المحامي /
حميد طارش الساعدي
هناك صلة
وثيقة بين التعددية الحزبية والانتخابات حيث لا يمكن تصور
وجود احزاب بدون آلية تحكم تداول السلطة سلمياً فيما بينها
وهذه الآلية هي الانتخاب، فعن طريق صناديق الاقتراع يتم
تبادل الادوار في السلطة بعيداً عن الاضطهاد السياسي
والانقلابات العسكرية والمقابر الجماعية..
الأحزاب السياسية
تمثل
الاحزاب السياسية جزءاً مهماً من الديمقراطية حيث لا يمكن
تصور قيام ديمقراطي بدون أحزاب سياسية حيث يعتبر الحزب قناة
للرأي السياسي ويعمل على ايجاد قوة سياسية قادرة على صنع
الحكومة عن طريق تعبئة الناخبين وتسمية المرشحين وتنظيم
الحملات الانتخابية لانتخاب اعضاء الحكومة وصياغة برامج
سياسية للحكومة إذا كانت تمثل الاغلبية، كما توجه الانتقاد
وتطرح السياسات إذا كانت في المعارضة، وعبر التجارب المريرة
للبشرية مع الاحزاب السياسية انحسر العامل الايديولوجي، الذي
ذبح في ظل تبريراته الديمقراطية الملايين من البشر، لصالح
شعار الرفاه الاقتصادي وتحسين أداء الخدمات وتقليل نسبة
البطالة وتحسين الرعاية الطبية الذي تتعهد به الاحزاب خلال
فترة التهيؤ لخوض الانتخابات.
الانتخاب
إن القدرة
على اجراء انتخابات حرة نزيهية هي التي تضفي صفة الديمقراطية
على نظام الحكم، ويلاحظ هنا المشاركة الاوسع لاعضاء الاحزاب
بالمقارنة مع حماس المستقلين وتتوفر نسبة ذلك على مدى نشاط
الاحزاب المشاركة في الانتخابات وخلاصة القول يعني الانتخاب
ادلاء الناخبين بأصواتهم لمرشح ما من أجل الفوز باشغال مقاعد
الحكومة.
قانون الانتخابات الصادر بموجب الامر (96)
من خلال
القراءة الاولية لهذا القانون تبدو فيه مسألة مهمة وهي
اعتماد نظام التمثيل النسبي وكما منصوص عليه في القسم (3) من
القانون المذكور ويمكن بيان مزايا وعيوب نظام التمثيل النسبي
في الفقرات التالية:
مقدمة
فكرة نظام
التمثيل النسبي موجودة تاريخياً عند ارسطو وعدد من رجال
الثورة الفرنسية بل يكاد يجمع عليها الكتاب الليبراليين
الذين يرون أن المجلس النيابي هو نتاج اصوات الهيئة
الانتخابية، بصورة دقيقة، حيث يمثل كافة الاتجاهات والتيارات
العقائدية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع.
واول ظهور
لهذا النظام كان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث
تبنت الدانيمارك في دستورها لعام 1855م، هذا النظام في
انتخابات المجلس الاعلى، وبعد عدة سنوات استطاعت الاوساط
الكاثوليكية في بلجيكا، وللتخلص من تهديد الحزب الاشتراكي
وانقاذ الحزب الليبرالي، من اعتماد هذا النظام في الانتخابات
من خلال صدور قانون الانتخابات في 30/ 11/ 1899. وبعد انتهاء
الحرب العالمية الاولى كانت توجهات الدول الغربية نحو اعتماد
هذا النوع من الانتخابات، وان لم يحقق النجاح في فرنسا
بالرغم من الحماس الموجود لتبنيه إلا أنه نجح في بلدان أخرى
مثل المانيا، هولندا تشيكوسلوفاكيا، ايطاليا، سويسرا وغيرها.
فكرة نظام التمثيل النسبي
السبب في
تبني هذا النظام والدعوى اليه هي افساح المجال لاتجاهات
الاقلية غير السائدة في المجتمع لاشغال المقاعد البرلمانية
ولم يأت هذا التوجه اعتباطاً، بل جاء على اعتبار أن
الانتخابات بطريقة الاغلبية تهمل الاصوات الاقل مهما كانت
نسبتها بالمقارنة مع اصوات الاغلبية، سواء كان ذلك على
المستوى المحلي أو الوطني، ومع افتراض فوز للأقلية، والمقصود
بالأقلية هنا أقلية الاصوات لأي حزب أو مجموعة بغض النظر عن
مفهوم الاقلية الدينية أو القومية، في مناطق انتخابية أخرى
على الاغلبية، كل هذا سيخلص إلى نتيجة مفادها إن المجلس
البرلماني لا يمثل حقيقة الناخبين. لهذا السبب جاءت الدعوى
إلى تبني هذا النظام لكي يضمن التوزيع العادل، أو اكثر عدالة
للمقاعد البرلمانية على اساس الاصوات الحقيقية للناخبين أو
بعبارة أخرى تأخذ الاحزاب السياسية مقاعدها في البرلمان بحسب
نسبة ناخبيها. التفاصيل |