ثورة 14
تموز .. خطوة إلى أمام، شوط إلى وراء!
أ.د
سليم الوردي
تراودني فكرة كتابة هذه
المقالة منذ زمن، ولكنها تستعصي على يراعي، لما تنطوي عليه
من مداد أفكار لا يستسيغها خطابنا السياسي المألوف، الذي
حكمته ولا تزال الثوابت والمحرمات السياسية. وكأن رادعاً
داخلياً يردع قلمي حين أتوجه لتدبيجها، يصل إلى حد تعنيفي
وتقريعي. ولعلني نجحت مؤخراً في مراوغته، منتهزاً غفوته في
عقلي الباطن، فانصرفت إلى كتابتها على وجه السرعة، قبل أن
يستيقظ ويحثني على تمزيقها.
يتعذر على جيلنا الذي ترعرعت فتوته السياسية في كنف ثورة
14 تموز 1958 أن ينظر إليها خارج هالة الإبهار التي أحاطها
بها. فلقد مثلّت لجيلنا الحب السياسي الأول. فترانا نصبو
إلى أجوائها ورموزها على الرغم من مرور زهاء نصف قرن من
الزمن. ولا نريد لصورتها البهية المنقوشة في ذاكرتنا
السياسية أن تخدش لأي سبب كان.
لقد
كثّفت ثورة 14 تموز تطلعات الفصائل السياسية على اختلاف
مذاهبها ومشاربها. توسم فيها الليبراليون تحولاً إلى نظام
ديموقراطي دستوري حقيقي. وطمح الشيوعيون إلى أن تتنامى إلى
ما أسموه "بالثورة البرجوازية الديموقراطية"، محطة انتقال
إلى بناء الاشتراكية. أما القوميون فأصروا على عدّها ثورة
وحدوية، وسعوا إلى ذلك بحد السيف. واثبت التأريخ خيبة جميع
تلك التطلعات. استؤصلت البدايات الجنينية للحياة النيابية
الدستورية. وطوقت الحركة الشيوعية، وأصبح بناء الاشتراكية
هدفاً ضبابيا مؤجلاً. أما القوميون فقد تقدمهم حزب البعث
الذي انقسم إلى جناحين: سوري وعراقي، تمخضت عنهما دولتان
متناحرتان، بينما كان المشروع الوحدوي يرى فيهما انضج عينة
للوحدة العربية.
وعلى الرغم من تلك الخيبات لا يزال الكثير من أبناء تلك
التيارات السياسية، يؤمن إن ثورة 14 تموز كانت تختزن
تطلعات تياره "لو لم". وتمثل ألـ"لو لم" هذه ذروة
الرومانسية "العناديّة". وهو ما يغذّي هالة القدسية التي
تحاط بها الثورة، مما يحرم اخضاعها للتحليل النقدي، اللهم
إلا إذا اقتصر الأمر على استعراض إنشائي منمّق "لإنجازاتها
ومكاسبها".
أشرعت ثورة 14 تموز الطريق لعهد جديد تلاحقت فصوله، وقادت
العراق خلال 45 سنة إلى بلد محتل. وهو ما تأبى عقيدتنا
التموزية إقراره. إذ تصر على تجزئة العهد الجمهوري إلى
فصول منعزلة عن بعضها الآخر: قاسمي وعارفي وصداميّ. لتجعل
من كل فصل مسرحية مستقلة بذاتها، من حيث الحبكة والذروة.
فتسلخ السنوات الأربع ونيف لثورة تموز عن العملية السياسية
اللاحقة التي نحصد اليوم نتائج خيباتها. وينسبون علة ذلك
إلى الانحراف عن أهداف ثورة 14 تموز. لقد هيمنت على المنطق
السياسي في العهد الجمهوري مقولة "تصحيح الانحراف". وصف
انقلابيو 8 شباط 1963 حكم عبد الكريم قاسم بالانحراف عن
أهداف ثورة 14 تموز، ونسبوا لأنفسهم وظيفة تصحيح الانحراف.
وبعد 9 أشهر اسماهم عبد السلام عارف بالمنحرفين حين انقلب
عليهم. وبررت جميع المحاولات الانقلابية اللاحقة بتصحيح
الانحراف، مما يجعل العهد الجمهوري سلسلة من الانحرافات..!
وعلى أية حال فأن الإصرار على المنهج التجزيئي لفصول العهد
الجمهوري إنما يشفّ عن عقدة تموزية رومانسية، أطلق عليها
مجازاً اسم : عقدة 14 تموز.
عقدة ثورة 14 تموز
تفسر العقدة النفسية: إنها فكرة تسيطر على وعي الإنسان،
على الرغم من غموضها او تقاطعها مع حقائق الأشياء. وتعذر
تفسيرها منطقياً وقدرتها على الجمع بين متناقضين، من دون
أن يشعر المريض بالتناقض أو يراوده الشك فيه. وهو ما تؤشره
–بتقديري-
عقدة ثورة 14 تموز لدى العراقيين. فنجدهم يحنّون إلى أيام
العهد الملكي، ويمجّدون ثورة تموز التي أجهزت عليه. إننا
أمام جدلية عجيبة: تشفق على القتيل وتمجّد القاتل في آن.
واسترعى انتباهي إن العقل الباطن للعراقيين وجد منذ
البداية حلاً تساومياً لهذا التناقض حين أطلقوا على العهد
الملكي تسمية "العهد البائد". وصفة البائد مشتقة من الفعل
اللازم "باد" بمعنى هلك. ولم يطلق عليه
–إلا
قلّة منهم- تسمية "العهد المباد"، لاشتقاقها من الفعل
المتعدي "أباد". وأزالوا بذلك صفة العدوان عن ثورة تموز.
وكأن العهد الملكي فني من تلقاء ذاته، ولم تنهض ثورة تموز
إلا بمواراته الثرى !
لم التق أياً من العراقيين المخضرمين إلا وحنّ إلى أجواء
العهد الملكي، خاصة حين يقارنها بالعقود العجاف التي
أعقبته. بيد إن ذلك لا يغذي عقيدة تصب في صالح ذلك العهد.
وخير شاهد على ذلك إن الحركة الملكية الدستورية الداعية
إلى بعثه، لم توفق في حصد مقعد واحد في الانتخابات
النيابية سنة 2005 .
شرعنة العقيدة
الانقلابية
يقرن الكتّاب نشوء العقيدة الانقلابية في المشروع السياسي
العراقي بانقلاب الفريق بكر صدقي سنة 1936، الذي شاركت فيه
زعامات محسوبة على التيار الليبرالي، وسانده اليسار
العراقي الذي كان في أبان تشكله. ويروي الراحل الأستاذ
روفائيل بطي في كتابه "ذاكرة عراقية" إن ستة انقلابات
عسكرية أعقبت انقلاب بكر صدقي، لفرض وزارات على البلاط،
انتهت بانقلاب سابع هو "حركة مايس سنة 1941". ويمكن القول
إن موجة الانقلابات العسكرية قد توقفت حتى سنة 1958. ولكن
جذوتها لم تنطفئ.
ومن المفارقة القول إن العهد الملكي قد غذّى النزعة
الانقلابية من حيث لا يدري. وذلك حين حلّ المجلس النيابي
بتأريخ 9/7/1954 على إثر فوز 14 ممثلاً لقوى المعارضة في
الانتخابات، الذين كانوا يمثلون نسبة 10% من مجموع أعضاء
المجلس. لا يتوقف الكتّاب كثيراً عند هذه المحطة، بينما
أرى فيها اخطر حدث في الحياة السياسية للعراق، أدار مقودها
باتجاه تسويغ طريق الانقلاب العسكري لقوى المعارضة،
الرديكالية منها والليبرالية، حين قضى تماماً على تطلعاتها
إلى حياة برلمانية حرة. ويتراءى لي إن المشروع الليبرالي
في العراق قد انتحر في هذا المنعطف.
وإذا كان انقلاب بكر صدقي سنة 1936 قد أسس للعقيدة
الانقلابية في المشروع السياسي العراقي، فإن انقلاب 14
تموز سنة 1958 قد شرعنها، ورفع الفعل الانقلابي إلى مصاف
الثورة الشعبية، حين التفت حول الانقلاب أوسع جماهير الشعب
ومعظم فصائله السياسية.
استشراء العقيدة
الانقلابية
بعد الانتصار السلس والساحق لانقلاب 14 تموز، أصبح
الانقلاب العسكري العقيدة الأكثر رواجاً في الواقع السياسي
العراقي. ففي غضون بضعة اشهر على انقلاب 14 تموز حصلت ثلاث
محاولات انقلابية. ويذكر إن الزعيم عبد الكريم قاسم قد
أعلن إنه كان قد أجهض 12 محاولة انقلابية خلال فترة حكمه.
ويقدر عدد المحاولات الانقلابية للسنوات 1958-2003 (الناجحة
والفاشلة) بأكثر من عشرين محاولة.
إن من التبسيط اختزال بواعث مسلسل الانقلابات العسكرية إلى
مجرد نزعة مغامرة لدى مجاميع من ضبّاط الجيش للاستئثار
بالسلطة السياسية. إن نسغاً نازلا وصاعداً كان يجمعها
دائماً ببعض أطراف المشروع السياسي، يجعل منها رأس نفيضة
لتحقيق منهجها السياسي الانقلابي. وهو ما يسوّغ لنا الحديث
عن تنامي عقيدة سياسية انقلابية، وجدت في انقلاب 14 تموز
سنة 1958 مرجعية لها. وهو يفسر في الوقت عينه وفاء جميع
الانقلابيين اللاحقين لذكرى 14 تموز ومواصلتهم الاحتفال
بها رسميا كل عام. ولعل واحد من تجليات عقدة 14 تموز آنفة
الذكر، إصرار اغلب العراقيين على نزع صفة الانقلاب العسكري
عنها، ولطالما احتدم النقاش بين من كان يرى فيها انقلابا
عسكريا ومن يصرّ على وصفها بالثورة. ويشفّ هذا الإصرار عن
إدانة ضمنية للفعل الانقلابي من جانب والحرج من تأييده من
جانب آخر. وهو من افرازات البدايات الجنينية للثقافة
الليبرالية، التي سرعان ما انحسرت تحت ضغط العقيدة
الانقلابية، حين استشرت في الوعي السياسي للمجتمع العراقي
في أعقاب 14 تموز 1958.
ولم تقتصر الرؤية الانقلابية على قيادات الأحزاب السياسية
وحسب، بل تغلغلت في وعي وثقافة قواعدها، التي مثّلت عامل
ضغط على تلك القيادات. وللآن نجد قواعد بعض تلك الأحزاب
تنحو باللائمة على قياداتها لتقاعسها عن توظيف كوادرها في
الجيش للقفز إلى السلطة. وفي تجربة فريدة في نوعها
ودلالاتها قامت قواعد الحزب الشيوعي العراقي في مراتب
الجيش بمحاولة انقلابية في 3 تموز 1963 بمعزل عن قيادة
الحزب.
أما فشل الكثير من المحاولات الانقلابية في عهد حكم البعث
(1968-2003) فلا يعود إلى تلاشي العقيدة الانقلابية، بل
تكرسها، لان الإيديولوجية التي هيمنت على الحكم كانت عقيدة
انقلابية. ويدرك روّادها السلطويون جيداً دقائق السياقات
والتقنيات الانقلابية فتحوطوا لها، واجتثوا بمهارة عالية
إمكانية الانقلاب عليهم. وبالمقابل تحولت تلك العقيدة إلى
حلم يراود خيال شرائح المجتمع، حتى الليبراليين. ليتحقق
أخيرا على يد "انقلاب عسكري أجنبي" واليوم، وبعد أن أصبح
العراقيون يرفلون بالديموقراطية، بدأ الكثير منهم يحلم "بفارس
انقلابي" ينقذهم من حمامات الدم التي يسبحون فيها.
رؤيتان : ساكنة
وحركية
على الرغم من مرور زهاء نصف قرن على ثورة 14 تموز، لا يزال
الكثير من العراقيين يقيّمها كما كان يقيّمها أبناء جيلها
في حينه، منغلقاًَ على معطياتها الظرفية، بينما يسدل
الستار على ما آلت إليه، يفترض المنطق العلمي لفهم الظاهرة
استشراف مستقبلها. فما بالك إذا كان هذا المستقبل قد انكشف
والمآل قد تحقق!
إن الرؤية الرومانسية لثورة 14 تموز تجمد مشاهدها، فلا
تعود سخونة الأحداث اللاحقة خليقة بإذابة الجليد المتراكم
عليها. وهو ما أطلق عليه تسمية "الرؤية الساكنة" التي
تتعامل مع ثورة 14 تموز بوصفها "تراثاً سياسياً" للشعب
العراقي لا يحسن التعريض به. بينما هي في حقيقة الأمر "إرثاً
سياسياً" فاعلاً لا تزال تداعياته تحكم المشهد السياسي
الراهن. وما أحوجنا اليوم إلى "رؤية حركيه" تتعامل مع
الظاهرة السياسية ضمن نواميس وسياقات تطورها، للوقوف على
مدى تفاعلها مع البيئة المحيطة بها تأثيراً وتأثراً.
لا تقيّم جدارة البرنامج السياسي بالإجراءات التي يتخذها
والنجاحات الآنية التي يصيبها وحسب، بل في حصيلتها
النهائية. يمكن للجيش أن يحقق في هجومه على العدو انتصارات
باهرة. بيد إن فاعليته تقاس بمدى محافظته عليها، وإدامة
زخمها. فإذا ما تقهقر إلى ما وراء خطوط انطلاقه وتكبد
خسائر فادحة، عندها لا تعدّ النجاحات التي أصابها في هجومه
انتصاراً. في ضوء هذا المعيار الحركي يحسن بنا أن نقيّم
اليوم ثورة 14 تموز لسنة 1958 .
لا أحد يماري في إنجازات ثورة تموز على المستويات المختلفة.
ولا أرى ضرورة لاستذكارها، فقد تناولها فيض من الأدبيات
السياسية. وهي محل اتفاق معظم الرأي العام العراقي، بل
ويقرّها حتى أولئك الذين انقلبوا عليها. إن ما يستأثر
باهتمامي، هو الدور الذي لعبته ثورة 14 تموز في المسيرة
السياسية للعراق الحديث، إذ يمثل ذلك مفتاحاً للمحاور
المتفرعة الأخرى.
إن من أخطر افرازات ثورة تموز، هو تمويه العلاقة بين
السلطة والدولة، مستندة في ذلك إلى التأييد الجماهيري
الساحق الذي حظيت به. فجمعت زعامة الثورة في يدها السلطتين:
التشريعية والتنفيذية. وسارعت إلى شرعنة ذلك بإصدار
الدستور المؤقت لعام 1958 بعد ثلاثة عشر يوماً من اندلاع
الثورة. وأسست بذلك لمسلسل الدساتير المؤقتة اللاحقة
للسنوات (1963، 1964، 1968 و 1970). وهو ما يؤشر بوضوح عجز
فصول العهد الجمهوري المتعاقبة عن تأهيل المجتمع العراقي
لدستور دائم.
قوّضت ثورة تموز واحدة من الأركان الثلاثة للدولة المدنية،
وهي السلطة التشريعية، ممهدة بذلك للحكم الدكتاتوري.
وانتصبت في الثقافة السياسية موضوعة "الشرعية الثورية".
وسوغتها في أعين الجماهير، الفقيرة منها خصوصاً، المكاسب
المتواترة التي قدمتها لها الثورة في مدة قصيرة، وهو ما لم
تنله خلال العهد الملكي بعقوده الأربعة. وقد حوّل ذلك
الجماهير من موقع المطالِِب بحقوقها إلى موقع المنتظر
السلبي للمكاسب والإنجازات.
ولم تتعرض زعامة الثورة إلى مساءلة الجماهير والقوى
السياسية عن ابتلاعها للسلطة التشريعية. فقد استغرق
الجماهير انغماسها في التنظيمات المدنية: السياسية
والمهنية، مما عدّ في حينه خطوة كبيرة في اتجاه المجتمع
المدني. إن من شاهد مسيرات الأول من أيار سنة 1959 ليعجب
من كثرة وتعدد التنظيمات النقابية والجماهيرية، وصولا إلى
نقابة "مدلّكي الحمامات العمومية". أما القوى السياسية فقد
انحسرت من أجندتها المطالبة الحقيقية بالحياة البرلمانية.
وأصبح موقفها من السلطة الحاكمة شغلها الشاغل. بعضها انحاز
لها وساندها، بينما عارضها البعض الآخر وتآمر عليها. وتحول
هذا الاختلاف إلى انقسام حاد فيما بينها، وصل إلى حد
الاقتتال.
لقد سجلت ثورة تموز بداية تآكل الدولة العراقية الناشئة.
ولكن ذلك لم يطف على السطح، لأنها كانت قد ورثت عن العهد
الملكي مؤسسات مر على تأسيسها زهاء أربعة عقود، مما أعانها
على إدارة شؤون المجتمع بسلاسة. ولكن هذه الإشكالية تجلّت
في فصول الحكم اللاحقة، حين راحت السلطة تلتهم مؤسسات
الدولة. وكلما استفحلت السلطة خنِثت الدولة. وحين ضعفت
السلطة في تسعينيات القرن الماضي، وانشغلَت بحماية نفسها
تراجعت الدولة عن وظائفها المدنية واسلمتها للمؤسسة
العشائرية التي حظيت بدعم كبير من لدن السلطة، لملء الفراغ
الذي ما عادت السلطة قادرة على ملئه.
يقال إن الدولة العراقية انهارت في 9 نيسان 2003. وهو كلام
غير دقيق، لأنها كانت قد تلاشت منذ سنوات. إن ما انهار هو
السلطة الحاكمة. فالدولة القوية الفاعلة لا يقوضها احتلال
أجنبي، إنما يشل سيادتها الوطنية إلى حين.
لقد رفع التاسع من نيسان 2003 الغطاء عن القمقم، وانفلتت
من عقالها العصبيات اللامدنية (طائفية وعشائرية وعرقية).
وراحت تسعى حثيثاً إلى الإمساك بالسلطة. إن عصبيات المجتمع
اللامدني لا يمكنها أن تبني دولة مدنية وإن تلفعت برداء
المجتمع المدني. بل ولا حتى مجرد دولة، إلا بشرط غلبة
عصبية سياسية على العصبيات الأخرى. ويعيدنا ذلك إلى اطروحة
العلامة ابن خلدون
"إن الأوطان كثيرة القبائل والعصائب قلّ أن تستحكم فيها
دولة"
لقد ولدت ثورة 14 تموز لإصلاح نظام الحكم في الدولة
العراقية ولكنها أجهزت على حياة ألام (الدولة العراقية)
لأنها ولدت بعملية قيصرية. فنشأ الوليد يتيماً محروماً من
رعاية ألام، تتقاذفه أهواء زوجات الأب اللواتي تتابعن على
تربيته.
لم اصمم هذه المقالة لجيل ثورة 14 تموز، فاغلبه قد رحل،
والباقي منه يشدّ الرحال. بل للجيل الشاب الذي لا يملك
فكرة عن تلك الثورة ومساراتها، سوى ما يتلقاه من انطباعات
ومعلومات يتركها له أبناء جيلها. ولا أخشى على الجيل الشاب
أن يرث عقدة ثورة 14 تموز آنفة الذكر، لأنه لم يكن طرفاً
في أحداثها، بل أخشى أن نورثه ازدواجية المعايير، وهو ما
لا يخدم ثقافته السياسية، ولا يؤهله لإرساء مشروع سياسي
وطني واقعي.
saleemalwardi@yahoo.com
|