الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

حب العراقيين للزعيم أعظم راتبا تقاضيناه، لم يكن راضياً عن مقتل الملك وزاره في المستشفى

 

بيت عبد الكريم قاسم

في هذه المساحة التي تشغلها هذه العمارة التي تظهر في الصورة، كان يقع البيت الذي يسكنه الزعيم عبد الكريم قاسم، وبعد الفوضى التي حدثت في 8 من شباط في العام 1963، تم إزالة هذا البيت، رغم عائديته للدولة، لاعتقادهم انه سوف تنساه الناس، ولكن حدث العكس اندثرت فوضى شباط، وبقيت ذكرى ثورة 14 تموز وعبد الكريم قاسم، معطرة بحب العراقيين.

في حوار مثير مع السيد عبد الله حامد عبد الكريم ابن شقيق عبد الكريم قال:

 البعثيون بعد 8 شباط أحرقوا بيتنا.

نطالب بإقامة تمثال له في أي مكان من العراق

 اجرى الحوار: عبد اللطيف الراشد

تصوير: سمير هادي

عندما زرت السيد عبد الله حامد عبد الكريم في منزله تذكرت الزعيم عبد الكريم حينما مد يده إلى جيب قميصه واستل منها قطعة نقود، وقال لنا بحنان: أبويه أريد منكم ان تكون ثيابكم أنيقة!

لذلك عندما دخلت في هذا البيت كانت صورة الزعيم على ما كانت عليه أيام الثورة عندما كنا نضعها ذكرى في بيوتنا أثاث بسيطة وصورة صغيرة مؤطرة لوالدة عبد الله تتوسطها صورته مع زوجته وشعار ثورة 14 تموز الخالدة.

لم يكن مني إلا مبادرته بالسؤال الآتي:

* اين كنت صبيحة 14 تموز؟!

ـ كان في يوم 14 تموز عمري عشر سنوات لاني من مواليد 1948 ولم يكن لنا علم بالثورة، لان عبد الكريم ـ عمي ـ كان رجلاً كتوماً لا يذيع اسراره العسكرية، في صبيحة يوم 14 تموز استيقظ والدي مبكراً للصلاة بعد ان انتهى منها وتناول الفطور فتح المذياع لسماع قراءة القرآن فتفاجأ والدي في اذاعة البيان الأول للثورة. ودخلنا في حالة انتظار عمي الذي كان يسكن معنا قبل الثورة في منطقة كرادة مريم ولكنه انتقل قبيل الثورة واثر ان يقيم بمفرده في منزل في منطقة العلوية  (ايجار من الأموال المجمدة) بعد وفاة جدي قاسم وجدتي كيفية عام 1956.

* ومتى زاركم الزعيم عبد الكريم قاسم بعد يوم 14 تموز؟

ـ بعد قيام الثورة بيومين زارنا عمي عبد الكريم وبمعيته فاضل المهداوي ووصفي طاهر وعبد السلام عارف وجلس معهم والدي حامد وشقيقي عدنان مواليد 1933 وكنت اصغي لاحاديثهم التي تمحورت حول نجاح الثورة وكيفية تنفيذها واسقاط النظام وطموحاتهم ان يحققوا للشعب العراقي بما يضمن لهم الحياة المرفهة والمساواة والعدالة بين الناس وإقامة جمهورية وحكومة وطنية تخدم الشعب.

ويضيف عبد الله قائلاً:

ـ والدي حامد من مواليد 1906 وعبد الكريم قاسم من مواليد 1914 وكانت حياتنا بعد الثورة حياة طبيعية لا تختلف عن حياة أية عائلة عراقية.. ولم يعيّن عبد الكريم قاسم أي واحد من أفراد عائلتنا في أي منصب واعتبرت خدمة الشعب العراقي هي من الأوليات التي يجب ان ينهض بها وليس افراد عائلته الصغيرة.

 

 

* وهل كان الزعيم يتردد عليكم باستمرار؟

ـ كان يزورنا يومياً تقريباً لينام ساعة القيلولة. ولم يأت معه سوى السائق والمرافق قاسم الجنابي. وفي بعض الاحيان آمر الانضباط العسكري وسرعان ما يغادر المنزل. ويبعث إلينا السائق بسيارة عسكرية تحمل (سفر طاس) من ثلاث طبقات نعد له فيها طعام الغداء وهي الأكلات الشعبية العراقية ـ طبقة للتمن، وأخرى للمرق، والثالثة للخضراوات، وهو لا يميل كثيراً إلى أكل اللحوم. وغالباً ما يذهب أخي طالب إلى وزارة الدفاع ليجلب له الطعام.

* وبعد قيام انقلاب 8 شباط الأسود هل رأيت الزعيم؟

ـ لم أرَ الزعيم. آخر مرة رأيته فيها كان قبل الانقلاب بخمسة أيام تقريباً. ان هذا الانقلاب ادى إلى اعتقال والدي الحاج حامد قاسم من قبل الحرس القومي وودع في سجن رقم (1) وكذلك شقيقي عدنان وشقيقي طالب بدون سبب كونهم من عائلة الزعيم.

* وماذا فعلتم انت وعائلتك بعد الانقلاب؟

ـ غادرنا انا وشقيقاتي المنزل الواقع في الكرادة بعد ان استولى عليه الحرس القومي ونهبوا كل محتوياته وحطموا الزجاج كله وحتى الانارة.

* واين ذهبتم؟

ـ ذهبنا إلى بيت احد اقاربنا. وعند عودتنا بعد فترة طويلة وجدنا منزلنا فارغاً ولم نعلم شيئاً عن مصير والدي وشقيقي. وبعد فترة شهرين جاء من يخبرنا ان والدي وأشقائي هم في سجن رقم (1) وكان اتصالنا ومواجهتنا لهم امر غاية في التعقيد والصعوبة. بعد ذلك أطلق سراح شقيقي عدنان من سجن رقم (1) ونقلوا والداي إلى الموقف العام في الباب المعظم وأطلق سراح شقيقي طالب بعد ستة أشهر وبقي والدي قيد الحجز لمدة ثلاث سنوات بعد احالته إلى ما يسمى بالمحاكم العرفية وعدم اثبات شيء ضده بحضور 20 شاهداً.

* ما الذي تحتفظون به من مقتنيات أو أشياء تخص الزعيم؟

ـ بصراحة عندما داهم الحرس القومي منزلنا في الكرادة احرقوا كل شيء ولكننا حملنا معنا بعض ملابسه التي تعود إلى أيام الكلية العسكرية. الخوذة التي لبسها في حرب فلسطين، والعلم الذي كان يرفعه على السيارة واقصد علم العراق. ولدينا (بطانيته) التي كان يتغطى بها عندما كان تلميذاً في الكلية العسكرية، وكذلك القطعة الموجودة على باب منزله ومكتوب فيها اسمه هذا كل ما لدينا من مقتنيات تخص الزعيم1

* ما هي ذكرياتك عن سلوك الزعيم وتعامله مع العائلة؟!

ـ كان قبل قيام الثورة يولينا الاهتمام حول القيافة والهندام لأنه كان رجلاً انيقاً وينزعج من الخربطة ويوبخنا عندما يرانا نمشي حفاةً وأتذكر كان يقول لي: يا عبد الله إذا أردت ان تعيش بين الناس بدون مشاكل وتريدهم يميلون لك فكن صادقاً ونزيهاً، ولا تكذب وكن وفياً لأصدقائك ولا تتعالى عليهم. لا فرق بين إنسان وآخر إلا بالأخلاق.

* نعود قليلاً إلى ما بعد ثورة 14 تموز هل كان الزعيم قد أصدر امر بقتل الملك والعائلة المالكة؟

ـ عرفت من خلال حديثه مع الضباط الاحرار انه لم يكن موافقاً على مقتل الملك. وقد ذهب الزعيم إلى المجيدية التي يسمونها اليوم مدينة الطب، لزيارة الملك وهو في الرمق الأخيرة وقد كان غاضباً من تلك الفعلة ويشعر بالألم ويستغفر الله. وقد دفن الملك فيصل مع عائلته في المقبرة الملكية مع عائلته.

* من اعدم من أقاربكم على يد الزمرة البعثية؟!

ـ كان ابن شقيقة الزعيم طارق محمد صالح وكان لاعب كرة قدم يلعب في منتخب العراق. وهو ملازم طيار عسكري أعدم يوم 8 شباط من قبل زمرة الحرس القومي في النادي الأولمبي بالاعظمية وكذلك المرحوم عبد الجبار المهداوي شقيق فاضل عباس المهداوي، وقد تعرض لعملية تعذيب في قصر النهاية من قبل البعثيين ثم اعدم على يد البعثيين.

* وهل اقمتم مجلس عزاء على روح الزعيم ما قبل الاحداث وبعدها؟

ـ ما قبل الاحداث كنا نقيمه بشكل سري داخل العائلة سنوياً ولكن بعد سقوط النظام اقمنا مجلس الفاتحة على روحه في 9 شباط الماضي في حسينية عبد الرسول علي في الكرادة الشرقية حضرها كثير من الشخصيات ومن بينها نصير الجادرجي عضو مجلس الحكم والاستاذ هديب محمد الذي كان وزيراً في زمن الزعيم والصحفي يونس الطائي وحضرت شخصيات وضباط واعداد كبيرة من المواطنين.

* وبماذا تطالبون الحكومة العراقية الجديدة؟

ـ نطالب الحكومة العراقية الجديدة بإقامة نصب تذكاري ولا نريد ان يكون بديلاً لمكان احد القتلة البعثيين نريدهُ ان يكون في قلب العاصمة بغداد كما نطالب بان يطلق اسمه على أية مدينة عراقية لأنه رمز من الرموز الوطنية المعروفين لدى كل العراقيين.

* هل تطالبون بتعويض؟

ـ لا نطالب بأي تعويض فقد خصص مجلس الحكم راتباً قدره ألف دولار شهرياً. ولم نذهب لاستلامه لان عبد الكريم قاسم علمنا الزهد وافضل راتب له هو حب العراقيين لقد كانت كل موارد العراق تحت يديه ولم تغره أية موارد نفعية.

كما نطالب الحكومة باسترجاع الدار الواقعة في كرادة مريم التي اغتصبها البعثيون، وإقامة ضريح له.

وكل ما نأمله من الحكومة الجديدة ان تكرس كل جهودها لخدمة الشعب من اجل السعادة والرفاهية بعد ظلم دام لأكثر من ثلاثة عقود. التفاصيل

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة