مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

صراع الدبلوماسيين .. السبـــاق لخلافــة عنان قد بـــدأ

  • وهل يتمكن الفائز من اصلاح الأمم المتحدة؟
     

بقلم: مالكولم بيث
ترجمة : المدى

عن نيوزويك

عندما كان واقفا امام المستمعين في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، تحدث وزير خارجية كوريا الجنوبية بان كي-مون بهدوء و بلكنة انكليزية ثقيلة. وكل ما قاله كان صحيحا- فقد اكد الحاجة إلى "تجاوز اللعبة ذات المحصلة صفر" التي توصم الامم المتحدة بها و شدد على "مواجهة المسؤولية" و على بناء"الثقة"- و قد بدا نموذجا للدبلوماسية. فلم يسيء إلى احد في الوقت الذي لم يقدم فيه الا القليل من التفاصيل الملموسة حول ما يمكنه القيام به في حالة انتخابه امينا عاما لاكبر هيئة دولية. " علينا جميعا ان نتحمل المسؤولية أمام أنفسنا و أمام الآخرين و امام اجيالنا المستقبلية" كما صرح، مشددا على انه "توافقي". ان التوافق هو مجرد شيء من بين العديد من الاشياء التي تحتاجها الامم المتحدة في هذه المرحلة. فمزاعم الفساد في برنامج الامم المتحدة النفط مقابل الغذاء في العراق قد لطخت سمعة المنظمة و حتى انها ادت إلى بروز مطالبات باستقالة السكرتير العام كوفي عنان. كما ان شعبية ادارة بوش في المسرح العالمي استمرت في التدهور كنتيجة للحرب في العراق، و لكنها لم تعد الوحيدة التي تتساءل عن أداء و اهمية الامم المتحدة. فهنالك جيش متنام من النقاد يطالب باجراء تغيرات اساسية في الطريقة التي تعمل بها المنظمة الدولية. وبعد وقت متأخر من هذا العام عندما يتم انتخاب امين عام جديد ليحل محل عنان، الذي ستنتهي فترة رئاسته البالغة خمسة اعوام في 31 كانون الأول، سيواجه القائد الجديد تحديا ضخما: البرهنة للمتشككين على انه (او انها) يعرف ما يقوم به لقيادة الامم المتحدة بعيدا عن ازماتها الحالية. ان السيد "بان" هو مجرد واحد من ثلاثة مرشحين تم الاعلان عنهم حتى الان؛ و الاخران هما دبلوماسي سيريلانكي ياناثا دانابالا و نائب رئيس وزراء (تايلاند سوراكيارت ساثيراثاي). و لكن مجرد اعلانهم عن نيتهم، لا يعني بان امام اي منهم طريقا سالكا لهذا المنصب. فعملية اختيار الامين العام كانت تاريخيا تعتبر مسالة لوبي الغرف الخلفية و صراع قوى بين الاعضاء الدائمين في مجلس الامن الذين يهيمنون تقليديا على العملية. ففي يوم ما وصفها الامين العام المساعد السابق بريان اوركارت على انها "عملية فائقة التعقيد، محاطة بسرية تامة." ولا شيء يمكن اعتباره مسلما به في اية نقطة من السباق. من الجدير ان نتذكر بان الامم المتحدة كانت غالبا ما تختار الحصان الاسود(الشخص الذي يكون فوزه غير متوقع-المترجم). فواحد من الرؤساء الأوائل، وهو دبلوماسي سويدي داك هامرشولد، لم يكن يعلم بانه احد المتنافسين على المنصب إلى ان اعلم باختياره في 1 نيسان 1953. كان رد فعله الاول على الاخبار هو رفضها باعتبارها كذبة نيسان. و لكن هذا العام قد يكون مختلفا. فبرغم ان اسماء الخيول السود قد نشرت بالفعل- من بينهم الرئيس اللاتيفي فايرا فيكي فرابيورغ و مدير برنامج التطوير في الامم المتحدة كما درويش، وزير اقتصاد تركي سابق. كانت الامم المتحدة تستجيب للنداءات المطالبة بجعل عملية الاختيار اكثر انفتاحا، اضافة إلى توزيع سلطة الاختيار بعيدا عن الابواب المغلقة للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن. لغاية هذه اللحظة، يبدو ان ذلك هو ما يحدث. فالمرشحون الثلاثة الذين اعلنت اسماؤهم،، بان، غانابلا و ساثيراثاي، يجرون لقاءات عامة حول العالم- للقيام بحملات فعالة. و هذا قاد بعض مراقبي الامم المتحدة إلى الاعتقاد بان سلطة مجلس الامن قد افلت بالفعل." سيتوجب عليهم ان يكونوا اكثر عرضة للمحاسبة على قرارهم لان الناس تعلم من هم المرشحون" كما يقول ايكا اريوروك، مراقب مختص في الامم المتحدة. ان المسؤولية هي شيء، على اية حال، و السلطة شيء اخر. وبقى ان نرى فيما ان كان مجلس الامن سيتخلى عن كل تلك السلطة في عملية اتخاذ القرار. ان فتح ابوابهم " لن يجعل من مجلس الامن سعيدا" كما يقول اريوروك." فهم لا يريدون ان يكونوا عرضة للمحاسبة." ان الولايات المتحدة و الصين، على وجه الخصوص، لا يتوقع ان تتوانيا عن استخدام نفوذهما للحصول على من يختارون. وفي الحقيقة، المحت الصين إلى المرشح الذي تبحث عنه. ان التعاقب الجغرافي قد لعب تاريخيا دورا في اختيار الامين العام الجديد، وان عام 2006 هو من الناحية التقنية دور اسيا، و هو ما يمثل عامل بهجة للصين. و لكن بالرغم من ان بكين قد شددت على انها تريد مرشحاً اسيوياً، الا ان الحكومة الصينية لا تبدو مسرورة جدا بالمرشحين الثلاثة الذين دخلوا فعلا في المنافسة. " هنالك نوع من التنافر يدور مع الصين" كما قال خبير في الامم المتحدة، ستيفن شليسنجر، مدير معهد السياسة العالمية. " انهم حذرون جدا من اختيار اسيوي اخر في مجلس الامن.
فهم يريدون شرف الحصول على مرشح اسيوي، و لكنه قد يسرق الاضواء." كما ان الولايات المتحدة، كانت مترددة في القفز على المرشح الاسيوي باندفاكون. فقد صرح مراراً جون بولتون السفير الامريكي في الامم المتحدة بان بلاده ترغب بالمرشح الاكثر كفاءة، بغض النظر عن جنسيته. و اوضح ان اختيار الولايات المتحدة سيقع على شخص ما ممن يتمكن من "قيادة عملية اصلاح كبيرة" في انشطة ميزانية الامم المتحدة و كادرها. "يريد بولتون شخصاً ما ممن يتمكن من العمل في الادارة الداخلية" كما يقول ادوارد لوك، خبير في الامم المتحدة في المدرسة الدولية للشؤون العامة بجامعة كولومبيا، نيويورك. اذن اين يضع ذلك المرشحين الحاليين؟ يقول لوك ان "بان" يمتلك المؤهلات التي يبحث عنها بولتون." اعتقد ان " السيد بان " سيؤكد الكفاءة اكثر مما يؤكد البريق" كما اوضح. " لن يهتم بمسالة عبادة الشخصية- و سيتمكن من ادارة المكتب." فان المادة تبدو مرتفعة في اجندة كل شخص هذا العام: فبعد شخصيتين عاليتي السمعة بالتتابع- عنان و بطرس- غالي- يعتقد معظم الخبراء بان المؤسسة الدولية ستقرر على الخلف الكفء. ان " السيد بان" يمتلك مثل هذه الميزات." فقد اعتبر بانه شخصية معتدلة " كما يقول اريوروك. على العكس من فايك
فرايبورغا من لاتفيا، ممن عرف عنها قسوتها وطريقتها الاستفزازية في اتخاذ القرارات." ان شخصاً ما مشابهاً لها هو ما تحتاجه الامم المتحدة" كما يقول اريوروك." و لكن من غير المرجح ان يتم انتخابها." ان حقيقة كونها امرأة- شددت الامم المتحدة على الحاجة إلى المزيد من المساواة بين الجنسين في قمة الهرم في المنظمة- الا انه من غير المحتمل ان يطغي ذلك على حقيقة ان طريقتها في المواجهة سوف لن تلاقي ترحيبا كبيرا في تلك المؤسسة الدولية. يمتلك "بان " مؤهلات اخرى، ايضا، خصوصا خبرته بالعمل مع كوريا الشمالية.
فعندما يتعلق الامر بالسلام و مسائل الامن، كما يقول لوك، فان بان" يمتلك شهادات تؤيد مزاياه." و لكن هذه الخبرة قد لا تكون في الحقيقة لمصلحته. يعتقد بعض الخبراء بان اشتراكه في المباحثات السداسية الحالية قد تكون عائقا امامه: فلقد لعب دوره بشكل جيد إلى درجة ان مجلس الامن سيفضل ان يقوم بانهاء المفاوضات بدلا من تولي منصب الامين العام. ومن المتوقع ان يحدث المزيد من الارباك عندما تتطور المنافسة. فبالرغم من ان مجلس الامن قد صرح بانه سيعلن عن الجدول الزمني لعملية الاختيار في يوليو، الا ان الصين و الولايات المتحدة يتوقع لهما ان تقوما بتصعيد جهودهما لاجل التوصل إلى قرار على هواهما. كما ان الخبراء منقسمون حول من سيحظى بالنفوذ الاكبر. " ان الولايات المتحدة، باعتبارها القوة العظمى الوحيدة على الكوكب، ستضع البصمة الاخيرة على عملية الاختيار" كما يقول شليسنجر من معهد السياسة الدولية." ولكن الصين تمثل لاعبا اساسيا. ان الصينيين عنيدون جدا- فقد صوتوا ضد كورت فالدهايم في 1981- وان هذا النوع من العناد من المرجح ان يكون جليا في هذه المرة." قد تكون النتيجة الوصول إلى نقطة جمود، و هو ما قد يعيد العملية إلى المربع رقم واحد. "في الماضي، عندما كان مجلس الامن يصل إلى حالة من الاختلاف كانت الطريقة الوحيدة للخروج من المازق هي في البحث خارج المرشحين المعلنين" كما يقول شليسنجر. وهذا قد يشكل خبرا سيئا بالنسبة إلى "بان" والمرشحين المعلنين الاخرين. والاسوأ فقد يكون خبرا سيئا للامم المتحدة- اذا ما بدا الاختيار يهزأ من التصريحات الجديدة للمنظمة بشأن الانفتاح و الاصلاح. فهذه المرة، تكون المراهنة عالية بالنسبة للجميع.


من أجل إنقاذ ثورة الأرز

بقلم : ديفيد اغناتيوس
ترجمة: فاروق السعد

عن / النيويورك تايمز

ربما كنت تشعر بالألم والغضب عندما دعا رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة هذا الاسبوع السفير الأمريكي والدبلوماسيين الآخرين في بيروت الى العمل من اجل وقف الهجمات الاسرائيلية على اهداف لبنانية." لقد تحول البلد الى أشلاء" كما قال" نأمل أن لا تخذلونا." ان التحدي الذي تواجهه ادارة بوش بعد اندلاع الحرب اللبنانية هو التالي- المحافظة على الاخلاص للسنيورة ولثورته، ثورة الارز، برغم وقوفها الى جانب حليفها القريب إسرائيل. ان هذا الامر ليس مسألة مظاهر ودبلوماسية عامة.
لم تتمكن حكومة السنيورة من الحصول على الدعم، فلا يوجد الا القليل من الآمال لتحقيق هدف امريكا و اسرائيل المتمثل بوضع حزب الله تحت السيطرة الدائمة. " يتمثل دور امريكا في تنشيط الحصيلة السياسية التي تساعد على ترضية الاهداف العسكرية الاسرائيلية عن طريق وسائل أخرى" كما يقول مسؤول في الادارة.
ان المشكلة هي في حقيقة كون الاجندة الدبلوماسية الامريكية على درجة من البطء الى درجة انه عندما يتم التوصل الى وقف إطلاق النار- بعد اكثر من أسبوع، كما تتوقع الولايات المتحدة- فان لبنان قد يكون مقسما و لا يمكن اعادة توحيده في القريب العاجل. يصر المسؤولون في الادارة بان العودة الى الوضع السابق في لبنان قد يكون خاطئــــا.
فبعد اجبار القطعات السورية على الانسحاب في العام الماضي، كانت حكومة السنيورة تصارع (وغالبا ما كانت تفشل) لبناء دولة قابلة للحياة. تتمثل استراتيجية الادارة في دفع اسرائيل للقيام بعمل قذر في تدمير حزب الله و من ثم جلب "قوة استقرار" دولية لدعم الجيش اللبناني. فحال قيام اسرائيل بدفع حزب الله الى الشمال، بامكان هذه القوة الداخلية مساعدة الجيش اللبناني على الانتشار على الحدود الجنوبية مع اسرائيل و الحدود الشرقية مع سوريا. تكون الخطة في ايجاد بديل متمكن لقوة الامم المتحدة الموجودة حاليا في جنوب لبنان، المعروفة باسم قوات حفظ السلام. فالوقت النهائي غير الرسمي للحصول على تفويض الامم المتحدة حول القوة الدولية الجديدة هو 31 تموز، عندما ينتهي مفعول التخويل الحالي المنوح الى قوات حفظ السلام.
يقوم الفرنسيون الان بقيادة تلك القوة، و تامل الولايات المتحدة في انهم سيواصلون لعب ذلك الدور، بقدوم قطعات جديدة من دول قوية مثل ايطاليا، تركيا و كندا. لقد حذر السنيورة بشكل شخصي الإدارة الامريكية من انه عن طريق قصف الكثير من الاهداف في لبنان، تقوم اسرائيل بتقويض اهدافها الاستراتيجية ذاتها. يتساءل السنيورة عن سبب قيام اسرائيل بضرب المطارات اللبنانية، والموانيء، والطرق، والقرى والأهداف الاخرى التي تستهدف بشكل اساسي المدنيين. كما انتقد الهجمات التي تستهدف الجيش اللبناني، الذي تقول عنه حتى اسرائيل بانه يشكل على المدى البعيد مفتاح الاستقرار و الامن. يشاطر بعض المسؤولين في الادارة الاميركية السنيورة قلقهم حول هدف الهجمات الإسرائيلية.
يقال ان هؤلاء المسؤولين لا يفهمون قرارات الاستهداف الاسرائيلية. و من المعلوم ان الادارة قد اوصلت هذ القلق الى القدس. لقد وضعت الازمة اللبنانية في مأزق مزدوج. ان المسؤولين الامريكان على علم من انهم بحاجة الى التحرك حالا من اجل اعلان وقف اطلاق النار لغرض المحافظة على اي فرصة لحكومة السنيورة كي تمارس سيطرتها على البلاد. و لكنهم لا يريدون التحرك بسرعة تؤدي الى منع اسرائيل من اكمال مهمتها العسكرية المتمثلة في تدمير ترسانة حزب الله من الصواريخ و دفعها الى التراجع عن الحدود.
وان مقاربة الإدارة ربما تستحظر نصيحة اغسطس قيصر الشهيرة:" قم بالأمر السريع بترو." وتوجهت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى الشرق الأوسط في هذا الأسبوع ،من اجل تنشيط تلك الدبلوماسية. فهي لا تمتلك خططاً للتوقف في سوريا، و هو قرار حساس. فالأمر عائد للسوريين في ان يبينوا بانهم قادرون على ان يلعبوا دورا ايجابيا- كحد أدنى مع جيرانهم ، الذين يشعرون بالغضب . يقال بان آخر ادعاء من جانب مسؤولي المخابرات السورية حول عدم سيطرتهم على زعيم حماس خالد مشعل قد أغاضت مدير المخابرات المصرية ، عمر سليمان، الذي اجاب بسخط:" لا تقولوا لنا ذلك! نحن لسنا موريتانيا! نحن مصر!" ان مساندة لبنان و اسرائيل في نفس الوقت هي مهمة دقيقة- خصوصا في وقت يتبادل فيه البلدان التراشق بالقنابل.فما لم تتحرك الإدارة بسرعة كي تبين بانها تعمل على دعم حكومة السنيورة، و ليس اسرائيل فقط، فان ستراتيجيتها الشاملة القائمة على إنهاء النزاع قد تبدأ في التحلل. يدرك مسؤولو الإدارة انه لا يمكن نشر الاستقرار في لبنان عن طريق العمل العسكري وحده. و لكن العالم كله يرى ألان قنابل إسرائيل.


خطوط امدادات القوات الأمريكية في العراق والمخاطرة المحدقة

كتابة : باتريك لانج*
ترجمة: عبد علي سلمان

عن صحيفة: كريستيان ساينس مونيتور
*كاتب المقال باتريك لانج هو الرئيس السابق لمجموعة استخبارات الشرق الأوسط في وكالة استخبارات الدفاع.

القوات الأمريكية في العراق عرضة لخطر قطع خط إمداداتها بواسطة رجال العصابات. وقد قال نابليون مرة إن "الجيش يتحرك على معدته" وهو يعني بهذا أن حل مشكلة الحفاظ على الجيش مموناً هو شرط أساسي لوجود القوة. وقوات القرن الواحد والعشرين العسكرية "تحرق" مقادير ضخمة من مؤن لا حصر لها وتحتاج بصورة مستمرة لإصلاح معداتها إضافة إلى العلاج الطبي. وبدون توفر مصدر موثوق به وكبير للوقود والغذاء والذخيرة فإن القوات العسكرية تتداعى. فهي أولاً تتوقف عن التحرك ثم تبدأ تشعر بالجوع وأخيراً تصبح غير قادرة على مقاومة العدو.
وعلى سبيل المثال، حدث ذلك للقوات البريطانية في عام 1915 حين غزت الدولة العثمانية (من جنوب العراق). إذ تحركت القوات البريطانية - الهندية صعوداً على خط نهر دجلة وتقدمت للكوت جنوب بغداد. وهناك تمت محاصرتها بعد قطع الإمداد على طول النهر إلى الجنوب. وفي النهاية استسلم ما يقارب من أحد عشر ألفاً بعد أن تكبد حلفاؤهم الذين حاولوا إنقاذهم (23000) إصابة.
وتمون القوات الأمريكية المنتشرة في وسط وشمال العراق بالوقود والغذاء والذخيرة بواسطة قوافل شاحنات من قاعدة إمداد تبعد مئات الأميال في الكويت. وكل المؤن (عدا القليل منها) تدخل البلد عبر الجنوب طولها من 400 إلى 800 ميل.
وفي الوقت الحاضر فإن قوافل الشاحنات التي تجهز قواتنا، يقودها مدنيون من جنوب آسيا أو من تركيا. وفي حال تحول الطرق إلى صالة رماية فإن سائقي الشاحنات المدنيين هؤلاء لن يواصلوا عملهم أو سيطلبون من القوات الأمريكية أن تقدم لهم حراسة خاصة.
ومن المحتمل كذلك أن يتم (قتال) الشاحنات عبر نصب كمائن على الطرق وهذا احتمال مرعب. وحينها ستكون الشاحنات الملأى بالمؤن بلا وسيلة دفاع ضد العدد الحربية، مثل الصواريخ المندفعة إلى أمام والقنابل اليدوية والأسلحة الصغيرة ووسائل التفجير المرتجلة. وسيكون من الصعوبة الدفاع عن قابلة شاحنات تكون هدفاً على طرق خيطية (ضيقة وطويلة) ضد عمليات غير ذات قياس واحد في وصول مدن المهاجمين.
إن كمية "المؤن التي تجلب لتستهلك" من المحتمل أن تتناقص بصورة خطرة في مثل هذه الحالة. أن النقص في المؤن سيؤثر حتماً في المقدرة العملياتية، وهذا سيؤدي إلى تناقص حلزوني في الجهد ضد المتمردين والميليشيات، وسيكون في منتهى الخطورة على قواتنا.
فهل هناك من بدائل للخط الحالي للمؤن القادم من الكويت؟ لعل هناك بدائل ولكنها حالياً ليست جاهزة، بدائل تتضمن خطوط مواصلات وتسهيلات على كلا الطرفين. وخط المؤن الحالي الذي يتم إنشاؤه الآن في الكويت يحتوي على موانئ وأرصفة تحميل وتفريغ ومستودعات... الخ.
وأي خط مؤن جديد يبدأ من تركيا أو الأردن يجب أن يحتوي على هذه التسهيلات. علماً أن تركيا لم تكن متعاونة كثيراً في هذه الحرب. أما خط مؤن عبر الأردن فلابد من أن يمر في محافظة الأنبار قلب المتمردين. إن إنشاء مرافق في هاتين الدولتين ممكن ولكنه صعب من الناحية السياسية ويتطلب وقتاً.
والقليل من المعدات الدائمة والتي تفيد في المؤن غير المقاطعة يمكن إشباعها من الاقتصاد المحلي، ذلك أن العراق يفتقر إلى المخزونات لمثل هذه المؤن ولن يكون هناك شيء ما يشبه "بقايا" كافية لكي يقتات جيشنا عليها.
ولكن ماذا عن التمون عن طريق الجو؟ يبدو أن من 5 إلى 10% فقط من الشحنات التي تمون الجيش يوماً بيوم في العراق يتم نقلها جواً.
وداخل العراق فمن المحتمل أن تزداد كميات الشحنات الجوية. وفي الحالات الصعبة فيمكن زيادة الشحنات التي تبلغ أطناناً، ومع الأخذ بالاعتبار ضخامة الوزن والكمية للمؤن التي تتم الحاجة إليها، فمن غير المحتمل على ما يبدو زيادة المؤن جوياً بنسبة 25% من المعدات التي تكون بحاجتها يومياً. وهذا لا يكفي لمد القوات بمقومات الحياة.
وترابطاً مع المخاطر التي تخيم على خط التجهيز المؤسس في الكويت والذي سيتبعه خط سير سفن الشحن التي تدخل إلى الكويت، فإنها من الناحية الجغرافية ستمر في مضيق هرمز ثم تواصل سيرها للموانئ الواقعة في نهاية الخليج. وأولئك الذين كانوا على إطلاع على سجل الجهود الإيرانية ضد الملاحة الكويتية في أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، سيصابون بالقلق من هذه المخاطر البحرية.
إن الأعداء المحتملين على طول طريق الإمداد وبضمنهم المقاتلون ذوو الخبرة والضباط جيدو التعليم والضباط السابقون فإننا نؤكد أنهم على معرفة حقيقية بهذا الضعف في وضعيتنا. إن الطبيعة الخطرة لخط الإمداد معروفة جيداً من قبل قيادتنا العسكرية.
ولكن ولسوء الحظ فإن العديد من المشاكل لم يوجه إليها الاهتمام بشكل كاف بسبب نقص القوات. وعلينا أن نبدأ أنفسنا ببناء خط تموين آخر للدعم والإسناد، وعلينا أن نبدأ بذلك فوراً.

 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة