وزارات
الدولة لشؤون... في العراق؟
جميل
عودة *
*
محام عراقي
أُستحدث بعد سقوط النظام السابق عدد من وزارات الدولة، وصل
عددها إلى عشر وزارات وهي: وزارة الدولة لشؤون المرأة،
وزارة الدولة لشؤون المحافظات، وزارة الدولة لشؤون الامن
الوطني، وزارة الدولة لشؤون مجلس النواب، وزارة الدولة
لشؤون المجتمع المدني، وزارة الدولة لشؤون السياحة والآثار،
وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني، وزارة الدولة الخارجية،
واثنان بلا اسم!.
ويرى
بعض المعنيين بالشؤون السياسية والادارية أن سبب استحداث
وزارات الشؤون(وزارات بلا حقيبة) يُعزى إلى حاجة الدولة
إلى إدارة متخصصة في شأن من شؤون الدولة لا يدخل في اختصاص
وزارة من الوزارات العادية، ولا يمكن رعاية مصالحه من دون
إستحداث تلك إلإدارة.
بينما يرى آخرون أن السبب الواقعي وراء استحداث وزارات
الدولة هو سبب سياسي يتعلق بالمحاصصة السياسية، وتقاسم
مناطق النفوذ بين الاحزاب والكُتل السياسية التي فازت في
الانتخابات، كما في وزارات الدولة التي لم تحمل أسما معيناً
كغيرها من الوزارات، ومن هذا المنطلق سُميت تلك الوزارات
بـ(الوزارات السياسية) في مقابل الوزارات السيادية
والخدمية.
وسواء كان وراء تأليف وزارات الدولة سبب إداري أو سياسي أو
الاثنان معا، فهذا لا يعنينا كثيرا بقدر ما يعنيينا الوضع
الاداري والقانوني لوزارات الدولة من خلال بيان أوجه
التشابه والاختلاف بين الوزارات العادية (وزارات الحقيبة)
مثل وزاراة الداخلية، ووزارة العمل، ووزارة الصحة، وبين
الوزارات السياسية(وزارات بلا حقيبة) وما هي الحقوق
والواجبات التي يتمتع بها وزير الحقيبة عن الوزير بلا
حقيبة؟.
لم يشر الدستور الدائم في مواده لا إلى الوزارات العادية
ولا إلى الوزارات السياسية، وبالتالي لم يبين أوجه التشابه
والاختلاف بينها. كما لايوجد -في حدود علمنا- قانون ينظم
الوزارات التي تحمل صفة الوزارات بلا حقيبة، إلا قانون
الوزارة نفسها وهو قانون متواضع جدا.
أما في خصوص أوجه الشبه بين وزارات الحقيبة ووزارات ليست
بحقيبة هي:
- من حيث الاطار العام: حيث تحمل وزارات الدولة أسم (الوزارة)
مثل الوزارات العادية، وبالتالي، فان الآثار السياسية
والادارية والقانونية التي تترتب لوزارات الحقيبة هي نفسها
التي تترتب للوزارات بلا حقيبة. وكل ما في الامر أن
الوزارة العادية مثل وزارة الداخلية تسمى(وزارة الداخلية)
أما وزارة شؤون فتسمى(بوزارات الدولة لشؤون) مثل وزارة
الدولة لشؤون مجلس النواب.
-من حيث الموضوع: تتولى وزارات الدولة مسؤولياتها في موضوع
معين تختص به، فوزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني تختص في
موضوع المجتمع المدني من حيث تنظيم وتنسيق ودعم عمل مؤسسات
المجتمع المدني، وهي المؤسسات التي تلعب اليوم دورا مهماً
في توجيه الرأي العام، ويكون لنشاطها آثار مباشرة على
الاوضاع الاجتماعية والسياسية والقانونية والثقافية في
البلاد، وهي بذلك لا تختلف عن الوزارات العادية مثل وزارة
الدفاع التي تختص في موضوع الجيش وتجهيزه ودعمه وتدريبه
والارتقاء به إلى مستوى الدفاع عن الوطن والشعب.
ولكن هناك من يرى ان موضوع الوزارات العادية هو أوسع من
موضوع وزارات الشؤون، وسعة الموضوع هي المعيار في اعتبار
الوزارة وتسميتها وزاراة عادية أو وزارة دولة.
-من حيث الاعتبار السياسي: تُعد وزارات الدولة لشؤون ...
في نظر الكتل والاحزاب السياسية وزارة مثل كل الوزارات
الاخرى، وتمنح على أساس النقاط التي تجمعها الكتل السياسية
البرلمانية، وتحسب كوزارة للتكتل الذي تمنح إليه، إلا أن
النقاط المطلوبة لتحصيل وزارة الدولة هي أقل من النقاط
المطلوبة لتحصيل وزارة سيادية، وذلك بالنظر إلى اهمية
دورها في تصور السياسيين، وهذه المفاضلة موجودة بين
الوزارات السيادية، والوزارات الخدمية أيضا.
-من حيث الوزير:- يتمتع وزير الدولة لشؤون ... بنفس
الامتيازات التي يتمتع بها الوزير في الوزارات العادية،
وذلك من حيث الحصول على ثقة مجلس النواب حيث تشترط المادة
(76) في رابعا( الموافقة على الوزاراء منفردين) ومن حيث
اداء اليمين، فقد اشارات المادة (79) إلى أن (يؤدي رئيس
وأعضاء مجلس الوزراء اليمين أمام مجلس النواب...) ومن حيث
المسؤولية، فقد اشارات المادة (83) (تكون مسؤولية رئيس
الوزراء والوزراء أما مجلس النواب تضامنية وشخصية ) ومن
حيث أداء القسم امام مجلس النواب، ومن حيث اعتبار صوته في
مقابل صوت الوزراء الآخرين في مجلس الوزراء، ومن حيث
مسؤوليته السياسية والقانونية امام المجلس أيضا، ومن حيث
راتبه، فراتب وزير الدولة هو نفس راتب الوزير العادي، ومن
حيث المكافآت والامتيازات الاخرى.
أما اوجه الاختلاف بين وزارات الدولة والوزارات الاخرى.
فيكمن في الآتي:
-من حيث التسمية: تسمى وزارات الدولة بوزارات الشؤون، مثل
وزارة الدولة لشؤون المحافظات، بينما الوزارات الاخرى تسمى
بدون ذكر كلمة الشؤون، وهذا الامر راجع إلى سعة وضيق
الموضوع الذي تهتم به الوزارة كما بينا.
- من حيث المكان: تتواجد جميع وزارات الدولة وفقا للسياق
المعمول به الآن في مبنى الامانة العامة لمجلس الوزراء،
وتؤدي نشاطها من هناك، بخلاف الوزارات العادية التي تتخذ
لها مكانا بعيدا عن بناية الامانة العامة .
-من حيث أقسام الوزارة: لاتحظى وزارة الدولة بعدد الاقسام
التي تحظى بها الوزارات الاخرى، فاقسامها محدودة جدا ،
وربما في كثير من الاحيان لا تتناسب وحجم المسؤوليات التي
تتكفل بها. كما ليس لها مكاتب او مديريات تمثلها في
المحافظات. وبالطبع لا يوجد قانون او نظام يقلص اقسام
وزارات الدولة، بل هناك امر صادر عن رئيس الوزراء الدكتور
أياد علاوي يقضي بفتح مكاتب لوزارة الدولة لشؤون المجتمع
المدني لاهمية وجود مكاتب لها في المحافظات. ولكن من
الناحية الفعلية ليس لوزارات الدولة اي اقسام ماعدا مكتب
مساعدة المنظمات غير الحكومية الذي تشرف عليه وزارة الدولة
لشؤون المجتمع المدني، ولكنه إداريا مرتبط بالامانة العامة
!!.
-من حيث الموظفون: عدد موظفي وزارات الدولة اقل بكثير من
الوزارات العادية، ولا يسمح لها بزيادة عدد موظفيها،
ويرتبط موظفوها الدائمون والمتعاقدون بالامانة العامة
لمجلس الوزراء، وليس للوزير حق اجراء العقود باسمه أو باسم
الوزارة، نعم هو يقترح وينظر اقتراحه من قبل الامانة وهي
صاحبة القرارا وإن كان من الناحية العملية وفي كثير من
الاحيان يكون اقتراح الوزير نافذا. وحيث أنه لا يوجد قانون
ينظم كادر وزارات الدولة، فان لكل وزاراة كادرها الخاص
بحسب همة وعلاقات الوزير، فبعض الوزارات فيها (13 ) موظفاً،
وبعضها يتجاوز (30) وهلم جرا.
-الميزانية: لاتوجد ميزانية مستقلة لوزارات الدولة مثل
باقي الوزارات العادية، انما تحدد لها نثرية شهرية لا تكفي
لاداء مسؤولياتها تصرف على الضيافة والقرطاسية ومستلزمات
العمل، ومن الناحية العملية فان وزير الدولة مرتبط
بالامانة العامة (الامين العام) الذي هو بمثابة وكيل وزير،
ولا يستطيع انجاز مهامه إلا من خلال هذه القناة! بناء على
وجود مكاتبات تشير إلى أن الوزير هو مستشار لرئيس الوزراء
وله مكتب وليس له وزارة!. وهو الامر الذي يدفع بعض
الوزارات إلى التعامل مع الجهات المانحة للحصول على موارد
مالية لها.
هذا المقال هو باب لرجال القانون والادارة والسياسة، فضلا
عن المعنيين بتلك الوزارات لبيان وجهات نظرهم في مجال
تخصصاتهم للتوصل إلى آليات واضحة تحدد الاطار القانوني
والاداري لوزارات الدولة خاصة وان الكثير من هذه الوزارت
تؤدي دورا كبيرا في مجال اختصاصها كوزارة المرأة ووزارة
مجلس النواب ووزارة المجتمع المدني ووزارة الامن، وهي
بحاجة إلى نظم وقواعد قانونية وإدارية تمنحها المزيد من
الصلاحيات ليتسنى لها إنجاز مسؤولياتها التي أنشئت من اجله...وإلا
ستظل هذه الوزارات العشرة مشلولة إلى الابد....
|