خطوط امدادات القوات الأمريكية
في العراق والمخاطرة المحدقة
كتابة : باتريك لانج*
ترجمة: عبد علي سلمان
عن
صحيفة: كريستيان ساينس مونيتور
*كاتب المقال باتريك لانج هو الرئيس السابق لمجموعة
استخبارات الشرق الأوسط في وكالة استخبارات الدفاع.
القوات الأمريكية في العراق عرضة لخطر قطع خط إمداداتها
بواسطة رجال العصابات. وقد قال نابليون مرة إن "الجيش
يتحرك على معدته" وهو يعني بهذا أن حل مشكلة الحفاظ على
الجيش مموناً هو شرط أساسي لوجود القوة. وقوات القرن
الواحد والعشرين العسكرية "تحرق" مقادير ضخمة من مؤن لا
حصر لها وتحتاج بصورة مستمرة لإصلاح معداتها إضافة إلى
العلاج الطبي. وبدون توفر مصدر موثوق به وكبير للوقود
والغذاء والذخيرة فإن القوات العسكرية تتداعى. فهي أولاً
تتوقف عن التحرك ثم تبدأ تشعر بالجوع وأخيراً تصبح غير
قادرة على مقاومة العدو.
وعلى سبيل المثال، حدث ذلك للقوات البريطانية في عام 1915
حين غزت الدولة العثمانية (من جنوب العراق). إذ تحركت
القوات البريطانية - الهندية صعوداً على خط نهر دجلة
وتقدمت للكوت جنوب بغداد. وهناك تمت محاصرتها بعد قطع
الإمداد على طول النهر إلى الجنوب. وفي النهاية استسلم ما
يقارب من أحد عشر ألفاً بعد أن تكبد حلفاؤهم الذين حاولوا
إنقاذهم (23000) إصابة.
وتمون القوات الأمريكية المنتشرة في وسط وشمال العراق
بالوقود والغذاء والذخيرة بواسطة قوافل شاحنات من قاعدة
إمداد تبعد مئات الأميال في الكويت. وكل المؤن (عدا القليل
منها) تدخل البلد عبر الجنوب طولها من 400 إلى 800 ميل.
وفي الوقت الحاضر فإن قوافل الشاحنات التي تجهز قواتنا،
يقودها مدنيون من جنوب آسيا أو من تركيا. وفي حال تحول
الطرق إلى صالة رماية فإن سائقي الشاحنات المدنيين هؤلاء
لن يواصلوا عملهم أو سيطلبون من القوات الأمريكية أن تقدم
لهم حراسة خاصة.
ومن المحتمل كذلك أن يتم (قتال) الشاحنات عبر نصب كمائن
على الطرق وهذا احتمال مرعب. وحينها ستكون الشاحنات الملأى
بالمؤن بلا وسيلة دفاع ضد العدد الحربية، مثل الصواريخ
المندفعة إلى أمام والقنابل اليدوية والأسلحة الصغيرة
ووسائل التفجير المرتجلة. وسيكون من الصعوبة الدفاع عن
قابلة شاحنات تكون هدفاً على طرق خيطية (ضيقة وطويلة) ضد
عمليات غير ذات قياس واحد في وصول مدن المهاجمين.
إن كمية "المؤن التي تجلب لتستهلك" من المحتمل أن تتناقص
بصورة خطرة في مثل هذه الحالة. أن النقص في المؤن سيؤثر
حتماً في المقدرة العملياتية، وهذا سيؤدي إلى تناقص حلزوني
في الجهد ضد المتمردين والميليشيات، وسيكون في منتهى
الخطورة على قواتنا.
فهل هناك من بدائل للخط الحالي للمؤن القادم من الكويت؟
لعل هناك بدائل ولكنها حالياً ليست جاهزة، بدائل تتضمن
خطوط مواصلات وتسهيلات على كلا الطرفين. وخط المؤن الحالي
الذي يتم إنشاؤه الآن في الكويت يحتوي على موانئ وأرصفة
تحميل وتفريغ ومستودعات... الخ.
وأي خط مؤن جديد يبدأ من تركيا أو الأردن يجب أن يحتوي على
هذه التسهيلات. علماً أن تركيا لم تكن متعاونة كثيراً في
هذه الحرب. أما خط مؤن عبر الأردن فلابد من أن يمر في
محافظة الأنبار قلب المتمردين. إن إنشاء مرافق في هاتين
الدولتين ممكن ولكنه صعب من الناحية السياسية ويتطلب وقتاً.
والقليل من المعدات الدائمة والتي تفيد في المؤن غير
المقاطعة يمكن إشباعها من الاقتصاد المحلي، ذلك أن العراق
يفتقر إلى المخزونات لمثل هذه المؤن ولن يكون هناك شيء ما
يشبه "بقايا" كافية لكي يقتات جيشنا عليها.
ولكن ماذا عن التمون عن طريق الجو؟ يبدو أن من 5 إلى 10%
فقط من الشحنات التي تمون الجيش يوماً بيوم في العراق يتم
نقلها جواً.
وداخل العراق فمن المحتمل أن تزداد كميات الشحنات الجوية.
وفي الحالات الصعبة فيمكن زيادة الشحنات التي تبلغ أطناناً،
ومع الأخذ بالاعتبار ضخامة الوزن والكمية للمؤن التي تتم
الحاجة إليها، فمن غير المحتمل على ما يبدو زيادة المؤن
جوياً بنسبة 25% من المعدات التي تكون بحاجتها يومياً.
وهذا لا يكفي لمد القوات بمقومات الحياة.
وترابطاً مع المخاطر التي تخيم على خط التجهيز المؤسس في
الكويت والذي سيتبعه خط سير سفن الشحن التي تدخل إلى
الكويت، فإنها من الناحية الجغرافية ستمر في مضيق هرمز ثم
تواصل سيرها للموانئ الواقعة في نهاية الخليج. وأولئك
الذين كانوا على إطلاع على سجل الجهود الإيرانية ضد
الملاحة الكويتية في أثناء الحرب العراقية - الإيرانية،
سيصابون بالقلق من هذه المخاطر البحرية.
إن الأعداء المحتملين على طول طريق الإمداد وبضمنهم
المقاتلون ذوو الخبرة والضباط جيدو التعليم والضباط
السابقون فإننا نؤكد أنهم على معرفة حقيقية بهذا الضعف في
وضعيتنا. إن الطبيعة الخطرة لخط الإمداد معروفة جيداً من
قبل قيادتنا العسكرية.
ولكن ولسوء الحظ فإن العديد من المشاكل لم يوجه إليها
الاهتمام بشكل كاف بسبب نقص القوات. وعلينا أن نبدأ أنفسنا
ببناء خط تموين آخر للدعم والإسناد، وعلينا أن نبدأ بذلك
فوراً. |