مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

الحرب وصدماتها البشعة

بقلم: فرانك شيفر
ترجمة:
فاروق السعد

عن:الواشنطن بوست

حتى في "الحروب الجيدة" تسير الامور بشكل خاطئ ورهيب. ان الاسئلة التالية المأخوذة من " نابولي 44 " للراحل نورمان لويس(الذي ربما يعد اكبر كاتب رحالة انكليزي في القرن الماضي)، نافعة ثقافيا. فقد كان لويس مستقرا في نابولي بعد تحريرها من الفاشست، وسجل مذكراته: " ما شهدناه كان يمثل حماقة وجبناً ينتشران من القيادة نزولا الى أدنى المراتب ، و نتجت عنهما الفوضى..." رأيت مشهدا بشعا: ضابطا بريطانيا يقوم باستجواب مدني، ويقوم بضربه باستمرارحول الراس بكرسي؛ معاملة تحملها الشخص المدني مثل الفلاسفة الرواقيين، حيث كان الوجه عبارة عن قناع من الدماء. في نهاية الاستجواب، الذي لم يعد ناجحا، نادى الضابط على جندي وطلب منه بسرور وطبع مجامل " هلا تفضلت باخذ هذا الرجل بعيدا و اطلقت عليه النار؟ فكانت اجابة الجندي البصاق على يديه، قائلا" لا يهمني ان فعلت ذلك، سيدي". " استلمت تاكيدات... من ان الوحدات القتالية الامريكية كانت قد امرت من قبل ضباطها على ان تقوم بضرب من حاول الاستسلام لهم حد الموت. يبدو ان هؤلاء الرجال طفوليون جدا وسذج، ولكن البعض اخذ يتساءل عن المغزى الخلقي لهذا الامر. لقد حررناهم من الوحش الفاشستي. وما الثمن؟ ميلاد الديمقراطية. الامل الكبير في ان يكونوا يوما ما قادرين على اختيار حكامهم من قائمة تضم رجالا اقوياء، غالبا ما تكون عمليات فساد القسم الاعظم منهم معروفة، و يتم تقبلها على مضض. ان ايام موسوليني يجب ان تبدو و كانها الجنة المفقودة مقارنة بنا". ان كانت قصة لويس هي الوثيقة الوحيدة الناجية من الحرب العالمية الثانية، فاننا قد نفترض بان مهمة الحلفاء في بناء الامم قد انتهت الى كارثة. بودنا ان نتساءل لماذا لم تتمكن حركة السلم المستاءة من الناحية الاخلاقية من صد قواتنا عن تنفيذ حملاتها الوحشية و الفاشلة؟. و بعد ستين عاما تاليا ترانا منهمكين في حرب اخرى، وجوبهنا بمجزرة أخرى في حديثة. وجوبهنا ايضا بعذاب جيل اخر من الشباب والشابات الذين طلب منهم ان يقتلوا ولكن ان يواصلوا القتل ضمن حدود"المدنية" ، في تقبل الاهانات، ويطلق النار عليهم من قبل رجال مختبئين وراء النساء والاطفال، ومع ذلك عدم الرد بالمثل. فبالنسبة الى معظم القراء تشكل تلك الحادثة مسالة اخلاقية اكاديمية، او حسب مبدأ هذه هي السياسة. ولكنها بالنسبة لنا نحن الذين لدينا احباب في الجيش، فان مزاعم ارتكاب الفظاعات على يد المارينز في حديثة هي اعمال شخصية. تصادف جميع القطعات "اخلاقيات" الحرب المعذبة. لقد كتب وولي هذا من اول معركة له في افغانستان كمخابرات في المارينز:" التاريخ 9-25-03 ، 01:27:8 مساء. والدتي و والدي الاعزاء: لقد تعلمت بان الشيء الصحيح و الشيء الضروري ليسا مترادفين، وحتى انهما قلما يكونان في نفس المدى. من المؤلم جدا ان نرى نتائج بعض الاعمال الضرورية، انها ليست نقية، ولايوجد نقاء هنا...." يتجاهل الناس ما لا يمكنهم رؤيته. فهم مجرد لايريدون ان يعرفوا. ان الحقيقة قبيحة جدا و عصية على الادراك...." في الحالة الطبيعية يقتل البشر، و لا يقتل دوما للضرورة، و لكن لغرض طلب الراحة ايضا. ان الطريقة الوحيدة التي اعرف بها باني ما زالت ذاتي عامرة هي اني اكره تلك الحقيقة؛ اكرهها اكثر من اي شيء عرفته من قبل". اعتقد بان لويس كان سيتفهم قلق ابني. وربما كان سيتفهم دموعي عندما واجهت فقدان براءة الابن.. كما انه مسرور لان يخدم بلاده. واتمنى لو كان لدى جميع الامريكان رابطة عاطفية بالقطعات كي يعرفوا بان اشخاصا مثل ابني لايقتلون المدنيين وبانهم يتألمون من تقلبات الحرب. و اتمنى ان يقرا جميع الناس كتبا من امثال"نابولي 44" كي تعطيهم احساساً بالمنظور عندما تحدث الاشياء المرعبة في العراق وافغانستان. اذا حكمنا من خلال مذكرات لويس-والقصص العديدة الاخرى- لما يسمى الجيل الاعظم للحرب العالمية الثانية، فانه قد كان دوما سيئ القيادة و تصرف بسوء اكثر، وبالتاكيد كان اقل رحمة من جنودنا هذه الايام وقادتهم. اننا لم نقم بتسوية بغداد او بضرب الفلوجة بالقنبلة النووية لغرض انقاذ حياة قطعاتنا. ومع ذلك فان معظم الامريكان مسرورون لاننا اجبرنا ايطاليا، المانيا واليابان على ان تصبح دولا ديمقراطية، بغض النظر عن قساوة وسائلنا. يبدو ان مشجعي حربنا الحالية و نقادها جميعا قد نسوا أن الحرب حقا هي جحيم. فالمشجعون يقومون بكنس الاهوال المزعجة الى ما تحت السجادة( لا تصوروا التوابيت، رجاء) في الوقت الذي يصدم فيه المعارضون، مجرد صدمة بالبشاعات. يبدو ان جميع الاطراف قد نسيت بانه لا يوجد هنالك من حروب جيدة، بل مجرد نزاعات غامضة اخلاقيا والتي قد تقود الى نتائج افضل او اسوأ. في هذه الحرب، ليس لدينا ما يكفي من القادة السياسيين و صناع الراي الذين يستلمون الرسائل المؤلمة للارواح من اطفالهم وابنائهم و بناتهم، هم غائبون بشكل واضح عن جيشنا. وهذا امر سيئ جدا.. لقد حان الوقت بالنسبة الى نقاد جيشنا ان يحصلوا على القليل من السلطة الخلقية بتطويع انفسهم او تشجيع اطفالهم بالقيام بذلك. وكل ما دون ذلك هو ليس اكثر من عملية تلقين خلقي لا يتعدى مداها الذراع.


وتحركت القوات

*بقلم : أوين ويست
ترجمة: فؤاد عبد الجبار

عن: نيويورك تايمز

* الكاتب اوين ويست: رائد احتياط في البحرية وعمل في العراق واسس جمعية المحاربين من اجل الحرية
 

لم يتوقع اي من الطرفين المتحاربين ان تبلغ الحرب هذا الحجم وتطول الى هذا المدى .كما لم يتوقع اي منهما ان السبب الذي اندلعت من اجله سينتهي بأنتهائها او قبل ذلك.هذا ما قاله ابراهام لينكولن في الخطاب الذي القاه اثناء مراسيم توليه الرئاسه الثانية يصف فيه حرب جعلت 18% من مواطنينا جنودا، والتي قتل فيها واحد من كل سبعة من هؤلاء الجنود. ان كلماته هذه وثيقة الصلة بما يحدث الان، وهي مؤشر على المتاعب الوطنية التي نواجهها ونحن على ابواب حرب طويلة لا تشمل العراق فقط. وحتى الان يقود هذه الحرب اناس قصيرو النظر من كلا الحزبين. ان دعم الراي العام الامريكي لمهامنا في العراق بدأ يتناقص، ولكنه لا يشير بصورة كبيرة الى وضعنا العسكري هناك حيث تاتي الانجازات بطيئة لكنها ثابتة بالرغم من انها تحت قيادة تعمها الفوضى .فالى حد ما لا تعتبر عملية تحرير العراق حربا كبيرة بالقياسات التاريخية الأمريكية الا انها اوجدت ازمة في التوقعات تهدد قدرتنا في مواجهة التهديدات في المستقبل والتي لا نعرف هل سنواجهها بضربة قوية ام بصفعة .فبدلا من ان نلم الشمل ونستجمع قوانا يجري نزاع في ما بيننا الى الحد الذي احترق فيه صمام الامان.احد الاحزاب متفائل كثيرا ولا يرغب في الاقرار باخطائه، اما الحزب الاخر فهو جياش العاطفة وغير قادر على ان يصفح عمن هم من امثاله. تحاول ادارة بوش عزل الجمهور عن الواقع الذي تجري فيه هذه الحرب وتلقي بتبعات اخطائها على القلة. وحاولت الصحافة ان تسد الفجوة بنشرها أخبارا عن قسوة المتمردين الا انها غالبا ما تفعل ذلك بدون قرائن، تاركة انطباعا واضحا باننا لن نربح هذه الحرب. في الماضي كان الامريكيون يلجأون الى أبنائهم عندما يتعلق الامر بالحرب، وكان هؤلاء الجنود وعلى مدى تأريخنا هم اصدق تعبير عن الوطنية ويمثلون الواقع الاجتماعي والاقتصادي لقيمنا ومفاهيمنا. لكن المشكلة ان هذه الحرب لا يخوضها جنود كالذين خاضوا الحرب العالمية الثانية، وهم ليسوا كالجنود الذين وقعت عليهم القرعة في الحرب الفيتنامية. هذه الحرب يدفع ثمنها مجموعة من المتطوعين لا يشكلون سوى واحد من عشرة من 1% من طبقة المحاربين الامريكيين. الوضع الضيق لهذه الفئة من الجنود والحرب التي يخوضونها ذات الطابع السياسي تركت الامريكيين مشتتين ومشوشين. فهم كالذي دعي الى كابينة مدرب كرة القدم لمناقشة اداء المدرب واخطائه في حين انه لم يشاهد لعبة كرة القدم. هذا التشويش قد اثر بدوره على المحاربين واصيبوا بالاحباط نتيجة عدم الترابط والتماسك الذي اصاب البلاد وانعكس على هذه الحرب. الحرب لم تكن سهلة في العراق لكن قوة محاربينا ستكون في التكيف لها. اذ يتوجب اولا في اي معركة ان نعرف المكان الذي ستبدأ منه، وليس المكان الذي نقصده. لم يفاجأ اكثر جنودنا الذين اندفعوا الى العراق وهم يضعون الاقنعة الواقية من الغازات السامة ليجدوا ان صدام حسين لا يمتلك اسلحة دمار شامل، لكن قد حان الاوان لان تقوم باقي البلاد بما اجبر العسكريون على القيام به، وهو التغلب على هذا التعقيد الذي خلقته الحرب. فلو تركنا نقاشات سنة 2003 وراءنا فستكون هنالك ارضية مشتركة يمكن العمل عليها.ان كلا من الجمهوريين و الديمقراطيين متفقون على اننا لا يمكن ان نخسر الحرب. ان التمرد العام في العراق يهدد مصالحنا الوطنية وصميم أهدافنا، والمتمردون في العراق هم عدونا المميت. والحديث عن خفض قواتنا سيفقدنا النظرة الى اهدافنا. ثانيا ان ضمير اميركا هو قوتها العظمى، لكن تبكية الذات والقاء اللوم عليها في المراحل الاولى لحرب ضد عدو لم يتفق عليها الرأي العام العالمي هو خطر جدا. لقد مضت ثلاث سنوات كانتا فيها المجندتان المشهورتان جسيكا لينش ولندي انكلاند ضحية ومجرمة على التعاقب، فستبقى ابو غريب اشهر معركة في هذه الحرب. لقد سأم الجنود من الاعتذار والاستياء عما جرى بأعتباره لا يمثل الجيل الجديد. لكنهم ايضا قد سئموا من الاشفاق عليهم. ان محاربينا هم صيادون وليسوا الطريدة، يجب ان نحتفي بهم كما كنا نفعل في السابق بمحاربينا.. وكما كتب كبلنغ "ان قوة الجماعة يفرضها العدو" واخيرا فأن ما يدور من مناقشات الان حول هذا الموضوع لا يصل في روحه الى جوهر القضية. اننا عندما نسمع بأستقطاب قوى معينة وهيمنتها على القرار وقيامها بأتهام الاخرين بالنوايا الكاذبة من جانب او افتقارها الوطنية، من جانب اخر سيكون من شأنه ان يعيق ولفترة طويلة لاتخاذنا قرارا يتعلق بسلامتنا الوطنية والذي يجب ان يتخذ الان. نحن نشتبك بحرب مع عدو على مدى عقدين بصورة او اخرى. تتطلب المواجهة الحربية عقودا من الزمن. لقد عبرنا انهارا عديدة وتأمل بلادنا ان لم يبق امامنا الا قنوات صغيرة و لكن اذا ما ظهر ان هنالك محيطات تنتظرنا فعلينا ان نستوعب ما قاله لينكولن"بدون اي ضغينة لأحد وبخير نحمله للجميع علينا ان ننجز عملنا"


الحرب الطويلة على الفساد
 

بقلم : بين هاينمان، فريتس هاينمان
ترجمة: المدى

عن: فورن افيرز

منذ اواسط التسعينيات،اكتسب موضوع الفساد دورا بارزا في الاجندة العالمية. فالمنظمات الدولية، بضمنها منظمة التعاون الاقتصادي والتطوير والامم المتحدة، قد تبنت تقاليد تتطلب من اعضائها تفعيل قوانين تمنع الرشوة والابتزاز. واعلنت المؤسسات المالية، وبالاخص البنك الدولي، عن برامج تهدف الى ضمان القيام بتعاقدات مفتوحة وعادلة على مشاريعها وايقاف اساءة استغلال المنصب من قبل مسؤوليها. وسنت معظم الدول بعض القوانين لمكافحة الفساد. كما شرعت مجموعات الاعمال الدولية انماط من القوانين لكيفية التصرف، وتزعم الان مجموعات التعاون المتعددة الجنسيات بأنها تقوم بتطبيق برامج لمكافحة الفساد. كما ان المنظمة غير الحكومية الرائدة NGOفي هذه المنطقة ، الشفافية الدولية، قد اجرت تحليلا ودفاعا من خلال فصوله في اكثر من 90 دولة. وتؤكد وسائل الاعلام الدولية على وجود حالات فساد في الكثير من المناطق وعمليا كل يوم(وغالبا ما تكون على حساب التعرض لمخاطر كبيرة). ان ما يفسر تلك التغيرات في القوانين، الخطابة، والادراك هوالاعتراف المتنامي بان الرشوة والابتزاز قد اثبتتا على ان لهما تبعات مؤذية. لقد ذهب اليوم الذي كان فيه بعض رجالات الاعلام يناقشون بجد من ان الفساد كان يمثل حلا فعالا للاقتصاديات المثقلة بالقوانين او ينبغي ان يتم تحمله باعتباره نتاجا عرضيا لا يمكن تجنبه لقوى عنيدة. ان الاثر الحقيقي للفساد قد تم الاقرار به الان على نطاق واسع: يؤدي الفساد الى تشويه الاسواق والمنافسة، ويولد حالة من الاستخفاف بالدنيا لدى المواطنين، يقوض حكم القانون، يخرب شرعية الحكومة، ويؤدي الى تآكل تكامل القطاع الخاص. كما انه يمثل عقبة كاداء امام التطور الدولي- اساءة استغلال منظمة للحكومات البيروقراطية تؤذي الفقراء. وبالرغم من صعوبة تحديد حجم الفساد العالمي، الا انه لا يوجد خلاف من وجود مشكلة كبيرة جدا. فعلى سبيل المثال، خمن البنك الدولي عام 2004 بان المسؤولين في الخدمات العامة على امتداد العالم يحصلوا على اكثر من ترليون دولار على شكل رشاوى سنويا(وان الرقم لا يشمل عمليات الاختلاس). ووجدت الهيئة الاستشارية الروسية Indem من خلال عملية مسح عام 2005 بان اكثر من 300 مليار دولار تدفع سنويا في روسيا على شكل رشاوى (بزيادة قدرها عشرة اضعاف عن المسح الذي اجري في 2001) وان اكثر من نصف الروس قد طلب منهم في بعض الحالات ان يدفعوا رشوة. وطبقا لتقرير فولكر عام 2005( وهوالتقرير الذي صدر حول برنامج الامم المتحدة السابق الغذاء مقابل النفط من قبل لجنة مستقلة برئاسة الاقتصادي باول فولكر)، فان ما يزيد عن 2000 شركة قد ساهمت في برنامج النفط مقابل الغذاء- ما يقارب نصفها قد تكون متورطة في تقديم رشاوى. ويستمر قرع طبول الفضائح، وحتى ان الاحداث في الصين، اندونيسيا، كينيا، روسيا، والولايات المتحدة تصدرت الاخبار خلال العام الماضي. وبوجود المشاكل الكبيرة، والمستمرة، فان الحركة المناهضة للفساد ستحافظ على مصداقيتها وزخمها في حالة تمكنها من ترجمة خطابها الى فعل، واذا ما منعت وعاقبت التصرفات المسيئة بطريقة مركزة ومنظمة اكثر . وفي المستقبل القريب، يجب ان تاتي اجراءات مكافحة الفساد بقسمها الاكبر من منظمات دولية، الامم المتقدمة، والمؤسسات متعددة الجنسية. كما ان بامكان الدول المتقدمة ان تلعب دورا مهما. ولكن نظمها القانونية، السياسية، والاقتصادية على درجة كبيرة من الاختلاف- فاشلة اوفيها نقص، هشة اوصاعدة- وبهذا فان مبادرات مكافحة الفساد في العالم النامي ستكون ايضا جزءاً من الحل.

 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة