ثقافة شعبية

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

استذكارات: ذيبة الوفية

عمران السعيدي

حين تغيب الشمس يبدأ المزارعون بالانسحاب من مواقع العمل بين بستان وشاطئ خضرة او مزرعة برسيم او مربي جاموس حين ينادون (جواميسهم) لتخرج من جوف الماء البارد. تنهض الدواب مطيعة اثر سماعها صوت صاحبها المألوف وهي مليئة بالنشاط والحيوية بعد قيلولة ماء بارد في شواطئ دجلة الجميلة. تتجه تلك الجواميس نحو حظائرها الواسعة لموعد الحلب المسائي ووجبة العشاء الدسمة التي عادة ما تكون من اجود انواع العلف بين برسيم وتبن وسحالة (غبار قشرة الرز العنبر) ذات الرائحة الزكية والتي تمنح طعم الحليب والقيمر نكهة خاصة رائعة المذاق.
بعد هذا النهار المضني يتجه الاهالي الى مقهى (عنيزي) وهو المقهى الوحيد في القرية او الى جوانب سكة القطار الذي يخترق القرية صوب الجنوب ويبدأ برنامج السمر والحديث والذكريات بين هؤلاء الناس الطيبين ومن بين ما يدور بينهم من حديث وما اتذكره لحد الان منذ ما يقرب من اربعين سنة هو التحدث عن حيواناتهم من بقر وجاموس وحمير واغنام وكلاب وغيرها وكان الحديث يدور بلغة التسلية والهزل حين يذكرون لحظات التزاوج بين هذه الحيوانات وكان لكل انثى حين تطلب (الفحل) مصطلح خاص باللهجة المحلية ولا اعلم من اين جاءت تلك المصطلحات وهل هي موجودة اصلاً في لغتنا؟ هل ابتدعها الاهالي من خلال لهجاتهم ؟ فمثلاً يقولون عن البقرة او الجاموسة حال احتياجها للتزاوج بانها (صارف) وعن الفرس وانثى الحمار بانها (عاطف) اما النعجة فهي (حاني) والكلبة يقولون عنها بانها (ضابع) وحال الكلبة هذه عادة ما يكون مخجلا في القرية لصاحبها فهم يطلقون عليها اسما آخر وهم يتهامسون ضحكا حين يشاهدونها تركض من مكان لآخر وخلفها ما يزيد على خمسة كلاب من الذكور الشرسة وهم يتصارعون فيما بينهم للفوز بها فيقولون عن كلبة بيت فلان اليوم (مجعل) أي ان الكلاب تركض خلفها وهي في حالة غنج ونشوة.
(ذيبة) كلبة بيت مجيد الشاكر، وهي سوداء اللون جميلة جداً وذات بقعة بيضاء على جبينها، انجبت العديد من الكلاب الجميلة بين الاحمر والاسمر والمرقط وشاع ابناؤها بين اهالي القرية واصبح لكل واحد اسماً معروفا ينادون به. شاءت الصدف ان تمر (ذيبة) من امام جمع من الفلاحين وهم يتسامرون على سفح سكة قطار البصرة وهي (مجعل) وخلفها ما يزيد عن ستة كلاب ذكور يتصارعون حولها وهي في حالة نشوة تعض هذا وتركل ذاك ويشاهدها الجمع وتبدأ لحظات الهزل والضحك البريء ولكن مجيد الشاكر الذي كان بين ذلك الجمع يشعر بالخجل من سلوك كلبته (ذيبة) المشين وامام هؤلاء الوجهاء!
يسحب مجيد نفسه وهو في حالة امتعاض شديد ويدخل داره ثم يخرج فجأة والغضب يغطي وجهه وفي يده بندقية (البرنو) ويقسم امام (الربع) بانه قرر قتل (ذيبة) التي فضحته امام وجهاء القرية..! وينطلق خلفها وخلف زمرة الكلاب التي وقفت تدافع عنها بكل شراسة ولكن مجيد الغاضب يبقى يطارد (ذيبة) من سطح الى دربونة ومن بستان الى ساقية ويطلق خلفها النار الى ان تنتهي كل اطلاقاته ولم يفلح في اصابة (ذيبة) او اصحابها ويعود خجلا مهموما ويؤكد على نيته في قتل هذه الكلبة (العار).
تعود (ذيبة) بعد جولة النهار المنهكة وتاخذ لها غفوة في كومة التبن ويتسلل مجيد الى (الطولة) وفي يده هذه المرة (المكوار) ويقترب منها وهي غافية تماماً يرفع يده عالياً محاولا ضربها فوق الرأس ولكنه يتراجع عن نيته في القتل لانه يحب كلبته الطيبة التي حرست حيواناته وبيته وانجبت له العديد من (الجراء) الاوفياء.


حكاية اغنية عراقية: يا ام العيون السود

المدى الثقافي

اشتهرت اغنية (ياام العيون السود ما جوزن أنا) بصوت المطرب الكبير ناظم الغزالي وقد اداها قبله الرائد محمد القبنجي واصل لحنها من الحان المناقب النبوية الدينية وقد وضعه الملا عثمان الموصلي لكلمات تقول (يا الهي للنبي زد اشتياقي) وقد ظهر هذا اللحن في العقد الثاني من القرن العشرين.
في الموصل اخذ المقاميون اللحن ليضعوا له نصا جديدا وفي بغداد وضعوا له نص (يا أم العيون السود) ونص (الا اسافر للهند) ثم اخذ الفنان عباس جميل اللحن ليغير فيه ويقدمه للمطرب الكبير داخل حسن عبر اغنية (يا طبيب اصواب دلالي كلف) ونغم اللحن هو البيات ضمن ايقاع الجورجينا.
****
ياأم العيون السود ما جوزن أنه
لونج الخمري سحر لكلوبنه
لون خمري لا سمار ولا بياض
مثل بدر الشام واشرق عالرياض
بالمى تحيي وتكتل باللحاظ
ابغنج تحجي وترد بعنونه
طلعت بفستانها الوردي الجميل
وانزوت حين اسفرت شمس الاصيل
غصن قده ومن تهب نسمه يميل
حلوة مشيتها بتأني ورهدنه
يشع خده التايه بضي اهتده
صافية الوجنات حلوة امورده
اقحوانة ابتلت بقطر النده
تبسمت بسمة طروبة وفاتنة


اسماء الاعلام والطبيعة


طلال سالم الحديثي

هناك مبدأ اساس ينص على ان لا وجود لشيء ان لم يكن له اسم، وما دام الشيء بدون اسم فهو غير موجود، ولا ريب في ان هذا هو السبب فيما يذكر سفر التكوين (فصل 2،مجلد19) من ان الله بعد ان خلق الحيوانات دعاها باسمائها امام آدم ليتعلم اسماءها وهكذا يمنحها وجودا ذاتيا(1) وفي القران الكريم (وعلم ادم الاسماء كلها) (البقرة131) ويرى العلامة المرحوم ابراهيم السامرائي ان دراسة الاعلام لها قيمة من الناحية اللغوية، ذلك أن فكرة اقتباس العلم تتعلق بالذهنية من حيث اختيار اللفظ ذي الدلالة، وربما كان لذلك فائدة تاريخية مقيدة بالزمان والمكان، كما ان للاعلام قيمة اجتماعية غير خافية فهي تعكس لونا من الوان التفكير الانساني، انها تظهر شيئا من معالم حضارة الامة، ومن اجل هذا فقد اهتم بها علماء الاجتماع والباحثون في الالوان الحضارية المختلفة(2).
وتتوقف هذه المقالة عند احصاء بعض اسماء الاعلام التي اخذت من عناصر الطبيعة كالمطر والنبات والهواء الخ.. لا لغرض الحصر وانما لغرض الاشارة الذي قد يمكن الاخرين من التوسع وتتبع المسميات، فما يرد من اسماء الاعلام التي سمى بها الناس ابناءهم باسماء الانواء اما تيمنا او لان المولود صادفت ولادته في وقت الظاهرة اسم (مطر) الذي يشيع في ريف الفرات الاوسط وينتشر في بقية انحاء العراق ايضا، كما يكثر اسم (غيث) في كثير من البلدان العربية، كما تسمى بعضهم باسم (اشتيوي) وينتشر كذلك اسم حالوب) وهو البرد الساقط و(رعد).
ومن اسماء الاناث الشائعة في الارياف مطرة، وبركة مؤنث برق، و(وسمية) و(مزنة) ونجد اسم (ثلجة) ينتشر في المناطق التي يكثر فيها نزول الثلج(3).
ومن اسماء الاناث الشائعة في منطقة الفرات الاعلى المتأثرة بالطبيعة الاسماء الاتية: شمسة، شمسية، قمرية، (عذيبة) من الهواء العذيبي الرائق المشوب بالرذاذ الخفيف، رعيدة، نسيمة، بردة، بدرة، بدرية، ثرية، ومن اسماء الذكور، مطر، برد، سحاب، ثلج، شلال، وسمي، ربيع، شندوخ، (عذق النخلة) شطب، بدر، نسيم، نجم، شرجي، (الهواء الذي يهب من جهة الشرق)، غربي، (الهواء الذي يهب من جهة الغرب).
ومن اسماء الاعلام (الاناث) المسماة باسم النبات وثماره، تفاحة، نخلة، وردة، ياسمينة، شوكة، خرنوبة، جمارة (لب النخلة) اثل ، سنبلة، سنابل، تينة، شمامة، زهرة.
ويضيف العلامة السامرائي الى هذه الاسماء اسماء اعلام باسماء النبات والشجر ومنها:
(نخيلان، حرفيش، حمض، هوبر، (نوع الكمأة البرية) حنظل، كاط، كوطي، وهو من نبات الاهور الجنوبية، (عنكر) وهو ايضا ما ينبت في الاهوار، عاكول، خصاف، (ما يشبه الاكياس تعمل من خوص النخيل لحفظ (التمر)، ديري (انواع من التمر).
ومن اعلام الاناث: شمامة (نوع من البطيخ) و(تالة) النخلة الصغيرة أبان غرسها، وردة، خيارة، عاكولة، كعيبة (من نبات الاهوار الجنوبية) و(شيحة) و(كيصومة). كما سمى العرب قديما باسماء الشجر، نحو: طلحة، سلمة، قتادة وهراسة، وكل ذلك شجر له شوك.
ومن الاعلام المسماة باسماء الامكنة: غدير، وادي، نهر، نهير، بارق (اسم مكان في الفرات الاعلى) جبل، بحر، شاطي، كاهن (وهو الطريق الذي يسلكه اصحاب القوارب في الاهوار، من اسماء الرجال ومن اعلام الاناث: ثنية بكسر التاء، (كمرة) (مظلمة).
وهناك اعلام باسماء الحيوان ومنها: فهد، اسد، جرو، كلب، ذيب، ذيبان، بزون، عصفور، برهام، صقر، شبوط، اشليج (من اصناف السمك)، من اعلام الرجال.
ومن اعلام الاناث، مهرة، كطاية، حمامة، طويرة، (بُنية) نوع من السمك، كطة، ذيبة، سميجة، اشلنبو (وهو من انواع السمك في الجنوب، سميت بذلك المرأة القبيحة الدقيقة الجرم.
كطيوة (مصغر القطاة)، عكيكة، و(العكة) في جنوب العراق القصب اذا نضج ولم يجف ورقه فيقطع، وعند سكان الصحراء (العكة) جلد الحيوان المدبوغ يحفظ به الدهن.
عجيريجة (الضفدع) سميت المرأة بذلك لحسنها، (اعويعو) استعير لها اسم العيعوة وصغرت عن هذه الصورة، والعيعوة: عرق البردي الذي يعيش في الاهوار، طيبوشة:
من الطيور الخرافية.
وهناك اعلام تتصل بالطبيعة ومنها: صلبوخ، صخريج، صخر، ومنها ما سمي بأغلظ من الارض وخشن لمسه وموطنه نحو: حجرة، حجيرة، صخر، فهد، جندل، حرول، حزن، حزم.
ومن الاعلام الدالة على الزمان مما يشترك فيها اهل الحواضر مع غيرهم من البدو والقرويين، كالتسمية باسماء ايام الاسبوع واسماء الشهور العربية نحو: جمعة، سبتي (لمن ولد يوم السبت)، خميس، صفر، رجب، رمضان، شوال، شعبان، عيادة، لمن ولد في ايام العيد، صيهود (المولود في الصيف حيث ينحسر منسوب مياه النهر).
هوامش:
1)الاسم في الفكر العراقي القديم، ترجمة بثينة الناصري، مجلة التراث الشعبي ع6،السنة الرابعة1973.
2)الاعلام العربية، د.ابراهيم السامرائي، مطبعة اسعد بغداد عام 1964.
3)المطر في التفكير الميثولوجي، حسين الجبوري، التراث الشعبي عدد (1) 1976 .


مكتبة

اللغة والفكر

تأليف: أ.د. نوري جعفر
نشرت هذا الكتاب في طبعته الاولى عام 1971 مكتبة التوفي في تونس وهو واحد من الكتب المهمة في مجال ظهور اللغة وانتشارها وتأثيراتها على الفكر الانساني مع بيان العلاقة بين الفكر واللغة في ضوء تشريح المخ والدراسات الفيلولوجية الحديثة.

الايقاع في الموسيقى العربية

تأليف: باسم يوسف يعقوب
غطت موضوعات هذا الكتاب كل ما يتصل بعلاقة الايقاعات والاوزان بالموسيقى والشعر وهيأت فصوله قاعدة معلومات لدارسي الموسيقى ليتعرفوا من خلالها على الايقاعات والاوزان العربية كبديل عن الاوزان الاخرى وقد احاط الكتاب باوزان الموسيقى والغناء في العالم العربي وفي العراق خصوصا واصدرته دائرة الفنون الموسيقية ببغداد.

حضارة فجر السلالات في العراق

تأليف: ماكس مالوان
ترجمة: كاظم سعد الدين

ماكس مالوان (1904-1957) اثاري بريطاني نقب في اور (1930) وفي نينوي (1939) وعين مديرا للمدرسة البريطانية للاثار في العراق واستاذاً في عدة جامعات وكتابه هذا فصل من كتاب (فجر الحضارة) الذي اعده عن الحضارة الانسانية الاولى في العراق دراساً فيه المجتمع والكتابة والفن الطب والازياء والدين وكل ما يتصل بمظاهر الحضارة العراقية الاولى اصدرته دار الشؤون الثقـافية ببغداد سنة 2001 .


مـفـــاهـيــم فـنـيـة فـي الـبـنــاء الـشـعــبــــي

شاكر هادي غضيب
اغلب طرق البناء القديمة ملامح تشكيلية لا يمكن انكارها، والمتتبع لا تخفى عليه تلك الملامح، فطريقة الحل والشد وعمل نقشات الافاريز ووضع الطابوق بطريقة التكعيب والتدخيل والتخريج، اما التسقيف فذلك وحده يحتاج الى هندسة معمارية شديدة الاتقان، وذلك لانه يعتمد على مفاهيم تخصصية بعضها لا يزال يدرس في الاكاديميات مثل (الاعتماد على مركز الثقل) في عمل القباب مثلا او الاواوين المقوسة او عمود افريزي داخلي. ومما يلاحظ هنا ان طريقة السقوف المحدبة وطريقة (الرصف الشيطاني) ظهرت حديثا بعد ان اصبح من المتعذر على العامة الحصول على مادة الحديد المستعملة في البناء وبذلك التجأوا الى الطريقة المذكورة.
وهناك مفاهيم فنية في هذا المجال مثل:
البراطيل: مداخيل العمائر المسقوفة، وفيها اقواس وافاريز.
الرقش: زخرفة الابنية والمداخل.
الحل والشد: طريقة معمارية قديمة يعتقد ان اصلها يعود الى العهد البابلي ويكون الطابوق نهاية كل واحدة على منتصف الثانية.
الشبابيك العمياء: الشبابيك غير النافذة من الجدران.
الشمسيات والقمريات: نوافذ مسقفات من الطابوق المنقوش ويدخل فيه الاجر المزخرف ويوضع على الابواب والشبابيك لحمايتها من الظروف الجوية وكحلى فيه جمال للبناء ودقة للعمل.
التسنين: وتكون فيه نهاية البناء الى الاعلى على شكل اسنان المشط.
الريازة: وهي فن العمارة والتزيين والنقش.
التزجيح: وضع الزجاج الملون على فتحات التهوية والضوء.
الروازين: ومفردها (رازونة) كوة صغيرة في البناء مدورة للتهوية واضاءة المكان.
العصابة: تحلية الغرف من اعلاها بافاريز من الطين او الطابوق حسب نوع البناء وتكون فيه زخارف معقدة او بسيطة وهي تشبه بذلك انواعاً من الفن المعماري اليوناني.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة