تحقيقات

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

دار التمريض الخاص أداء متميز بثمن باهظ

بغداد/ صافي الياسري
ذهل الرجل وهو يسمع رقم اجرة العملية الذي يجب عليه دفعه، والعملية هي وضع صمام في مخ زوجته، فهو لم يحسب حساب المليون ونصف وانما قدر المبلغ في اعلى ارقامه بـ750 الفاً كما اخبره مسؤول الحسابات وتحدث بصوت خافت كانه يحدث نفسه لم اتوقع هذا المبلغ ولا املكه والتفت الينا قائلاً لم اتوقع هذا المبلغ لاجراء العملية التي تتوقف عليها حياة زوجتي، وقد بعت بعض اغراض البيت للوصول الى مبلغ 750 الف دينار، لكن حسابات المستشفى ابلغته انه اذا لم يدفع مبلغ مليون ونصف فان العملية لن تجرى.

حاول ان يستجدي عطف مسؤول الحسابات قائلاً انه من سكنة البصرة وانه لا يعرف في بغداد من يستلف منه بقية المبلغ، فتخلى المحاسب من مهنته وهو يتحدث وراح يشرح للمراجع البصراوي ان الموضوع ليس من اختصاصه وان مهمته هي تسلم الاجر وايداعه في الخزينة فقط، وانه كان من الممكن تخفيض هذا المبلغ لو ان الامر يتعلق بالمستشفى وحدها لكن الامر مرتبط بالطبيب الجراح فهو الذي يشترط المبلغ ويحدده ولا يقبل التنازل عنه الا نادراُ، وهكذا انسحب الرجل بهدوء يفكر في طريقة تخرجه من المأزق فلم يجد سوى اخراج زوجته من المستشفى، قلنا له لماذا هذا الاصرار على هذه الدار ذات الاجور العالية مع ان مستشفيات بغدادية حكومية اخرى تجريها بأجر رمزي؟ فقال ان ضمان نجاح العملية ومستوى الخدمات في الدار اعلى من غيره في بقية المسشتفيات بسبب الكفاءة العالية والاجهزة المتطورة المستخدمة وانه سيسلم أمره الى الله ويبحث عن حل آخر.
خلال هذا الحديث تقدم مواطنان اخران يطلبان اجراء عملية زرع ورك لقريب لهما اصيب بغارة جوية ادت الى تحطم عظام وركه، طلب منهما المحاسب دفع مبلغ 800 الف دينار كتامينات اولية ولم تنفع محاولاتهما هما ايضاً في محاولة اقناع المحاسب بتخفيض المبلغ، فقد اخبراه انهما راجعا العديد من المستشفيات والمنظمات الانسانية فلم تنفع مراجعاتهما ولم يبق سوى دار التمريض الخاص لاجرائها، ولم يتلقيا سوى الجواب الجاهر الذي تلقاه الرجل البصري- ان ذلك ليس من اختصاصه-
-لابد من دفع المبلغ اذا اردتما اجراء العملية مع بقية التكاليف التي ستعرفونها فيما بعد.
قال احد الاطباء عن سر ارتفاع الاجور: لم يحصل اي تغيير في اجور العمليات المختلفة بعد الغاء نظام التمويل الذاتي لكن ما حدث هو ارتفاع بعض الاجور المتعلقة بالخدمات الطبية مثل الفحص والاشعة والسونار والتجبيس وفحص الاعصاب بجهازي المفراس والرنين والادوية وامور اخرى كان ارتفاع اسعارها يفاقم الامور على المراجع ومع ذلك فان هناك عمليات تصل اجورها الى مليوني دينار وهو مبلغ كبير دون شك على اصحاب الدخول المنخفضة.
-نحن نقارن اسعار المستشفى باجور العمليات المماثلة في الخارج او حتى في الدول العربية المجاورة فهي قليلة نسبياً بالمقارنة مع الاخرين، ومثال على ذلك عملية زرع صمام في المخ التي تصل اجورها في الدول الغربية الى عشرات الالاف من الدولارات ومثلها بقية العمليات بينما نحاول هنا تخفيض كلفتها الى اقل ما يمكن لتناسب امكانية المواطن العراقي المادية.
وفي الوزارة واجهنا صعوبة في الحصول على الاجابات والذين تفضلوا وردوا على اسئلتنا اشترطوا عدم ذكر اسمائهم.
يقول احد مسؤولي الوزارة رداً على اسئلتنا بشأن ارتفاع الاسعار: ان دار التمريض الخاص مستشفى حكومي هذا صحيح ولكنه يعامل معاملة المستشفيات الخاصة، برغم ادارته من قبل الوزارة والمريض مخير بين اجراء العملية في مستشفى خاص او عام، اذ يمكنه اجراء نفس العملية في مستشفى ابن النفيس او الجملة العصبية وغيرهما على سبيل المثال وهي مستشفيات متخصصة وتتقاضى اجوراً رمزية اذا ما قورنت بدار التمريض الخاص او المؤسسات الاهلية، لكن مستوى الخدمات في دار التمريض الخاص ومنها الاجهزة المتخصصة والمتطورة جعلتا من الدار محطة لاستقبال اصحاب النفوذ ايام النظام السابق اما الان فنحن نستقبل مختلف المرضى شرط ان يتمكنوا من دفع الاجور اللازمة لاجراء العمليات.
*اي انكم استبدلتم اصحاب النفوذ باصحاب الاموال؟
-ليس الامر هكذا انه مستوى الخدمات والاجهزة الباهظة التكاليف وكفاءات الكوادر الطبية.
في أروقة المستشفى
اغلب مراجعي دار التمريض الخاص ينتقدون ارتفاع الاسعار المبالغ به حتى بعد معرفتهم السبب الحقيقي ويؤكدون ضرورة ات يتنازل قليلاً عن ارقام اجورهم التعجيزية.
-المواطن سلمان جبار شكر من محافظة ميسان يقول علمنا ان السبب الرئيس في ارتفاع اسعار الدار هم الاطباء ونحن نستغرب هذا الوضع فالطب مهنة انسانية، فهل لطرد الطبيب مريضاً وقف على بابه وهو لا يملك ما يكفي لدفع اجرته؟ ان ذلك خروج على اصول المهنة وعلى الانسانية.
-المواطنة نوال عبد الكريم تقول: صحيح ان اجور الخدمات الطبية مرتفعة في الخارج ولكن هذا لا يعطي مؤسساتنا المحلية عذراً لتقليدها ووضعنا بين المطرقة والسندان نحن غير القادرين على الدفع.
احد الجراحين في الدار قال تعقيباً على اراء المواطنين:
يمكننا كاطباء ان نتفهم مشكلة المواطن ونحاول التقليل من اجورنا لكن هذا يحتاج ايضاً الى دعم الوزارة والمستشفى لان العمليات التي نجريها في هذا المستشفى عمليات صعبة ومعقدة جداً احياناً ونادرة وتحتاج الى تقنيات عالية واجهزة خاصة وبالمقارنة مع الدول الاخرى فالعمليات الجراحية لدينا لا تكلف المواطن كثيراً.
المسؤول في وزارة الصحة وهذا الجراح في دار التمريض يصران على المقارنة بين اسعار اجراء العمليات في الخارج وبين اسعار اجرائها في العراق ونحن لا نختلف معهم في هذه الحقيقة ولكننا نتعامل مع ابن بلدنا في ظرفه الحالي هو يواجه أزمة اينما ادار وجهه فلماذا هذا التعامل معه؟ هل يفضل الطبيب ان يرى مريضه يموت على باب المستشفى لانه لم يتمكن من الدفع الكامل على ان يقدم خدمته له باجر مناسب يلائم وضع العراقيين وظروفهم المعيشية اليوم؟


تلاميذ ينهون المرحلة الإبتدائية وهم لا يعرفون الكتابة!

بغداد/ مفيد الصافي

ماذا تفعل إذا اكتشفت إن ابنك الذي أنهى الصف السادس الابتدائي لا يعرف كتابة اسمه بشكل صحيح؟ ربما سوف تلقي باللوم كله على المدرسة والتعليم وتنسى إن قصور ابنك وتخلفه عن أقرانه ربما يعود في جزء منه الى إهمال في دورك الأبوي المهم في دفعه وتحفيزه ليقدم أكثر ما يستطيع. إذا من المسؤول ؟ التلميذ، عائلته ، المدرسة ، أم كل هذه الأسباب مجتمعة ، كيف يتم علاج الخلل في أضلاع المثلث المتهمة (التلميذ ،المعلم، العائلة) دون أن ننسى
الظروف المحيطة بهم جميعا .
تحدث الحاج أبو حامد المتقاعد، 63 عاما قائلا" كان المعلمون أيام زمان يدرسون التلاميذ بحرص أكثر ! " واخذ يفاضل بين المناهج القديمة في زمانه والتي اعتبرها متميزة وبين المناهج الحالية، وقارن بين طرق تدريس المعلمين المتشددة وبين أساليب معلمي الوقت الحاضر.في مكان آخر لم يصدق الأب ( ابو حسن ) ما قاله ابنه حين سأله عن أدائه في الامتحانات الابتدائية في ان المعلمين - مع انهم قادمون من مدارس أخرى- الذين اشرفوا على مراقبة القاعات الامتحانية كانوا يحلون لهم قسما من المواد الامتحانية في بعض الدروس قائلا " بابا لقد جلس المعلم الى جانبي في امتحان اللغة الانكليزية واخذ يساعدني في حل قسم من الاسئلة الصعبة . ام وفد ، ربة بيت ، شكت من ابنها الذي لا يهتم بدروسه مطلقا قائلة " ماذا افعل مع ابني انه لا يقترب من الكتاب أبدا، ويقضي اغلب وقته في اللعب" . الموظف ياسر حسن يعاني مع ابنه المشكلة ذاتها " صدقني لقد قررت ان اجعله يعمل صانعا في تصليح السيارات مع أخي الكبير، ان الدراسة لا تنفع معه ابدا"
بينما اتهم الاستاذ وجدي مدرس اللغة الانكليزية عائلات التلاميذ التي لا تهتم بمستوى ابنائها الدراسي ولا تراقبهم بشكل متواصل " اؤكد لك ان قسما من الاباء لا يعرف في اية مرحلة دراسية وصل ابنه ، وهو يتشكى فقط اذا وصلته النتيجة برسوب ابنه" . قسم اخر من المعلمين اكد ان المتاعب والظروف الامنية السيئة التي تمر بها المناطق الساخنة القت بكاهلها الكئيب على اوضاع التعليم " علينا ان لا ننسى الظروف التي يمر بها القطاع التعليمي، والخوف من الانفجارات وكل القلق النفسي والمعاناة التي يواجهها المعلمون والتلاميذ كل يوم ولا ننسى ابناء العوائل المهجرة منهم ".
يقول مسؤول في وزارة التربية ان انخفاض مستوى التعليم عند نسبة كبيرة من التلاميذ هي من المشاكل المهمة التي ورثناها من النظام السابق وان الاعتراف بها جزء مهم في طريق الحل، فيما يقول بعض المختصين التربويين ان الحل يكمن بعمل دورات مكثفة للمعلمين لتطوير قابلياتهم وتغيير المناهج القديمة وتطويرها بشكل علمي وحضاري والقيام بحملة اعلامية لتوعية العائلات بأهمية التعليم ، وفتح قنوات معهم لمساعدة ابنائهم وتعليمهم الوسائل التي تحسن من مستوى ابنائهم ، وتطوير المناهج الامتحانية والالتزام بها بشكلها الصحيح . مع الاعتراف بان علينا مراعاة الظروف التي نمر بها وهي ظروف قاسية وظالمة لاشك، ونحن ندرك ان دائرة الأمن المضطرب ألقت بظلالها الشائكة على كل دوائر الحياة الأخرى في البلد ولكن التوازن مطلوب في كل شيء.


من أروقة المحاكم .. تزوجت سراً فوقفت أمام القضاء
 

بغداد/سها الشيخلي
كانت السيدة ام مازن تحمل طفلها الرضيع وقد بدت قلقة كئيبة.. وهي تنتظر حسم قضيتها في احدى المحاكم الضاجة بمختلف القضايا وبعد جهود حثيثة من المحامية وافقت ام مازن على الحديث معنا وبدأت بسرد قصتها:
بعد وفاة والدي كان يزورنا ويتفقد احوالنا فهو قريب لوالدتي.. كنت الابنة الوحيدة لتاجر مرموق اعيش برفاهية.. وكان المدعو (...) شريكاً لوالدي في التجارة.. أقسم لوالدتي انه سيرعانا ويعطينا حصتنا الشهرية من ارباح والدي المتوفي كاملة غير منقوصة.. كان عمره 48 عاماً رأيت فيه الرجل الشهم والوفي لذكرى شريكه (والدي) كنت لا ازال في الصف السادس الادبي.. ولم يكن عمري يتجاوز العشرين عاماً..كنت اتمنى ان اكمل دراستي للقانون واكون محامية لكن القدر شاء غير ذلك.. كان ذلك الرجل متزوجاً وله اربعة ابناء وكان على خلاف دائم مع زوجته او هكذا ادعى هو ربما لتبرير ارتباطه بي..زيارات (الشريك) اخذت تتكرر بعدما كانت في مطلع كل شهر اصبحت اسبوعياً.. ولما نبهته والدتي اقترح عليها ان يتزوجني عرفياً لخوفه من المشاكل مع زوجته.. وافقت والدتي لكنني كنت مترددة حيال موافقته لاكمال دراستي.. في البداية وافق على اكمال دراستي ودخلت الكلية ولكن بعد ان اصبحت اماً تركت انا الدراسة بمحض ارادتي لكي لا ينكشف امري امام الطلبة في الكلية اولاً ولانه الح في تركي الدراسة وذلك لانه لا يحمل مؤهلاً جامعياً.. في عام 2001 ولدت ابني البكر وفرح بمولده كثيراً.. وفي عام 2005 ولدت طفلي الثاني.. كانت الحياة تسير بيننا هادئة وتعلق هو بالابناء وكان لا يبخل علينا بشيء مهما غلا.. وفي احداث الموصل عام 2006 قتل زوجي.. واصبحت وحيدة مع طفلين ووالدتي وبما انه يمتلك الكثير من المال والعقارات اضافة الى انه كان شريك والدي في التجارة فقد تقدمت بالطلب الى المحكمة لاستحصال حقوقي كزوجة وكأم.. الا انني وجدت نفسي مذنبة امام القانون وقد علمت زوجته وابناؤه الاربعة بظهور اسرة اخرى لوالدهم فجن جنونهم وطعنوا باقوالي كما طعنوا بالورقة التي تثبت كوني زوجة لا يهم ذلك لان وثيقة الزواج لم تسجل في المحكمة.

الزواج السري والعرفي
قاضي اول الاحوال الشخصية (...) يحدثنا عن تبعات الزواج العرفي فيقول:
-الزواج السري يقصد به عند بعض الناس الزواج العرفي فالزواج السري عندهم هو زواج عرفي ويطلقون عليه السري على اساس انه غير معلن انما فيه الحد الادنى من الاشهار وهو الشهود.
المهم انه عند العقد لا يوصي بالكتمان واذا كان ما يقصد بالزواج السري هو الزواج العرفي غير المسجل وغير المعلن اعلاناً عاماً فهذا الزواج صحيح اما اذا كان المقصود بالزواج السري ذلك الذي يتم بين الرجل والمراة كأن تقول له زوجتك نفسي او قبلت وغيره دون شهود فهذا ليس زواجاً لانه غير مستوف لأركان العقد وليس فيه الحد الادنى من الاشهار وهو الشهود فهذا الزواج حرام..
*وأين يمكن ان نضع قضية أم مازن من هذه التصنيفات؟
-الموضوع يحتاج الى شهود الاشهار والى تفصيلات قضائية وقانونية اخرى فضلاً عن ان القضية ما زالت في بدايتها.
والى حين البت في هذه القضية ستبقى ام مازن تسأل نفسها ان كان ما وافقت عليه عملاً حكيماً ام لا؟


الموت الأعمى يحصد الآباء .. طفولة عراقية ضائعة في شوارع بغداد

بغداد/ آمنة عبد العزيز

صغار بعمر الزهور اقتطعوا من حدائق الطفولة بعد ان فقدوا ذويهم القتل المتنوع الذي يشهده الشارع يومياً ليكون الشارع المدرسة ومشاهد الطريق بكل تفاصيله الدرس الأول.
زهراء أبنة الاربع سنوات لم تستطع قساوة الايام العصيبة وشظف العيش وحرارة الصيف اللاهب (سلب) براءتها الطفولية وممارسة اللهو المحبب لديها، راحت تعبث بأناملها الرقيقة المتسخة بتراب الشارع ببقايا علب السكاير وحجارة صغيرة بالقرب من الرصيف هي أدوات لعبها بدلاً من عروس بعينين زرقاوين وشعر ذهبي تحاكيها وتقص عليها أحلامها.
*ما هذا الذي بين يديك؟
-ترددت لحظات وتطلعت في وجهي قبل أن تقول :سأشيد من علب السكائر بيتنا ومن هذه الحجارات الصغيرة سوراً للبيت؟!
*ولماذا قررت أن تبني الدار هنا في الشارع وعلى الرصيف؟
لانني وأمي نقضي هنا أغلب وقتنا وهنا يكون بيتنا!
هكذا اختصرت زهراء بعفويتها قصة كبيرة بينما كانت والدتها منشغلة عنها بأستعطاف المارة طلباً للصدقة والاحسان. ام زهراء لم تشأ ان ترد على أسئلتي لكنها قالت: لو لم يقتل زوجي في أحد الانفجارات لما كنت أعاني كل هذا؟
ايمان (6 سنوات) لها حكاية اخرى حتى وانا احاورها نسيت أني احاور طفلة بل أمرأة كبيرة بجسد ضئيل.
سألتني ايمان ماذا تريدين قولي وبسرعة فلدي عمل أقوم به؟
انا انظف زجاج السيارات المارة وأردد على مسامع اصحابها بعض الجمل مثل (الله يخليلك زوجتك) (ويستر عليك من المفخخات) بعدها يعطوني النقود.
*وانت الا تخشين المفخخات وسط هذا الشارع؟
-كلا قبل ايام أنفجرت هنا عبوة المهم أني اعمل واحصل على النقود.
ايمان لم تذهب الى المدرسة وكما قالت: ان والدتها تخشى عليها من الطريق بسبب غياب الامان!!
على بعد امتار وتحت ظل شجرة في الجزرة الوسطية من الشارع كانت تجلس والدة ايمان سألتها: لماذا أختارت هذا المصير لأبنتها وان تحرمها من حقها في التعليم؟
قالت: قبل سنة واحدة قتل زوجي ووجد مرمياً في الشارع، كان يعمل صباغاً للدور بعدها وجدت نفسي مضطرة كي أعيل نفسي وأبنتي، اما ذهابها الى المدرسة، فالوقت غير ملائم الان. أيمن طفل لا يتجاوز عمره العاشرة يمتهن بيع البنزين، كان يقف وسط الشارع وهو يشير بيديه ويروج لبضاعته بكلمات قليلة (البنزين محسن وغير مخلوط بالنفط او الماء). وعندما وقفت الى جانبه كي احاوره قال لي العشرة لترات بستة آلاف قال لي ينبغي أن اعمل واشارك في مساعدة عائلتي بعد ان فقدت والدي الذي قتل بطريق الخطأ!
وكيف يا أيمن؟ لقد كان واقفاً امام بسطته وجاءه طلق ناري اودى بحياته. وانا احاور ايمن توقفت سيارة للتزود ببضعة اللترات ليتركني مواصلاً عمله.
الطفل انمار (10 سنوات) هو الاخر يعمل في مطعم ويتقاضى أجراً يومياً قدره ثلاثة آلاف دينار مع وجبة غداء أضافة الى (أكراميات) من قبل الزبائن.
وانمار لم يفقد والده فحسب بل فقد أخاه الأكبر عندما سقطت قذيفة هاون على منزلهم ليجد نفسه رجلاً مسؤولاً عن اعالة والدته واختيه الصغيرتين.
مشاهد تتكرر امامك يومياً وفي مناطق متعددة من بغداد اطفال بلا تعليم بلا بيت يؤويهم بلا مؤسسات حكومية أو منظمات مجتمع مدني ترعاهم فكيف سيكون مستقبلهم؟


برغم عدم اشراكهم في الحكومة .. المندائيون يحتفلون بالتعميد الذهبي ويباركون تشكيل الحكومة
 

