من اجل
تحقيق النجاح في العراق علينا ان نتعامل مع بعض الاشخاص
المقيتين
- قد يكون من
الضروري التخلي عن خطاب الديمقراطية للشرق الاوسط من
اجل التوصل الى حل اقليمي.
بقلم
:بادي اشداون*
ترجمة: مروة وضاء
عن:
الغارديان
*بادي اشدون: كان الممثل الأعلى للإتحاد الأوربي في
البوسنة الهرسك من عام2002 حتى كانون الثاني الماضي .
يمر
العراق في مرحلة حرجة جدا. ونحن، حتى الان، لم نخسر
المعركة كليا لكننا بالتأكيد لا نربحها ايضا. ان هذا
الكلام يزعج اولئك الذين يجادلون ان استعمال القوة ضد صدام
كان امرا صائبا. تقدم لنا الانتخابات الاخيرة لحكومة
العراق الجديدة - العلمانية جزئيا والدينية جزئيا - الفرصة
العملية الاخيرة لقلب الامور ووضعها في مسارها الصحيح. لكن
مايقلقني هو ان لندن وواشنطن اليوم منغلقتان سياسيا بشكل
كبير على قرار الانسحاب لدرجة انهم ربما يكونون مبكرين فيه
جدا.
وهذا قد يعني فشلا اكيدا في العراق. فهو يعني التخلي عن
البلاد لتصبح مجالا فوضويا يوفر الملاذ والتسهيلات للارهاب
العالمي، وينشر الزعزعة في دول المنطقة الهشة الغنية
بالنفط، مما سيعني عرقلة اكبر لسوق النفط العالمي
المتذبذب. وهذا سيعني بالتأكيد انفصال الاكراد في الشمال،
وهو الشي الذي لاتستطيع تركيا تجاهله. وهذا سيعني فراغاً
في السلطة في قلب الشرق الاوسط الذي ستجر اليه ايران
وسوريا بالتأكيد.
مما سيعني تضرر الولايات المتحدة، ووضعها في مخاطر
الأنكفاء على نفسها والتراجع عن رغبتها في التدخل لوضع حل
لعدم الاستقرار. وهذا سيعني تيارات من اللاجئين تتوجه الى
اوربا، وتهديدات متزايدة من المغرب المتزعزع والى الشرق
منه. وفي الحقيقة فأن اوربا لديها الكثير لتخشاه من عواقب
الفشل في العراق اكثر من اي مكان اخر في الغرب. لذا فالفشل
- واسلوب - اضرب واهرب ليس خيارا، لكن هذا لا يعني
الاستمرار بالذي فعلناه لان ذلك يعتبر مخاطرة بالفشل عن
طريق اخر.
ان هذه هي مشكلة سياسية ولا يمكن حلها الا عن طريق الحل
السياسي، وليس عن طريق القوة او السلاح. واليوم لايمكننا
الفوز بالتحالف الحالي، لقد كان هنالك يوم كان فيه ذلك
ممكنا لكن الأوان قد فات الآن. ان وظيفة قوات التحالف في
توطيد الشراكة مع الجيش العراقي هي الانتظار ريثما يتوصل
السياسيون الى حل. ان ملخص القول هو انه لايمكن للمشكلة
العراقية ان تحل ضمن نطاق العراق وحده او بقوات التحالف
وحدها.
ان هنالك قواعد صارمة تخص الاستقرار وبناء الدولة بعد
الحرب. احدها هو ان تلك العمليات لديها فرصة كبيرة في
النجاح اذا ما شاركت الدول المجاورة بشكل بناء في العملية.
لقد بدأ نجاحنا في البوسنة فقط عندما تحولت كرواتيا ولاحقا
صربيا من اعداء الى مساعدين في العملية.
كما وبدأت الحكومة البريطانية تحقيق فرص النجاح في ايرلندا
الشمالية فقط عندما اعترفت ان دبلن تمتلك دورا قانونيا في
العملية. وكان هذا درساً - من بين العديد من الدروس التي
تم تجاهلها في العراق. لقد حاولنا فصل العراق عن جيرانه
ومن عدوى عدم الاستقرار في اجزاء المنطقة الاخرى لكن دون
جدوى. ولقد دفعنا الثمن.
ولاكون عادلا. انا اعتقد ان لندن قد فهمت ذلك منذ مدة.
لكن مهما حاولت الحكومة البريطانية تدويل هذا النزاع لم
تستطع ان تقنع المؤسسات العالمية او اياً من جيران العراق
او الدول الاوربية للمشاركة بشكل اكبر.
واحد الاسباب هو انه بينما ترغب لندن بالوصول الى النتائج
ما تزال واشنطن تبدو مترددة في الوسائل.
وانه لامر يثير الشفقة فعلا ان لايتمكن توني بلير من اقناع
جورج بوش بأن التسوية في فلسطين والنتائج الجيدة في العراق
هما امران مرتبطان ببعضهما بشكل كبير. واليوم تعيد اصوات
قوية في واشنطن النظر في هذه القضية، وامل انهم سيصغون
اخيرا. فترك العراق بكرامة قد يعتمد على ذلك.
واليوم لدينا ايران لكي نضيفها الى الخليط . وبينما من
الصحيح ان نضغط على طهران، لدينا مدة اطول مما يقترح البعض
–
ربما سنتان او ثلاث. فلا
يجب ان نضع انفسنا في موضع مغلق كما في العراق. فنحن نحتاج
لتجنب عزل الاصوات العلمانية البديلة في البلاد ولضمان
تفهم الامم الاخرى لموقفنا. ان عرض الولايات المتحدة
للمحادثة هو امر مرحب به وانه لامر مشجع ان نشاهد وزيرة
الخارجية الامريكية كونداليزا رايس تعمل لكسب دعم الصين
وروسيا. لكننا بحاجة الى ان نتذكر ان الدبلوماسية تعمل
افضل - ومع دول مثل ايران واناس مثل سلوبودان ميلوسوفتش
ربما تعمل فقط اذا ما كانت المقاطعة الحقيقية قائمة في حال
فشل المحادثات.
انا لا اعتقد ان ايا من جيران العراق ومن ضمنهم ايران
يرغبون برؤية ثقب اسود عند عتبة بابهم. فكلهم لديهم مصالح
في بقاء العراق موحدا. وذلك احد اهم اولوياتنا. فنحن سنقوم
بأبرام تعاملات مع اناس نجدهم مقيتين - لكن ليسوا اكثر
مقتا من ميلوسوفيتش و فرانكو توغدمان في البلقان.
كما وسيكون علينا القيام بتنازلات غير سارة. فلقد دخلت
الولايات المتحدة العراق معلنة رغبتها بإحلال الديمقراطية
في المنطقة. وقد لاقت دعم العالم الغربي على ذلك، لكن ليس
هنالك احد من جيران العراق يدعمها. فقد يتوجب علينا التخلي
عن خطاب الديمقراطية للشرق الاوسط لايجاد حل اقليمي
للعراق.فكلما كانت دائرة التحالف الدولية اكبر كانت فرص
النجاح اكبر. وهذا كان احد قواعد نجاح حفظ السلام الاخرى
التي نسيناها عندما انطلقنا في هجومنا على العراق. اذا ما
ارادت واشنطن الخروج من ذلك بكرامة وشرف فعليها ان تطلب من
الاخرين لعب دور في صناعة الحل الاقليمي والذي يمثل الان
السياق الافضل وربما الوحيد لاعادة السلام والاستقرار.
هنا يأتي دور اوربا سمساراً صادقاً، اذا ما تمكن الاتحاد
الاوربي ان يتجاوز مزاجه العبوس الحالي. فبعد كل شيء اوربا
اكثر من سيعاني في الغرب من انهيار العراق. لقد عزلت كل من
باريس وبرلين نفسيهما عن الحرب ولقد حان الوقت للعب دور
فعال، والعمل مع واشنطن والامم المتحدة على جدول الاعمال
الاقليمي هذا. ان خبرة الاتحاد الاوربي والامم المتحدة في
الاشراف على الانتخابات وبناء المؤسسات وتقوية دور القانون
وخلق الامن الاقليمي يمكن ان تساعد بشكل عملي.
ما تزال بعض مؤسسات التطوير كوكالات الامم المتحدة والبنك
الدولي توسع عملياتها ببطء شديد في العراق. وهذا اتجاه يجب
تشجيعه بقوة. نحن بحاجة لان نبدأ بمواجهة الحقائق المزعجة
لوضعنا الحالي في العراق، وبعض التسويات المزعجة التي
يتوجب عملها اذا ما اردنا قلب الفشل المتحقق الى فرصة
للوصول الى النجاح.
|