بينما
تلاحق البحرية العراقية المهربين في أم قصر
..
النفط والأغنام وأجهزة
التلفاز البضاعة المفضلة للتهريب
ترجمة
وإعداد/ مفيد وحيد
بقلم/
جيمس كلانز
عن/ نيويورك تايمز
في اكبر واهم
ميناء عراقي يطل على الخليج، تجد وقائع الحياة غير
الطبيعية والتجارة المختلطة بأشياء مستحدثة ، تتحكم كثيرا
ببقية أنحاء العالم.العميد البحري ثامر ناصر وطاقمه البحري
يقومون بجولات روتينة لتنفيذ القانون في مطاردة المهربين
الذين يحاولون الهروب بزوارق محملة بشحنات النفط والديزل
اوأجهزة التلفاز وكذلك قطعان الاغنام وحتى الجمال، الجمال
مفضلة في التهريب هنا ،ليس لتميزها بالصبر بل لأنها رخيصة
الثمن ، العميد ثامر يطارد القراصنة في معارك قصيرة ويشتبك
معهم في مواجهات مميتة. وهكذا تجري الامور في ميناء ام قصر،
الميناء الذي افترض سقوطه مع الساعات الاولى للحرب في 2003
، ولكنه لم يسقط الا بعد معارك بالبنادق قبل ان تتلاشى
مقاومته . ليصبح بعد ذلك من اكثر المداخل أهمية في نقل
المواد الغذائية مثل الرز والحنطة .تبلغ مساحة ميناء ام
قصر 30 ميلا وهو على شكل قناة متعرجة تمتد من الخليج، وما
زال الاكثر اهمية للسوق العراقية وجهود إعادة الاعمار،
صورة ميناء ام قصر الغامضة تجسدت مبكرا في الصراع حين قارن
سكرتير وزارة الدفاع البريطانية جون هون بينه وبين الميناء
البريطاني في مدينة ساوث امتون ، وعرفه جندي بريطاني قائلا
" انه يشبه ميناء بورتسماوث ليس فيه أي نوع من المتعة "
والان بعد اشهر من الهدوء النسبي في الجنوب ازدادت
المفخخات المعقدة الصنع والمزروعة على جوانب الطرق وكثرت
عمليات قتل العراقيين العاملين مع الغربيين كما انه تحول
الى مكان خطر يتخلله الفساد والاضطرابات في السوق التجارية
.
ميناء ام قصر يشبه الى حد بعيد أي ميناء عالمي ذو مياه
عميقة، فهنالك صف طويل من الرافعات الجسرية العملاقة
المتخصصة بتفريغ حمولات السفن الناقلة والتي كتبت أسماءها
المختلفة مثل تاتانيا ومارلبوا واكسبلور(1) .امتدادات
الإسفلت غير المعبد بطريقة متسقة، ورافعات الحبوب العالية
والمخازن تحيط بأحواض السفن او المراسي، التي انتشرت على
سطوحها أكياس الجنفاص ، والتي ربما كانت اكياسا مليئة
بالاسمنت المستورد ، او صناديق الثلاجات او افران
المايكريف واجهزة الـ(دي في دي) ، بينما يستلقي او يغفو
سواق الشاحنات في الظل الذي تصنعه شاحناتهم وهم ينتظرون
أدوارهم في التحميل، يؤكد نجم زغير احد العاملين هنا قائلا
"انك لا تستطيع ان تتحرك انجا واحدا من دون ان تدفع رشاوى
الى عمال الرافعات او الاحواض" .مؤكدا ان الاجور التي تدفع
الى عمال الميناء هي اجور قليلة ،مضيفا " وكانك تقول له
اذهب واسرق" وقال محاولا التخفيف من وطأة كلامه "لهذا
تجدهم يطلبون البخشيش دائما" . ان الاجور التي يتقاضونها
عادة تتراوح عادة بين 150 دولاراً الى 250 دولاراً شهريا ،وان
مشغل الرافعة يتعود ان يحصل على بخشيش يصل الى نحو 50
دولار عن كل مهمة يقوم بها.
كما ان الكثير من الجرائم تحدث في مراسي السفن، حسب
التقارير التي رفعتها الشرطة العراقية في عام 2006 والتي
تبين ان نصف الجرائم تقع هناك. السيد زغير مثل العميد ثامر،
كان يستقل قاربا معدا من قبل مهندسي الجيش الاميركي ، ضمن
مبالغ مشاريع الأعمار التي تصل الى 45 مليون دولار وتشمل
ايضا اقامة مرسى شحن ورافعتين جديدتين من النوع الكبير.
ولا تزال الارقام بالنسبة لاي باحث عن إشارات عودة الحياة
الى طبيعتها تبين ان هنالك من 16 الى 18 سفينة شحن، ترسو
في الميناء كل اسبوع لتفرغ نحو 45 الف طن من الطحين، و11
الف طن من الرز، و55 الف طن من الاسمنت، و30 الف طن من
المواد المتنوعة الاخرى. وهو يستقبل من 4 الاف الى 5 الاف
شاحنة اسبوعيا، تنقل البضائع الى كل انحاء العراق .بلغت
اثمان الضرائب المرورية في الميناء نحو 600 الف دولار
شهريا في عام 2004، ووصلت الى 2،5 مليون دولار شهريا هذا
العام. ولكن هذه الاموال تتلاشى في مرتبات العاملين في
الميناء وهي مرتبات شحيحة اصلا. وفي ظاهرة تبدو مشابهة
لظروف الحياة الاميركية فان مسؤولي الميناء لديهم الاف
العمال غير الضروريين ، قال السيد زغير ان تنظيف وإعادة
اعمار الميناء لا تزال معتمدة على الاموال الاميركية .
بينما رفض مسؤول ان يذكر اسمه وجود عمال زائدين في الميناء.
وتبقى قضية القراصنة والمهربين تشغل المسؤولين، يشير
الضابط ثامر ، )44) عاما وهو ضابط العمليات هناك بانهم لا
يملكون الكثير من الامكانيات لمواجهة عمليات التهريب،
ذاكرا ان كل ما لديهم ، عشرة زوارق سريعة مصنوعة من
الالمنيوم يصل طول الزورق الى 15 قدماً ، وخمسة من الزوارق
صينية المنشأ طولها 40 قدماً، وعشرة زوارق صغيرة الحجم.
قال العميد ان سرعة زوارقه تصل الى" خمسين عقدة" وهي زوارق
سريعة، قدمت هدية من قبل دولة الامارات العربية " انها
زوارق سريعة يمكنها اللحاق باي زورق اخر" وحدثت بينهم وبين
القراصنة ثلاث مواجهات دامية، عادة ما يجبرون المهربين على
الاعتراف عن الاماكن التي يخبئون فيها اموالهم،كما انهم
يقبضون على مشبوهين بتهم الارهاب، بدا ان السيد زغير
وصديقه العميد ثامر يتندران حول شحنة الجمال التي قبضوا
عليها، قال العميد ثامر، وهو يحاول ان يكون جادا بعد ان
سئل عن السبب في تهريب الجمال" العرب يحبون الجمال" واضاف
السيد زغير وهما يهمان بالضحك " ان الجمال والاغنام
العراقية هي المرغوبة اكثر، كما انها رخيصة الثمن"
|