الحرب
الطويلة على الفساد
بقلم
: بين هاينمان، فريتس هاينمان
ترجمة: المدى
عن:
فورن افيرز
منذ
اواسط التسعينيات،اكتسب موضوع الفساد دورا بارزا في
الاجندة العالمية. فالمنظمات الدولية، بضمنها منظمة
التعاون الاقتصادي والتطوير والامم المتحدة، قد تبنت
تقاليد تتطلب من اعضائها تفعيل قوانين تمنع الرشوة
والابتزاز. واعلنت المؤسسات المالية، وبالاخص البنك الدولي،
عن برامج تهدف الى ضمان القيام بتعاقدات مفتوحة وعادلة على
مشاريعها وايقاف اساءة استغلال المنصب من قبل مسؤوليها.
وسنت معظم الدول بعض القوانين لمكافحة الفساد. كما شرعت
مجموعات الاعمال الدولية انماط من القوانين لكيفية التصرف،
وتزعم الان مجموعات التعاون المتعددة الجنسيات بأنها تقوم
بتطبيق برامج لمكافحة الفساد. كما ان المنظمة غير الحكومية
الرائدة NGOفي
هذه المنطقة ، الشفافية الدولية، قد اجرت تحليلا ودفاعا من
خلال فصوله في اكثر من 90 دولة. وتؤكد وسائل الاعلام
الدولية على وجود حالات فساد في الكثير من المناطق وعمليا
كل يوم(وغالبا ما تكون على حساب التعرض لمخاطر كبيرة). ان
ما يفسر تلك التغيرات في القوانين، الخطابة، والادراك
هوالاعتراف المتنامي بان الرشوة والابتزاز قد اثبتتا على
ان لهما تبعات مؤذية. لقد ذهب اليوم الذي كان فيه بعض
رجالات الاعلام يناقشون بجد من ان الفساد كان يمثل حلا
فعالا للاقتصاديات المثقلة بالقوانين او ينبغي ان يتم
تحمله باعتباره نتاجا عرضيا لا يمكن تجنبه لقوى عنيدة. ان
الاثر الحقيقي للفساد قد تم الاقرار به الان على نطاق واسع:
يؤدي الفساد الى تشويه الاسواق والمنافسة، ويولد حالة من
الاستخفاف بالدنيا لدى المواطنين، يقوض حكم القانون، يخرب
شرعية الحكومة، ويؤدي الى تآكل تكامل القطاع الخاص. كما
انه يمثل عقبة كاداء امام التطور الدولي- اساءة استغلال
منظمة للحكومات البيروقراطية تؤذي الفقراء. وبالرغم من
صعوبة تحديد حجم الفساد العالمي، الا انه لا يوجد خلاف من
وجود مشكلة كبيرة جدا. فعلى سبيل المثال، خمن البنك الدولي
عام 2004 بان المسؤولين في الخدمات العامة على امتداد
العالم يحصلوا على اكثر من ترليون دولار على شكل رشاوى
سنويا(وان الرقم لا يشمل عمليات الاختلاس). ووجدت الهيئة
الاستشارية الروسية
Indem
من خلال عملية مسح عام
2005 بان اكثر من 300 مليار دولار تدفع سنويا في روسيا على
شكل رشاوى (بزيادة قدرها عشرة اضعاف عن المسح الذي اجري في
2001) وان اكثر من نصف الروس قد طلب منهم في بعض الحالات
ان يدفعوا رشوة. وطبقا لتقرير فولكر عام 2005( وهوالتقرير
الذي صدر حول برنامج الامم المتحدة السابق الغذاء مقابل
النفط من قبل لجنة مستقلة برئاسة الاقتصادي باول فولكر)،
فان ما يزيد عن 2000 شركة قد ساهمت في برنامج النفط مقابل
الغذاء- ما يقارب نصفها
–
قد تكون متورطة في تقديم
رشاوى. ويستمر قرع طبول الفضائح، وحتى ان الاحداث في الصين،
اندونيسيا، كينيا، روسيا، والولايات المتحدة تصدرت الاخبار
خلال العام الماضي. وبوجود المشاكل الكبيرة، والمستمرة،
فان الحركة المناهضة للفساد ستحافظ على مصداقيتها وزخمها
في حالة تمكنها من ترجمة خطابها الى فعل، واذا ما منعت
وعاقبت التصرفات المسيئة بطريقة مركزة ومنظمة اكثر . وفي
المستقبل القريب، يجب ان تاتي اجراءات مكافحة الفساد
بقسمها الاكبر من منظمات دولية، الامم المتقدمة، والمؤسسات
متعددة الجنسية. كما ان بامكان الدول المتقدمة ان تلعب
دورا مهما. ولكن نظمها القانونية، السياسية، والاقتصادية
على درجة كبيرة من الاختلاف- فاشلة اوفيها نقص، هشة
اوصاعدة- وبهذا فان مبادرات مكافحة الفساد في العالم
النامي ستكون ايضا جزءاً من الحل. |