المدى الثقافي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

أنا متفائـل بمستقبل العراق

أشرف عبد القادر

ضمن فعاليات أسبوع "المدى الثقافي" الرابع، مهرجان الربيع الرابع الذي انعقد في كردستان العراق في الفترة ما بين 22-30 نيسان الماضي، عقدت جلسة بعنوان "الديمقراطية أداة التحول من النظام الاستبدادي إلى المجتمع الحر والتعدد السياسي والتنوع الثقافي"، وقد أدار الجلسة المفكر اللبناني كريم مروة، قدمت فيها أربع أوراق، كانت الورقة الأولى للكاتب المصري الدكتور فتحي عبد الفتاح، ركز فيها على أهمية الديمقراطية في العالم العربي، وأهمية الحوار وعدم إقصاء الآخر، ومحاولة وضع أسس لمجتمعات ديمقراطية علمانية تقوم على أساس فصل الدين عن الدولة ومواجهة الخطرين: النظم الديكتاتورية الحاكمة والمتحكمة في العالم العربي، والإرهاب، وهي في الواقع تسهل الأمور كثيراً بالنسبة للقوى الاستعمارية بالاستيلاء على خيرات الشعوب". قوله هذا ذكرني بمقولة د. سعد الدين إبراهيم، عالم الاجتماع، ورئيس مركز ابن خلدون"الطغاة يأتون بالغلاة، وهؤلاء يأتون بالغزاة" وهي لعمري معادلة دقيقة دقة المعادلات الفيزيائية. أما الورقة الثانية فكانت للمفكر التونسي العفيف الأخضر والتي قرأتها نيابة عنه، لظروفه الصحية،وكانت بعنوان "فيدرالية كردستان كإقليم قائد" والتي نشرتها إيلاف بتاريخ 22/4/2006، ركز فيها على" إمكانية أن تلعب فيدرالية كردستان دوراً قائداً، وأن تكون قدوة حسنة لباقي فيدراليات العراق، ولا شيء يمنع الأغلبية العربية الشيعية والأقلية العربية السنية عندما تستبطن شروطها كأقلية من التعلم من تجربة كردستان العراق، حيث نجح الحزبان الكرديان الكبيران بزعامة رئيس الجمهورية العراقية جلال طالباني، ورئيس حكومة إقليم كردستان مسعود البرزاني في بناء سلطة ديمقراطية ولإقليم مزدهر اقتصادياً". الورقة الثالثة كانت للكاتب العراقي حسين درويش العادلي، وكانت بعنوان "الدولة العراقية وإشكالية الهوية السياسية"، قدم فيها تعدداً لأشكال الهوية وقد لخصها بأنها "إشكالية بنيوية، أدلجة الدولة، المنشأ النخبوي، المنشأ التاريخي"، وركز أيضاً خلال ورقته على أهمية المواطنة والهوية كجزء من الإشكالية. أما الورقة الرابعة فكانت للكاتب العراقي زهير كاظم عبود، وكانت بعنوان "الإرهاب في العراق" تعرض فيها لظاهرة الإرهاب في العراق، وأكد على أن "التناحر المذهبي في العراق بشكل خاص، وإن كان ناراً من تحت الرماد، إلا أنه تم تأجيجه من قبل الإعلام العربي المريض والمبتلى بالابتعاد عن الموضوعية والحيادية، كما تم تأجيجه من قبل بعض السياسيين العراقيين ممن يشعرون بعدم وجود أرضية وقاعدة تساندهم دون هذه الورقة".فتح الأستاذ كريم مروة باب النقاش لمحاولة استشراف مستقبل العراق وسط دوامة العنف التي يدور فيها، كانت معظم التعليقات متشائمة للعراق وللشرق الأوسط برمته، وطلبت الكلمة وقلت "أنا متفائل بمستقبل العراق والشرق الأوسط، برغم قتامة الصورة كما وضحها زملاؤنا في الجلسة. لكن لماذا أنا متفائل؟ أولاً لاجتماعنا هنا في كردستان العراق لأول مرة نتكلم بحرية ودون رقابة، وكذلك لحكم جلال طالباني الكردي للعراق هو الآتي من أقلية كردية كانت لوقت قريب مستضعفة وقد منّ الله عليها كما منّ على المستضعفين قبلها فجعلهم أعزة وجعلهم الوارثين. ومما يبرر تفاؤلي إجراء انتخابات حرة لأول مرة في تاريخ العراق تحت إشراف دولي، وكذلك محاكمة الطاغية الدموي صدام حسين، الذي كان لا يحاكم معارضيه بل يقتلهم بسلاحه الشخصي، ألا تشكل كل هذه الأسباب مجتمعة بشائر الديمقراطية في عراق الغد وفي شرق أوسط جديد، كتب عليه التاريخ كما كتب على جميع البلدان قبله أن تمر إلى الحداثة عبر الشوك والنار، أن تمر إليها على الجثث والجماجم التي فجرتها أحزمة الإرهاب الناسفة وجزت رؤوسها وشوهت أعضاءها الجنسية، إنه ثمن باهظ ولكنه ثمن لابد من دفعه لكي تنتقل الإنسانية من ظلام الديكتاتورية إلى نور الحرية. وكما قال الكردي ابن بلدياتي أحمد شوقي: "وللحرية الحمراء باب/ لكل يد مضرجة يدق" وها هم العراقيون يدقون بأيديهم المضرجة دماً على باب الحرية في عراق ما بعد طاغية العراق والكلب الدموي صدام. اختتم المفكر كريم مروة الجلسة وهو يضحك قائلاً:"لقد ظلمتم حاضر العراق ومستقبله، ولم تروا إلا نصف الكوب الفارغ، أضم صوتي لصوت الأستاذ أشرف في تفاؤله بمستقبل العراق وبقدرته على اجتياز المحنة التي يمر بها.قول المفكر كريم مروة ذكرني بحديث دار بيني وبين د. سعد الدين إبراهيم حينما التقيته في مؤتمر الأقباط الذي انعقد في زيورخ في الفترة ما بين 25-27 مارس 2006، فذكرت له تشاؤم كثير من كتابنا ومفكرينا كالمستشار محمد سعيد العشماوي، ود. رفعت السعيد في إمكانية تغيير العالم العربي، لكن عندما ذكرت ذلك للمفكر العفيف الأخضر ضحك وقال لي: "العالم العربي بخير مادمنا نحن فيه"، فضحك د. سعد الدين إبراهيم وقال لي: "أشاطر الأستاذ العفيف تفاؤله، فهناك ضوء في نهاية النفق". فهل تشاركونني تفاؤلي بمستقبل العراق والشرق الأوسط ودخوله إلى الحداثة؟!.


