سينمات
غلقت أبوابها
محمد درويش علي
لم
تكن السينمات في السنين الماضية، غير وسيلة للترفيه،
ومشاهدة احدث الافلام التي تنتجها الشركات العربية
والعالمية. فالناس كانت تتهافت على هذه السينمات، وقسم
منها، يحجز قبل يوم أو اثنين، متباهياً بانه يشاهد فيلماً
سينمائياً جديداً، أو يكرر مشاهدته له. والسينمات كانت
تتوزع على بغداد، قسم منها يختص بالافلام العربية ، وقسم
اخر بالافلام الهندية ، وقسم آخر بالافلام الغربية ومنها
افلام العصابات، والافلام التي تعتمد على مفاتن الجسد من
دون خدش للحياء وهكذا.
مازلت اتذكر سينما الفردوس، التي تسمى الساحة القريبة منها
باسمها، هذه السينما التي كانت تختص بافلام العصابات، مثل
(جانكو لا يتفاهم) وكذلك الافلام الايرانية المدبلجة الى
اللهجة البغدادية، مثل علي بابا الاصفهاني، وابو جاسم لر.
وكذلك افلام عبد الحليم حافظ، اذكر منها فيلم ابي فوق
الشجرة، وكانت هنالك سينما غرناطة والافلام الفرنسية
المتميزة التي كان يسعى اليها المتفرج، وكذلك سينما شهرزاد
والرصافي وميامي والحمراء في الباب الشرقي، وافلام صباح
مثل عصابة النساء وسعاد حسني في بئر الحرمان وشامي كابور
في باريس والمقالب التي تحصل له هناك ويتجاوزها بالغناء
ولاسيما اغنيته المشهورة (آجا، آجا) .
اما سينما الوطني والشعب وروكسي في شارع الرشيد وكذلك
سينما الخيام. و سينما السندباد والنجوم واطلس فكانت
الاولى تعرض الافلام الهندية الطويلة التي تتألف من جزأين
مثل (رام وشيام) والثانية كانت تعرض الافلام الاجنبية مثل
(انهم يقتلون الجياد أليس كذلك؟) والثالثة كانت تتراوح بين
الافلام العربية والاجنبية.
فيما كانت سينما سمير اميس تعرض الافلام الأجنبية المتميزة
وسينما النصر كانت تعرض الافلام العربية المتميزة والجديدة
مثل سينما بابل.
وفي كل سينما كانت هنالك تقاليد للجلوس، مثل ترقيم الكراسي
ووجود مكان للعوائل، وكذلك (اللوج) ومقدمة السينما. في
الثمانينيات تحولت هذه الدور الى شيء آخر، لا علاقة له بفن
السينما، وبدأ الانحدار يأخذ مجراه شيئاًَ فشيئاً حتى وصل
الامر الى اربعة افلام في بطاقة واحدة، والجرس لايتوقف الا
في منتصف الليل عندما تغلق السينما ابوابها.
وبدأت المهن تزحف صوب هذه الدور، فاصبح قسم منها مخازن،
مثل سينما الفردوس والشعب والان سينما السندباد التي اغلقت
ابوابها، وبدأت بتقسيم الواجهة الى محال معروضة للبيع.
واغلقت سينما بابل ابوابها وكذلك سينما النصر. والسينما
الاخرى تشكو من عدم وجود وارد يكفي لسد اجور العمال
والايجار.
يا ترى ماذا تبقى من هذه الدور، وهل بالامكان بعد سنوات ان
نرى فيلماً متميزاً مثل زوربا في مثل هذه السينما ؟
وهل تبقى هذه السينما لنرى مثل هكذا افلام فيها ؟
اسئلة واسئلة والاجوبة لم تعد تشكل شيئاً مهماً قياساً بما
تشهده هذه الدور من خراب لكنه ليس خراباً جميلاً حتماً! |