الكون والنظرية الشاملة
ناصر عطية
كان معظم الناس يؤمنون ان
الكون ساكن وغير متغير، وكان السؤال حول بداية الكون لا يسمح
به كونه سؤالا ميتافيزيقيا او لاهوتيا ونستيطع التفسير ما
نراه بشكل جيد سواء اعتقدنا بنظرية وجود الكون منذ الازل او
بنظرية ان الكون قد بدا في زمن محدد ويبدوا كانه وجد منذ
الازل لكن لاحظ هابل ان المجرات البعيدة، عندما تنظر اليها
تجدها تبتعد بسرعة عن كوكبنا اي ان الكون يتوسع وهذا يعني
انه في اوقات سابقة كانت جميع الاجسام مركزة في مكان واحد
وفي الحقيقة يبدوا انه في وقت ما قبل عشرين الف مليون سنة
كانت جميع الاجسام في نفس المكان وبالتالي كانت كثافة الكون
لا نهائية.
ان مشاهدات هابل ادت الى
اقتراح وجود زمن اسمه (الانفجار الكبير) الذي كان فيه الكون
لا متناهيا في الصغر وكثافته عالية الى ما لا نهاية في هذه
الظروف تنهار جميع قوانين العلوم، وتنهار بالتالي جميع
الامكانيات للتنبؤ بالمستقبل واذا كان هناك احداث قبل ذلك
الوقت، فانها لا تستطيع ان تؤثر على ما يحدث في الوقت الحاضر
ويمكن اهمال وجودها لانه لا يوجد له تبعات يمكن ملاحظتها،
ويمكننا القول بان الزمن بدأ عند الانفجار الكبير، بمعنى ان
الزمن السابق لذلك لا يمكن تعريفه واذا كان الكون يتسع فيمكن
وجود اسباب فيزيائية لضرورة وجود بداية اما افتراض بدء الكون
قبل هذا الانفجار فهو امر لا معنى له.
هنالك تعريف بسيط للنظرية
هي عبارة عن انموذج للكون او لجزء محدد منه، ومجموعة من
القوانين التي تربط كميات معينة من الانموذج مع ملاحظاتنا
حولالكون والنظرية تعتبر نظرية جيدة اذا اوفت بشرطين: يجب ان
تصف وصفا دقيقا مجموعة كبيرة من الملاحظات علىاساس انموذج
يحتوي عددا قليلا من العناصر اللاعتباطية ويجب ايضا ان تتنبأ
بشكل دقيق بنتائج الملاحظات المستقبلية عل سبيل المثال، ان
نظرية ارسطو التي تفترض ان جميع الاشياء مكونة من اربعة هي
التراب والهواء والماء والنار كانت بسيطة لدرجة تؤهلها لتكون
نظرية جيدة لكنها لم تخرج باستنتاجات محددة، وان نظرية نيوتن
في الجاذبية اعتمدت على انموذج ابسط وهو ان الاجسام تتجاذب
مع بعضها البعض بقوى تتناسب طرديا مع الكتلة وتتناسب عكسيا
مع مربع المسافة بينها ومع ذلك فان نظريته تنبأت بحركة الشمس
والقمر والكواكب بدرجة عالية من الدقة.
اكد الفيلسوف المختص بفلسفة
العلم كارل بوير فان النظرية الجيدة هي التي تتميز بحقيقة
انها توصلنا الى تنبؤات يمكن دحضها او تخطيها بالملاحظة، ففي
كل مرة تتفق فيها نتائج تجربة جديدة مع تنبؤات النظرية، فان
النظرية تستمر في الوجود وتزداد ثقتنا بها، ولكن اذا تعارضت
احدى الملاحظات الجديدة مع النظرية، فيجب علينا التخلي عنها
او تعديلها على الاقل هذا ما مفروض ان يحدث، ولكن يمكن دائما
التشكيك في قدرة الشخص الذي اجرى الملاحظة.
ما يحدث عادة بالممارسة هو
ان النظرية الجديدة المبتكرة تكون امتدادا للنظرية السابقة
على سبيل المثال، كشفت المراقبة الدقيقة لكوكب عطارد عن فرق
بسيط بين حركة الكوكب وبين تنبؤات نظرية نيوتن في الجاذبية
وجاءت النظرية النسبيةى العامة لانشتاين لتتنبأ بهذا الفرق
الطفيف في الحركة عما تفترضه نظرية نيوتن وان تنبؤات انشتاين
طابقت ما لوحظ، بينما لم تطابقه نظرية نيوتن، وهذا ما يؤكد
صجة النظرية الجديدة رغمذلك فنحن نستخدم نظرية نيوتن في بعض
الحالات.
يتضح انه من الصعب جدا
ايجاد نظرية نصف الكون كله دفهة واحدة وعوضا عن ذلك، نلجأ
الى تقسيم المشكلة الى اجزاء ونخترع عددا من النظريات
الجزيئة فكل واحدة من هذه النظريات الجزئية تصف او تتنبأ
بمجموعة محددة من الملاحظات، او انها تمثلها بمجموعة بسيطة
من الارقام يمكن ان يكون هذاالنهج خاطئا تماما فاذا كل شيء
في الكون يعتمد على كل شيء اساسي، فقد يكوم مستحيلا التوصل
الى حل متكامل عن طريق البحث في اجزاء منفصلة من المشكلة.
اليوم يصف العلماء الكون
بواسطة نظريتين جزئيتين اساسيتين: النظرية النسبية العامة
ونظرية والكوانتم ميكانيك. ان النظرية النسبية العامة تصف
قوى الجاذبية والتركيب الواسع للكون، اي تركيب الكون المرئي
ابتداء من اميال قليلة وحتى مليون مليون مليون ميل (1 وامامه
24 صفرا). اما والكوانتم ميكانيك بالمقابل فهو يتعامل مع
ظواهر على مستويات غاية في الصغر مثل واحد في المليون من
الانش. لكن لسوء الحظ، فان هاتين النظريتين لا تتناسبان مع
بعضهما البعض ولا تستطيعان ان تكونا صحيحتين في وقت واحد فمن
اهم ما يشغل علماء الفيزياء اليوم، هو البحث عن نظرية جديدة
تجمع بين النظريتين – نظرية كوانتم للجاذبية.
|