رسالة ميسان الثقافية: مؤتمر حول فكر الشهيد محمد باقر الصدر

ميسان- المدى

عقد خلال اليومين الماضيين في مدينة العمارة المؤتمر السنوي الثاني حول فكر الشهيد محمد باقر الصدر برعاية رابطة حوار الثقافية ومركز الامام الصادق وتكونت فقرات اليوم الاول من دراسة للناقد صادق ناصر الصكر حملت عنوان: (سرديات كبرى.. سرديات صغرى: طبيعة المجتمع العراقي بين الصدر والوردي) ثم قرأ الاستاذ حكيم عبد الرضا مبحثاً حمل عنوان: (رؤية الصدر للملكية) ثم فتح باب النقاش الذي تضمن حوارت متباينة سعت لتوليد بعض الاراء وتسليط الضوء على القيمة التي تحملها البحوث. وفي اليوم الثاني ابتدأت الفعاليات بورقة نقدية للدكتور علي حسين فرج حملت عنوان: (ابداع الصدر ونواح سيد قطب) وتلتها محاضرة للاستاذ ماجد كاووش كان عنوانها: (جدل الدين والسياسة،قراءة في الفكر السياسي للسيد محمد باقر الصدر) وفي مقابلة قصيرة مع الاستاذ (امجد الدهامات) مدير مركز الامام الصادق قال: نسعى بالتعاون مع رابطة حوار الثقافية إلى ان نجعل من هذا المؤتمر تقليداً سنوياً يهدف إلى تفعيل دور الاطروحات الفكرية الاسلامية ووضعها ضمن اهم شروط الثقافة المعاصرة ومعالجة المشاكل وفتح باب الحوار للاطروحات التي لم تجد لها بصيص ضوء ولم يستمع اليها احد.


حجايات عمكم ناصر

قاسم محمد عباس

بعض البرامج التلفزيونية تختصر عمل الكثير من الندوات، واللقاءات مع مسؤولين في الوزارات والحكومة.وتوفر عناء متابعة الكثير من جلساتها ومسؤوليها وهي تناقش الكوارث التي تلف العباد والبلاد هذه الايام، فبرنامج (حجايات عمكم ناصر) الذي تقدمه الفيحاء يطرح تصورا جديدا وشكلا محليا مغايرا في فكرته وأسلوب تقديمه، فعبر حلقات قليلة استحوذ هذا البرنامج على اهتمام الكثير من قطاعات المجتمع ومن كل الاعمار، واعتقد ان الموضوعات المهمة وأسلوب تقديم البرنامج فضلا عن بعض الجرأة الممزوجة باستحياء وأمل كبيرين يتمتع بهما العم ناصر وفرت مقدمة لنجاح برنامج عفوي ومباشر بعيدا عن الطاولات والاكواب التي تحمل علامة القناة وغيرها كما يحصل في برامج وقنوات شبيهة اخرى.
استطاع مقدم البرنامج بلكنته البصرية وعفويته الممزوجة بحركات يقوم بها اثارة جملة من القضايا العويصة والمعقدة والخطيرة في الوقت ذاته، فمن قضية الفساد إلى التعليم إلى مستقبل الطفولة إلى المستشفيات فتح العم ناصر الكثير من الملفات الساخنة وجعلنا في مواجهة أسئلة تتعلق بسرقة المال العام،وفضح بأسلوبه الكوميدي كارثة الجيل الجديد وعلاقته بالعلم والاخلاق.، ووضع أصبعه في الكثير من المشكلات التي طرحها على موضع الجرح.
لست هنا بصدد الترويج للبرنامج او لفت نظر القراء اليه بقدر ما انوي التوقف عند قضية مهمة وهي الحديث عن المشكلات والحلول لمآسينا وأزماتنا الراهنة، فبعد ان يصرف العم ناصر دقائق قليلة في عرض المشكلة يتوجه نحو الحلول، ولا يشغل المشاهد بالكلام عن المشكلة وطبيعتها، بفهم انه يعتقد ان المشكلات بادية للعيان ويتفق الجميع على خطورة هذه المشكلات، لذا فإن فضيلة البرنامج وفضيلة مقدمه هي التركيز على الحلول، وقدرته على اثارة اسئلة مهمة تتعلق بحياة الناس وهمومهم،على نحو يستغل فيه حركة جسده ونظراته وأحيانا حتى ضربات قلمه على وسادة عراقية يضع تحتها ركبته، الامر الذي يقدم صورة واقعية عن المشكلة وعيشها في وقت واحد.
العم ناصر بدا بليغا وصريحا، وهو يصرخ في وجه اللصوص، يعاتب المسؤول وهو يسرق المال العام، يتوسل الاطفال وهو يذكرهم بأخلاق الاباء، ويدعوهم للنظر في مستقبلهم، العم ناصر صوت عراقي نحتاجه بقوة هذه الايام، نحتاج عراقيته، نحتاج طيبته، نحتاج رسائله وهو يوجهها للحكومة، نحتاج وقفته مع الشعب العراقي وهو يتجاوز المحن والمآسي، نحتاج ان يكرس لناصورة جديدة عن اهمية البرامج التفزيونية ودورها في ملامسة هموم الناس،نحتاج ان نتحدث عن الحلول، ليس عن المشكلة وحسب.


الاديب الاميركي جون ابدايك يلج شخصية ارهابي في روايته الجديدة ويثير صدمة بين النقاد

