مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

القطـار الأخير من بغـداد


بقلم: ليزلي كيلب*
ترجمة فاروق السعد

*ليزلي كيلب: رئيس فخري لمجلس العلاقات الخارجية

عن: فورن افيرز

ان طريقة واشنطن في الدخول والخروج من العراق قد وصلت الان إلى خيار قاتل بين سياسة الرئيس جورج بوش في البقاء ببساطة على المسيرة برغم ان الامن في حالة تدهور بسيط وبين سياسة نقاده في الانسحاب السريع للقوات الامريكية برغم ان الحرب الاهلية تلوح في الافق. ان مقاربة بوش تبدو وكانها محاولة من جانب بوش لتجنب الهزيمة وتمرير المشكلة على خلفه، ديمقراطي او جمهوري. يبدو هذا البديل وكأنه طريقة لإنقاذ الولايات المتحدة من المستنقع، مهما كانت التبعات. وفي كلا الحالين، يخسر كل من العراقيين والامريكان.
هنالك طريق ثالث: فلكي تكف الولايات المتحدة عن مقاومتها التافهة لامواج المد الطائفية التي لا يمكن تجنبها والتي تتدفق الان فوق العراق ومساعدة العراقيين في توجيه تلك القوى نحو تسوية سياسية قابلة للحياة- توحيد العراق عن طريق جعله لا مركزيا.

ان هذه الصفقة يمكن ابرامها بادخال السنة عن طريق إعطائهم عرضاً يحمل امكانيات افضل من جميع تلك التي قدمت لهم حتى الان وبالوعد بسحب القوات الامريكية واعادة انتشارها قبل عام 2009، كل ذلك مدعوم بدبلوماسية اقليمية.
هنالك ثلاثة اقسام في ستراتيجية بوش في العراق. الاول، تضع الولايات المتحدة اولوياتها تشكيل حكومة وحدة وطنية، على امل ان يساعد ذلك في حل المشاكل السياسية الاخرى. ولكن كان هنالك في العراق حكومات وحدة وطنية خلال السنوات الثلاث الماضية، تضمنت الاخيرة منها سبعة وزراء سنة يشغلون مناصب مهمة مثل نائب رئيس الوزراء ووزارة الدفاع، وقد انجزوا القليل في المسائل الحاسمة كالمحافظة على الامن وتقليل الفساد. وسيكون من الحماقة ان نتصور بان الحكومة القادمة سيكون اداؤها افضل. ثانيا، تخطط واشنطن الان لسحب قواتها عندما يصبح العراقيون مؤهلين لتسلم المهام- "للتنحي جانبا حال تمكنهم من الوقوف". ولكن تلك السياسة لا تقدم للعراقيين الا القليل من الحوافز للدخول في معاركهم الخاصة. ثالثا، والاكثر اثارة للصدمة، هو انه بالرغم من ان بوش يزعم باصرار بانه ما زال يسعى لتحقيق النصر، الا ان افعاله تشير إلى انه، بدلا من ذلك، يحاول تجنب الهزيمة. فطبقا إلى مقالة النيويورك تايمز في نيسان، بالرغم من العلامات الصغيرة عن التقدم، وصف فريق من الدبلوماسيين الامريكان والضباط العسكريين الوضع في مطلع هذا العام بانه خطر او حرج في اكثر من ثلث المحافظات العراقية. كما وجد تقريرهم بان المليشيات الطائفية ما زالت تسيطر على قوات الامن العراقية وان عمليات التطهير العرقي كانت تحدث في جميع انحاء البلاد- وكل ذلك يمثل اضافة إلى ما هو موجود بالفعل من تقسيم. ومع ذلك قررت ادارة بوش عدم تقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية بعد هذا العام، برغم ان المتمردين، كما يعلم الجميع، لا يمكن ان يهزموا بلا اعادة بناء العراق. كما قامت بالغاء الميزانيات المخصصة لتطوير الديمقراطية في العراق. واخيرا، قامت بسحب اجزاء كبيرة من القوات الامريكية من شوارع المدن الكبيرة، تاركة للمتمردين اليد الطولى.
فكانت نتيجة ذلك الوضع المتدهور وتراجع بوش عن برامج مهمة يمثل مازقا مهلكا. فبالرغم من ان التمرد سيتنامى، الا ان المتمردين لن ينتصروا طالما بقيت القوات الامريكية بقوة كافية، بمقدار، لنقل، 30000 جندي. وان اي محاولة من التمرد للاحتفاظ بقطع أراضٍ كبيرة ستفشل امام القوة النارية المهيمنة للولايات المتحدة. ستكون ادارة بوش قادرة على تجنب الهزيمة في العراق إلى ان يقوم بتسليم المشكلة إلى خلفه الرئيس القادم بعد ثلاث سنوات- ما لم يقرر الكونجرس الحالي المحبط، مدعوما من جزء متنام من الشعب الامريكي الخائب الامل، بان هنالك ما يكفي من الورطة ويامر بالانسحاب المباشر. ولكن خروجا سريعا للولايات المتحدة من العراق، مهما كان مبررا بالاحباط، لن يؤدي الا إلى اضعاف الامن الوطني الامريكي والحرب ضد الارهاب.
خيار مشرف
ربما ان الوضع قد وصل إلى نقطة حيث لا يمكن ان تنفع معها اية استراتيجية، مهما كانت ذكية على الورق. ولكن الاعتقاد بانه لا يوجد هنالك من خيار سوى اتباع بوش عميقا إلى المستنقع سيعني افلاسا اخلاقيا واستراتيجيا. هنالك، في الحقيقة، طريقة للمحافظة على وحدة العراق وجعله مستقرا سياسيا: بدلا من الاستمرار بتجزئة البلاد إلى اقسام عن طريق بذل جهود عقيمة لجعله دولة مركزية، لنقم بجعله لا مركزيا. تنبع هذه السياسة قانونيا من الدستور العراقي الحالي وهي متطابقة مع التفكير العسكري الامريكي حول الانسحاب المنظم للقوات ورغبة الدبلوماسيين الامريكان في ايجاد المزيد من الدبلوماسية الاقليمية الفعالة. ان الولايات المتحدة، معاً مع الاصدقاء والحلفاء، يمكن وينبغي أن يقودوا العراق في هذا الاتجاه. فالمصالح الحيوية الامريكية تتطلب ذلك اضافة إلى المصالح العراقية. ولكن القرار النهائي يجب ان يكون عراقيا، وينبغي لواشنطن ان لا تقوم بفرضه عليهم. ان المساعدة في خلق نظام لا مركزي في العراق هو ايضا اكثر واقعية وتشريفا من البقاء معلقين هناك او الخروج.
تتضمن السياسة خمسة عناصر. الاول في تاسيس، بالتطابق مع الدستور الحالي، ثلاثة اقاليم قوية بحكومة مركزية ولكنها فعالة في العراق الفيدرالي الاتحادي. ان القيام بذلك سيبني العراق في فترة ما بعد صدام حسين من اقاليم الاكراد، العرب السنة، والشيعة العرب، كل مسؤول عن تشريعاته وادارته. وكل حكومة اقليم بامكانها اصدار قوانين تحل محل تلك الصادرة عن الحكومة المركزية، كما مذكور في الدستور الحالي، ما عدا في الحقول التي هي من صلاحيات الحكومة المركزية حصرا. ستكون الحكومة المركزية مسؤولة عن الشؤون الخارجية، حماية الحدود، كما هو متفق عليه من قبل الاقاليم. ان صلاحياتها ستكون محصورة ومحددة بمناطق ذات اهتمامات مشتركة واضحة، ستسمح لبغداد بتنفيذ مسؤولياتها بكفاءة. ان فقرة النفط، على وجه الخصوص، ستعزز الحكومة المركزية إلى ما هو اكثر من صلاحياتها الحالية. ان المبدأ الكامن وراء هذه السياسة هو المحافظة على وحدة العراق بالسماح لكل مجموعة ان تلبي طموحاتها العرقية والدينية الحقة.
ان المحافظة على العراق موحدا بهذه الطريقة سيكون من مصلحة جميع الاطراف. ستجري خطوط انابيب النفط الاساسية في البلاد،من الشمال إلى الجنوب، وتبقى بغداد المركز الوحيد الممكن للاعمال للبلاد. سيكون من مصلحة معظم العراقيين الكبرى ان يروا ان اقاليمهم وبلدهم لم يتجزأ على أيدي الجيران الطامعين. وان العراق المقسم سيكون هدفا لا يقاوم بالنسبة للتدخلات الخارجية؛ وان كونه موحدا سيمنحه فرصة البقاء. يفضل المزيد والمزيد من القادة الاكراد، الشيعة، وبشكل متزايد السنة ايضا- نظام اقاليم متفق عليه والتحرك باتجاه النظام الفيدرالي بدلا من الحرب الاهلية. (يؤسس الدستور الحالي للفيدرالية بالسماح للمحافظات بالاتحاد مع بعضها البعض وتشكيل حكومة اقليمية). ومع ذلك، سيتوجب على واشنطن ان تلعب دورا محوريا في مساعدة العراقيين في تامين هذه الحكومة.وان المدن الكبرى ذات السكان المختلطين، مثل بغداد، كركوك، والموصل، تشكل مشكلة كبيرة الان وستستمر هكذا تحت نظام الحل الفيدرالي- او اي حل اخر. ولحل هذه المشكلة، سيتوجب على العراقيين ان يعملوا على اجراء ترتيبات امنية خاصة، مثل ضمان ان تكون قوات الشرطة في تلك المدن تتكون من افراد من جميع المجموعات الطائفية ومدعومة من قبل الشرطة الدولية. وان العامل الذي سيقرر مصير تلك المدن، على اية حال، سيكون فيما اذا كانت المجموعات الطائفية ستجد تسوية سياسية شاملة قابلة للحياة ومنصفة. وقد يكون من المؤلم، ان الولايات المتحدة سيتوجب عليها مساعدة العراقيين الذين يرغبون في اعادة توطينهم في اراض اكثر امنا، بشكل مؤقت او دائم. وانه من المهم ان ندرك بان هذا الاقتراح لن يسبب تطهيرا عرقيا او تشرذم البلاد. ان تلك الاشياء القبلية تحدث الان بالفعل. وقد يكون نظام الاقاليم الخيار الوحيد المتبقي لوقفها.
العنصر الثاني من هذه السياسة هو اشراك السنة بنظام الاقاليم بتقديم عرض لهم لا يمكن ان يرفض بشكل عقلاني. سيتوجب ان تكون الجزرة حلوة جدا،وبالتحديد، السيطرة على اقليمهم في مركز البلاد وضمانة دستورية بالمشاركة في عائدات النفط. حتى الفترة القريبة الماضية، كان معظم القادة السنة يعارضون بصراحة السيطرة على اقليمهم لانهم كانوا يتوقعون تماما بانهم سيحكمون البلاد باكملها مرة اخرى. وهم ما زالوا ينظرون إلى انفسهم كأسياد لعالمهم وارادوا بقاء العراق سليما وجاهزا لهم لاستئناف الحكم الذي تمسكوا به مئات السنين. وكانوا يضغطون من اجل اقوى حكومة مركزية ممكنة.
والان، على اية حال، ان اعدادا متزايدة من السنة يقومون باعادة حساباتهم. الكثير منهم يعتقد بان التركيبة المركزية ستترك السنة اقلية دائمة في الحكومة التي يديرها الشيعة والاكراد. وفي الوقت الذي اعتاد السنة على الاعتقاد بانهم لا يمكن ان يقهروا في المعركة، نراهم الان يدركون بانهم يمكن ان يكونوا الضحايا الاساسيين للحرب الاهلية. ومن الواضح هذه الايام، باستثناء متعصبي السنة، بان لدى الاكراد افضل المليشيات في البلاد وبان الشيعة راغبون وقادرون على القتال. لذلك فان احتمال قيامهم بادارة امورهم في الاقليم السني يبدو الان اكثر جذبا لقادة السنة.
ان الكابوس المتبقي بالنسبة للسنة هو حول النقود، ولكن ذلك يمكن معالجته عن طريق جزرة اخرى: عائدات النفط. يدعو الدستور الراهن إلى توزيع " عائدات النفط والغاز بطريقة عادلة طبقا لنسبة السكان." ولكنه لا يحدد "عادلة" او يقدم نسباً للسكان. وهو يذكر النفط"المستخرج"، مما يشير إلى ان القانون ينطبق على العائدات الحالية فقط، وليس على المستقبلية، التي يتوقع ان تكون اكبر بكثير، بفضل زيادة الانتاج. كما ان الدستور الحالي لا يخدم السنة باعطاء القرار الاخير حول عائدات النفط إلى الحكومات في الاقاليم التي تمتلك النفط، مما يترك السنة بدون عائدات، لان جميع مصادر النفط والغاز العراقية تقريبا تقع اما في الشمال الكردي(20% تقريبا) او في الجنوب الشيعي(80% تقريبا).
