الأريل..
المونديال.. البطاقة الذكية ..
مفردات
تطغى على لغة الهم اليومي
بغداد/ المدى
اهتمام العراقيين باحداث
المونديال كان مختلفاً ايضاً، مثلما هو مختلف الظرف الذي
يعيشونه.. وان كانت دورة هذا العام من المونديال قد فجرت
مشكلة حقوق بث ونقل المباريات في المنطقة العربية والشرق
الاوسط من خلال احتكار شبكة فضائية واحدة حقوق البث العربي
للبطولة، والذي ادى الى حرمان قطاعات واسعة من المشاهدين
من متابعة مجريات البطولة.. فان عبء هذه المشكلة كان اكبر
على المشاهد العراقي الذي واجه صعوبة ايجاد البديل عن
القنوات المشفرة من مثل نصب شاشات كبيرة في الساحات العامة
او اللجوء الى المقاهي التي توفر إشتراكاً مؤقتاً في هذه
القنوات، وهو البديل الذي اعتمدته دول مجاورة تواجه نفس
المشكلة.
قبل
يوم من بدء المونديال، كان حديث زملائنا في المدى يتمحور
حول انجع الوسائل للحصول على نقل مباشر للبطولة.. الجميع
كان منشغلاً بهذا الموضوع.. فكرة من هنا.. اقتراح من هناك،
خبر عن تبرع احدى الفضائيات بالنقل المجاني.. يصبح مجرد
اشاعة بعد قليل.. زملاؤنا في القسم الرياضي تحملوا عبء
الاسئلة الكثيرة باعتبارهم (اصحاب اختصاص) الموضوع اصبح
(هماً) في كل مكان وهو ما جعلنا نرصد ابعاده في البيت في
الشارع، في المقهى.
كان يمكن للجنة الاولمبية أو اتحاد الكرة ان يسهم في حل
هذه المشكلة من خلال شراء حق البث، هذا ما يقوله امجد سعدي
محمد (طالب جامعي) ويضيف: قناة "العراقية" مثلاً كان يمكن
ان تستفيد من نقل البث نحن نواجه مشكلة الحصول على النقل
المباشر، نحصل عليه احياناً في احدى الفضائيات الاجنبية،
ولكن بلغة لا نفهمها.
في اليوم الاول لبدء البطولة تسرب خبر عن نقل مباشر
للمباريات في عدد من القنوات الارضية. الخبر انتشر مثل
النار في الهشيم.. ولكن المشكلة هذه المرة ان الكثير من
البيوت لم تعد تستخدم الهوائي الارضي (الاريل) بعد ان
استعاضت عنه بصحن الاستقبال الفضائي.. انتعشت اذن محال بيع
هذا الجهاز. امتثالاً لمنطق السوق في العرض والطلب.. الحاج
محسن صاحب محل كهربائيات في بغداد الجديدة يرى ان الامر
طبيعي قائلاً: منذ انتشار البث الفضائي قبل ثلاث سنوات
تقريباً اصبح (الاريل) بضاعة كاسدة.. اضطررنا في كثير من
الاحيان لبيعه بنصف سعر كلفته... الامر تبدل الان
–يضيف-
فجأة اصبح الطلب عليه عالياً.. (يبتسم) شكراً للمونديال.
الامر لم يختلف بالنسبة للمقاهي داخل الاحياء السكنية التي
سارع اصحابها إلى اقتناء بطاقات اشتراك برغم كلفتها
العالية لاجتذاب زبائن كثر، وهي فرصة نادرة
–كما
يرى صاحب مقهى الشروق- الذي يقول انه بعد ان تبنى هذه
الفكرة، صار بامكانه العمل حتى ساعة متأخرة من الليل وهو
الذي كان يضطر الى اغلاق المقهى مبكراً، بسبب الظروف
الامنية الصعبة.. مصطفى عبد الجبار (موظف) واحد زبائن
المقهى يقول: بسبب الظروف الامنية لم ارتد المقهى منذ
زمن.. الان انا مضطر بسبب عشقي كرة القدم.. وان كنا لا
نستطيع متابعة المباراة الاخيرة التي غالباً ما تجري بعد
منتصف الليل!!
الاريل، التشفير، النقل المباشر.. مفردات تردد كثيراً
الان.. لم تستطع مفردات لغة التفخيخ والموت المجاني التي
يجيدها تجار الموت، ان تطغي عليها ذلك ان لغة الحياة التي
يجيدها العراقيون بامتياز هي السائدة برغم كل شيء.
|