الناصرية/ حسين كريم العامل
علت زغاريد ام سيمات في باحة المندى وهي تنثر الحلوى واوراق الاس على رأس ابنتها الصغيرة سيمات التي اتمت طقوس التعميد في الماء الجاري على يد الترميذة (رجل الدين) سرمد سامي بلال الذي حضر من مدينته الشطرة لتعميد مندائيي الناصرية في يوم التعميد الذهبي (الدهفا اد ديمانا)
* زهريثة
وتقول الليدي دراور عن تعميد الاطفال في الدهفا اد ديمانا ( تفضل بعض الامهات التقيات ان يجري التعميد للطفل بعد اليوم الثلاثين لانه اذا حدث ان مات دون تعميد فلن يذهب الى عالم الانوار ) 0 ويطلق المندائيون على اول تعميد للفرد اسم تعميد ( زهريثة ) وهو التعميد الذي يدخل الفرد ضمن مجموعة المندائيين ومن دونه يبقى معلقا.
ويوضح ذلك الترميذة سرمد سامي بلال الذي فرغ للتو من تعميد النساء في مندي الناصرية قائلا : تيمنا بيوم تعميد النبي يحيى مبارك اسمه الذي تعمد وعمره ثلاثون يوما في مثل هذا اليوم يتوجه الاطفال لنيل بركات التعميد في مثل هذه المناسبة فالشخص الذي ينال التعميد أول مرة في هذه المناسبة يثبت له الاسم الديني ( الملواشه ) ويصبح مندائيا حقيقيا فالتعميد هو هوية الفرد المندائي ، مشيرا الى ان التعميد لا يمكن ان يتم قبل بلوغ الطفل الثلاثين يوما مؤكدا امكانية ان ينال الفرد المندائي تعميده أول مرة في أي عمر يشاء بعد ذلك واشار الشيخ سرمد بسبابته الى شخص يبلغ من العمر 22 سنة نال عماده أول مرة في هذه المناسبة.
وعبرت ام سيمات التي تقطع حديثنا معها لاكثر من مرة بسبب سيل التهاني والقبل التي تلقتها من زميلاتها بمناسبة تعميد ابنتها التي لم تبلغ من العمر سوى سنتين عن فرحتها قائلة :
لقد اصبحت سيمات مندائية صرفة واصبحت ملواشتها أي اسمها الديني ( سيمات هوه مماني بث هوه مماني ).
ولا اخفيكم فقد تلكأت اكثر من مرة في كتابته مما استدعى عمة سيمات السيدة عدوية جوبان لمساعدتي في ذلك وقد استثمرت الفرصة لاطلب منها ان تتحدث عن ذكرياتها في هذا اليوم حيث قالت : اتذكر ذلك اليوم جيدا فقد كان عمري يومها خمسة اعوام وكنت متخوفة من الماء كثيرا حتى اني تشبثت بملابس الشيخ خلف الذي عمدني أول مرة ولم اتركه إلا بعد انتهاء التعميد حيث اخذت النسوة من قريباتي بعد ذلك باطلاق الزغاريد ونثر الحلوى واوراق الورد والاس وها انا اليوم وبعد اكثر من عشرين عاما اشهد تعميد ابنة اخي سيمات التي كانت اجرأ مني لانها لم تذرف الدموع لحظة تعميدها.
* انطباعات
وعن ذكرياته يقول احسان جوبان عن اول تعميد له: كان عمري 13 سنة واذكر جيدا كيف كانت الفرحة والرهبة تغمرني في وقت واحد فالفرحة بالتعميد والرهبة من الماء فالتعميد هو ركن من اركان الديانة المندائية الخمسة ( التوحيد ، التعميد ، الصوم ، الصلاة ، الصدقة ) والتي يحرص المندائي على الالتزام بها وفي هذا المناسبة يمكن القيام بعمل اللوفاني ( الثوابات ) على روح المتوفى واعطاء الصدقات وتنقية النفس من الضغائن والاحقاد وتمنى جوبان في ختام حديثه الخير والمحبة والسلام للجميع في هذه المناسبة.
كما تمنت فلورنس زهير 28 عاما التي ملواشتها ( اسمها الديني ) ( مماني بث هوه مماني ) ان يعم السلام على الجميع وان ينعم العراقين بالامان وان يسود التسامح وثقافة الحوار بين مكونات الشعب العرقي .
وفي الختام عبر صديقي المندائي نائل ابراهيم عن فرحته بالدهفا اد ديمانا وتشكيل الحكومة قائلا:
يعد هذا العيد من اجمل الاعياد لانه تزامن مع فرحة العراقيين بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي ضمت اغلب مكونات الشعب العراقي وعلى الرغم من ان تشكيلتها لا تضم المندائيين لكني مسرور بتشكيلتها لانها خطوة نحو الامام في المسيرة الديمقراطية ومعالجة الملفات الساخنة.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة