الانسان والمجتمع

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

من وجهة نظر الطلبة العراقيين أنفسهم .. ظاهرة الغش في الامتحانات الجامعية أسبابها وأساليب معالجتها

  • (65%)من الطلبة يمارسون الغش
  • يعتقد (57%) من الطلبة أن الغش ذكاء ومهارة وشطارة
  • ضعف اهتمام الطلبة بالدراسة هو العامل الأول وراء انتشار الغش
  • الطلاب يتفوقون على الطالبات في ممارسة الغش

أ.د. قاسم حسين صالح
أ.د. علي جاسم الزبيدي

تنتشر ظاهرة الغش في الامتحانات الدراسية على مستوى الجامعات في العالم. وتطورت في الوقت الحاضر أساليب الغش أيضاً. فبعد أن كان الطالب يدس في جيبه بعض القصاصات الورقية المتضمنة للمادة الدراسية، أو يكتب بعض المعلومات على المقاعد الدراسية أو الجدران أو الأدوات أو على اليد أو الذراع أو الساق، اصبح اليوم يستخدم أساليب جديدة متطورة تقنياً، مثل الساعات المحشوة بالأوراق أو الحبر السري أو رسائل الهاتف النقال (الموبايل) او الساعات التي تحتوي على جهاز كومبيوتر صغير أو الأوراق الشفافة، أو اخفاء الهاتف النقال في الملابس، وتوصيله بسماعة وتحويل رنينه الى طريقة الاهتزاز.
وأصبح انتشار ظاهرة الغش الجماعي في الامتحانات من أخطر المشكلات التي تواجهها الأنظمة التربوية عالمياً، حتى أدى في بنغلاديش مثلاً الى أن تلغي الدولة بسببه الامتحانات في جميع مراحل التعليم في إحدى السنوات. فيما لجأت بعض الجهات التربوية تحت ضغط ظاهرة الغش في الامتحانات الى استصدار فتوى دينية بعنوان ((الغش في الامتحانات)) بتأريخ 13/3/2002، إذ كان السؤال: ((ما حكم الغش في الامتحانات؟)). فأجاب المفتي (عطية صقر): ((الغش في أي شيء حرام عملاً بالحديث الشريف، من غشنا ليس منا)). وذهبت الفتوى الى أن انتشار الغش في الامتحانات من أخطر الرذائل على المجتمع، وأن من نال الشهادة بالغش يُحرَم عليه ما كسبه من وراء ذلك.
وقد سعينا لاجراء دراسة ميدانية، في محاولة جادة للكشف عن هذه الظاهرة داخل الوسط الجامعي، وتشخيص نسب انتشارها وأسبابها وأساليب ممارستها وطرائق معالجتها من وجهة نظر طلبة الجامعة أنفسهم. وقد تألفت عينة الدراسة من (150) فرداً من طلبة جامعة بغداد، (70) منهم ذكور و(80) منهم اناث، جرى اختيارهم بصورة عشوائية من كليات: (التربية
ابن رشد)، و(اللغات)، و(الآداب)، و(الاعلام)، و(الصيدلة). وتم ذلك باختيار قسمين علميين بصورة عشوائية من كل واحدة من هذه الكليات.
وتم تصميم قائمة استبيان مكونة من (13) سؤالاً مفتوحاً تتصف بالصدق والثبات والموضوعية والشمول، تغطي الأهداف الستة المطلوب بحثها.
نتائج الدراسة
* س1) هل هنالك بعض من أصدقائك أو ممن تعرفهم، من مارس الغش، أو حاول ممارسة الغش في بعض الحالات؛ أو في بعض المواد؟
كانت النتيجة أن (85%) من الطلبة أجابوا بنعم. وهذا يعني أن ظاهرة الغش منتشرة وشائعة بين الطلبة ولا يمكن انكارها أو التقليل من خطورتها.
* س2) ما هي برأيك نسبة من يحاولون الغش أو يحاولون ممارسته في الامتحانات بصورة عامة؟
وكانت الاجابة على النحو الآتي:
- (63%) في كلية التربية
ابن رشد.
- (70%) في كلية اللغات.
- (40%) في كلية الآداب.
- (58%) في كلية الاعلام.
- (50%) في كلية الصيدلة.
وهذا يعني أن الطلبة أنفسهم يعترفون ان من يمارسون الغش في الامتحانات هم أكثر من النصف، إذ بلغت النسبة العامة (56%).
* س3) هل لجأت الى الغش في الامتحانات طوال حياتك الدراسية؟.
على الرغم من الاحراج الذي ينطوي عليه هذا السؤال، الا أن النتائج أفادت بأن (65%) من أفراد العينة قد مارسوا الغش فعلاً.
في ضوء الاجابات عن هذه الأسئلة الثلاثة السابقة، اتضح أن الغش في الامتحانات المدرسية موجود على مستوى الجامعة، وأنه يشكل ظاهرة سلوكية وأخلاقية وعلمية غير سوية تتطلب تضافر جهود كبيرة لمعالجتها والوصول الى اضعافها.
* س4) ما الأسباب التي تدفع الطلبة أو تشجعهم على ممارسة الغش في الامتحانات؟
وكشفت الاجابات عن (18) سبباً يمكن تصنيفها في ثلاثة مجالات، هي:
1- المجال المتعلق بالطالب، من حيث ضعف الاهتمام بالدراسة وعدم التحضير. وقد أحرز نسبة (75%) من الأسباب.
2- المجال المتعلق بالمادة الدراسية، من حيث صعوبتها وكثرتها وصعوبة الأسئلة، وعدم كفاية الوقت المخصص لاجراء الامتحان. وحصل على نسبة (13%) من الأسباب.
3- المجال المتعلق بالتدريسي، من حيث ضعف قابليته العلمية والتدريسية. وقد نال (10%) من أسباب الغش في الامتحانات.
ولوحظ أن مجال عدم اهتمام الطالب جاء من الكليات الانسانية، فيما جاء مجال صعوبة الأسئلة وكثرة المادة من كلية الصيدلة.
* س5) ما حكمك على طالب يعرف الاجابة في الامتحان، ولكنه لا يسمح لزملائه أن ينقلوا اجابته، أو لا يرفع صوته ليجعل الآخرين يسمعون الاجابة الصحيحة؟.
جاءت الأحكام في اتجاهين متناقضين؛ الأول ايجابي يشيد بهذا الطالب ويصفه بأنه عقلاني ونزيه ومحق وملتزم وصادق، وحصل على نسبة (59%). والثاني سلبي يصفه بأنه أناني ويخاف على نفسه فقط وغير متعاون ولا يريد الخير لزملائه ونحس وجبان وحقير ومعقد..، وحصل على نسبة (41%). وهذا يعني أن نسبة كبيرة من الطلبة يحملون مفهوماً خاطئاً أيضاً عن الطالب الذي يعطي الغش لغيره بإضفائهم صفات ايجابية عليه.
* س6) ما رأيك بعملية الغش؟ وكيف تصفها؟
انقسمت أحكام أفراد العينة الى ثلاثة اتجاهات:
1- الحكم المعارض: وصف عملية الغش بأنها تدل على الفشل والاتكالية والغباء وسوء التصرف واليأس والاهمال والكسل والوقاحة والتحايل والسرقة؛ غير أن هذا الحكم حصل فقط على نسبة (32%) مما يدل على أن الطلبة الذين يرون الغش ممارسة سلبية هم أقلية بين زملائهم.
2- الحكم المؤيد: وصف عملية الغش بأنها تدل على مهارة وذكاء ومساعدة لمن يحتاجها. وحصل هذا الحكم على نسبة (57%)، مما يعني أن غالبية الطلبة يعدون الغش شطارة ومهارة. وربما كان هذا أحد العوامل الأساسية في شيوعه بين الطلبة.
3- الحكم المحايد: نظر الى عملية الغش بأنها محكومة بظرفها الخاص. وحصل على نسبة (11%).
* س7) ما تقييمك للطالب الذي يقوم بالغش؟
جاءت النتائج في ثلاثة اتجاهات أيضاً:
1- الاتجاه الايجابي: ذكر أصحابه أن من يمارس الغش هو شخص جذاب ومقبول، وأنه يحظى باحترام الطلبة مثل أي طالب آخر. وحصل على نسبة (41%) من مجموع الاجابات.
2- الاتجاه السلبي: ذكر أصحابه بأن من يمارس الغش يكون مرفوضاً اجتماعياً. وحصل على نسبة (43%).
3- الاتجاه المحايد: حصل على نسبة (16%).
* س8) هل ترى أن الغش في الامتحانات الجامعية يمكن أن يجد له امتداداً في الحياة العامة؟
كانت الاجابة أن (48%) من الطلبة يرون حتمية استمرار هذا السلوك خارج الجامعة لأن (من شب على شيء شاب عليه). فيما رأى (34%) منهم أن الحالة مرهونة بالامتحانات فقط، وربما كان هذا تبريراً أو تسويغاً لتبرئة من يمارس الغش فعلاً. فيما رأى (18%) منهم بجواز إستمرار الغش لدى صاحبه غير أن ذلك يعتمد على الفرد نفسه وعلى الظرف المصاحب.
* س9) ما نسبة التدريسيين الذين يتساهلون مع الطلبة أو يتغاضون عنهم في ممارسة الغش في الإمتحانات؟
أفادت النتائج بأن (77%) من المجموع الكلي للإجابات تؤيد بأن نسبة من التدريسيين يتساهلون أو يتغاضون عمن يمارس الغش من الطلبة، غير أن هذه النسبة كانت بين قليلة جداً وقليلة.
* س10) ما أكثر أساليب الغش انتشاراً بين الطلبة؟
اتضح وجود (13) إسلوباً، غير أن الشائع منها خمسة أساليب هي: القصاصات الورقية، وغش الزميل على زميله، والكتابة على المقعد الدراسي، والهمس بالإجابة، أو الكلام بين الطلبة، وأخيراً الكتابة على الحيطان المجاورة.
* س11) ما أنواع الامتحانات التي يكثر فيها الغش بوجه خاص؟
وجد أن الإمتحانات التحريرية تحظى بأكبر نصيب من ممارسات الغش، وبنسبة قدرها (76%)، في حين تراجعت نسبته الى (11%) في الإمتحانات العملية والشفوية. أما عن مواعيد الإمتحانات، فتبين أن الغش يكثر في الإمتحانات الشهرية بنسبة أكبر من الإمتحانات النهائية.
* س12) أيهما برأيك أكثر غشاً: الذكور أم الاناث؟
أفاد (70%) من أفراد العينة بأن الذكور أكثر ممارسة للغش، بينما ذكر(16%) منهم أن الإناث هن الأكثر ممارسة للغش. ولوحظ أن(83%) من الإناث يتهمن الذكور بذلك، يؤيدهن(54%) من الذكور أنفسهم. وتجدر الإشارة الى أن الدراسات السابقة تشير الى أن الذكور أكثر ممارسة للغش في الإمتحانات من الإناث.
* س13) ما الأساليب والإجراءات الفعالة التي تقترحها لمعالجة هذه الظاهرة السلبية في الحياة العلمية الجامعية؟
فيما يأتي أهم هذه المقترحات:
1. إجراء مناقشة وإتفاق بين التدريسيين والطلبة حول تحديد يوم الإمتحان، وكفاية زمنه، والموضوعات التي يتضمنها، وكمية المادة المناسبة في الوقت المحدد.
2. تعديل إسلوب الاستاذ وطريقة تدريسه وتعامله مع الطلبة.
3. وضوح الأسئلة وشموليتها للمادة المقررة ومناسبتها لقدرات الطلبة.
4. تعديل في طريقة إعطاء الدرجة وتقويم جهد الطالب من خلال توزيع الدرجة على نشاطات مختلفة وليس بالإمتحان التحريري وحده، مثل التحضير اليومي وكتابة التقارير والحضور اليومي.
5. إعتماد مناهج للتوجيه والإرشاد التربوي والنفسي.
6. مراعاة الظروف والمواقف الخاصة والسماح بتأجيل الامتحان وإعادته للفاشلين فيه.
7. زيادة عدد المراقبين في القاعة الإمتحانية.
8. تشديد العقوبة بحيث تصل الى الفصل من الدراسة لمن يثبت غشه في الإمتحان.


التنويم المغنـــــــاطيسي يعالج الكآبة والأرق والإدمان والصدمات النفسية والآلام الجسمية

 

عبد الكريم سـليم علي

جاءت كلمة التنويم المغناطيسي Hypnosis من كلمة يونانية بمعنى النوم، وهي كلمة مشتقة من (هيبنوس) Hypnos إله النوم عند اليونانيين، وهو ابن الإله زيوس zeus. وقد استخدم التنويم المغناطيسي في مصر القديمة وبابل والهند واليونان. والواقع أنَّ التنويمَ المغناطيسيَ ليس له علاقة بالنوم ولا المغناطيس من الناحييتين السلوكية والفزيولوجية.
وأصل التسمية قائم على افتراض طرحه الدكتور (فرانز مسمير) mesmer في القرن الثامن عشر، مفاده إن النفس الإنسانية تتأثر بالإشعاع المغناطيسي الذي يأتي من الكون. وقد استمد (مسمير) فرضيته من علوم الفيزياء والكهرباء المكتشفة في عصره، إذ آمن (مسمير) مثل الكثيرين من أبناء عصره أن النجوم والكواكب تشع سوائل مغناطيسية، فافترض: ان تسليط هذه السوائل المغناطيسية السماوية على الإنسان من شأنها ان تشفي أجسام البشر من الأمراض.
ثم جاء الراهب البرتغالي (فاريا)
Faria في القرن التاسع عشر، فرفض فكرة ان يكون هناك نوع من المغناطيسية واثبت القدرة على تنويم الآخرين بالإيحاء المباشر. وفي أواخر القرن التاسع عشر أعطى الجراح الإنكليزي (بريـد) Braid اللفظ Hypnosis للتنويم واستعمله طريقة لتخفيف الألم في أثناء العمليات الجراحية. وقد ظهر العديد من العلماء الذين بحثوا في هذه الظاهرة، أمثال: الروسي (بافلوف)، وفي فرنسا (ليبولت) و(برنهايم) و(بروير) و(شاركو). وقد تلقى (سيغموند فرويد) على يد (شاركو) أصول طريقته في استخدام التنويم بوصفها أسلوباً علاجيّاً للامراض النفسية.
ويعرف التنويم المغناطيسي (الإيحائي) بأنه حالة من انخفاض درجة الوعي لدى المريض (أو المنوَّم) نتيجة لمؤثرات رتيبة ومنتظمة خاصة يبعثها القائم بالتنويم، فيجعله في حالة شبيهة بالنوم، يخضع خلالها لأوامره وإيحاءاته، شكل يجعل العقل الباطني مسيطراً على العقل التحليلي، ويظل الشخص مستيقظاً باطنياً، يعلم كل ما يدور من حوله اذ لا يفقد الشخص وعيه أو شعوره كاملاً بل يتمتع بقسط كبير من الإرادة، وقوة المقاومة، ذلك ان الانفصال يكون في حالة التنويم الإيحائي جزئياً وليس كلياً.
الدخول في حالـة التنويم
يستخدم الشخص القائم بالتنويم سلسلة من الأفكار الإيحائية يقوم الأصل فيها على زيادة التركيز البصري والذهني للمنوَّم على شيء صغير ومحدد مثل طرف الإبهام او ساعة يد او نقطة معينة في سقف الغرفة، ويصغي الى صوت المنوِّم الذي يردد غالباً عبارات مهمة تحوي على كلمات محددة ومكررة حتى يغمض جفنيه قليلاً وتسترخي كل عضلات جسمه، حتى يصبح أكثر هدوءاً أو أكثر ميلاً الى النعاس، ويبقى الفرد متتبعا في أثناء ذلك لكل التعليمات الصادرة إليه بحيث يصبح صوت المنوِّم هو المسيطر الوحيد على شعور ووعي الفرد إيحائياً. وغالباً ما يبقى الشخص في أثناء عملية التنويم مفتوح العينين، ويستوعب عموماً كل ما يدور حوله، لكنه لا يستطيع الإجابة الا على الشخص مصدر الإيحاء.
درجة استجابة الأشخاص للتنويم
تختلف درجة استجابة الأفراد للتنويم الإيحائي، فتزداد درجة استجابة الأطفال للتنويم حتى سن العاشرة، وتقل درجة تقبل التنويم كلما أصبح الأشخاص اقل انقياداً وأكثر تفتحاً على العالم. فقد أظهرت الدراسات أن الأفراد الذين يتصفون بالحساسية المرهفة، ويثقون بالآخرين ثقة كبيرة، وينغمسون في الخيال والأوهام والخرافات، فضلاً عن بعض المصابين بالهستريا، هم أكثر استجابة للتنويم من غيرهم. كما أفادت الدراسات ان الأشخاص الذين يتميزون بالسيطرة على علاقاتهم الشخصية، ويمتلكون شعوراً عميقاً بالمسؤولية، ويتميزون بالواقعية والاهتمام بالمستقبل، يكون تقبلهم ضئيلاً للتنويم، وأحيانا لايمكن تنويمهم.
الظواهر السلوكية في أثناء التنويم
تـفضي ظاهرة تقبل الإيحاء بالتنويم الى استجابات سلوكية كثيرة منها:
1-    ينخفض الإحساس والتفكير التلقائي الى أدنى درجة، ويتوقف الفرد عن التخطيط لما يريد فعله، وينتظر إيحاءات خارجية قبل بدء النشاط مرة أخرى.
2-    يركز الفرد المنوَّم على صوت المنوِّم، ويتجاهل تماما أيةَ أصوات أخرى، بل يزيلها نهائياً من وعيه.
3-    يكف الأفراد تحت تأثير التنويم عن مقارنة إدراكهم بالواقع بل يميلون الى قبول ماهو غير عادي.
4-    قد يقوم المنوَّم بأعمال غير عادية من تلقاء نفسه، فيتصرف البالغ
وهو تحت تأثير التنويم وكأنه طفل.
5-    ربما يستمر تأثير الإيحاء بعد اليقظة، مثلاً: يمكن ان يوحى للشخص، ان الماء الذي سيرشفه سيكون ممتلئاً بالفلفل، وبعد يقظته سيبصق الشخص حينئذ باشمئزاز، ومن الصعب جداً ان تبعد عن ذهنه اعتقاده ان الماء ممتليء بالفلفل، وبغية انتزاع هذه الفكرة منه يستوجب تنويمه مجدداً.
6-    نسيان الشخص بعد صحوته شيئاً حدث في أثناء التنويم، إلى ان تظهر علامة متفق عليها من قبل كطقطقة الأصابع، او إشارة ما تؤدي إلى عودة الذاكرة.
تفسير حالة التنويم الإيحائي
اقترح (ارنست هيلكارد)
Ernest hilgard لتفسير طبيعة التنويم نظرية التفكك او الانعزال، إذ يعتقد ان المخ يحتوي على عدد من أجهزة التحكم المستقلة والمنعزلة عن بعضها البعض، وهذه الأجهزة مرتبة ترتيباً متسلسلاً بحسبِ قوتـِها. وتحت ظروف اليقظة الطبيعية فأن جهاز ((الانا)) المنفذ العادي يتحكم في باقي الأجهزة وينسق عملها، إلا انه خلال فترة التنويم يتغير التحكم وتختلف الأنساق، وتبدأ قوة جهاز الانا بالضعف، ونتيجة لهذا تصبح القدرات اللاإرادية إرادية، والعكس صحيح، فما نتذكره في العادة قد ينسى، وما نسيناه يمكن أن نتذكره.
اما (تيودور باربر)
Theodore barber فيرى ان الخبرة التنويمية ما هي الا حصيلة القدرة الإيحائية، والتعليمات الموجهة نحو أولئك الذين يحملون شعوراً طيبا لفريق التجريب، والذين هم على استعداد لأداء نوع غير عادي من السلوك. وقد أظهرت دراسات (باربر) إن الإيحاءات البسيطة قد تؤدي إلى تأثيرات تنويمية عديدة منها: التغير في سرعة نبضات القلب، ونسبة الكلوكوز في الدم والتقليل من الألم. وتكون الإيحاءات ذات فاعلية خاصة عندما يكون الهدف مساعدة الناس على ان يوجهوا خيالاتهم طبقاً لخط الإيحاء، فالذين يشعرون بالألم مثلاً، قد يطلب منهم ان يتخيلوا ان مكان الألم متبلد او منعدم الحس.
أما (بافلوف)
Pavlov فقد درس ظاهرة التنويم ورأى فيها ضربا من الكف ينتشر في لحاء نصفي كرتي المخ، والانتقال من حالة اليقظة الى النوم يخضع لبعض العلاقات التي تنظم ازدياد ذلك الكف وانتشاره في الدماغ. وإن هذا الانتقال، ربما لا يحدث دفعة واحدة بل يمر بدرجات الى مناطق من الدماغ من دون ان يعم جميع أجزاء القسم الأعلى منه، فتبقى مراكز صاحية. ومركز الصحو هنا في المخ هو الذي يصل النائم بالمنوِّم، فيسمع ويفهم كلامه ويذعن لإيحاءاته.
استعمالات التنويم الإيحائي
تدل الأبحاث والدراسات العلمية في مجال التنويم الإيحائي على انه ليس خطراً مثلما يعتقد الكثير، وذلك لما له من فوائد علاجية تعود على المريض، وبخاصة اذا تمت ممارسته من قبل معالج متخصص وبأشراف طبي، اذ يمكن من خلاله التغلب على العديد من المشكلات الشخصية مثل: الأرق، والقلق الزائد، والكآبة، والهياج، وآثار الصدمات النفسية، والخوف من الاماكن المرتفعة أو الحيوانات الأليفة أو السفر بالطائرة، وفقدان الثقة بالنفس، وبعض صعوبات التعلم، وتخفيف وطأة الحياة اليومية وزيادة قدرة الشخص في التعامل مع أحداث الحياة، ويساعد المرضى على التحكم بالألم الشديد، ومساعدة الأفراد للتخلص من التدخين او إدمان الخمر أو الإفراط في الطعام او عدم انتظام الشهية، والحد من حالات التبول اللاإرادي النفسي المنشأ،وأمراض الكلام النفسية المنشأ، فضلاً عن تنظيم العلاقات الجنسية، اذ يمكن من خلاله معالجة الضعف الجنسي عند الرجال والنساء. وفي الوقت الحاضر يستخدم العلاج الإيحائي مدخلاً علاجياً مهماً مكملا للأساليب العلاجية الأخرى، حيث يصبح المنهج التكاملي والنظر للإنسان من مدخل بيولوجي نفسي اجتماعي هو المنهج المعتمد، وهو الرأي الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية
(WHO).

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة