البــاحث
عمر الطـــالب يستـــذكر القبـانجي.. موصلي تبغدد
الموصل: سمير عبد الله الصائغ
غني
عن التعريف، صوت حلق في الآفاق شاديا.. فملأ المكان الأكثر
علوا في المقام وأدائه والقصيدة وإنشادها، قوة في الصوت بل
جبروت، خبرة في الأداء، تميز في العطاء، ذاك هو محمد
القبانجي، ابن مدينة الموصل الذي نهل من معلمه الأول، (أبيه
) الذي كان مغنيا مجيدا و مؤديا بارعا للمقامات.
ثم ارتحل إلى بغداد ليستقر فيها، لا بل ليجعلها منطلقا إلى
كثير من الدول التي زارها وسجل في بعضها (القوان) الخاص
بمقاماته التي يؤديها وأغانيه.
التقينا الرجل الأديب الناقد الدارس الباحث والموسوعي في
الثقافة والفنون والآداب والتراث الأستاذ الدكتور عمر
الطالب.
وفي أذهاننا العديد من التساؤلات عن محمد عبد الوهاب
القبانجي:
* هل الراحل قارئ المقامات بل الرائد فيها
–محمد
القبانجي- هو من أبناء الموصل؟
* أين ولد؟ في مدينة الموصل أم في غيرها؟ ومن أهلوه؟
* ماذا كان يصنع بعد فترة الطفولة
–أدَخَل
المدرسة- أم احترف الغناء، أم كانت له حرفة أخرى بجانب
قراءة المقام والغناء.. أكان بزازا؟
* ألا يجدر أن يجدد بيته الذي ولد فيه في هذه المدينة.. إن
لم يهدم بعد..؟ ألا يجدر أن يصار إلى متحف يحمل ذكرى من
ذاك الفذ المتفرد؟
* هل ان أباه كان مغنيا أيضا كما تناهى إلى أسماعنا؟.. هل
كان محترفا أم هاويا؟.. وهل هناك في العائلة عدد آخر من
المطربين أو العازفين؟
*الم يتجه احد من أبنائه صوب صوت الفن السحري.. الم يسر
احد على خطى أبيه؟
* من جايله من المغنين والمؤدين في أثناء وجوده في مدينة
الموصل قبل مغادرته إلى العاصمة؟
* ولعل من أسباب تركه مدينته أن رأى مجالا أرحب هناك، أم
ما الذي دفعه لذلك؟
* كأنما أقفرت دنيا المقام بعد رحيله.. وعدد من رواد
المقام الأوائل
*متى رحل إلى بغداد وأقام فيها؟ وهل كان يأتي إلى مدينة
الموصل وينزل في بيت الراحل ذي الكفاءات المتعددة الدكتور
محمد صديق الجليلي؟ كما تناهى إلى سمعي؟
فتحدث الدكتور عمر الطالب برؤيته الشفافة والرصينة تجاه
هذا العلم من أعلام الغناء العراقي بل العربي عموما :
كان محمد القبانجي يزور الموصل بين وقت وآخر، أما أنه كان
ينزل في بيت المرحوم محمد صديق الجليلي فلا علم لي بذلك..
وربما كان يزوره في مجلسه اليومي الذي يقيمه في (حوش البرة)
من داره. وزرته مرات عدة منذ نهاية الخمسينيات وكان يهتم
كثيرا بالموسيقى والغناء ولاسيما المقام ويمتلك أشرطة
واسطوانات نادرة في هذا المجال احتفظت بها ابنته بعد وفاته
رحمه الله. ولا ادري ما حل بهذا الكنز بعد وفاتها عام 2004
رحمها الله. وألف محمد صديق الجليلي كتبا في المقام وكان
يحتفظ بتسجيلات واسطوانات نادرة للسيد احمد عبد القادر
المعروف بـ(ابن الكفر) (تنظر دراستنا عنه في مجلة موصليات
العدد الحادي عشر 2005) وبمحمد القبانجي وبإسماعيل الفحام
وعزيز الخياط ومغني القدود الحلبية صباح فخري وفي احد
أعياد الربيع في منتصف السبعينات دعي صباح فخري لاحياء
الحفلات مع غيره من الفنانين وحضر مجلس المرحوم صديق
الجليلي وكنت موجودا وغنى صباح فخري وأبدع وسجلت تلك
الحفلة الرائعة وهي فريدة من نوعها.
ويعد ملا عثمان الموصلي أستاذا في هذا المجال وعليه تلقى
سيد درويش أصول المقام وطوره وقد ذكرت أنفا لقاء محمد
القبانجي به. وكان في الموصل عدد من قراء المقام اشهرهم
سيد احمد عبد القادر (ابن الكفر) 1877- 1941 وفي الوقت
الذي تقاضى محمد القبانجي في الحفلة التي أقامتها أمانة
العاصمة في بغداد عام 1939 مئة دينار على حفلته العامة،
كان سيد احمد عبد القادر يتقاضى درهما واحدا على غنائه كل
ليلة في مقهى باب السراي الذي يتحول ليلا إلى شبه ملهى
تقدم فيه الأغاني والتمثيليات الفكاهية فضلا عن وجبة عشاء
(مشويات) لا تتعدى العشرة فلوس. فالسيد احمد عبد القادر
كان محترفا الغناء أما محمد القبانجي فكان محترفا التجارة
وهاويا الغناء على الرغم من انه كان اكبر أساتذة المقام في
عصره. وعاصروه كذلك (عزيزة العراقية) وسيد إسماعيل الفحام
1905
-1990، وسيد أمين، وعزيز
الخياط 1887- 1973، ويونس الكني 1929 ومن الموسيقيين
والمغنيين الذين اخذوا الفن عن ملا عثمان الموصلي الحاج
محمد بن الحاج حسين الملاح (ت 1949) والحاج محمد بن سرحان
(ت 1949) وعبد الرزاق عبد الفتاح القبانجي (1846- 1931)
والسيد سلمان الموصلي (ت 1949) والحاج محمود أيوب بدأ عام
1935 وأخذ عن السيد احمد عبد القادر والسيد سلمان الموصلي
وتأثر بسيد يحيى وسيد إسماعيل الفحام وتوفي عام 1994 عن
عمر ناهز التسعين.
وأشيربان زكي مراد من اصل موصلي وداره كانت في محلة اليهود
وهدم داره عند فتح شارع الفاروق الممتد من مستشفى الجمهوري
إلى دورة الساعة مقاطعا شارع نينوى في اوائل الأربعينات
وان ابنته ليلى مراد هي موصلية الأصل أيضا وقد زرتها في
دارها في الزمالك عام 1965 وكانت متشوقة لرؤية الموصل
مدينة جدها وأبيها. وان نجيب الريحاني موصلي أيضا من عائلة
الريحاني المعروفة في الموصل ورحل والده إلى القاهرة
واشتغل نجارا فيها. وتعد القاهرة مثل مدن الهند الشهيرة (بومباي
وكلكتا ونيودلهي) متفوقة في الصناعة الخشبية وتحفها.
|