الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

 المجتمع العراقي وخطر المخدرات الداهم

39 % من المستطلعين افادوا بأن العراق مقبل على كارثة

مجموع حالات التعاطي المضبوطة بلغ 341 حالة

الشرطة في ميسان والبصرة ضبطت 450 كغم من الحشيشة

علي كاظم الشمري

جامعة واسط

يعد ادمان المخدرات وتعاطيها من أشد المشكلات النفسية والاجتماعية خطورة,وأعظمها اثراً في صحة الانسان النفسية والبدنية على حد سواء,حتى استأهل أن يصنف بوصفه واحداً من الأمراض النفسية،ضمن أدلة تشخيص الاضطرابات النفسية والعقلية العالمية.وتشير الاحصائيات الصادرة عن البرنامج العالمي لمكافحة المخدرات التابع للامم المتحدة (UNDCP),الى أن هناك (200) مليون شخص يستخدمون المخدرات في العالم اليوم،يمكن عدّ (70%) منهم مدمنين,أي بما يعادل (3%) من مجموع سكان العالم تقريباً.وتقع أكثر من ثلث تلك النسبة في الولايات المتحدة الأمريكية ودول امريكا اللاتينية.

وتؤكد الهيئات الدولية أن ادمان المخدرات أضحى السبب في مشكلات لاحصر لها،على شتى الصعد الصحية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والسياسية.فأمراض مثل نزف الدماغ والجلطات الدموية وألتهابات القلب والامعاء والمعدة والكبد،والاصابة بمرض الايدز من جراء تعاطي الحقن الملوثة,تعد جميعاً نتائج مباشرة لتعاطي المخدرات،فضلاً عما تتسبب فيه من حوادث مختلفة يذهب ضحيتها الآلاف سنوياً,حتى باتت تلك الظاهرة تحقق معدلات في الوفيات أكثر من أي ظاهرة أخرى.ومن جانب اقتصادي،يتكبد العالم سنوياً خسائر تفوق حدود التصور،اذ اتضح أن هناك ما يقارب (4) ملياراً دولار تهدر سنوياً على تعاطي وزراعة وتصنيع تلك المواد,وأضعاف هذا المبلغ هو مجموع ما يلحق من أضرار بالممتلكات والمنشأت من جرائه.ومن جانب اجتماعي,فأن تلك الظاهره تعد سبباً في ضياع عوائل,وتشريد صبية صغار,واشاعة أشكال من العنف العائلي والاجتماعي,وانهيار مجتمعات.أما من الجانب القانوني،فقد أضحت المخدرات أساساً في اشاعة الجريمة بأنواعها،كالسرقة,والقتل العمد,والمتاجرة بالجنس,والمقامرة. ومن جانب سياسي,فأن تلك الظاهرة أصبحت مسؤولة عن تهديد أمن وسيادة حدود الكثير من البلدان,واثارة البلبلة والفتن والحروب بين المجتمعات,والصرف على حملات الانتخاب,وتوريط شخصيات سياسية رفيعة,وبالتالي التحكم في القرار السياسي بما يخدم المصالح الأنانية الضيقة لتجار المخدرات على حساب الحقوق المشروعة للشعوب.

ولعل الخطورة الكامنة في ظاهرة تعاطي المخدرات متأتية مما تتصف به من خصائص،يمكن اجمالها بما يأتي :

1. خاصيتها الكيميائية : التي تجعلها ذات فاعلية عالية في احداث الادمان بفترة وجيزة,مع ظهور علامات الدمار البدني والنفسي على الفرد المتعاطي بشكل سريع.

2. خاصية ضعف اثرها التخديري بمرور الوقت : مما يتطلب زيادة الكمية,وهو ما يؤدي الى زيادة النفقات على كاهل الفرد المدمن،وبالتالي زيادة حجم ونوع المشكلات المتعلقة بذلك.ان هذه المواد تتفاعل مع أجهزة جسم الفرد بحيث تجعله أسيراً لها,وبما لايسعه الخلاص منها بسهولة.

وقد اقترحت الدراسات في هذا الاطار جملة عوامل،يشار الى أثرها في نشاة وتطور تلك الظاهرة،منها : عوامل بايوعصبية,وعوامل شخصية,وعوامل انفعالية سلوكية.الا أن الأهمية الاستثنائية ضمن شبكة العوامل هذه،تعطى الى العوامل النفسية والاجتماعية,التي يمكن اجمالها بالآتي :

1- الحرمان الاجتماعي المتمثل بالتحصيل الدراسي المتدني،والبطالة،والفقر،وأزمات السكن.

