هورمونــــــات فــــول
الصويـــــا
محمد صايل
مثل جميع الكائنات
الحية الاخرى، يمتلك النبات وسائله ا لدفاعية الخاصة التي
تمكنه من البقاء، ولكن من كان يعلم بان الطرائق التي يحمي
بها النبات نفسه تصلح ان تكون وسائل علاجية تحمي الانسان
كذلك!
يعتبر فول الصويا
من الاغذية الرئيسة للشعوب الاسيوية وخصوصا في الصين
واليابان، ويرتبط تناول هذا الغذاء بالعديد من الحالات
الصحية مثل انخفاض معدلات الاصابة بامراض القلب وبعض انواع
السرطان.
فقد اظهرت
الاحصائيات الاخيرة انخفاض كبير في معدلات الاصابة بسرطان
الثدي والرحم في العديد من الدول الاسيوية التي يشكل فول
الصويا غذاءها الرئيس بينما تزداد نسبة الاصابة بهذه الامراض
في الدول الغربية التي تعتمد انظمة غذائية مختلفة تتميز
بارتفاع نسبة الدهون واللحوم فيها. وقد فسر تاثير فول الصويا
على هذا النوع من السرطانات باحتوائه على مواد معينة يمكنها
ان تؤثر بصورة مباشرة في الاضطرابات الهرمونية التي غالبا ما
تكون سببا في نشوء سرطان الثدي والرحم.
ومما اكد هذا
التفسير تسبب فول الصويا لبعض انواع الحيوانات التي تقتات
عليه بالعقم. ويعتقد العلماء ان النبات يمتلك القدرة على
تصنيع مركبات كيميائية معينة يستخدمها كوسيلة د\فاعية تقلل
من عدد الحيوانات التي تتغذى عليه وبذلك تزداد فرصة في
البقاء وقد اجريت ابحاث كثيرة اظهرت فعليا وجود مركبات
كيميائية معينة في فول الصويا اطلق عليه اسم (الايزوفلافونات
Isoflavones)
تتشابه في تركيبها الكيميائي الى حد كبير مع الهرمونات
السترويدية الانثوية في الانسان والتي تسمى الاستروجينات (Estrogens)،
وبسبب هذا التشابه التركيبي صار يطلق احيانا على
الايزوفلافونات اصطلاح (الاستروجينات النباتية
Phytoestrogens).
كان لمثل هذا
التشابه في التركيب الكيميائي بين الهرمونات النباتية في فول
الصويا والهرمونات الاستروجينية لدى الانسان تاثيره المميز
في استخدام هذه المركبات تحديدا او فول الصويا ومشتقاته
اجمالا كوسيلة علاجية للحماية من الاصابة بسرطانات الثدي
والرحم.
فالهرمونات
الاستروجينية هي المسؤولة عن ظهور الصفات الجنسية الخاصة
بالاناث، مثل تنظيم نمو الثدي وادرار الحليب بالاضافة الى
تنظيم الدورة الشهرية، وهي المسؤولة عن تضخم الثدي ونمو
المبيض والاعضاء التناسلية لدى الاناث عند سن البلوغ، وكذلك
تقوم هذه الهرمونات بزيادة امتصاص الماء والاملاح وتنظيم
تقلصات عضلات الرحم قبل نزول الطمث.
ولهذه الهرمونات
علاقة وطيدة بحدوث سرطان الثدي وتضخم بطانة الرحم الحميد
والخبيث، يحدث ذلك عند\ما يكون هناك اعتلال في افراز هذه
الهرمونات فيرتفع مستواها بشكل غير طبيعي مما يؤدي الى
اختلال في الوظائف التي تؤديها وخصوصا ضمن انسجة الثدي
والرحم، بالاضافة الى اماكن اخرى في الجسم.
\فالهرمونات
الاستروجينية كي تعمل ينبغي لها ان ترتبط مع مستقبلات خاصة
بها فقط وهذه المستقبلات تتواجد ضمن الانسجة التي تعمل عليها
الهرمونات الاستروجينية. ان صفة الارتباط هذه هي النقطة
الاهم التي تفسر طريقة عمل الايزوفلافونات او الهرمونات
النباتية الموجودة في فول الصويا على الحماية من اضطرابات
الهرمونات الاستروجينية. فالمستقبلات ترتبط مع الهرمون
استنادا الى الشكل التركيبي للهرمون بطريقة تشبه القفل
والمفتاح. بهذه الطريقة لا يمكن لاي هرمون اخر لا يتشابه
تركيبا مع الاستروجين ان يرتبط بالمستقبلات الاستروجينية.
وحيث ان الايزوفلافونات تشبه من حيث التركيب هرمونات
الاستروجين فيمكنها عند ذلك الارتباط مع المستقبلات
الاستروجينية ومنافسة الهرمونات الطبيعية ومنعها من ترجمة
تاثيراتها السلبية فيما لو حدث اضطراب في مستوى افرازها.
من هنا ظهرت اهمية
فول الصويا والاغذية المنتجة منه في علاج سرطان الثدي وتضخم
الرحم بالاضافة الى تقليل المشاكل التي تصاحب فترة نزول
الطمث من تقلصات في عضلات الرحم وتورم الثدي.
وتحتوي حبوب فول
الصويا على مادتين تعتبران الاكثر فعالية بين بقية
الايزوفلافونات وهما الجنستين
Genestein))
وهو يوجد في قشرة الحبوب، او الديدزين (Daidzin)
والذي يوجد في اللب، تمتلك هاتان المادتان حوالي 0.2 بالمئة
من فعالية الاستروجين مما يدل على تاثير كبير في الفعاليات
الحيوية في الجسم اذ تمتلكان قدرة فائقة على الارتباط
بمستقبلات خلايا الثدي ومنع حدوث سرطان الثدي.
ويبلغ مقدار ما
تحتويه المئة غرام من حبوب فول الصويا حوالي 120 ملغم من
(الايزوفلافونات). لو اعتبرنا ان فول الصويا هو المصدر
الوحيد الذي نحصل منه على الايزوفلافونات (توجد هذه المركبات
ايضا في العديد من الفواكه والخضر والحبوب) فسنكون بحاجة لما
لا يقل عن الخمسة وثلاثين غرام من طحين فول الصويا او احد
منتجاته الاخرى.
ولا تنحصر اهمية
فول الصويا في الخدمات العلاجية التي يقدمها للنساء فقط، اذ
تمتلك هذه المادة فوائد جمة اخرى، منها منع تكوين حصى
المرارة وزيادة استقلاب الدهون وتقليل كوليسترول الدم وزيادة
كفاءة عمل الكلية وتحفيز نمو العظام ومنع اكسدة الدهون
وبالتالي الوقاية من امراض القلب، بالاضافة الى تدعيم الجهاز
المناعي والحماية من الاصابة بتنخر العظام وداء السكري
وابيضاض الدم (اللوكيميا).
|