باستطاعة بوش أن يأتي بالأمل
إلى الشرق الأوسط
بقلم:
جيوفري اورنسن*
ترجمة: فؤاد عبد الجبار
عن: الأندبندنت
* الكاتب مدير
مؤسسة الشرق
الأوسط للسلام
يمكن
ان يعاب على الرئيس الأمريكي جورج بوش من نواحٍ كثيرة ولكن
ليس منها افتقاره الى الخيال . فليس من باب السخرية
والتهكم ان تكون مشاعر السيد بوش المتلهف في التفكير بما
هو ضخم وكبير والذي يمكن ان يوظف لما هو اكبر ويمكنه تحقيق
أهداف اكبر من الحماقات التي تجري في العراق . ان
المتطلبات الضرورية لبناء نظام امني للمنطقة بدأت تأخذ
مواضعها. و ربما ليس في نية السيد بوش تبني مثل هذا
الاتجاه ولكن لا يتوجب عليه ان يتجاهل فرصة خلق نموذج
تاريخي كبير يبشر بالسلام والازدهار لهذا الإقليم المضطرب
. ان وضع اطار عمل لعلاقات مستقرة في الشرق الاوسط يتطلب
وجود دولة قوية قادرة على اجراء اتفاقيات والحفاظ عليها
والتي قد لا تتفق مع الفكر السائد في المنطقة. ولتحقيق ذلك
يحتاج ايضا الى قوة عظمى مثل الولايات المتحدة التي لديها
من الشجاعة ما يكفي لخلق اسس جديدة لعلاقات مع شعوب و
حكومات هذه المنطقة. إن إيران هي احد اقطاب هذا النظام،
فهي اليوم اقوى وأكثر أهمية من أي وقت مضى ومنذ الثورة
الإسلامية قبل ثلاثة عقود، و قد جاءت هذه القوة نتيجة
لسياسات الولايات المتحدة خلال الخمس عشرة سنة الاخيرة .
تملك ايران حدوداً مشتركة مع دول عديدة وهذا مؤشر له
دلالاته التي تتضح في اهتماماتها الامنية والذي يجب إن
يواجه ليس لتلبية حاجة ايران اليه فقط، ولكن لإيجاد أسس
دائمة للاستقرار في المنطقة أيضا. إن إدارة بوش قد لاتميل
الى النظام الايراني ولكنها بالتأكيد تعرف الطريق الصحيح
اذا ما واجهته. إن قرار الولايات المتحدة بالتقرب الى
ايران يشير الى انها تتهيأ الى إرساء قواعد متعددة لاختيار
افضل اسلوب في اشراك دول المنطقة لتحقيق امنها وبطريقة
جادة . وما يشجع الولايات المتحدة على اتخاذ هذه الخطوة
ليس فقط في رغبتها في اقرار السلام و لكن و لحد ما تدفعها
القوة الايرانية المتنامية. واذا ما اريد للحوار مع ايران
ان يكون مثمرا فان ذلك لن يكون سهلا. و لكن حوارا وتقاربا
مثل هذا قد يضع اسساً تاريخية للتخلي عن عدم الاستقرار
الذي اصاب المنطقة لعدة عقود. وحتى يتم ذلك فان اهتمام دول
قوية في المنطقة –
و اعني اسرائيل
–
يجب ان يشرك في المعادلة
, اذ ان اسرائيل مثل ايران لديها اهتمامات امنية لاتحصى
تمخض عن هذه الاهتمامات حيازتها واحدة من اكبر الترسانات
القوية في العالم . هذه الترسانة التي تمتاز بحشد من
الاسلحة النووية واشيع عن قدرتها على الرد على الضربة
الاولى اثبتت عدم كفاءتها امام اكبر تحديين واجهتهما
اسرائيل خلال العقد الماضي او ما يقاربه و هما الثورة
الفلسطينية والصواريخ التي اطلقها العراق خلال حرب الخليج
الاولى وهو ما اوقف اعتماد اسرائيل على المظلة الامنية
الامريكية .
ان اجراء حوار امني جاد بين الولايات المتحدة وايران يرتكز
على تطلعات ايران النووية يجب ان يضع في الاعتبار متطلبات
امن ايران. و يشمل ذلك الاسلحة النووية الاسرائيلية
والمبدأ الذي تبنته اسرائيل بكون ايران اكبر خطر يهددها في
المنطقة. و اذا ما اصبحت ايران شريكا وليس العكس في هذه
الجهود الرامية لبناء نظام امني للمنطقة فستكون اسرائيل
بحاجة الى ان تنضم اليه . ان اسلوباً قيادياً صحيحاً من
قبل الولايات المتحدة قادراً على خلق دولة فلسطينية وفق
حدود حزيران 1967 سيساعد على انهاء التباعد بين ايران
واسرائيل.
بدأت اسرائيل ونتيجة للإنتفاضة باجراءات لاعادة الانتشار
في الاراضي المحتلة. ان تقليل اسرائيل من اهتمامها بجبهتها
الشرقية وطمأنتها على هذا الاقلال سيعقبه بالتأكيد ما ينهي
احتلال اسرائيل للاراضي المحتلة.. ان اي تسوية تتعلق
بالامن الايراني وخلق دولة فلسطينية سيساعد كثيرا الدول
الضعيفة في المنطقة. اما إعمار العراق فلن يكون سهلا، ولكن
احتمالات النجاح ستتعزز لو ان جيرانه ساهموا فيه وتخلوا عن
فكرة ان لهم مصلحة في إفشاله.
اما لبنان وباقي الفرقاء المعنيين فيه، فقد بدأوا
بالاهتمام في تبني خيارات عملية لغلق ملف مزارع شبعا
المتنازع عليها. لقد قام السيد بوش بخطوة مأساوية عند
تبنيه وبشكل واضح غزو العراق. ولكنه لو تفاوض مع ايران
الان وبثقة عالية ففي استطاعته ان يقوم بخطوة مختلفة تمكنه
التعويض عن تراثه الحالي وتخليص الملايين من سكان المنطقة
من معاناتهم الطويلة .
|