يتجسد العلاج في ارضاء طمع السنة بتعديل الدستور لجعل انتاج النفط والغاز والعائدات اختصاصاً محصوراً بالحكومة المركزية وتوضيح مسألة ان كلاً من العائدات الحالية والمستقبلية سيتم توزيعها طبقا لنسب السكان. سيكون هذا الترتيب افضل بكثير للسنة من الصفقة الحالية وافضل بشكل لا محدود مما يمكن ان يحصلوا عليه الان- اي، لا شيء- اذا ما انقسمت البلاد إلى ثلاث دول منفصلة. وينبغي ان يكون ذلك كافيا للحصول على مساعدة معظم القادة السنة للموافقة على المقاربة الفيدرالية ولتزويدهم بما يكفي من الحوافز لمحاولة لجم التمرد في الاقليم السني. فيمكن ان تكون مكاسب السنة اقل بكثير في حالة منحهم دورا اكبر في الحكومة المركزية، وهو المخطط الذي تدافع عنه ادارة بوش الان.
العنصر الثالث لهذه الطريقة هو حماية حقوق الاقليات والنساء عن طريق ربط المساعدات الامريكية التي تقدم للحكومات الاقليمية بمدى احترامها السياسي والثقافي للناس الضعفاء في اقاليمهم. بالنسبة للنساء، خصوصا في الاقليم الشيعي، وبالنسبة للاكراد، والسنة، والشيعة الذين يعيشون في اقليم غير اقليم المجموعة العرقية ذاته، سيكون هنالك مشاكل. لن تكون واشنطن قادرة على حل تلك المشاكل، ولكن يجب ان تكون صلبة وواضحة حول محاولة تحسينها.
الرابعة، ينبغي ان يهيئ الجيش الامريكي خطة للانسحاب المنظم والامين ولاعادة نشر القوات الامريكية، تنفذ قبل نهاية عام 2008. كما يجب ان يحسب حساب القوة الامريكية المتبقية التي تردع وتقاتل اية اضطرابات عسكرية واسعة النطاق من قبل المتمردين او غيرهم وتواصل تدريب الجيش العراقي وقوات الشرطة. ان هذا الاجراء ينبغي ان يدرك حقيقة ان القوات الامريكية هي جزء من الحل وجزء من المشكلة في ان واحد. فهي يجب ان تبقى في العراق- برغم انها باعداد منخفضة- كي تهتم بمشكلة الامن، ويجب ان تغادر بشكل تدريجي لكي تحفز العراقيين على تبني المسالة الامنية بانفسهم.
واخيرا، يجب تعزيز وحدة اراضي العراق من خلال اتفاق اقليمي يجب ان ينجز من خلال دبلوماسية دولية فعالة. كخطوة اولى، لا بد من عقد مؤتمر اقليمي امني، حيث ينبغي تشجيع جيران العراق، بضمنهم ايران، على الالتزام باحترام حدود العراق ونظامه الفيدرالي ولوضع نظام لتطبيق خطة عدم الاعتداء. ان لدى جيران العراق حوافز قوية لانجاح هذه الصفقة. فبالنسبة إلى تركيا، ستكون افضل وسيلة لتجنب قيام دولة كردية منفصلة ونقطة لتجمع الانفصاليين الاكراد في تركيا. والدول ذات الاغلبية السنية، مثل العربية السعودية والكويت، ستجد عزاء في حقيقة ان الشيعة العراقيين وايران لن يسيطروا بالفعل على جميع اقسام العراق. بالنسبة إلى ايران، سيساعد الاستقرار في العراق على تجنب مواجهات جديدة ومزعجة مع البلدان الاخرى. وستشرك جميع الاطراف ايضا بوجود مصلحة قوية في منع انحدار العراق في حرب اهلية، التي قد تجرهم إلى نزاع اوسع.
ان الامم المتحدة، خصوصا الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن اضافة إلى الاتحاد الاوربي، يجب ان تسبق المؤتمر بتحرك دبلوماسي مناسب وتساعد في تشجيع نوع معين من الاليات الاقليمية لضمان ان يتم احترام اتفاق معاهدة عدم الاعتداء، حال ابرامها.
وبالطبع، فان جميع الاطراف ستستخف بهذا المشروع الدبلوماسي. ولكن الية مشابهة قد نجحت في البوسنة وهي تستحق المحاولة بخصوص العراق. انه رهان قليل الحظ من النجاح ولكن مكاسبه المحتملة عظيمة.
نصيب افضل
ان توحيد العراق عن طريق جعله لا مركزيا ليس من المرجح ان يسعد جميع العراقيين، ولكنها خطة تعطي كل مجموعة القسم الاعظم مما تعتبره مهما: اعادة مباركة الحكم الذاتي للاكراد، نوع من الحكم الذاتي والنفوذ للسنة، وبالنسبة للشيعة، الحرية التاريخية لحكم انفسهم والتمتع بثرواتهم المستقبلية. وبالنسبة لكل الاطراف، فانها قد تكون الفرصة الاخيرة لتجنب الحرب الاهلية.
يقدم هذا المخطط وقتا معقولا للعراقيين للاهتمام بامنهم الشخصي، كما ان حوافزه ملموسة. وانها تسير بسرعة محسوبة بعناية لانقاذ كرامة الأمريكان الذين خدموا وضحوا بانفسهم في العراق. كما تسمح للحكومة الامريكية بالمغادرة بكرامة ولترك العراق للعراقيين حسب اهوائهم- مهما كانت طبيعتها.


غصن الزيتون

بقلم: رود نوردلاند
ترجمة
:المدى
عن نيوزويك

خففت الحكومة العراقية من نبرة النسخة الاخيرة من المشروع الداعي إلى سحب القوات الامريكية وإعلان العفو عن المتمردين، ولكنها ما زالت تخطط لمراجعة الفقرات المحذوفة. فتحت ضغوط مكثفة من قادة الائتلاف العراقي الموحد، عرض نوري المالكي مشروعا مخففا إلى حد بعيد للمصالحة الوطنية عندما اجتمع البرلمان يوم الاحد قبل الماضي. والتقى الائتلاف العراقي، الذي يضم حزب المالكي ذاته، حزب الدعوة، في جلسة طارئة في وقت متاخر من مساء السبت لتحديد التغيرات، بازالة اية اشارة ضمنية إلى العفو عن المتمردين، او عن الجدول الزمني لانسحاب قوات التحالف. كانت هنالك اربع فقرات اساسية قد ازيلت، بضمنها تلك التي تصر على التفريق بين قوات "المقاومة الوطنية" و"الارهابيين"، والاخر هو ما كان ينبغي ان يلغي قرار طرد العديد من مسؤولي حزب البعث السابق طبقا لبرنامج اجتثاث البعث في البلاد. اما اللغة الضمنية حول السيطرة على المليشيات و"فرق الموت" فقد ازيلت ايضا من النسخة النهائية. وما بقي كان عبارة عن اعلان عن مباديء عامة اكثر غموضا، ولكنها من النوع الذي ينبغي للجميع ان يضعوها على الطاولة. اكد مساعدو المالكي بانهم سيضغطون من اجل اعادة الفقرات المحذوفة في الوقت الذي يواصل فيه البرلمان مناقشة المشروع، وقالوا بان العفو موجود ضمنا في الدعوة إلى التفاوض مع جميع شرائح المجتمع العراقي. لقد أعلن المالكي توا عن اطلاق سراح 2500 معتقل خلال هذا الشهر كرسالة إلى المتمردين. ولكن من غير الواضح فيما ان كان رئيس الوزراء سيكون قادرا على التغلب على المعارضة القوية ضد اعلان العفو من جانب المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، وهو اكبر حزب في الائتلاف العراقي الموحد.
وفي مقابلة مع عبد العزيز الحكيم، قائد المجلس الاعلى، استبعد كل كلام عن المقاومة." حتى الان لم اشاهد اية مقاومة شريفة" كما قال." لم يثبت بان هنالك مقاومة شريفة. ما رأيناه هو مجموعات إرهابية قامت بقتل العراقيين. كيف يمكن ان نعترف بتلك المجموعات؟" كان المالكي نفسه توفيقيا أكثر عندما قدم مشروعه إلى الجمعية الوطنية يوم الاحد." إلى اولئك الذين يريدون ان يعيدوا بناء بلدنا، نقدم غصن الزيتون" كما قال. " وإلى أولئك الذين يصرون على القتل والإرهاب، نقدم قبضة قوة القانون من اجل حماية بلدنا". وفي مؤتمر صحفي بعد الجلسة، قال السفير الامريكي زلماي خليلزاد،" أدعو المتمردين إلى إلقاء أسلحتهم والانضمام إلى العملية الديمقراطية." من دون بعض العفو، من الصعب رؤية كيفية قيامهم في يوم ما بذلك.

 
 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة