المدى الثقافي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

الاتجاهات الحديثة في التفسير مقاربة تاريخية
 

د.عبدالجبارالرفاعي

احتل القرآن الكريم مكانة متميزة في ترشيد مسار التفكير الاسلامي، وبناء مقومات الحضارة الاسلامية، وتوجيه التجربة التاريخية للأمة، بدرجة لا يرقى اليها أي كتاب سماوي أو أرضي آخر في حياة البشرية، فالكتب السماوية الماضية كانت عرضة للضياع والتحريف، وتراكم الشروح والتأويلات المضطربة المتناقضة، ولذلك عجزت عن اداء وظيفتها في هداية البشرية واخراجها من الظلمات الى النور، فلبثت مجتمعاتها في حالة سكون تكرر ذاتها قروناً عديدة، ولم تحقق تلك المجتمعات أية خطوة الى الأمام الا بعد ان تحررت من سلطة النصوص المحرفة ومفهوماتها التعطيلية بينما تجلى أثر النص القرآني بوضوح في إعادة تشكيل العقل، وارساء أُسس منهجية قويمة للتفكير الصحيح، فبعد نزول القرآن استفاق وعي العقل وأبصر العالم بمنظور بديل، تبدى فيه الانسان والكون في صورة مغايرة للصورة الملتبسة التي ظل العقل أسيراً لها احقاباً متمادية، واصبح هذا الوعي اطاراً لمنهج مختلف في معرفة العالم وصياغة الرؤى والمواقف المحددة أزاء مشكلاته وقضاياه، وعلى ضوء هذا الوعي انجز الانسان المسلم عناصر ومقومات حضارة عظمى، قدمت للبشرية عطاءً هائلاً في شتى الميادين، واعادت للعقل المهمة التي اناطها الله تعالى به.
فالانجاز الحضاري للبشرية المتمثل بهذه الثروة المتراكمة من العلوم والمعارف والفنون، انما هوثمرة لمعطيات سيادة التفكير العقلي، الذي هو أدق تعبير للمنهج الذي بشر به القرآن، هذا المنهج الذي تأسس على نفي الجهل والضلال وكل ما من شأنه تزييف الوعي وإبعاد الانسان عن الرشد والصواب.
وكانت حالات الازدهار والانحطاط في مسار الحضارة الاسلامية أجلى تعبير لمستوى تجسيد المنهج القرآني في التفكير، فحين تلقى الجيل الاول القرآن بصدق، وتوثقت وشائج ارتباطهم به، استطاع اولئك النفر القليل، الذين كانوا مشتتين في الجزيرة العربية، احراز مكاسب وانتصارات، لا يمكن ان تحققها أية أمة أخرى بنفس القدر من الامكانات المادية والعسكرية، فاكتسحوا الامبراطوريات الكبرى في العالم وقتئذ، وامسى العالم من تخوم اوروبا الى الصين في قبضتهم في سنوات معدودة. فيما فقدَ المسلمون بعد قرون مساحات شاسعة من ديارهم، واستحالوا الى ركام مبعثر، عُرف باسم (الرجل المريض)، لما هجروا منهج القرآن في تفكيرهم، وابتعدوا عنه في سلوكهم. وتلك سنة جارية، فانه متى ما نهلت الأمة من معين القرآن وجسدته في افكارها وحياتها، فانها تستلهم روح الهداية، وتختزن فعالية حضارية متدفقة، بينما تتلاشى امكانات نهوضها، ويتبلد وعيها وتنضب فعاليتها، عندما تهجر القرآن.
آفاق التفسير
لم يستأثر كتاب من الكتب السماوية باهتمام اتباعه مثلما استأثر القرآن الكريم، فقد كان القرآن ولما يزل هو المنهل الذي استقت منه المعارف الاسلامية بأسرها، حتى ان العلوم الاسلامية بمختلف حقولها، فضلاً عن الدراسات الخاصة بالقرآن، تلتقي بمجموعها في العودة الى النص القرآني والاستناد اليه في بيان مفهوماتها، أو الاستدلال عليها، أو تبريرها وشرعنتها من خلال تقويل هذا النص وتأويله.
ولهذا كانت الكتابات في حقول التفسير وعلوم القرآن والدراسات القرآنية من أغزر الحقول التي تعاطاها المؤلفون والدارسون على مر العصور(1)، فربما لا نجد احداً لم يسهم بذلك في الاقل ولو برسالة صغيرة، مهما كان اهتمامه وتخصصه، بل سعى الكثير من الباحثين القدماء الى اكتشاف أو خلق وشائج عضوية بين مختلف المعارف والقرآن الكريم، وهذا ما نلاحظه بجلاء في التفسير خاصة، فان المتكلم حاول ان يحوِّل النص القرآني الى نص كلامي ويسقط عليه قوالب التفكير الكلامي، وهكذا فعل الفيلسوف، والفقيه، والمحدِّث، والبلاغي، والصوفي والعارف، وغيرهم، فأضحى التفسير ميداناً واسعاً تتمظهر فيه تيارات الفكر الاسلامي في مختلف العصور، وصار النص القرآني يتشكل في وعي الباحثين في صور مختلفة، ويتلون فهمه بألوان متنوعة، تبعاً لتنوع البيئة والمحيط الخاص للمفسر، ونمط ثقافته واهتماماته، وذوقه الشخصي. فقاد ذلك الى تنامي ركام هائل من التأويلات والانطباعات الذهنية، والثقافات السائدة في مختلف الأزمان، في مدونات التفسير، بنحو باتت فيه هذه المدونات مرآة للعصر الذي أُلفت فيه، تحكي همومه وتطلعاته، وآماله، وتصوراته، وتصوّر قضاياه ومسائله بمختلف أبعادها. وربما اغرق البعض مدلولات الآيات بمفاهيم لا تتصل بأهداف القرآن وتتنافى مع وظيفته، فاستحالت آياته الى ملتقى للعلوم الغريبة، (حتى آل الأمر الى تفسير الآيات بحساب الجمل ورد الكلمات الى الزبر والبينات والحروف النورانية والظلمانية وغير ذلك)(2) حسب تعبير العلامة محمد حسين الطباطبائي، وهام البعض وغاص بباء البسملة وصاد الصراط(3)، حسب قول السيد جمال الدين الحسيني المعروف بالافغاني.
القرآن يفسره الزمان
يتفق المصلحون من علماء الامة في العصر الحديث على ان ايقاظ الامة واستنهاضها لن يتحقق من دون العودة الى القرآن الكريم والتمسك به، ويشدد هؤلاء العلماء على ضرورة وعي القرآن وعياً جديداً، يتحرر من ترسبات التأويلات المتنوعة التي حجبت النص القرآني، وحالت بينه وبين انارة وجدان المسلم.
وقد وجد هؤلاء المصلحون ان دعوتهم لاعادة النظر في تفسير القرآن، والعمل على صياغة تفسير حديث يبررها ـ مضافاً الى ما تقدم، من اصطباغ التفسير وتلونه بالأفق الذهني للمفسر - ان الأُطر التقليدية للتفسير لا تتسع لتحولات العصر ومستجداته واستفهاماته، والقرآن كتاب لا يختص بزمان دون زمان، ولا يُعنى بمشكلات قوم دون سواهم، (لأن الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان، ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض الى يوم القيامة)(4) كما قال الامام الرضا عليه السلام.
كما ان المكاسب التي جناها العلم الحديث في اكتشاف عالم الطبيعة، والتعرف بصورة ادق على سنن النفس والمجتمع، وتطور البحث في مجال علم اللغة والدلالة، ستساهم في التعرف على مداليل آيات القرآن بصورة أجلى وأدق، لأن القرآن الكريم يهدف الى البناء الأمثل للاجتماع البشري، ولذلك يعالج في مساحة واسعة منه سنن هذا الاجتماع، فيلتقي القرآن مع العلم في بلوغ النموذج السليم للاجتماع البشري(5) مضافاً الى ان معطيات العلم يمكن توظيف بعضها، خاصة العلوم الانسانية، في استكناه شيء من مداليل النص القرآني.
وبتعبير آخر ان بموازاة كتاب الوحي القرآني هناك كتاب ثانٍ هو كتاب الطبيعة الذي يتضمن ظواهر الوجود الكوني كافة (فالقرآن العظيم والكون البديع كلاهما يدل على الآخر ويرشد اليه، ويقود الى قواعده وسننه، فالقرآن يقود الى الكون، والكون ايضاً يقود الى القرآن)(6)، وهذا يعني وجود تناغم واتساق بين نواميس الطبيعة وسنن الاجتماع البشري من جهة ومعطيات القرآن الكريم ومدلولاته من جهة اخرى، وان الابعاد الغائبة والمداليل الخفية في كتاب الوحي ستتجلى بالتدريج تبعاً لما يتجلى في كتاب الكون وما يزخر به من ظواهر، ولعل في الحديث المنقول عن ابن عباس (ان القرآن يفسره الزمان)(7) ما يشي بهذه الحقيقة.
غير ان ذلك لا يتحقق وفق عملية دمج تبسيطية، مثلما تفتعل ذلك بعض الكتابات التي تبالغ في توظيف معطيات العلم وفرضياته، وتسعى لقراءة النص القرآني قراءة عاجلة، تسرف في الافتراض والشطط، وانما يتوقف ذلك على اكتشاف (العلاقة المنهجية بين الناظم المنهجي لآيات القرآن من ناحية، وبين السنن والقوانين المبثوثة في الوجود من ناحية ثانية،مع الناظم المنهجي الذي يربط بينهما)(8).


كتاب المدى الشهري: دراســــــات في التاريــــــــخ
 

تاليف: هوبزبوم
ترجمة :عبد الاله النعيمي

مراجعة: باسم عبد الحميد حمودي

لكل نوع من انواع المعارف (تاريخ)، وهو تاريخ خاص بها يرتبط بمجرى تاريخ الاحداث العام، فللموسيقى في بلد ماتاريخ وكذلك للالعاب الرياضية، وتاريخ العلوم والعلماء جزء من التاريخ الثقافي والحضاري العام للبلد بوصفه جزءاً من نموذج يتطور باستمرار، اضافة الى (تواريخ) الازياء والعمارة والاحزاب السياسية والافكار والعادات والصحافة والسينما والمقاهي والتصوير والخط وتواريخ التظاهرات الشعبية والانتفاضات الجماهيرية والتاريخ البلداني وتاريخ الاسماء وتطورها.. الخ.
اننا هنا نقدم خلطة واسعة للتاريخ لا تقف عند الجزء السياسي المباشر منه بل يتسع ليشمل كل جوانب المعارف والاسس الحضارية والديموغرافية والكرونولوجية والفولكلورية، ذلك ان التاريخ بعامة ليس تاريخاً سياسياً فقط بل تاريخ اجتماعي وعلمي وشعبي في مداه الاوسع.
ذلك كله لم يقله الكتاب الجديد الذي قدمته مؤسسة (المدى) هدية للقارئ مع عدد يوم الاربعاء الماضي والذي كتبه على شكل محاضرات متعددة البروفسور هوبز بوم وترجمه الدكتور عبد الاله النعيمي، وصدر بعنوان (دراسات في التاريخ) لكن اج جي هوبزبوم استخدم في بحوثه الستة التاريخ الاجتماعي كامثلة منتقاة داخل البحوث حيث عرض لبعض تواريخ المعتقدات والتصرفات الشعبية هنا وهناك متوقفاً في الفصل السادس (من التاريخ الاجتماعي الى تاريخ المجتمع) لدراسة بعض الظواهر لكنه حصر التاريخ الاجتماعي مسبقاً بمعان ثلاثة (متداخلة احياناً) وهي اولاً: تاريخ الطبقات الفقيرة او الدنيا او تاريخ حياة الفقراء انطلاقاً منه الى تاريخ الافكار والمنظمات العمالية والاشتراكية وثانياً اعتبار مصطلح (التاريخ الاجتماعي) للاشارة الى اعمال حول طائفة متنوعة من النشاطات الانسانية التي يصعب تصنيفها الا بكلمات مثل تسلكات، عادات، حياة يومية مدينا
على ما يرى- دراسات المانية اتسمت بالسطحية في دراسة الثقافة او تاريخ العادات والتقاليد مع الاهتمام بنظرة المؤرخ الانكليزي فيلبان بدراسة التاريخ الاجتماعي الانكليزي بوصفه تاريخاً مع ابقاء السياسة خارجه، ويقينا فان مقدمة هذا الموضوع لا تقف عند التاريخ الاجتماعي خارج العمل السياسي، فالمشكلات السياسية وتطورها تعد مشكلات اجتماعية بالاساس لانها تحرك كتلاً اجتماعية- شعبية تتجاذب لتصل الى غاية وعلى المؤرخ المعني متابعتها وتحليلها.
المعنى الثالث من معاني التاريخ الاجتماعي والذي يجده (بوم) الاكثر شيوعاً والمعنى الانسب كانت فيه صفة "الاجتماعي" تستخدم بالتراكب مع التاريخ الاقتصادي، وهو يشير الى انه قبل عام 1939 لم تكن هناك دراسات تاريخية اقتصادية واجتماعية الا بنسبة قليلة ويجد في ذلك "رغبة في مقاربة التاريخ مقاربة تختلف منهجياً عن المقاربة الرائكية الكلاسيكية" فما يهم المؤرخين
هنا- هو تطور الاقتصاد ثم يحلل بعد ذلك الاسباب المعتادة في طغيان الاقتصادي على الاجتماعي ويتابع جهد المؤرخين المتعددين في ذلك، وصولاً الى قول المؤرخ الفرنسي المعاصر فوستيل دي كولان بان "التاريخ هو ليس تراكم احداث من كل صنف وقعت في الماضي، انه علم المجتمعات البشرية وهو تعريف شامل يضيء صورة لما يمكن ان يشمله علم التاريخ رغم ان (بوم) يتحفظ- وهو على حق- على دراسات عن الشعر البروفانسي باعتباره تاريخاً اقتصادياً ودراسة تاريخ التضخم باعتبارها تاريخاً فكرياً فلكل نوع من (التاريخ) حدوده ومنطلقاته وهو اذ يفتتح منطلقه الفكري (لننتقل من الماضي الى الحاضر) ليطبق ما حصره داخل الاجتماعي- الاقتصادي يجد ان اتجاهات دارسي حقول الانثروبولوجيا والسيوسولوجيا والعلم السياسي والادب والاديان ليسوا اقتصاديين، والظاهر انه حدد درب التاريخ الاجتماعي بالبنية الاقتصادية دون ان يرفض باقي التواريخ لكنه يقف عند الدراسات الانثروبولوجية والسيوسولوجية الاجتماعية لشتراوس واضرابه موقف المتسائل فيما يمكن ان تبنيه تاريخياً رغم اعتباره ماركس احد اباء ومؤسسي الفكر السوسيولوجي الحديث.
ويطرح بوم- بعد كثير من المناقشات- فكرته او سؤاله الجوهري (كيف نكتب تاريخ المجتمع؟) وهو سؤال يمثل خلاصة الفصل ويجيب عنه بثلاث خلاصات نختصرها بما يلي:
1-ان تاريخ المجتمع تاريخ له زمن كرونولوجي حقيقي وللتاريخ الحدسي او الافتراضي (؟) موقع في فرعنا وان تكن قيمته الرئيسة مساعدتنا على تقييم امكانات الحاضر والمستقبل بدلاً من الماضي.
2-ان تاريخ المجتمع- من بين اشياء اخرى- تاريخ وحدات محددة من البشر وهو تاريخ مجتمعات لكنه يطرح اسئلة كثيرة حول طبيعة المجتمعات المتعددة المتباعدة جغرافياً في فترات تاريخية بسبب تفاوت طبيعة هذه المنظومات الاجتماعية وتعقّد انواعها واختلافها ويجد في اختيار معيار محدد لدراسة المجتمع دراسة تعتمد الاثنية او السياسية او التاثيرات الخارجية دراسة ليست وافية دائماً.
3-يقتضي تاريخ المجتمعات ان نطبق ترتيباً تقريبياً لاولويات البحث وفرضية عملية حول ما يشكل الحلقة المركزية او عقدة الصلات في موضوعنا، ثم يضع (بوم) مقترحاً يرسم خطوات العمل وصولاً الى تحفظه القائل (ان نراقب ما نفعله وان نعممه وان نصححه في ضوء المشكلات الناجمة عن الممارسة اللاحقة) وهو رأي اكاديمي منهجي يتسم بالمرونة وعدم الاصرار على توصلات نهائية في الدراسات المجتمعية.
ان هذا الفصل الحيوي من كتاب (بوم) لا يقف عند هذه الحدود بل يتعداها ليطرح مشكلات بحثية مهمة حول دراسة الديموغرافيا والقرابة، والدراسات المدينية ودراسة الطبقات والفئات الاجتماعية وتاريخ (الذهنيات) او الوعي الجماعي او تاريخ (الثقافة) وتاريخ تحول المجتمعات وتاريخ الحركات الاجتماعية وهو يناقش كل هذه المنطلقات التاريخية بروح من العلمية المفرطة وصولاً الى قوله المتحفظ (ان تاريخ المجتمع ما زال قيد البناء) وهو قول فيه الكثير من الصواب لانطلاق الدراسات الجديدة فيه انطلاقات غير محددة الحواف لكن دراسة التاريخ الاجتماعي ستظل دائماً دراسة ذات مغزى.
وبعد فان فصول الكتاب السابقة عالجت الكثير من الموضوعات التي لا تستطيع هذه المداخلة الاحاطة بها وهي (خارج التاريخ داخل التاريخ
معنى الماضي- ما الذي يمكن ان يقوله التاريخ لنا عن المجتمع المعاصر التطلع الى امام- هل تقدم التاريخ) وهي فصول تصب في الاطار العام للتاريخ السياسي والفكري ومنهجيات البحث في علم التاريخ، والمؤرخ الباحث الدكتور هوبز بوم هو استاذ التاريخ في جامعة لندن وفد والده من وارسو وامه نمساوية قدم محاضراته الشيقة في العديد من جامعات باريس والمانيا واوروبا الوسطى، وهو احد محرري الطبعة الانكليزية لاعمال ماركس- انكلز ومؤلف كتاب (عصر التطرفات) وباحث في المجلة التاريخية (الماضي والحاضر) ومجلة (اكاديمية الفنون والعلوم الامريكية).


الجواهري فارس حلبة الأدب
 

المؤلف: محمد جواد الغبان

كانُ مقرَّراً لهذا الكتاب أَنْ يضمَّ بين دفتيه قصيدةً مطوَّلة واحدة، جاشت بها القريحة في موضوع واحد هو تأبين شاعر العرب الأكبر الأستاذ محمد مهدي الجواهري (1901-1997م) الذي تبوَّأ زعامة الشعر العربي في العصر الحديث على امتداد أغلب سنوات القرن العشرين، والذي وافته المنية في (دمشق) في اليوم السابع والعشرين من شهر تموز عام (1997م)، فقامت بنعيه وسائلها الإعلامية المختلفة من إذاعة، وتلفاز وصحف، ومجلات، وتلاقفت ذلك النبأ الخطير والحادث الجَلَل وسائل إعلام العالم العربي، بل وسائل إعلام الدنيا بأسرها، لأن الأستاذ الجواهري لم يكن شاعراً عراقياً أو عربياً فحسب، بل هو يحتل مقاماً شامخاً بين كبار شعراء العالم. وهُنا في العراق، وطن الجواهري، ومسقط رأسه، ومرتع صباه، وميدان شبابه- الذي ناغاه الجواهري بشعره، وغَنَّاه آماله وآلامه ثلاثة أرباع القرن - كان الأمر هنا في العراق عجيباً وغريباً ومدهشاً، بل ومذهلاً، فإنَّ وسائل إعلامه جميعها تجاهلت ذلك الأمر العظيم، فلم تشارك الدنيا بإذاعة نبأ وفاة (شاعر العراق) بل (شاعر العرب) ولم تبثَّ مراسيم تشييعه التي قامت ببثها كل إذاعات العالم المرئية والمسموعة، وتمادى حكام بغداد، بل وأسرفوا في التمادي حين لم يحضر أحد منهم (مجلس الفاتحة) الذي أقامته أسرة الجواهري في بغداد اعتباراً من يوم الأربعاء (30/7/1997) طيلة أيامه الثلاثة، ولا أدري هل توهَّموا أنهم بذلك سينتقصون من قدر الجواهري، ويحجبون أضواء مجده الساطعة..؟ كلا.. وألف كلا فالجواهري في القمة، وهم في سفوحها يتخبطون وفي أوهامهم يعمهون. وغصَّ مجلس فاتحة الجواهري بمحبيه والمعجبين بشعره - وهُمُ كُثْرُ- من علماء وأدباء ورجال فكر وقلم وسياسة من أبناء الشعب العراقي الأصيل، ولفتت نظري شخصياً في مجلس عزائه ظاهرة تستجلب الأنتباه وهي أنَّ كثيراً من الحاضرين في مجلس العزاء كانوا يجلسون فيه من بدايته الى نهايته، وكأنَّ كلاً منهم كان هو المُعزَّى بالجواهري. ولم يتسنَ لقريحتي أن تقول الشعر اللائق في رثاء الجواهري خلال أيام مجلس الفاتحة، ولا في الأيام التي تلتها، فقد عصاني الشعر الذي يتناسب مع مقام الجواهري وعبقرية شاعريته. وكنتُ كلما يواتيني البيت أو البيتان في رثائه أعيدُ قراءتها متأملاً فيها، فأجدها ـ حتى لو كانت جيدة بحساب قواعد الشعر ومقاييسه ـ دون منـزلة الجواهري، لأنها لا توازي عظمته وهو يتربع على قمة أمجاده الشعرية. وهكذا كان الأمر، والأيام تمرُّ، وكلما يأتيني (مطلع) جديد للقصيدة المنتظرة أراه دون مستوى الطموح، فأُعرض عنه، وأتهيأ لاستقبال الجديد الذي يليق بمستوى الجواهري. ثم مرَّت الأيام، وأوشكت ذكرى الجواهري الأربعينية أن تَحِلَّ، وذات ليلة ما زلتُ أتذكرها جيداً، وهي ليلة الثاني من شهر أيلول (1997م) وفي ساعة متأخرة من تلك الليلة، وأنا بين النوم واليقظة، بدأتُ أحَسُّ إحساساً عميقاً بان القريحة على وشك أن تسعفني بما يُرضيني، ويُرضي الجواهري الشاعر، ويُرضي عشَّاقه والمعجبين به.


رسالة العمارة الثقافية
 

ميسان/ المدى

1- لاشيء لظهيرتي/مجموعة شعرية
صدرت في مدينة العمارة المجموعة الشعرية الاولى للشاعر حيدر الحجاج وحملت عنوان (لاشيىء لظهيرتي) وهي بـ(55) صفحة من القطع المتوسط واحتوت على (13) قصيدة هي: مسلة الوجع،عاليا ايها الاب، على هامش الندم،حافات، قبضة من أسى، عن همسك واشياء اخرى، غالبا ما توجته الرياح، اغتراب، مرثية قبل الاوانناكياس الذكريالت المحدودبة،متواريا عن عشبتي،انتظار،لاشيىء لظهيرتي وقدم للمجموعة الشاعر محمد عزيز وقال عنها: يعمد( حيدر الحجاج) في اكثر من مناسبة في مجموعته هذه الى طرح المزيد من الاسئلة وظلاميتها واختلاط فكرة بناء النصوص بالحياة المشوشة والمصدومة في ذاتها ولذاتها.وحيدر الحجاج شاعر شاب سبق له ان فاز بجائزة ميسان الشعرية التي تنظمها محافظة ميسان.


2-اتحاد الادباء يعرض فلم (سريانا)
اول فيلم منذ سبع سنوات!
قام نادي السينما التابع لاتحاد ادباء ميسان بالتعاون مع مركز الامام الصادق بعرض فلم (سريانا) الحائز على جائزة الاوسكار لعام 2006 وقبل العرض القى الناقد السينمائي صلاح النوري ورقة تحدث فيها عن المزج ما بين الوثائقي والروائي في هذا الفلم وتركيزه على المشاهد القصيرة والمتجاورة في سير الاحداث وتطرق الناقد الى افكار الفلم وعلاقتها بالراهن في منطقة الشرق الاوسط وكيفية سعي منتجي هذا الفلم لتسليط الضوء على خفايا القوى التي تدير الكثير من المتغيرات في عالمنا العربي واكد الناقد بان المخرج استيفن كاكان الذي وضع سيناريو هذا الفلم اعتمد في كتابة هذا السيناريو على كتاب (لاترى الشيطان).
واوضح بان المخرج سبق له ان فاز كافضل كاتب سيناريو عن فلم(ترافك).
وفاز الممثل جورج كلوني الذي ادى دورا متميزا في هذا الفلم كافضل ممثل مساعد.علما بان مدينة العمارة لم تشهد عرض فلم سينمائي منذ اكثر من سبع سنوات وعرض الفلم على قاعة صغيرة على سطح سينما العراق اكبر دار سينما مهجورة في العمارة وحضر العرض اكثر من 500 مشاهد من شتى التخصصات.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة