خالد جمعة
علاقة الجسد
البشري بالماء اكبر من كونها علاقة غريزية، فحوالي ثلاثة
ارباع مكونات الجسد البشري ماء، لذلك سيبدو انتماء الجسد
للماء انتماءً عرقياً، ليس هذا فقط، فعلاقة الجسد البشري
بالارض ليست علاقة كائن بحاضنته فحسب، بل تعدت الى علاقة
كائن بصنوه او بمثيله، فثلاثة ارباع الكرة الارضية ماء!.
الطب العدلي
لا علاقة له بتلك الطروحات التأملية، فهو علم لا يؤمن الا
بالطروحات الخصائصية، لذلك اعتبر الماء آلة مميتة حاله حال
السكين، المسدس، الكهرباء..
الطب العدلي
علم ولد من رحم التجربة فلا مجال فيه لخطأ محتمل، فالدليل
الجنائي على جثة ما مصحوب على الدوام بأدلة عدلية لا يراها
الا الطبيب العدلي، تلك الادلة العدلية ستعزز الدليل الجنائي
او تنفيه!.
الآلية
الوحيدة التي تدل على ان الماء آلة مميتة، هي آلية الغرق،
فقد عرّف مختصو الطب العدلي الغرق بأنه (اختناق بسبب استنشاق
سائل ما بدل الهواء)، هذا التعريف يفترض الماء احد انواع تلك
السوائل، اما السوائل التي تسبب الغرق ايضاً فهي، الحليب
البيرة، لكن اهم ما في هذا التعريف هو ان آلية الغرق لا
تشترط انغمار الجسد كله في السوائل بل يشترط انغمار المنخرين
والفم دون الجسد كله، وهذا يشاهد في حوادث غرق السكارى
وفاقدي الوعي والرضع...
اختناق شخص
ما بسائل بدلاً عن الهواء سيجعله يمر بأدوار خمسة قبل ان يصل
الى الموت المحقق، هذه الادوار ستبدأ بالدهشة وستنتهي بالنزع
الاخير.
الغرق عادة
عارض الكيفية، بعض قضايا انتحارية، واندر من ذلك جنائي
الكيفية.
للغريق
علامات ظاهرية واخرى باطنية، الظاهرية منها، الزبد او الرغوة
التي تشاهد في الفم والمنخرين كفقاعات بيضاء اللون،
الاصمئلال الحيوي او تصلب جزء من الجسم، على الاغلب اليد لو
كلتا اليدين مع بقاء ما امسكت به اثناء الكفاح ضد الغرق في
قبضتها، كالاعشاب مثلاً، التغضن او الانتقاع الحاصل في راحات
اليدين والقدمين وما بين الاصابع، التغضن يلاحظ خارج الغرق
في راحات النساء اللائي يعملن في غسل الملابس، جلد الغريق
سيشبه الى حد كبير جلد الدجاجة او جلد الاوزة.
اما العلامات
الباطنية فمنها تلك التي تعتمد على الفحوصات التشريحية، حيث
سيلاحظ الطبيب انتفاخ الرئتين بسبب تشبعهما بالماء، وسيلاحظ
ايضاً آثار انطباع الاضلاع عليها، اما العلامات التي تعتمد
على الفحوصات المختبرية، اشنات (طحالب مجهرية) مغروزة في
رئتي الغريق.
اخيراً ان
عملية تشخيص الموت غرقاً في معهد الطب العدلي يعني نفي الشدة
من أي نوع كان ونفي الامراض التي تؤدي الى موت فجائي ونفي
الموت بالسم، أي معرفة هل ان الضحية كان سبب موتها، الاختناق
بسائل ما، ام كان سبباً آخر ؟ |