماً وتنتقل من حقل الى آخر في الأمس كانت في المسرح وهاهي الان تتربع على شاشات التلفزيون وهي برمتها لا تثير في ذات الفنان النظيف وعلى حد قولكم أية مشاعر من الاسف لعدم المشاركة فيها.


تعالوا نتعلم حب الوطن
 

د. عاصم عبد الامير
يحدث ان يتعلم المرء دروساً في الجامعة ، البيت، المقهى، الشارع .. انها دروس تحفظ واخرى يجرفها النسيان، وابلغ الدروس طراً وامضاها هي التي تجلجل في الذاكرة، واجراس حكمتها تقرع خارج متاهات النسيان.
كلنا نلهج بالوطن، فما أيسر ذلك، لكن ليس دائماً تقرن الاقوال بالافعال، وإلاّ فان مخالب الهدم التي تتخذ اغطية شتى مما نسمع، ونرى، ونلمس إلاَّ علامات من تلك الافعال من: الرشى، غسيل الاموال، تهريب الآثار، نهب المؤسسات، حرق واخفاء الوثائق، الى اغتيال رجالات الفكر والثقافة والطب، وتجاهل القانون... الخ. وليست هذه إلا مظاهر وبراهين على خيانات تغضب الله وتجرح الوطن وجلاله. فليست الاوطان - فيما اعرف- طبيعة من جبل، وسهل، وفلاة، انها انا وانت ، فالجبل، والسهل والفلوات ان هي إلاَّ تراث مشترك، وما عندك من سهل او جبل تجده عند غيرك، لهذا يضيع الوطن حين نضيع أنا وانت، وقتها لا حديث مجدٍ عنه.
لا أريد اوطاناً ماسخة لاطعم لها، ولا لون، ولا رائحة، اوطاناً لا معنى لها ولا ملامح، لا أريد لعشيرتي ان تحل بديلاً عن وطنيتي ولا طائفتي ، ولا الدنانير الصفر والبيض والخضر والزرق بديلاً عنها.
انها عروتي الوثقى، ومحور وجودي، والنبع الذي اطوف حوله، وأهرع اليه يوم لا بيت يأويني، ولا حضن يهدهدني. اتوسل درساً يدلني على وطني كي اطفئ فيه نار ولهي، وامسد لحيته الناصعة التي يختلط فيها الدمع بالدم. أريد ان اكتوي بجمر محبته، ولا حاجة لي بعد ذلك بجنان الآخرين. دعوني أرتل اشعاراً كحمائم لوطني الذي طوحته المراثي واصناف الغم، اتوسل درساً يمسح عنه نثيث دموعه، يدثره بالحنايا كي اطلب غفرانه، فهو قبلتنا ، وحبل نجاتنا ونجمتنا الدليل.


سينمات غلقت أبوابها
 

محمد درويش علي

لم تكن السينمات في السنين الماضية، غير وسيلة للترفيه، ومشاهدة احدث الافلام التي تنتجها الشركات العربية والعالمية. فالناس كانت تتهافت على هذه السينمات، وقسم منها، يحجز قبل يوم أو اثنين، متباهياً بانه يشاهد فيلماً سينمائياً جديداً، أو يكرر مشاهدته له. والسينمات كانت تتوزع على بغداد، قسم منها يختص بالافلام العربية ، وقسم اخر بالافلام الهندية ، وقسم آخر بالافلام الغربية ومنها افلام العصابات، والافلام التي تعتمد على مفاتن الجسد من دون خدش للحياء وهكذا.
مازلت اتذكر سينما الفردوس، التي تسمى الساحة القريبة منها باسمها، هذه السينما التي كانت تختص بافلام العصابات، مثل (جانكو لا يتفاهم) وكذلك الافلام الايرانية المدبلجة الى اللهجة البغدادية، مثل علي بابا الاصفهاني، وابو جاسم لر.
وكذلك افلام عبد الحليم حافظ، اذكر منها فيلم ابي فوق الشجرة، وكانت هنالك سينما غرناطة والافلام الفرنسية المتميزة التي كان يسعى اليها المتفرج، وكذلك سينما شهرزاد والرصافي وميامي والحمراء في الباب الشرقي، وافلام صباح مثل عصابة النساء وسعاد حسني في بئر الحرمان وشامي كابور في باريس والمقالب التي تحصل له هناك ويتجاوزها بالغناء ولاسيما اغنيته المشهورة (آجا، آجا) .
اما سينما الوطني والشعب وروكسي في شارع الرشيد وكذلك سينما الخيام. و سينما السندباد والنجوم واطلس فكانت الاولى تعرض الافلام الهندية الطويلة التي تتألف من جزأين مثل (رام وشيام) والثانية كانت تعرض الافلام الاجنبية مثل (انهم يقتلون الجياد أليس كذلك؟) والثالثة كانت تتراوح بين الافلام العربية والاجنبية.
فيما كانت سينما سمير اميس تعرض الافلام الأجنبية المتميزة وسينما النصر كانت تعرض الافلام العربية المتميزة والجديدة مثل سينما بابل.
وفي كل سينما كانت هنالك تقاليد للجلوس، مثل ترقيم الكراسي ووجود مكان للعوائل، وكذلك (اللوج) ومقدمة السينما. في الثمانينيات تحولت هذه الدور الى شيء آخر، لا علاقة له بفن السينما، وبدأ الانحدار يأخذ مجراه شيئاًَ فشيئاً حتى وصل الامر الى اربعة افلام في بطاقة واحدة، والجرس لايتوقف الا في منتصف الليل عندما تغلق السينما ابوابها.
وبدأت المهن تزحف صوب هذه الدور، فاصبح قسم منها مخازن، مثل سينما الفردوس والشعب والان سينما السندباد التي اغلقت ابوابها، وبدأت بتقسيم الواجهة الى محال معروضة للبيع. واغلقت سينما بابل ابوابها وكذلك سينما النصر. والسينما الاخرى تشكو من عدم وجود وارد يكفي لسد اجور العمال والايجار.
يا ترى ماذا تبقى من هذه الدور، وهل بالامكان بعد سنوات ان نرى فيلماً متميزاً مثل زوربا في مثل هذه السينما ؟
وهل تبقى هذه السينما لنرى مثل هكذا افلام فيها ؟
اسئلة واسئلة والاجوبة لم تعد تشكل شيئاً مهماً قياساً بما تشهده هذه الدور من خراب لكنه ليس خراباً جميلاً حتماً!

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة