د. حسين سرمك حسن
كنت اقول باستمرار ولا زلت مصراً على ما أقول وهو حقيقة قد
تبدو معروفة ولكنها مغيبة أقول : نحن لا نطفو على بحيرة من
الذهب الاسود كما يحاول البعض اقناعنا كي يشل ارادة الابداع
فينا. نحن نطفو على بحيرة من (ذهب العقول المبدعة) وفي شتى
المجالات حتى بدون النفط وهو لم يكن موجوداً ايام الازدهار
السومرية والكلدانية والاشورية والعباسية كانت هناك عقول
عراقية تحيل التراب ذهباً، هذه هي السيمياء العراقية، وفي كل
يوم تتعزز هذه الحقيقة في بلاد مصيبتها ان شعارها المفضل هو
(مطربة الحي لا تطرب) رغم ان مطربتنا تطرب حينا بل الاحياء
القريبة والبعيدة.
من يعلم منكم ان الفنان العظيم (جعفر السعدي) صاحب لازمة
(عجيب امور.. غريب قضية) قد فاز بجائزة افضل ممثل في العالم
قبل سنوات في مهرجان (براغ) لا أحد يعلم .. او القلة القليلة
من اصدقائه ولم يحتف بهذا الفوز الاسر احد رغم انه شرف وطني
ورغم ان انصاف المبدعين في بلدان اخرى تقام لهم الكرنفالات
لمجرد انجاز او جائزة بسطية.
حين ذكرت لازمة (عجيب امور. غريب قضية) والتي اكتسحت الشارع
العراقي بعد عرض المسلسل العراقي الرائع (النسر عيون
المدينة) لمؤلفة العراقي المبدع (عادل كاظم) ومخرجة (ابراهيم
عبد الجليل) فلأني ارى وهو رأي علمي يدعم بأدلة تجارب، أن
الفن يستطيع تغيير حتى المحتويات الدلالية الاتفاقية في لغات
الشعوب وسلوكياته اليومية، عندما يغيب صديق عنك وتلتقيه
بلهفة تقول له (سلامتك من الاه) على طريقة (كاظم الساهر).
مرحى (جعفر السعيدي) وهنيئاً لشعبك بك وبأصالتك وابداعك
الباذخ وتاريخك المشرف الناصع وانت تستعرضه عن (اللاجارة) في
فضائية (الشرقية) في برنامج استدر منا الدموع ومزق منا
القلوب على الذهب المهمل تحت التراب، هذا اللقاء درس في
العصامية والصمود والايمان برسالة:- (أمثل لكي لاأموت)...
وانني اذا أهنئ عن (الشرقية) ببرنامجها الرائع (كنوز) فانني
اعتقد ان هذا البرنامج سيستمر لاكثر من ربع قرن او اكثر لان
كنوز العراق قادرة على اغراق مكتبات وبرامج بطوفان عقولها.
اخر شهادة اقولها بحق هذا المبدع العظيم واسجلها للتاريخ هو
اللقاء الخطير الذي اجري مع (جعفر السعدي) في برنامج (الضيف
الاخر) الذي كان يبث من تلفزيون (الشباب) سابقاً، سأله معد
البرنامج عن حال المسرح العراقي فأجابه بوضوح قاطع ان وضع
المسرح في العراق يدعو الى الرثاء والبكاء. فسألة المقدم:
لماذا لا تتصدى لتصحيح مسيرته.
قال (جعفر السعدي:- يبسطوني.
|