فروق التوقيت .. كيف يمكن التغلب
عليها ؟
ان متاعب
فروق التوقيت أثناء السفر بالطائرات ما هي إلا اختلال في
وظائف أعضاء الجسم ناجم عن ردود أفعاله تجاه التغير المفاجئ
في التوقيت المحلي ، فهو هاجس القرن العشرين الذي تفشى نتيجة
كثرة السفر بالطائرات بين البلدان.
في معرض
تناولنا لكيفية انتشار هذه الظاهرة تجدر الإشارة إلى أن لكل
جسم آدمي آلية طبيعية ذاتية تتحكم في إحساسه بالجوع وحاجته
للنوم وغيرها من الوظائف العضوية الأخرى تطلق هذه الآلية
الذاتية إشارات عصبية منتظمة على مدار الـ 24 ساعة من دورة
النشاط البيئي، خاصة أثناء النهار، وعندما نسافر عبر البلدان
متفاوتة التوقيت تصدر هذه الإشارات العصبية في أوقات تختلف
عما اعتاد عليه الجسم، لذا فقد يحتاج الجسم عادة إلى ما لا
يقل عن يوم كامل لكي يعيد تنظيم آليته بما يتفق مع الأوضاع
الجديدة لكل منطقة حسب توقيتها، وإلى أن يتاح للجسم فرصة
إعادة تهيئة ذاته لمتغيرات الوقت الجديدة، فأنت تمر بحالة
اضطراب عام وربما تعاني من الأرق ورغبة ملحة للنوم في أوقات
غير مناسبة و خمول عام وإرهاق مستمر لعدة أيام بعد رحلة
السفر مع صعوبة التركيز وبطء ردود الأفعال وكذلك اضطراب
المعدة والأمعاء و سرعة الانفعال.
أضف إلى ذلك
أن بعض أعراض متاعب فروق التوقيت قد تتفاقم بفعل الاضطرابات
الوظيفية لأعضاء الجسم التي تحدث عند السفر بالجو، على سبيل
المثال انخفاض الضغط الجوي داخل الطائرات الحديثة يؤدي إلى
نقص الأوكسجين اللازم للتنفس عن القدر الذي اعتاد معظم الناس
على استنشاقه، فيصابون بالإعياء، وتزداد الحالة تدهوراً
بالنسبة للمدخنين والمصابين بأمراض القلب أو الرئتين.
ويعتبر
الجفاف أحد المتاعب الأخرى التي قد يسببها السفر جواً نظراً
لاستنشاق الهواء الجاف غير المتجدد الذي يمر في دورة مغلقة
داخل كابينة الطائرة، فعندما تصاب بالجفاف يتماسك قوام الدم
فيصعب مروره في الأوعية الدموية إلى جميع أجزاء الجسم على
غير المعتاد، كما أن جفاف الدم يؤدي بدوره إلى جفاف أنسجة
الفم والحلق والأنف، فتزداد قابلية الإصابة بالميكروبات
المعدية المنقولة في الهواء. كما قد تتسبب قلة الحركة داخل
الطائرة في ظهور مشكلة أخرى، هي شكوى بعض المسافرين من تورم
القدمين والكاحلين.
يتوقف مدى
المعاناة من متاعب فروق التوقيت على عدة عوامل، فكلما اجتزت
المزيد من المناطق متفاوتة التوقيت، ازدادت حدة المتاعب
والاضطرابات؛ لأنه من الأسهل للجسم أن يؤخر موعد النوم بدلاً
من أن يقدمه، لذلك نجد أن السفر شرقاً عادة ما يكون أكثر
صعوبة من السفر جهة الغرب بالنسبة لقدرة الجسم على التكيف
الزمني، أما السفر شمالاً أو جنوباً إلى مناطق تقع ضمن
الحدود الزمنية ذاتها فلا يتسبب في أية متاعب تذكر، ومع ذلك
واعتماداً على مدى طول الرحلة المقطوعة، فقد تتعرض لبعض
المضاعفات المرضية المترتبة على الطيران لمدة طويلة مثل تورم
القدمين والجفاف والإعياء، وتزداد قابلية الجسم للإصابة
بالاضطرابات الناجمة عن فروق التوقيت، بصفة عامة مع تقدم
العمر، أما الرضع وصغار الأطفال فنادراً ما يتأثرون بهذه
المتاعب.
يتعرض معظم
المسافرين لمسافات طويلة أكثر من غيرهم من المسافرين بمتاعب
فروق التوقيت ويمكن تقليل الاثار السلبية بممارسة التمارين
الرياضية قبل السفر لأنها تنشط دورة الأوكسجين في الدم مما
يساعد على تقليل متاعب السفر وربما منع العديد من أعراضها ،
كما يجب شرب كمية وافرة من الماء قبل الرحلة وأثنائها ( ما
يعادل ثمانية أكواب يومياً على الأقل ) ، مع تجنب تناول
الكافين لأنه يساعد على الجفاف ويسبب الأرق . يمكن أيضا رفع
القدمين أثناء الرحلة كلما كان ذلك ممكناً لتجنب تورم القدم
أو الكاحل.
إن اجتناب متاعب فروق التوقيت مرهون أيضاً بمدى تحمل طبيعة
تلك المتاعب، فكلما تجاهلنا حقيقة أخطارها تمكنت منا وألحقت
أشد الضرر أما إذا تعاملنا معها بوعي وإيجابية فسوف نتغلب
على أعراضها ومضاعفاتها مع تمنياتنا للجميعً بأسفار سعيدة.
|