بسبب
الوضع الامني ..
تغيير في الخارطة
التجارية لمدينة بغداد
بغداد/ محمد شريف ابو ميسم
ثمة
ظواهر اقتصادية عديدة أفرزها الواقع الامني المتردي، ومن
بين هذه الظواهر انحسار النشاط الاقتصادي والحركة التجارية
في المراكز والشوارع التجارية الرئيسية في مدينة بغداد،
مقابل ازدياد تلك الحركة وذلك النشاط في المناطق والحارات
السكنية، حتى تحولت مناطق سكنية لم يكن للتواجد التجاري اي
اثر فيها من قبل الى مناطق تجارية بامتياز جراء انتشار
المحال التي تقدم البضائع وتبيع الخدمات بانواعها..
واللافت للنظر في هذه الظاهرة هو سرعة التحول، فقد تغيب عن
محلة سكنية ما لفترة لا تتجاوز الشهر، ثم تعود اليها، لتجد
تراصاً وتزاحماً
كبيرين في المحال التجارية في أزقة وشوارع تلك المنطقة،
وتتنوع تلك المحال التجارية ما بين محال تقدم الخدمات
كخدمات التصليح والصيانة للاجهزة والمولدات الكهربائية
واجهزة الهاتف النقال، واخرى لبيع العدد الانشائية والمواد
الكهربائية والادوات المنزلية البلاستيكية ومطاعم تقدم
الاكلات السريعة ومحال لبيع الفاكهة والخضر والمواد
الغذائية المصنعة وصيدليات وحتى مجمعات طبية في داخل
المنازل.. انه تحول استثنائي في الخارطة التجارية لمدينة
بغداد أملته ظروف الواقع الامني المتردي، الذي منع اصحاب
الحرف والمهن من مزاولة اعمالهم في اماكن العمل الحقيقية،
التي عادة ما تكون مناطق متخصصة في تقديم خدمة معينة أو
بضائع محددة في اسواق وتجمعات بغداد التجارية المعروفة
بتخصصها منذ أزمان واوقات متفاوتة.. ابو صفاء صاحب محل
للعدد الانشائية في الباب الشرقي، قرر ان يكون مكان عمله
في منطقته السكنية في مدينة الحرية، متجنباً الخوض في
تفاصيل الازمات اليومية التي تتعرض لها منطقة عمله في
الباب الشرقي فيقول..لماذا يتعرض المرء للمخاطر وهو يعيش
حالة من التأهب خوفاً من ظهور شبح الموت في أية لحظة
ولماذا لا أعرض خدماتي وبضاعتي في منطقتي السكنية ما دام
ذلك سيجنبني ايضاً الخوض في تفاصيل ازمات البانزين وزحامات
بغداد ومشقة الذهاب والاياب؟ واضاف: هذا لا يعني انهزاماً،
لا اعلى العكس فهو تحد للمشاكل لان الحياة لابد لها ان
تستمر، ثم ان منطقتنا تفتقر لمحل لبيع العدد والمواد
الانشائية، والرزق كثير وعادة ما أغلق المحل في وقت متأخر
بعكس منطقة الباب الشرقي التي كنت اعمل بها ففي تلك
المنطقة تغلق المحال ابوابها قبل الساعة الرابعة عصراً، ثم
انني أوفر على الناس مشقة الوصول الى مناطق اخرى للحصول
على احتياجاتهم من هذه السلع وأوفر عليهم اجور النقل،
وبصراحة فانني لم أكن اتوقع ان يكون مستوى البيع بهذا
الشكل من النشاط، حيث ان حركة البناء والترميمات المستمرة
لا تتوقف والشارع كما ترى قد تحول الى شارع تجاري يغني
سكان المنطقة من الذهاب الى مناطق اخرى للحصول على السلع
والخدمات.. ان الكثير ممن اعرفهم في منطقة عملي السابقة
غادروا تلك المنطقة وفتحوا محالاً صغيرة قرب مساكنهم
والجميع يؤكد لي ان مناطقهم السكنية قد تحولت الى مناطق
تجارية لا تهدأ فيها الحركة.
|