هـــــل
يمكن ترويض حمـــــــاس؟
بقلم:
ميخائيل هيرتسوك*
ترجمة: فاروق السعد
عن
فورن افيرز
يقول
المتفائلون بان دخول حماس في العملية السياسية الفلسطينية
سيدفع بالمنظمة الى الاعتدال في مجال اهدافها الراديكالية
وتكتيكاتها الارهابية. و لكن التاريخ يبين بان المشاركة
السياسية تؤدي الى تغيير المليشيات ولكن فقط ضمن شروط
محددة جدا- و لايوجد تقريبا اي منها في السلطة الفلسطينية
هذه الايام.
لقد حدث الكثير في العقد الفاصل بين الانتخابات البرلمانية
الاولى للسلطة الفلسطينية ، عام 1996 ، و الثانية، هذا
العام. ان عملية السلام في اوسلو قد ترنحت الى الامام و من
ثم انهارت؛ والانتفاضة الفلسطينية الثانية هبت ثم انحسرت؛
اقامت اسرائيل الجدار الفاصل على امتداد جزء من الضفة
الغربية و انسحبت من غزة؛ و غاب عن المشهد، ياسر عرافات ،
مؤسس و نموذج الشخصية الفلسطينية. و في نفس الوقت، واصلت
حماس- اكبر منظمة اسلامية فلسطينية- مسيرتها في الحلبة
السياسية. وبعد ان قاطعت الانتخابات الاولى، شنت حملة
انتخابية قوية في الثانية، و بعد فوزها المدوي في كانون
الثاني، نراها تقف الان متأهبة للعب دور مهم في الحكومة
الفلسطينية. ان اشتراك حماس في العملية السياسية قد يصدم
العديد باعتباره يمثل سخرية عميقة. فبعد كل شيء، تمتلك
المنظمة جيشا خاصا، و تتبع العنف وسيلة سياسية، وتنسق
باستمرار شن هجمات ارهابية، وهي تكرس نفسها لتدمير اسرائيل
واقامة دولة اسلامية لادارة اسرائيل والسلطة الفلسطينية. و
يبدو أن منح حماس وضعا سياسيا شرعيا والتوصل الى حق امتياز
سلطة الدولة يمثل عملية بحث عن المشاكل. يقول عدد من
المراقبين المتفائلين، على اية حال، بان هذا القلق مبالغ
فيه. لان اعباء المسؤوليات التي تاتي مع الديمقراطية
السياسية، كما يزعمون، هو ما سيروض حماس على وجه الدقة.
فبالنتيجة ، كما كتبت مارينا اوتوواي من معهد كارنيجي
للسلام الصيف الماضي،" هنالك دليل كبير على ان المشاركة في
عملية انتخابية تجبر اي حزب بغض النظر عن الايدولوجيا، على
تليين موقفه اذا اراد ان يجذب الناخبين باعداد كبيرة".
فحال وقوعها في نمط سياسي اعتيادي، كما يقول هؤلاء
المراقبون، سيتوجب على حماس اجابة المزيد من مختلف الدوائر
الانتخابية و اما ان تقوم بتقديم نتائج عملية او تجازف في
مجابهة التهميش بسبب فشلها في القيام بذلك. لذلك فان حماس
ستجبر بقوة على وضع سيفها في غمده و ان تحسن التصرف. و
بدلا من القلق من دور حماس الجديد، كما يواصل المتفائلون،
ينبغي على الاطراف الاخرى في الحقيقة ان ترحب به باعتباره
العامل المساعد المرشح الافضل لتحريك تركيز المنظمة من
الرفض الراديكالي الى العملية السياسية. ان المنطق الذي
يقف خلف هذا التطور النظري يستند الى اسس صلبة، و هنالك في
الواقع نماذج من الممثلين السياسيين غير الديمقراطيين
الذين يقومون بالرحلة صوب الاحترام من خلال المشاركة في
روتين العملية الديمقراطية. تتمثل المشكلة في ان القليل من
تلك الامثلة تمتلك ارضية مشتركة واسعة مع حماس- وان تلك
التي لها قواسم مشتركة ليست مشجعة تماما. فبالرغم من كل
التوكيدات المطمئنة من ان كل شيء سيكون على ما يرام، تشير
التحليلات المقارنة الى ان الشكوك في محلها فيما ان كانت
الظروف ناضجة بالنسبة الى حماس لان تتغير بمشاركتها
السياسية او بانها ستستخدم وببساطة مشاركتها السياسية عربة
اخرى لمواصلة جوهر اهدافها المقلقة. ان ما تتضمنه مشاركة
حماس قد بدأ بالفعل، بكلمات اخلاى، التجربة المهمة- التي
ستكون لنتائجها تأثير كبير على مستقبل فلسطين، اسرائيل، و
الشرق الاوسط بصورة عامة.
* ميخائيل هيرتسوك: عميد في قوات الدفاع الاسرائيلية وزميل
زائر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الاوسط. كان في السابق
يشغل منصب كبير مساعدي وزير الدفاع الاسرائيلي و رئيس جهاز
التخطيط الاستراتيجي للقوات المسلحة. |