ستيفن كوليسون

ما هي العوامل والبواعث خلف مزيج الحقد واليأس الذي يمكن ان يحمل شابا مسلما على الوقوف ضد بلاده ويجعل منه ارهابيا
هذا السؤال الذي راود البريطانيين بعد اعتداءات لندن الانتحارية والكنديين اليوم بعد اعتقال مجموعة من الشبان المسلمين يشتبه بانهم ارهابيون الاسبوع الماضي، هو في صلب رواية الاديب الاميركي الكبير جون ابدايك الجديدة التي تحمل عنوان "ارهابي" (تيروريست).
غادر الروائي البالغ من العمر 74 عاما والذي يعتبر مع فيليب روث آخر كبار الروائيين الاميركيين على قيد الحياة، عالم الضواحي حيث كتب يوميات الحياة البورجوازية وسبر اعماق الروح البورجوازية ليلج خفايا شخصية احمد عشماوي مولوي الاميركي الشاب المسلم البالغ من العمر 18 عاما والذي يقع تحت تاثير امام اصولي.
وفي مقابلة اجرتها معه شبكة ايه بي سي قال ابدايك "اردت ابتكار شخصية ارهابي ولد في بلد غربي وعرض بعض اوجه شخصيته لتوضيح ما يحمله على التحول الى قنبلة بشرية".
وبطل الرواية يتحدر من والدة ايرلندية اميركية ووالد اميركي انفصلا بعد تدهور حياتهما الزوجية.
ويرى الشاب في الاسلام ثم في الجهاد سبيلا للهروب من حياة عصرية ورديئة والتعويض عن الوحدة التي يعاني منها منذ رحيل والده.
واثار تناول ابدايك هذه الشخصية وقدرته على سرد تفاصيل ما يجول في بالها وقلبها انتقادات كثيرة في بلد ضربه الارهاب في الصميم في 11 ايلول 2001.
وكانت الاعتداءات التي استهدفت مركز التجارة العالمي ومبنى البنتاغون مصدر الهام للعديد من الكتاب الاميركيين ما ادى الى نشوء نوع ادبي حقيقي، غير ان ابدايك الذي شاهد برجي نيويورك ينهاران من سطح مبنى في بروكلين بضاحية نيويورك، هو اشهر الكتاب الذين عالجوا موضوع الارهاب حتى الان.
وغالبا ما يبدي الكاتب في روايته مزيدا من التشدد حيال اميركا منه حيال شخصية روايته التي تقتل مئات الاشخاص في تفجير شاحنة تحت احد الانفاق الرئيسية المؤدية الى جزيرة مانهاتن.
ويصور ابدايك بلاده مسترسلة في العنصرية وغارقة في تخمة الاستهلاك المثيرة للاشمئزاز ومستغرقة في عصر من الخفة السوقية، واصفا المسلسلات التلفزيونية الحمقاء المخدرة للاذهان وتلال الطعام الرديء وملابس الفتيات المثيرة للغرائز.
ويختار احمد طريق الاصولية والجهاد مدفوعا الى ذلك بنفوره من كل هذا الاسراف والمبالغة، وهو نفور يشاطره اياه ابدايك نفسه على ما يبدو.
وكتب ابدايك في روايته الثانية والعشرين هذه "يفكر احمد هذه الشياطين، هذه الشياطين تسعى للاستيلاء على الهي".
وانهالت المقالات النقدية ضد الرواية وبينها مقالة للناقد كريستوفر هيتشنز في المجلة الشهرية "اتلانتيك مونثلي" وصف فيها الرواية بانها مبتذلة وكتب: "ارهابي" هو اسوأ نص كتبه شخص بالغ منذ الاحداث التي استلهمها بهذا القدر من الاستخفاف".
وترددت الاصداء السلبية ذاتها على الرواية في صحيفة نيويورك تايمز حيث وصف احمد بانه "صورة رائجة" بدون اي مصداقية و"اقرب الى رجل آلي منه الى كائن بشري".
واوضح الكاتب نفسه لشبكة "ايه بي سي" ان الرواية ترسم "صورة ودودة" لرجل "وقع في مؤامرة" مضيفا "آمل ان يسمح هذا لقرائي بفهم دوافع اعدائنا الارهابيين".
وكان لهذا الكلام الصادر عن رجل فاز بجائزة بوليتزر مرتين ويرشح باستمرار لجائزة نوبل للاداب، وقع كبير في اوساط متتبعي كتاباته.
وقال جاك ديبيليس صاحب كتاب مرجعي بعنوان "انسايكلوبيديا ابدايك" متحدثا لوكالة فرانس برس "فاجأني الامر كثيرا ذلك التعاطف الذي يبديه حيال شخص يقف على طرفي نقيض من المصالح الغربية".
واضاف انه "يحب ان يفاجئ لكنه لاحق على مدى نتاجه الادبي القدرة المدمرة للايمان".
وتبقى "ارنب" (رابيت) اشهر روايات ابدايك المولود عام 1932. وقد اختارها قراء نيويورك تايمز اخيرا بين افضل الروايات الـ25 في السنوات الـ25 الاخيرة.


هدوء قاســــــم مطـــــرود .. هدوء الإبــــداع المسرحي

جاسم المطير

ما طالعت نصا لقاسم مطرود ولا شاهدت عملا من إخراجه حين كنت في بغداد، لكنني استطعت إلى ذلك سبيلا حين تعرفت عليه في المنفى الهولندي، وهو يحاكي واقع معاناة شعبنا في بعض نصوصه على المسرح الهولندي وفي بعض كتاباته الإبداعية والنقدية في صحف العراقيين في المنفى.
أهم الأشياء في إبداع هذا الشاب المسرحي انه مؤهل لمواجهة العالم المسرحي الشديد التعقيد في مرحلة وجوده بالمنفى حيث تغيرت عنده وعند العراقيين المنفيين معارف الحياة في بلد رأسمالي منفتح فأوجد، بسرعة وبنوع من الإبصار الثقافي، كاتدرائية مسرحية في لاهاي اسمها “موقع مسرحيون " على شبكة الإنترنت. يحضر الصلاة فيها كل أسبوع عدد كبير من المسرحيين العراقيين والعرب لا ليصلوا على جنازات مسرح ميت، بل ليشعلوا شموعا فيها غضب وإصرار القدرة على الكشف والخلق والابتكار و فيها حساب نقدي عسير لواقع المسرح العراقي أولا ولبعض وقائع المسرح العربي أيضا فصار موقعه " مسرحيون “منارة دعاية في أكثر الظروف حلكة وصعوبة تواجه المسرح العراقي، وليكون الموقع دعوة عامة لمواجهة التحديات المسرحية لمشاهدة العديد من المخلوقات المسرحية العربية تحاسب نفسها وتحاسب الآخر لكي تسهم في تطوير الكتاب المسرحي المسطر بكثير من المصاعب والأزمات بعوامل خفية في داخلها وشقية في علاقتها مع السلطات الحاكمة بمؤسساتها المختلفة في العراق وفي البلدان العربية كلها.
المسرحيون يهمسون في عادتهم ومنذ عقود عديدة بالرموز خوفا من الروح الشريرة في أعماق وزارات الثقافة والأعلام العربية، يغضبون بهدوء،وينفخون الصور بهدوء،ويهزون قبور الشهداء بهدوء،ويغنون ليمزقوا نياط قلوب السامعين والمشاهدين بهدوء.
هذه وغيرها من العلامات والرموز صارت في ضمير قاسم مطرود شكلا إبداعيا شديد الإلحاح في اغلب كتاباته المسرحية، مثلما هي رؤيته للعالم.
أول نص مسرحي قرأته له كان عنوانه “ للروح نوافذ أخرى “ فيها مواجهة رمزية لبيئة إنسانية صعبة معتمداً على فكر تأملي حساس كان يدين فيه الروح الخبيثة في قوى الظالمين ويؤنبها ويؤنب عاداتها واتجاهاتها ومواقفها.
وفي نصه الآخر "الجرافات لا تعرف الحزن" أدان ما تحمله أنظمة طاغية في أحشائها من أجنة الخطايا.
منهما،كبيرتان قام بهما قاسم مطرود في هذين النصين بكلام يقرب من الصور الشعبية فيها ربط بين السخرية والميلودراما يعلن فيهما مجيء الأمل للناس بعد أن تزمجر الريح في جانب من حياتهم حتى ولو كان ذلك عن طريق الحلم كما في مسرحية الجرافات أو عن طريق السحر كما في مسرحية النوافذ.
منهما، من السحر والحلم، ركب السيد فوزي سعيدي، طالب رسالة الماجستير، مكانس الجرافات وبعربة الروح التي لها نوافذ أخرى لينال الدبلوم العالي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة المولى إسماعيل بمكناس في المملكة المغربية.
كان اختيار الطالب النصوص التي كتبها قاسم مطرود موفقا إلى حد ما لكنه من ناحية أخرى وضع نفسه في طريق واسع وطويل لا يخلو من أشواك تخز ومن مكانس تخدش كانت تقوده إلى حركة فيها زحام الأفكار والانطباعات والتأثيرات عن هوية النظام الحاكم في العراق الذي انطفأ ضوؤه إلى الأبد في التاسع من نيسان 2003.. ففي الفصل الثاني من أطروحته أوقع الطالب فوزي سعيدي نفسه في النزق الذي وقع فيه الكثير من المثقفين العرب حين يستعينون بالعلق القومي والعلق العروبي خصوصا متصورين أن نظام حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة صدام حسين إنما هو حفل زفاف القومية العربية ليلة السابع عشر من تموز 1968 وقد كرس الطالب وقتا طويلا من بحثه عن (الرؤية الواقعية في المسرح العراقي الحديث / قاسم مطرود نموذجا) وفي الفصل الثاني من البحث تحديدا.
أوجد في مقدمة التحليل السياسي مشاهد خيالية عن النظام ألبعثي الذي حكم العراق 35 عاما، معتقدا كما في ص 25 من أطروحته إن ثقافة حزب البعث هي ثقافة رافضة للانغلاق والتقوقع معبرة عن موقفها هذا من خلال قدرة عالية على الحوار والتفاعل المستند إلى موقف نقدي واع مع التيارات الثقافية المعاصرة على تشعبها وتنوعها
كان الطالب فوزي سعيدي يحتفل مع نفسه حول استلهام أفكاره عن حكم البعث وعن فكر البعث وعن فنون البعث رغم انه كتب أطروحته بعد سقوط نظام حزب البعث في العراق.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة