تخبط
الديموقراطية في الشرق الاوسط
بقلم:
اناتول ليفين*
ترجمة: فؤاد العزاوي
عن جريدة لوس انجلوس تايمز
*و هو زميل بارز في مؤسسة نيوامريكا. و سينشر كتابه "
الواقعية العرقية: رؤية للدور الامريكي في العالم " في شهر
ايلول بالمشاركة مع جون هالسمان.
**البانتو: وهم خليط من شعوب ذات لهجات مختلفة، و يقصد
الكاتب بها العودة إلى الفوضى من جديد.(المترجم)
ان
خطة ادارة بوش لجلب الديموقراطية إلى الشرق الاوسط هي في
انهيار الان. في امة مازلت المسؤولية السياسية فيها لها
حساباتها الخاصة،يجب ان يجبر المهندسون عن هذه
الاستراتيجية على الاستقالة. تذكر الجدل حول الحرب
العراقية و ما اذا كانت ازاحة الدكتاتور صدام ستؤدي إلى
عراق ديموقراطي مستقر و تذكر النقاش حول مفتاح القضية في
النزاع الاسرائيلي الفلسطيني و تذكر وعد وزيرة الخارجية
كونداليزا رايس ان الولايات المتحدة " ستدعم لبنان الجديد
في الحقيقة ان التعويل على الدمقرطة لم تكن دائما
استراتيجية اكثر منه عذرا لافتقارها إلى احدهما. فهي تهيئ
غطاء مهلهلا لعدم قدرة ادارة بوش او عدم رغبتها بمواجهة
التحديات و الفرص الكبيرة في المنطقة. و تتضمن هذه
الاخفاقات الابتعاد عن الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني و
رفض اتفاقيات جادة مع ايران و سوريا، في حين ان هذه
الانظمة كانت في صبيحة 11/9 تواقة و بشكل كبيرللتوصل إلى
تسوية.
لقد جادل بوش كلاً من سيمور هيرش مراسل تحقيقات و فلاينت
ليفرن احد الدارسين في مواضيع الشرق الاوسط، من بين
الكثيرين الذين جادلوا، عن خسارة فرصة تجنيد هاتين
الدولتيين كحلفاء في الصراع ضد القاعدة و العالم المتطرف
الذي لدى النظامين السوري و الايراني اسبابهما المقنعة
لكرههم. و عوضا عن ذلك فان الادارة التي دعمت من معظم
القيادة في الحزب الديموقراطي قد دعمت الحكومة الاسرائيلية
في خطتها لحل احادي الجانب يلزم الفلسطينيين باقامة
بانتوستان * *. كما عاملت ايران و سوريا بعداوة لاتنتهي،
محاولة تقويض الاقتصاد السوري و فرض عقوبات اقتصادية على
ايران مطالبة بتنازلات سياسية. في حين انها تدعي بشكل علني
رغبتها بازاحة هاتين الدولتين.
و ليس من المدهش ان اندلاع القتال بين اسرائيل و
الفلسطينيين قد اعطى الفرصة لطهران و دمشق لان يطلقوا
العنان لحزب الله، و في هذا خطورة كبيرة و استراتيجية غير
مسؤولة من سوريا و ايران. و لكن لايستطيع اي دارس جاد في
مواضيع الشرق الاوسط ان يدعي بان ما حصل كان غير متوقع،
معطين الموقف الذي وضعتهم فيه امريكا بعدا بعيدا جدا عن
تطوير و دعم الديموقراطية في المنطقة، فان الولايات
المتحدة اقتيدت باستراتيجية اسرائيل التقليدية ذات الثلاث
اجزاء تجاه جيرانها، معولة على صفقات مع انظمة دكتاتورية
ترهب شعوبها و تشجع الانقسام بين الاديان و الجماعات
العرقية المختلفة، و الدعوة إلى الحرب عند الضرورة.
فالمطلب الاسرائيلي في مايخص المسالة اللبنانية عادل، و
ذلك بان على الحكومة اللبنانية ان تمارس سيطرة اكثر على
حزب الله. و لكن على اسرائيل ان تتذكر بان الشيعة في لبنان
يمثلون اكثر من 40 % من الشعب اللبناني، كما ان الاغلبية
الواسعة منه تدعم حزب الله.
لذا فان الطريقة الوحيدة للسيطرة على هذا الحزب ومن دون
عنف شامل هو بدمج أعضائه في الدولة اللبنانية. و بالمقابل
فان سحق حزب الله سيتطلب ديكتاتورية عسكرية من المسيحيين
اللبنانيين و حرب لبنانية أهلية مروعة أخرى بالآلاف من
الموتى.
قد يبرر المطلب الاسرائيلي اخلاقيا، اذا كان يمثل حزب الله
تهديدا حقيقيا لوجود اسرائيل. و لكن اسرائيل تريد خراب
الدولة اللبنانية عن طريق مهاجمة حزب الله بغض النظر عن
الكلفة التي سيدفعها الشعب اللبناني وآمال المستقبل
الديموقراطي الذي مدحه كثيرا بوش قبل ثلاثة اشهر فقط.
وفي اماكن اخرى في الشرق الاوسط فان الفشل السعودي و
الاردني و انظمة اخرى بالتحدث بالنيابة عن الللبنانيين
سببه انها ليست لها علاقة بالديموقراطية. و هذا نتيجة
لعاملين: خوفهم من التوسع الايراني و التأثير الشيعي و
تخوفهم من المواجهة في داخل بلدانهم. و في اي من هذه الدول
فان الديموقراطية ستؤدي الى سياسات مختلفة جدا من بينها
عداء اكثر بكثير إلى اسرائيل و الولايات المتحدة.
ان المحافظين الجدد الذين شكلوا ستراتيجية بوش في الشرق
الاوسط دائما ما جسدوا تناقضا تاما .
فمن ناحية بالغوا بالاعتقاد ان الديموقراطية المبكرة ممكنة
في الشرق الاوسط و بأنها ستحل مشاكل المنطقة و بضمنها
النزاع الاسرائيلي
–
العربي، و من ناحية اخرى،
فالعديد منهم لايخفون اعتقادهم، كتب الدارس المحافظ مايكل
ليدن (مقتبسا عن ميكافيلي) " ان من الافضل ان تكون مخيفا
على ان تكون محبوبا "، كما جادل رافايل بطي صاحب كتاب (العقل
العربي)، الذي عكس فيه تفكير المحافظين الجدد، بان العرب
يستجيبون و بشكل رئيسي إلى لغة القوة. و لكن كما اظهرت
تجربة اسرائيل فان رفض التسوية و الاعتماد و بشكل رئيسي
على القوة لا يقودان الا إلى صراع لاينتهي. اما الان فان
الحلم الامريكي بالتوفيق بين دمقرطة المنطقة مع اذعانها
إلى سياسات واشنطن، قد مات.
فالولايات المتحدة امام خيار صارم ايضا و هو اما البحث عن
تسوية حقيقية مع الممثلين الرئيسيين في المنطقة، او التهيؤ
لخوض حروب مكررة.
|