مدينة السدة من السفرات والسياحة
الى الخراب والعزلة
اقامة الدكتاتور المخلوع تسكنه الان عوائل فقيرة!
ناحية السدة.. احدى النواحي الثلاث التابعة
الى قضاء المسيب في محافظة بابل.. وتقع الى الغرب منه بمسافة
8 كيلومترات.. وقد سميت بهذا الاسم نسبة الى السد الاروائي
الكبير الذي اقيم على نهر الفرات العظيم لتنظيم المياه بين
شطي الحلة والهندية عام 1889- 1890م في عهد الوالي العثماني
سري باشا وقيل في زمن آصف الدولة محمد شاه الهندي الذي عرف
السد باسمه كما ورد في بعض المصادر التاريخية..
ومنذ ذلك الحين اكتسبت الناحية اهمية سياحية
كبيرة حيث تحولت المنطقة المطلة على ضفاف نهر الفرات الى
مرفق سياحي يقصده السياح من كل حدب وصوب للمتعة والتفسّح
واقيمت عليها الحدائق والمتنزهات والمطاعم السياحية التي
كانت تقدم اشهى الاكلات الشعبية للسياح وبشكل خاص منها السمك
المسكوف.
كما اشتهرت ناحية السدة ببستان الحمضيات
والفاكهة المتنوعة لخصوبة اراضيها ووفرة مياهها اضافة الى
تربية الابقار والجاموس حتى ضربت
الامثال بإنتاجها من القيمر (قيمر السدة) اضافة إلى كونها
مدينة صناعية لوجود بعض المنشآت الصناعية المهمة فيها
كالشركة العامة للحرير الصناعي ومعمل سمنت السدة وغيرها..
المدى قامت بزيارة ميدانية إلى هذه المدينة
وعند وصولنا إلى مركز الناحية اصابنا الذهول لما شاهدناه من
آثار التخلف والاهمال الذي لحق بها، حيث بدت شوارعها
ومبانيها خربة.. وسوقها التراثي الجميل يحيطه الظلام.. أما
مرافقها السياحية التي طالما كنا نرتادها في سفراتنا
المدرسية في مرحلة الستينيات فقد تحولت هي الاخرى إلى اراض
مهجورة واشجارها حولها العطش إلى جذوع يابسة تشمخ على ضفاف
نهر الفرات..!.
*صورة مؤلمة..
حملنا هذه الصورة المؤلمة واتجهنا نحو مقر
مديرية الناحية والتقينا السيد ضابط الشرطة كاظم عجمي محمد
السعيدي وكيل مدير الناحية الذي استعرض في بادئ الامر
الاجراءات المتخذة لحفظ الامن والاستقرار في هذه المدينة
الوادعة وقال: إن اجهزة الشرطة قامت بالتنسيق مع المجلس
البلدي ورجال الدين ووجهاء المدينة بعد سقوط النظام المباد
باعداد خطة للحفاظ على دوائر الدولة وممتكاتها وتأمين
الحماية للمواطنين واقامة سيطرات ثابتة على مداخل الطرق
المؤدية إلى الناحية ودوريات آلية وراجلة مما ساعدنا على
تحقيق نسبة كبيرة من طموحنا لتعزيز الامن الذي هو هاجس كل
العراقيين.
واضاف بان ناحية السدة كما هو شأن اقضية
ونواحي المحافظة الاخرى تعرضت إلى الاهمال والنسيان في عهد
النظام السابق حيث لم يتم تنفيذ اية مشاريع خدمية خلال
السنوات السابقة، مما جعلها تنوء تحت ثقل كبير من التخلف..
كما تعرضت مرافقها السياحية إلى الشلل التام وبشكل خاص بعد
انشاء القصر الرئاسي على ضفاف نهر الفرات، وتحويل مجرى نهر
الهندية عن مساره القديم ليمر بالقرب من القصر وانشاء سياج
امني محكم يحيط بالمرافق السياحية لمنع دخول السياح الامر
الذي انعكس سلباً على الحركة التجارية والسياحية والخدمية
لهذه المدينة..
الحاجة إلى الاعمار
واشار السيد وكيل مدير الناحية إلى أن ناحية
السدة بحاجة إلى حملة لاعمار واستعادة معالمها السياحية
والخدمية. ونحن جادون في التنسيق مع بعض المنظمات الانسانية
والجهات المختصة في محافظة بابل لشمولها بخدمات الاعمار. وقد
تم قبل ايام قليلة ترميم بعض المدارس والمركز الصحي من قبل
منظمات انسانية عاملة في العراق.
زرنا بعد ذلك مقر المجلس البلدي والتقينا
رئيسه السيد حيدر محسن علي الذي قال إن المجلس البلدي في
ناحية السدة يعد اول مجلس تم انتخابه على صعيد المحافظة. وقد
بذل اعضاء المجلس جهوداً حثيثة طيلة الفترة الماضية لتأمين
احتياجات المواطنين ومتابعة تنفيذ بعض المشاريع الخدمية
وتقديم مقترحات تفصيلية إلى الجهات ذات العلاقة تتضمن
المشاريع التي من شأنها تطوير الناحية.
كأعمال تبليط الشوارع الداخلية وخدمات الصرف
الصحي وإنشاء مدارس جديدة لفك الاختناقات في المدارس القائمة
وإعادة اعمار وتأهيل المرافق السياحية وتطوير مشاريع الماء
والكهرباء وغيرها..
جولة في المدينة
تجولنا برفقة احد اعضاء المجلس البلدي في
انحاء المدينة السياحية وكانت محطتنا منارة سدة الهندية التي
تقع على ضفاف نهر الفرات ويبلغ ارتفاعها بحدود 15 متراً،
وكتبت عليها لوحة منقوشة بالحجر تشير إلى أن المنارة تمثل
موضع الحجر الاساس لاول سد اروائي انشئ لتنظيم مياه الري بين
فروع نهر الفرات عند الهندية سنة 1308هـ في عهد السلطان عبد
الحميد بن السلطان عبد المجيد خان ولا تزال بعض آثار هذا
السد قائمة حتى الآن.
عودة للتاريخ
يذكر بعض المؤرخين ومنهم الدكتور أحمد سوسة في
كتابه حياتي في نصف قرن والدكتور صباح الخطيب في كتابه مدينة
الحلة الكبرى ومحمود مرجان في مؤلفه الحلة اصالة وتراث، إن
ما يقارب 16 الف م3 من عتيق الاجر المستخرج من خرائب مدينة
بابل الاثارية استعمل في انشاء هذا السد الذي تعرض بعد فترة
إلى الانهيار مما سبب جفاف شط الحلة وقام على اثر ذلك اهالي
مدينة الحلة وفي مقدمتهم العلامة السيد محمد القزويني
بمطالبة الوالي العثماني في بغداد لاحياء الشط ببيت من الشعر
جاء فيه قل لوالي الامر قدمات الفرات.. وغدت عنه اهاليه شتات
افترضى أن يموتوا عطشاً وبكفيك جرى ماء
الحياة
مصير القصر!
وبعد فترة استجاب الوالي العثماني لمطالب
اهالي الحلة والديوانية وتم انشاء سدة محكمة من الكونكريت
المسلح استغرق العمل فيها نحو سنتين وتسعة اشهر وانجزت عام
1913 وتقع إلى الغرب من السدة القديمة ويبلغ طولها 250 متراً
وعرضها 4 أمتار، وتحتوي على 36 بابآكان يتدفق منها الماء على
هيئة شلالات.. إلا أنها اهملت بعد انشاء السدة الجديدة في
عهد النظام السابق وتم تغيير مجرى نهر الهندية ليمر بجوار
القصر الرئاسي الذي شيده صدام حسين على ضفاف النهرب.. وتعرض
هذا القصر بعد سقوط النظام إلى اعمال السلب والنهب والتخريب
وتسكنه حالياً بعض العوائل الفقيرة التي لم تجد لها مأوى إلا
قصر الرئاسة..
هذه دعوة لهيئة السياحة إلى الاهتمام باعادة
تأهيل واعمار هذا المرفق الحيوي الذي يعد احد الموارد
الاقتصادية والترفيهية المهمة في محافظة بابل
|