2- جو عائلي يسوده العنف وتكثر فيه المشكلات الزوجية والعائلية.

3- حالات التوتر والانزعاج المترتبة على الضغوط الموقفية والضغوط الناجمة عن العلاقات المتوترة مع الآخرين.

4- محاكاة النماذج المتعاطية للمخدرات،والموجودة في المحيط العائلي والاجتماعي،وفي وسائل الاعلام.

5- وجود أعراض نفسية متمثلة بالاكتئاب أو القلق أو الخوف المرضي،و ما شابه ذلك .

وتشير المعطيات الموثقة في مجتمعات كثيرة،الى انتشار تعاطي المخدرات بشكل خاص بين الأفراد بأعمار المراهقة والشباب المبكر في الغالب،نظراً الى ما تتصف به هذه المراحل العمرية من مظاهر نفسية وسلوكية غير مستقرة،مثل تقلب المزاج,وضعف الاتزان الانفعالي,والحساسية العالية تجاه المواقف الضاغطة,ومحاكاة الكبار,والرغبة في الاستعراضية,والميل للتمرد والتحدي,والرغبة في الحصول على الاثارة والمتعة,والتأثر بالاقران.هذه المظاهر تعد نتيجة لما يسود الشخص في تلك المرحلة من عمليات النمو الجسدي  والنفسي يكون معها اقل نضجاً واكثر اندفاعاً,مما يؤدي به الى اتخاذ بعض السلوكيات الخارقة للانظمة الاجتماعية،قد يكون سلوك تعاطي المخدرات والعقاقير أحدها.

وليس العالم العربي بمنأى عن هذه الظاهرة،اذ أصبح  يحتل جزءاً مهماًً ضمن منحنى انتشارها.وتفيد التقارير الصادرة عن المكتب العربي لشؤون المخدرات عن شيوعها في بلدان مصر ولبنان وتونس ودول الخليج بشكل بارز مؤخراً,وكذلك اليمن الذي يأخذ منزلة خاصة بسبب انتشار  تعاطي مخدر القات في مجتمعه,حتى أصبح يعد من سلوكيات الحياة اليومية هناك.ويقدر ما يخسره هذا البلد سنوياً بـ(3500) مليون ساعة عمل,يهدرها أبناؤه في مضغ القات.

وفي العراق،الذي كان يصنف ضمن البلدان شبه النظيفة من المخدرات,نظراً لوقوعه في أسفل سلم انتشار هذه الظاهرة في العالم,اذ كان نمط الادمان فيه يكاد ينحصر بالعقاقير المخصصة لمعالجة الاضطرابات النفسية والعقلية،أمثال: (الفاليوم),و(الارتين),و(السومادريل),و(الموكادون),وكذلك الشرابات المحتوية على مخدر الكودائين كالساملين والبلموكودين,بالاضافة الى استنشاق الغازات الطيارة كالبانزين والثنر والسيكوتين وخصوصاً من قبل الصبيان؛الا أن انفتاح حدود البلد بشكل غير مسبوق جراء الحرب الاخيرة,أدى الى غزوه بظواهر لم يألفها من قبل،كالارهاب والاختطاف والاغتيالات  وادمان المخدرات.ولعل الاخيرة هي الأخطر وفقاً لطبيعتها القائمة على الانتشار والبقاء,وأثرها في ادامة زخم ما موجود من مشكلات أمنية وأخلاقية في شارعنا العراقي،بما يطيل حالة الفوضى والتدهور الماثلة فيه.ولنا في تجارب الشعوب عبرة،ومنها المجتمع الأفغاني الذي نشأت فيه هذه الظاهرة أولاً بشكل محدود،ثم انتشرت،فسادت المشكلات الناجمة عنها بشكل جعل السيطرة عليها امراً شبه مستحيل.

ويمكن القول أن الظروف التي قاساها شعبنا من اضطهاد فكري وسياسي،وحرمان اجتماعي واقتصادي,وحروب ودمار ومواقف صدمية نفسية واجتماعية طيلة عقود أربعة,جعلت أفراده يعيشون في ظل خوف دائم وصراع مستمر,فهم في توتر دائم على مدار الساعة,وفي توجس من أن يرسلوا الى جبهات القتال أو يودعوا في سجون ومعتقلات الموت والتعذيب.كل تلك المأسي أفرزت  مجتمعاً محملاً بتبعات واعباء نفسية واجتماعية مرضية جسيمة،أصبح فيها كل انسان مقيداً ضمن شعور عميق بالاغتراب عن الذات والمحيط,وبالاحباط واليأس المزمنين,وبضعف الثقة بالنفس وبقدرتها على المواجهة والتغيير،مضطراً للهروب من هذا الواقع نفسياً ان لم يكن فعلياً.فالواقع بالنسبة للفرد العراقي لم يكن  الا عبارة عن ألم وحزن وتآمر,والمستقبل كان  قاتماً بغموضه والتباساته،حتى يمكن القول بأن الغالبية العظمى من المجتمع العراقي كانت تعاني قلق المستقبل أو الخوف منه,حتى جاءتها الحرية محملة بعذابات أكثر,هي عذابات حرب جديدة.فالحال بقي مقترناً بالسوء والعدوان مضافاً له مشكلات وأعباء جديدة في ظل وضع نفسي اجتماعي معتل،جعل فئات اجتماعية غير قليلة،لا سيما بين المراهقين والشباب،تندفع للانخراط في المزيد من الاعتلال والتأزم النفسيين،واجدين في المشاعر الوهمية التي يتيحها تعاطي المخدرات والعقاقير النفسية،مهرباً أخيراً ووحيداً من واقع كارثي يستعصي تغييره أو تحمله.  

وعلى الرغم من عدم توفر احصائيات رسمية عن مدى انتشار تعاطي المخدرات في العراق في الوقت الحاضر،الا أن الوقائع اليومية الملموسة من مشاهدات عيانية،واستطلاعات رأي،وتصريحات رسمية،واجراءات أمنية،تشير جميعاً الى أننا أمام ظاهرة آخذة بالتنامي والاتساع في خطورتها وآثارها المأساوية.ففي تصريح لوزير الصحة العراقي مؤخراً،أشار الى أن وزارته شكلت لجنة لمكافحة المخدرات،تضم في عضويتها ممثلين عن وزارات الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية والتعليم العالي،وتضم خبراء اختصاصيين،لوضع الخطط الكفيلة بمكافحة تعاطي وبيع المخدرات بأنواعها المتعددة.وفي تصريحات  صحفية لمدراء شرطة محافظات كربلاء والكوت والبصرة،تناقلتها بعض وسائل الأعلام أواخر العام المنصرم،أشاروا فيها الى ظاهرة إدخال كميات من المخدرات مع الزائرين القادمين من ايران. كما أعلنوا عن ضبط كميات من هذه المواد المخدرة من قبل مفارز الشرطة العراقية في تلك المحافظات.وفي استطلاعين للرأي أجراهما موقع الاستفتاءات العربية Arab Polls على شبكة الانترنيت،أفاد (39%) من العراقيين المشتركين في الاستطلاع الأول بأنهم يعتقدون أن (بلادهم مقبلة على كارثة) فيما يخص تعاطي الشباب للمخدرات،فيما أفاد (24%) منهم أن (المشكلة كبيرة)،و(22%) أن (حجم التعاطي لا يستدعي القلق).وفي الاستطلاع الثاني،أوضح (60%) من العراقيين أن البلاد بحاجة الى قوانين أكثر صرامة لمواجهة المخدرات،فيما أكد (16%) منهم أن القوانين الحالية تحتاج الى تطبيق أشد.      

وللاسهام من جانبنا في تحري هذه الظاهرة ميدانياً،ارتأينا القيام بجولة استطلاعية في شهر حزيران الماضي، شملت بضع محافظات في جنوب العراق،هي ميسان والبصرة والمثنى والقادسية,بناءً على ما هو متناقل من معلومات حول شيوع تهريب وتعاطي المخدرات فيها.تضمنت الجولة مراكز شرطة محلية،وكمارك،ومستشفيات،وغرف طوارىء,وكذلك فنادق ومقاهي ومحال عامة.وكانت حصيلة ذلك ما يأتي : بلغ مجموع المواد المضبوطة في كل من ميسان والبصرة (38) حالة,و(24) حالة من جهة شط العرب والخليج,و(18) حالة من الجهة الغربية في المثنى والقادسية.كما بلغ مجموع حالات التعاطي المضبوطة (341) حالة,تم ضبطها في أماكن مختلفة،تضمنت شققاً سكنية ومقاهي وساحات عامة،مضافاً لها عملية ضبط لــ(450) كغم من مادةالحشيشة من قبل مفارز شرطة محافظة ميسان والبصرة.وكمثال على عبور تلك المواد لباقي المدن وفي مقدمتها العاصمة بغداد,ما قامت به الشرطة  مؤخراً من القاء القبض على (122) فرداً متحصنين في عماره سكنية  بمنطقة البتاوين،وفي حوزتهم كميات كبيرة من تلك المخدرات.

وبناءاً على كل هذه المؤشرات والاحصائيات،يمكن القول بأن مجتمعنا قد وضع قدمه على عتبة الانخراط في هذه الظاهرة المدمرة,واذا لم يتم التصدي لها بقوة وسرعة من قبل الجميع,مؤسسات حكومية ومنظمات اجتماعية وهيئات صحية وتربوية ودينية،فأننا مقبلون لا محالة على وباء اجتماعي سينخر عميقاً في القيمة الانسانية لهذا المجتمع.ولذلك ندعو الى تأسيس (لجنة وطنية لمكافحة المخدرات)،يمتزج فيها عمل  منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة،بعمل  المؤسسات الحكومية والأكاديمية والدينية والثقافية،في تفاعل وظيفي على مستوى التشخيص والتحليل والتخطيط والتنفيذ،لبرامج اقتصادية واجتماعية بعيدة المدى والتأثير،لاقتلاع الأسباب التكوينية لظاهرة لجوء الانسان لتعاطي ما يدمر جهازه العصبي والنفسي،وسط حياة كان يمكن أن تكون فرصة لتفتحه العقلي والوجداني ضمن كينونته الحرة الآمنة وسط العائلة البشرية المتآخية.


الانترنيت النفسي

 

الاضطرابات النفسية تهدد ضحايا الحروب

ان من أهم التداعيات المأساوية للحروب،ما يصيب ضحاياها من أمراض نفسية،وما يترتب على ذلك من مضاعفات عدة،منها زيادة معدلات الرهاب (الفوبيا)،وتبلد المشاعر،والفزع.وهذا ما جعل الجمعية العالمية للطب النفسي تصدر بياناً قبل اندلاع الحرب الأخيرة في العراق (آذار- نيسان 2003م)، تشجب فيه هذه الحرب على أساس أن الأمراض النفسية والعقلية التي سوف تتبع ذلك لن تنتشر في العراق وحده،وانما بين كل الأطفال والآباء والأمهات الذين لديهم إنسانية لما سوف يشاهدونه من مشاهد الدمار،سواء بشكل مباشر أو على شاشات التلفزيون.ولذلك وجه النداء لكل المعالجين النفسيين في العالم أن يستعدوا لعلاج هؤلاء.

فقد وجه رئيس الجمعية العالمية للطب النفسي،تحذيراً من خطورة ما سوف يترتب على هذه الحرب (في العراق وفي كل بلدان العالم) من مضاعفات نفسية وعقلية لدى الأطفال والنساء والكبار والشيوخ ممن سيشاهدون الدمار والقهر والظلم والآلام.ولذلك تم توجيه نداء الى (124) جمعية منتشرة في كل أنحاء العالم تمثل (104) دول و(160) ألف معالج نفسي، ليتحدثوا مع حكوماتهم عن ضرورة علاج الملايين ممن سيتعرضون الى المرض النفسي المسمى (اضطراب ما بعد الصدمة)،والا سوف ينتج عن ذلك رهاب وتبلد وفزع  لدى الكثير من الناس،مما قد ينمي لديهم روح الانتقام.

يعتمد تشخيص (اضطراب ما بعد الصدمة) على (3) أعراض مهمة،منها أن المصاب يحدث له استرجاع مستمر للحدث وكوابيس ليلية وأحلام يقظة تشملها الصور الخاصة بالحدث،كما يحاول  تجنب أي صورة أو فكرة أو شيء يذكره بهذا الحدث المفجع،وتكون هناك زيادة في التنبيه لديه بحيث يكون قلقاً ومتوتراً ويعاني من الأرق.ولتشخيص المرض لا بد أولاً من أن يكون الفرد قد تعرض الى صدمة شديدة تتضمن مواجهته لموقف فيه خطر على حياته كالتهديد بالموت أو الأذى،أو تعرضه  لنوع من أنواع الإهانة الذاتية الشديدة التي تؤثر على كبريائه.فالصدمة اذن  يمكن أن تكون  نفسية أو اجتماعية أو عضوية،ولا بد من  أن تكون استجابة الفرد لها مشمولة بخوف شديد وعجز وفزع.وغالباً ما يتذكر المريض الحدث الصادم هذا بصفة مستمرة،وتصبح  احساساته وعواطفه فيها نوع من اللامبالاة والتنميل،فيتجنب الجلوس مع الناس والحديث عن هذا الموضوع،كما يتجنب كل نشاط أو مكان أو أناس تكون لهم علاقة بهذا الحدث،فيشعر بأنه أنفصل عن المجتمع فلا يعود يرى أي شكل للمستقبل والماضي والحاضر،فهو يعيش داخل الحدث فقط.ويجب أن تستمر تلك الأعراض اكثر من شهر حتى يشخص ذلك الفرد بأنه مصاب باضطراب ما بعد الصدمة

ان المشكلة الأساسية  في تشخيص هذا الاضطراب،تكمن في أن تلك الأعراض قد تشترك مع أمراض أخرى كثيرة مثل اضطراب الكرب الحاد،والوسواس القهري،والفصام،والاضطرابات

الاكتئابية مثل الادمان.كما ينبغي التذكير بأن المصابين بهذا الاضطراب،يكونون في العادة عرضة لعدة أمراض نفسية أخرى لاحقاً،مثل الاكتئاب،وإدمان المواد المخدرة والكحول،واضطراب الهلع والخوف من الأماكن المتسعة،والوسواس القهري،واضطراب القلق العام،والرهاب أو المخاوف،والاضطراب المزاجي ثنائي القطب.وتشير الاحصائيات الى أن نسبة( 8%) من الناس في العالم لديهم اضطراب ما بعد الصدمة.أما في الشرق الأوسط،فتشير واحدة من أحدث الدراسات الى أن نسبة اضطراب ما بعد الصدمة تتراوح ما بين (60 %)  الى (80 %) بين الأطفال بفلسطين،ويتوقع أن تكون أكثر من ذلك في العراق،اذ ليس بالضرورة أن يتعرض الانسان بنفسه للمآسي،ولكن يكفي مشاهدتها وهي تنال من أقربائه مثل الأب أو الأم أو الأخ0ولكن من المؤكد أن ليس كل شخص يتعرض لصدمة لا بد وأن يحدث له اضطراب ما بعد الصدمة،فالأمر يحتاج الى استعداد في الشخص نفسه.

ومن أهم الأحداث بجانب الحرب التي تسبب هذا المرض: الاعتداء الجنسي أو الجسدي بشكل وحشي،أو الإهانة الانفعالية،أو فقد أحد الوالدين،أوالعمليات الجراحية أثناء الطفولة، أوالبراكين والفيضانات والحرائق،أو الوفاة المفاجئة بدون مسببات،أو السرقة بطريق العنف والتسليب.وما يحدث أن كل هذه الأنواع من الصدمات عندما يتعرض لها الانسان عند طفولته تصيب المخ بحساسية وتغيرات في نسيجه.وعند تعرض الشخص بعد ذلك لحدث مشابه مرة أخرى،فأنه قد يصاب باضطراب ما بعد الصدمة،وهذا هو السبب في أن (80%) من السكان في أمريكا يتعرضون الى صدمات، ولكن( 8%) منهم يصابون باضطرابات ما بعد الصدمة.ووجد أن الانسان عندما يتعرض الى كرب تحدث تغيرات كثيرة لجهازه العصبي والهرموني،يؤدي استمرارها الى ضمور في الخلايا العصبية في مراكز المخ المسؤولة عن المزاج والتعلم والذاكرة والتوافق مع ضغوط الحياة0

أما عن العلاج النفسي،فالعالم كله يتجه الآن الى سرعة التدخل فوراً بعد إصابة الشخص باضطراب ما بعد الصدمة،لتجنب الإصابة بحالة مزمنة.فمن المعروف أن (50% ) من المرضى يتحسنون خلال (3) أشهر من هذا الاضطراب النفسي،ولكن إذا استمر الاضطراب أكثر من (12)  شهراً،فهذا يحتاج الى علاج ولا يمكن ان يشفي من تلقاء نفسه.أما أحدث أنواع العلاج النفسي السائد في هذا المجال،فهو العلاج المعرفي الذي يعتمد على التعرض ثم المواجهة، وهناك برامج كمبيوتر حديثة وظيفتها عمل عرض للمريض لصورة واقعية متحركة عن الحادث الذي تعرض له،فتظهر الأعراض المرضية عليه،وبالتدريج يحدث له نوع من أنواع التحصين في مواجهة الأفكار بدون أن تحدث له الأعراض.وهذا العلاج يسمى محاكاة الحقيقة عن طريق الكمبيوتر.والجديد في علاج اضطراب ما بعد الصدمة،أن هناك أدوية خاصة وافقت عليها هيئات علمية متخصصة لعلاج الكرب،نتائجها مرتفعة جداً إذا تم إعطاؤها مبكراً.وهناك عقاقير جديدة للاكتئاب تعمل ضد الكرب وتمنع الضمور،بل بالعكس فأنها تحسن الاتصالات بين الشجيرات العصبية بحيث أنها تعطي للإنسان مزاجاً وتعمل على اختفاء الأعراض .

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة