شؤون الناس

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

ليس بالشرطة وحدهم نردع الجريمة والمخالفة؟ .. الفتاة .. الشارع .. والحرشة

بغداد / المدى
من الظواهر السلبية التي تشكو منها بشدة العوائل والفتيات هي ظاهرة الحرشة، وهي ظاهرة لا تمت لمجتمعنا بصلة واذا كان الشعراء يمارسونها في منتدياتهم وتجمعاتهم الشعرية فذلك امر مختلف ومتعلق هنا بالاداب العامة، والحرشة في مضمونها خرق فاضح لقواعد الاحترام الاجتماعي، ونجد هناك من يستخدم الكلام البذئ في هذه المضايقات وهناك من يستخدم الحجارة قذفاً. والتمادي بالمضايقة بواسطة السيارة.
الطالبات الجامعيات
وهن وان كن بمستوى طالبات الاعدادية من التعرض للحرشة إلا ان طالبات الاعدادية محميات بذويهن الذين يأتون لاصطحابهن الى بيوتهن بينما يضطر اغلب الطالبات الجامعيات الى ركوب وسائل النقل العامة او الاتفاق مع مجموعة من الطلاب والطالبات على تأجير (كيا) لخط توصلهن الى بيوتهن، وهناك يتعرضن ايضاً الى الحرشة، وقد تفنن بعض الشباب في حرشتهم فمن الكلام والشعر والاغنية الى التصوير بواسطة جهاز الكاميرا الملحقة بالموبايل التي صارت تستخدم بطرق (الكولاج) لابتزاز الفتاة واظهارها بمظاهر غير لائقة وتهديدها بهذه الصور مستفيدين من خدمات صديقات لهم في الاقسام الدراسية والحمامات والاقسام الداخلية تقول الطالبة رشا عبد الاحد: احدى صديقاتي التقطت لي صوراً في مكان امن خاص بي (غرفة نومي) دون ان ادري وباعتها الى احدهم وقد هددني بها بعد ان رتبها بطريقة مبتذلة، اخبرت اهلي بالامر وليس كل فتاة تستطيع اخبار اهلها، وقد تمكنوا من تفادي الابتزاز وهددوا المبتز بعرض امره على الشرطة ان تمادى، فكف عن التمادي ولم يعد يلاحقني لانه عرف مصدر قوتي وهو ثقة عائلتي بي.
اما زميلتها سلوى الأمير من كلية التربية فتقول ان ما يزيد الامر سوءاً هو ملاحقة الشاب للفتاة ومضايقتها بطريقة تثير الاعصاب وتستفزها حد البكاء دون نتيجة ، وهذا يسبب لها مشكلة مع معارفها واهلها دون ذنب منها سوى انها فتاة.
وغياب "النجدة" ولا نعني بها الشرطة وحدها وانما ظاهرة الحمية التي كانت تسود مجتمعاتنا ايام زمان، ادت الى المزيد من الخوف والارتباك الذي يسود حياة فتياتنا اثناء ذهابهن الى مدارسهن او عودتهن الى بيوتهن كما ان قلة عدد رجال الشرطة والسيارات المختصة امام المدارس والجامعات، حجم الردع البوليسي والحكومي والعقوبة وفسح المجال امام حتى الرجال من كبار السن للتحرش بالفتيات.
تقول ليلى خالد عبد الله من ثانوية الحريري في الاعظمية، لا اريد ان اسال هؤلاء ما هي النتيجة التي يخرجون بها، فانا اعرف انها بائسة، ولكني اريد ان اسألهم اليس لديهم اخوات او بنات يتعرضن للواقع نفسه الذي نتعرض له ويودون حمايتهن منه؟
ويمكننا القول ان هذه الظاهرة لا تشمل نسبة كبيرة من المجتمع العراقي فمازال هناك العديد من الشباب العراقيين يتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية ويرفضون الخروج عليها هم واخوانهم الكبار واباؤهم وهم يحاولون ردع المراهقين والشباب غير الملتزمين عن هذه الظاهرة وربما ينجحون في ذلك حيناً وربما فشلوا انما هم لم ولن يكفوا عن المحاولة كما اخبرنا العديد منهم وهم يقولون ليس بالشرطة وحدها نردع الجريمة والمخالفة.


سقوط الصورة

صافي الياسري

لا تحمل الانافي هذه السوناتا، ذاتية قدر ما تحمله من عمومية فقد تماهت في الجميع حتى صارت تمتلك مشروعية التعبير الفردي وليس هذا بتبرير قدر ما هو حقيقة يلمسها جميع العراقيين وهم يستعدون تفاصيل حياتهم على وفق تتابع الصور في المشاهد المستعارة لزمن يعطي مسافة نصف قرن ولا يزال طرياً في الذاكرة.
والصورة هنا مسألة رمزية اكثر منه خطوط سودا وبيض او ملونة (بورتريت) لشخص ما.
يوم كنا في الابتدائية كنا مبهورين بصورة الملك فيصل الثاني، وكان كل ما في كتبنا معرضاً (للشخبطة) إلا صورة جلالة الملك المعظم ملك العراق، وكنا نباري بعضنا في تعداد صفاته الخارقة فمن هو عنتر بن شداد امام سيف الملك فيصل، ومن هو الكابتن جمولي إذا نزل فيصل العظيم ساحة الكشافة، كان فيصل في اخيلتنا سوبرمان من نوع لا يداني والا كيف اصبح ملكاً؟ وحين بدأت معارفنا ومداركنا تتسع بدأت صورة الملك المفدى تهتز، حتى فقهنا انه بشر عادي بل ان بعضنا تعلم ان يهتف ضده وضد الملكية ونوري السعيد (العميل) وحاول ان يعلمنا ذلك، لكن الاطاحة به وبالملكية عام 1958 والطريقة المأساوية التي انتهت بها حياته وحياة نوري السعيد وضعت حداً لتردي صورته واقفل ملفها عند حدود الشفقة.
اما خلفاؤه فقد اختلف موقف العراقيين منهم حسب اختلاف الانتماء الحزبي والهوى السياسي، لكنه يجب الاعتراف ان عبد الكريم قاسم كان اكثرهم شعبية وقد غزت صورته بيوت العراقيين محبة لا اجباراً، والجميع كانوا يرفعون هذه الصور في المكاتب الرسمية لدوائر الدولة وليس مهماً ان تعامل باحترام او بغيره فهي جزء من ديكور المكتب، كما انها اعلان بروتوكولي عن رأس الدولة، وكانت ترمى بكل بساطة في سلة المهملات عند استبداله، حتى جاء دور الخليفة الجمهوري الخامس فاتبع تقليداً بروتوكوليا جديداً يقضي بوضع صورته كنائب للرئيس جانب صورة الرئيس، ثم انفرد بالجدار والاطار بعد انفراده بالكرسي وخلع صورة الرئيس (الاب القائد !!).
تناسلت الصورة منذ اليوم الاول على وقع اغنية (غالي) تلك الاغنية الآثمة التي افتتحت عهد الطاغون والعبودية العلنية وبدأت رحلة الصورة خارج المكاتب الرسمية لدوائر الدولة والحزب الى المؤسسات حتى الخاصة منها ثم الى دور الحزبيين وحتى غرف نومهم ومحالهم التجارية ثم الى الشوارع والساحات.
كانت الصورة تكبر وتمتد وتنتشر مثل كائن حي ولا احد يملك القدرة على اعتراض طريقها بل ان مجرد التفكير في ذلك يحول صاحب الفكرة الى خائن ليس امامه سوى المخنقة التي عليه ان يدخل رأسه فيها طواعية لتتبعه اليها بقية العائلة.
الصورة اذن، لم تعد تحكم الدائرة الرسمية كما هو البروتوكول ولا المقر الحزبي ودور وغرف نوم الاعضاء الحزبيين وانما صارت رمزاً مكرراً في كل ساحة وشارع ومدينة وقرية الى جانب التمثال والمختصر ص.ح، ما يذكرنا بقوة وجبروت الوهم الذي تحدث عنه اورويل في رواية عام 1984، لكنها جميعاً لم تصمد في التاسع من نيسان لخطة فر حراس الوهم (الصورة) التي بهتت وتشربت الواناً اخرى يوم القي القبض على صاحبها في حفرة العنكبوت او الجرذ.


الجمعة الحزينة .. ولائم من نوع خاص على انقاض الذكريات

بغداد/أمنة عبد العزيز
الجمعة هذا اليوم الذي كان ذات يوم طقساً حميماً لجمع العائلة العراقية وتبادل الزيارات بين الاهل والاصدقاء والخروج الى فضاءات الحدائق والمتنزهات، بات اليوم ثقيلاً وحزيناً، فأين تقضيه العائلة العراقية وكيف؟
بعض العوائل تذهب في زيارة من نوع خاص؟ ان زيارة (الاموات) اعزاء على قلوبهم فقدوهم وسط زحمة الموت الذي يلقي بظلاله الثقيلة في شوارع المدن.
وجدنا عوائل توزعت عند قبور ابنائها واحبائها وزوجات عند شواهد قبور ازواجهن.
تقول ام فراس : فقدت ولدي بطلق ناري وهو يقف عند باب محله التجاري وشقيقتي هي الاخرى فقدت ولدها البكر قبل ذلك في حادث مماثل.
كنا في مثل هذا اليوم (الجمعة) نجتمع نحن واولادنا الشهداء اما في بيت الوالدة او في احد بيوت الابناء تجمعنا وجبة غداء نتبادل فيها الفرح الجميل والامال والاماني، اليوم هكذا وكما تشاهدون نجتمع لكن اين وكيف؟
يجمعنا حزن فراق الاحباب بدلاً من الفرح.
ترى هل هذا قدرنا؟
وعند شاهد احد القبور استوقفتنا عبارة مخطوطة على لوح من المرمر تقول (بالامس كانوا هنا واليوم قد رحلوا) وصورة اعتلت الشاهد لشاب ظلت ابتسامته مرتسمة على وجهه رغماً عن الموت، ومن خلفي وجدت رجلاً وامه، يصطحبان طفلاً لم يتجاوز عمر الخامسة بعد، كانت المرأة والدة الشهيد (محمد) وقالت: فقدناه وهو مازال يحمل في داخله الكثير من الطموح لتربية ابنه الصغير (علي) والاعتناء بزوجته التي ارتبط بها بعد قصة حب كبيرة، ولكن اختطفته (المنية) في احد الانفجارات التي لم تبق منه سوى هذه الابتسامة.
ووسط هذا الكم من الحزن هناك ابتسامات ولقاءات فرح، ام زينب وام اياد لم تلتقيا منذ زمن طويل، جمعهما فراق من فقدتا على غير موعد، التقيتا، لتحكي احداهما للاخرى قصة عزيزها الذي فقدته، ثم امتد الحديث ليصل الى احلى ذكريات ماضية جميلة تذكرتا معاً وقائع الفرح لايام ماضية في زاوية اخرى زوجة شابة فقدت زوجها التي راحت تحاكيه وكأنه امام عينيها، من غير ان تسمع منه رداً، وكما قالت اجد نفسي بحاجة لان آتي الى هنا كل يوم (جمعة) وكأني اذهب اليه لاستعيد ايام الجمع التي كنا نقضيها سوياً.
لم نشأ الاستمرار وسط اجواء هذا الحزن الثقيل ومن باب المقبرة الرئيس خرجنا الى حيث البسيطات المنتشرة قربها.
يقول البائع الحاج (كريم حسين) : في ايام الجمع تكون حركة البيع متصاعدة بالنسبة لنا من خلال العوائل وزيارتهم لامواتهم واضاف: كان يوم الجمعة مميزاً بالنسبة لنا كعراقيين نتزاور فيه بعضنا بعضاً ونقيم الولائم العائلية التي تجمعنا اليوم ارى من خلال عملي هذا هناك ولائم تقام داخل المقبرة وبين العوائل التي فقدت ابناءها الصورة مختلفة ولائم يغلفها الحزن بدل الفرح هكذا هي صورة الجمعة عندنا الان.


لكي لا يلفها النسيان .. دعوة لتوثيق جرائم الطاغية في ميسان

ميسان / محمد الحمراني
تعتبر محافظة ميسان واحدة من المحافظات التي عانت سنين طويلة من جرائم النظام البائد واعتبرت خلال سنوات الحرب مع ايران منطقة عسكرية واحيطت بالالغام والمعسكرات وقتل الاف من أبنائها بجرائم منظمة ادت الى سحق قرى باكملها ومدن صغيرة وهجرت عشائر من اراضيها وردمت مزارع وبساتين. وفي تجمع حضره عدد من المعنيين في شؤون المحافظة اقترح احد الحاضرين بضرورة اقامة متحف في مدينةالعمارة يعبر عن الوحشية التي مارسها النظام ضد مدننا التي كانت أمنة وكان اول المتحدثين وصاحب المقترح السيد جواد لازم الذي قال اتمنى من ادارة محافظة ميسان ان تسعى الى اختيار احدى الابنية السابقة كبناية امن العمارة اوبناية المخابرات وتحويلها الى متحف يذكرنا دائما بما فعله نظام صدام بحقنا .واضاف: يجب ان تعرف الاجيال القادمة جرائم نظام صدام القمعي حتى لاتتكرر تجارب الموت من جديد.
السيد مازن موحان قال: في مدينة العمارة يوجد متحف فارغ من كل شيء بعد ان سرقت محتوياته في عام 1991 والان هو بناية فقط وتوجد فيها ادارة وحراس بامكان المسؤولين في المحافظة ان يضعوا فيها صور ضحايا النظام والمستندات التي تم العثور عليها وتحمل الكثير من الحقائق التي لم يتعرف عليها البعض.
السيدة نور احمد قالت حول هذا الموضوع: في جميع بلدان العالم توجد متاحف تروي قصص البطولات والمآسي التي مرت بها تلك البلدان ونحن كشعب منكوب كل بيت بحاجة الى متحف واعتقد بان المتحف لو اقيم لاصبح مكان يؤمه كل من يزور محافظة ميسان ،ليعطي انطباعا عن الجرائم التي اقترفت بحق اهاليها.
اما امير عبد الواحد فكان له راى بهذا الخصوص فقال: لقد تم العثور على عشرات الصور في امن العمارة وهذه الصور تتكلم عن الظلم البعثي فبعض الشباب قطعت ايديهم بالمنشار الكهربائي والبعض الاخر احرقت شعورهم وتوجد العديد من الصور في ثلاجات الموت وبامكاننا ان نقيم داخل المتحف جناحاً خاصاً بالفوتوغراف بعد ان نستعين بمصورين مهرة . شاب اسمه مراد كان يستمع الى هذه النقاشات قال: سيكون هذا المتحف رسالة تسلمها اجيال الى اجيال اخرى ترمز الى التضحيات التي قدمتها مدينة العمارة واضاف: واكيد ساخبر ابني عما صدر وهذه الاراء التي تريد ان تدون الكوارث التي خلفها صدام.
امين عباس _طبيب قال: انا لدي الكثير من الوثائق عن جرائم صدام في العمارة وكذلك لدى دائرة السجناء السياسيين وثائق وصور عن معارك الاهوار وقصف الطائرات للبيوت القصبية وتهجير القرى..ان هذه الكوارث ستزيد الاجيال القادمة اصرارا على المضي بجد في طرق الديمقراطية وعدم الخنوع الى الذل والظلم..انها جرائم يجب ان توثق.
اذن في مدينة العمارة الكثير من الاهالي وخاصة المثقفين يتداولون في جلساتهم ضرورة انشاء متحف تشرف عليه ادارة محافظة ميسان لجرائم النظام السابق ولعل المسؤولين في محافظة ميسان يطلعون على هذه الاراء ويبادرون الى تحقيقها فهي لاتحتاج الى مبالغ كبيرة وكل ما تحتاجه هو الجهد والمتابعة لتحقيق حلم سيكون في السنوات القادمة درساً لضرورة الديمقراطية في بلدنا.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة