الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

الارهابيون يحولون بعض التلفزيونات إلى وكالات دعاية لأعمالهم الشريرة

ماثيو فيلينغ

لقد طويت صفحة من الحرب، بتسليم الولايات المتحدة السيادة للشعب العراقي قبل اكثر من شهر. لكن إذا كانت التطورات الاخيرة تعد مؤشراً، فاننا نكون قد دخلنا ميداناً اكثر ضبابيةً وإثارةً للقلق في الحرب على الارهاب. فقد كانت مشاهد الاعدام المصورة بالفيديو، التي بعث بها مراسل وول ستريت جورنال، دانييل بيرل والجندي الاحتياطي، مات موبين عن الرهينة التركي، عملية قتل همجية تروع عيون وعقول الامريكيين وكل من يشاهدها على نطاق العالم. وقد هدد الارهابيون في الشهر الماضي بقتل فلبيني أسير وأفلحوا في إخراج فريق فيبيني صغير من العراق.

وكان الرئيس فرانكلن ويلانو روزفلت قد وعدنا، لسنين خلت، بالحرية من الخوف إضافةً لحرية الكلام، والعبادة، والحرية من الحاجة. لكن تلك الحرية الرابعة، عام 2004 باعلامه المثير للجزع، هي على خصام مع حرية الصحافة.

وتكثر، في هذا الاطار، الأسئلة المثيرة للقلق: هل يعيش الارهاب بدون الاعلام؟ وهل تقوي التغطية الاعلامية للأعمال الارهابية وتشجع الأشخاص الذين يقفون وراءها؟ وإذا كان الارهاب موجهاً إلى جمهور المشاهدين اكثر مما إلى ضحاياه، اليس من الواجب على الصحافيين التلفزيونيين، في هذه الحالة، أن يتوقفوا عن تزويد الارهابيين بالمنبر الذي يتوقون له؟ هل يستطيعون ذلك؟

والآن وقد أدت الهجمات فوق التراب الامريكي إلى الهجمات على الامريكيين في الخارج، فان من المطلوب الاجابة على هذه الاسلئة في غرف الاخبار في أمريكا. ففي برنامج لهوارد دين، حيث يقدم الشريط ويعاد بوجه خاص في غياب تطورات الخبر، يحتاج المذيعون إلى البدء بأخذ الدلائل الداخلية الجديدة بنظر الاعتبار من أجل إزالة

التقصير من تغطية الارهاب. فقد كانت هناك مقتطفات من اعدام نيك بيرج، المقاول الامريكي في العراق، تبث على الهواء بصورة متكررة. وعندما أعطى الارهابيون الولايات المتحدة 72 ساعة لتلبية مطالبهم قبل اعدام المتعهد الامريكي بول جونسون، فان شبكات الكيبل استنفدت الوقت المتبقي لاهثة. وهي تنوح من الارهاب العالمي حتى وهي تصبح شريكة في الجريمة.

إن على المذيعين أن يخلقوا دلائل داخلية لتغطية الارهاب. فقد اتخذت بعض الشبكات قرارات لايقاف اعادة شريط 11/ 9 بعد أيام قليلة. كما لم تعرض على المشاهدين، مع استثناءات قليلة، مشاهد الضحايا وهم يقفزون من البرجين. وكانت تلك خطوة أولى طيبة. لكن ماذا عن بعض القواعد الاخرى المرسمة بشكل فضفاض، بدلاً من اللف اليدوي المعتاد لما بعد الحدث؟

قد ينفع في ذلك غطاء شديداً على اعادة شريط الاحداث الارهابية لمدة يوم أو يومين فقط، حيث إن التقديم المستمر لشريط أحداث 11/ 9 قد آذى المشاهدين وجرأ الذين يقفون وراءها. وستكون فكرةً طيبة أخرى أن يقتصر العرض على صور فوتوغرافية ساكنة لأشرطة الفيديو الارهابية، بدلاً من الصوت والحركة الأكثر إثارة للفزع. وربما باستطاعة منتجي التلفزيون أن يضعوا مؤثراً توقيتياً معيناً للشريط، وبذلك يتسنى للراغبين في ايقاف المشاهدة أن يتنبهوا إلى ذلك والخيارات كثيرة جداً.

ولا يبدو أن مثل هذه الممارسات ستدوس على حرية الصحافة. فوسائل الاعلام الآن تلتزم بمجموعة من القواعد غير المكتوبة. ففي حالة (كوب بريانت)، رفض صحافيو الاتجاه السائد باستمرار أن ينشروا هوية ضحية الاغتصاب. وبعد عدد من حالات اطلاق النار في المدارس الثانوية، وافقت بعض الصحف على نقل القصص المتعلقة بذلك خارج الصفحة الامامية لمنع المقلدين.

وفي اعقاب انهيار انتخابات عام 2000، وافق المراسلون السياسيون على قطع تغطية استفتاءات الخروج التي كان مشكوكاً في افسادها العملية الانتخابية. وتحتبس وسائل الاعلام الالكترونية مشاهد الحرب الحية كي لا تثير حساسيات المشاهدين (وهذا هو أحد الاسباب المعطاة لتصنيف (فهرنهايت 11/ 9 بالحرف R.)

وهناك امثلة ملموسة على تطلع الارهابيين إلى التغطية الاعلامية، ايضاً. ويعتقد خبراء الارهاب أن هجمات 11/ 9 قد رتبت لضمان أن تسلط كاميرات التلفزيون على اصطدام الطائرة الثانية بالبرج الثاني. واعترف مفجر أوكلاهما سيتي، تيموتي ماكفي بانه اختار بناية حكومته من أجل اخفاء أهمية كبرى على العرض التلفزيوني للحدث. ويستمر المذيعون في العزف بموازاة ذلك، في رقصة ثنائية مميتة على وجه الاحتمال.

ومنذ 11 ايلول 2001، انطبعت في أذهان الامريكيين فكرة أن القيام بأمور معينة (مثل عدم التسويق) مناسب لـ (ترك الارهابيين يفوزون). ومثل هذا البيان هو امتداد، في معظم الوقت. لكن قنوات اخبار الـ 24 ساعة الامريكية تقوم على نحو اساسي بمساعدة العدو من خلال رزم خوف أمريكا لكسب تثمينات أعلى. وهذا النزوع العقلي ينهي التشجيع على الجرائم السياسية من اجل المزيد من التأمل في اعمال العنف السياسي. وقد وافقت افتتاحية بتسبورغ بوست - غازيت مؤخراً على ذلك، وذكرت: (إن اهتماماً أقل ما ينبغي هو أن يتلقاه الارهابيون. فالحرب النفسية تعمل عملها  فقط إذا ما أبدى أحد اهتماماً بالأمر).

إن الخبر التلفزيوني، بالتأكيد، يغطي الهجمات الارهابية لهدف صحفي سام، وهو اعلام المشاهدين. غير أن الحماسة التي تم بها تحويل الخوف إلى سلعة - من هجمات القرش إلى اختطافات الاطفال الى قناص واشنطن - هي نتاج لمدراء التلفزيونات الذين يدركون أن الناس المفزوعين يتركون أداة التحكم وينتظرون ما يستجد من الاخبار، وهذه المتاجرة بالخوف الحاصلة في غرف الجلوس تجري، لسوء الحظ، بشكل جيد في ايدي الارهابيين الذين يحاولون مضايقة كل امريكي، محولةً مراسلي التلفزيون الاخباريين إلى وكلاء دعاية للارهابيين.

وعليه، فما الذي يفترض بمنافذ الاذاعة التلفزيونية أن تفعل؟

لقد رأى المراسل الواشنطني البارز، ديفيد برودر، قبل عشرين عاماً تقريباً، أن (المقوم الاساسي لسياسة مكافحة الارهاب الفعالة يجب أن يكون حرمان الارهابي من حرية الوصول إلى منافذ الوسائل الاعلامية.)

وقد قال هذا في فترة مختلفة، قبل أن تكون قنوات الـ 24 ساعة الاخبارية في تنافس ساخن على انتباه الامريكيين.

وهو لا يزال على صواب. فالطباخون الهواة يتعلمون بسرعة أن سكب الماء على نار الزيت يجعل الامر اسوأ. ويجب على المذيعين أن يدركوا أن تغطيتهم يمكن أن تفعل الشيء نفسه. ومثلما يفعل قطع الاوكسجين الذي يغذي اشتعالاً ما، فإن تغييرات داخلية قليلة في سياسة التقرير الاخبار ستؤدي إلى تقليل الاضرار بالمشاهدين ويمكن أن تنقذ أرواح آخرين.

ترجمة / عادل العامل

عن / Christion Science Monitor


تسارع وتيرة التغطية الاعلامية للإرهاب

جوستين لويس

ربما لم يمض وقت طويل على حلول الالفية الثالثة ولكن لا يوجد لدينا شك في نوع القصص الاخبارية الجديدة التي هيمنت عليها منذ أن بدأت، فمنذ الهجمات على البرجين التوأمين ظل الارهاب متصدراً أجندة الاخبار، وسواء كانت هذه حوادث أرهابية أو اعتقالات أو تحذيرات من قبل سياسيين أو تغطية لفعاليات نفذت باسم (الحرب على الارهاب) فقد رأينا تغطية مكثفة للقضية أكثر من اية تغطية في العصر الحديث، وهذا صحيح حتى إذا استثنينا عام الذروة 2001، فمنذ كانون الثاني 2002 تناقلت التايمز والفايننشال تايمز والغارديان والميل الميرور معدل 400 قصة اخبارية عن الارهاب العالمي كل سنة. والوتيرة في تصاعد وليس في تنازل. إذا قارنا ذلك بفترة أربع سنوات

ونصف السنة قبل 11 أيلول (من 1997 إلى منتصف 2001) فانها تعادل خمسة اضعاف تغطية هذه الفترة.

إن البصيرة العادية، ونحن نرى التدفق المطرد لتصريحات السياسيين المنمقة، تعلمنا أن هذا رد فعل على الخطر المتفاقم الذي يمثله الإرهاب العالمي منذ الهجوم على برجي التجارة العالمية. حقاً أن آخر كراسة أصدرتها الحكومة البريطانية تنصح المواطنين بما يتوجب عمله في حالة وقوع هجوم - بالترافق مع سلسلة من التحذيرات من قبل حكومة الولايات المتحدة - تدل ضمناً على أن الخطر بلغ مستويات لا سابق لها. ومع ذلك فان ما يثير الدهشة هو أن النقاش حول عدم وجود دليل ملموس يدعم هذا الاهتمام الاعلامي غائب سواء عن النقاش العلني أو عن التغطية الاخبارية.

إن احصائيات حكومة الولايات المتحدة عن الارهاب العالمي - التي تعرفه على أنه مكون من مقاتلين غير محترفين أو عملاء غير حكوميين وتدخل ضمن نوع النشاط الذي يمارسونه جماعات مثل الجيش الجمهوري الارلندي والجبهة الديمقراطية الموحدة (جنوب افريقيا) ومنظمة ايتا الانفصالية (في اسبانيا) يوحي بأن اكثر فترات الارهاب العالمي فعالية كانت في اواسط الثمانينيات مع ظهور عرضي - كما حدث في 1991، 1999، 2001 - فان الاحداث السنوية للهجمات الارهابية قد انخفضت عموماً منذ ذلك الوقت. البينة توضح أن هجوم 11 أيلول لم يكن فجر حقبة جديدة من الارهاب العالمي ولكنه كان هجوماً منفرداً مدمراً. صحيح أن السنوات شهدت منذ حوادث أقل سنوياً من اي وقت في العشرين سنة الاخيرة. أن النسبة السنوية الاخيرة هي فقط ثلث المستوى الذي وصلت اليه بين عامي 1985 و 1988 ولكن هل الهجمات في الولايات المتحدة وبالي ومدريد تظهر بشكل أكيد إن الهجمات الارهابية تصاعدت حتى وإن كانت الهجمات أقل؟.. مرة ثانية نقول أن الارقام تخبرنا بقصة مختلفة فعلى صعيد عدد الخسائر البشرية بسبب الإرهاب العالمي من 1998 حتى 2003 نجد أن سنة الذروة لم تكن 2001 كما قد يفترض أغلب الناس. رغم الخسائر البشرية البالغة 4465 في يوم 11 أيلول (والذين يشكلون وحدهم 70% من خسائر ذلك العام) فان ضحايا لهجمات ارهابية اكثر سقطوا قبل ثلاث سنوات عام 1998.

إن حقيقة 80% من الخسائر البشرية تلك السنة كانت في افريقيا ربما تفسر جزئياً (ولا يعتبر هذا عذاراً للإهمال بأية حال) أنعدام الاهتمام السياسي والاعلامي ولكن هذا التفسير لا يدفعنا إلا إلى الذهاب أبعد في تحليلنا فبعد كل شيء كان العديد من الحوادث عام 1998 هجمات من قبل القاعدة على أهداف أمريكية ويوجد عدد مرتفع نسبياً من الخسائر في أوربا الغربية بلغ 405 فلماذا كان الاهتمام معدوماً أذن؟

لو أخذنا مثلاً التايمز والفايننشال تايمز والغارديان نرى تموجاً في تغطية وسائل الاعلام يدل على علاقة ضعيفة بسير الاحداث العالمية. لم يصبح الارهاب العالمي جديراً بالمتابعة الاخبارية على مستوى عال إلا عام 1986 (ذكر أكثر من اية سنة من السنوات العشرين الاخيرة ما عدا سنة 2001) ففي تلك السنة اصبحت ليبيا بعبع الارهاب العالمي فامر الرئيس ريغام بقصف طرابلس ولكن بينما تظهر بيانات الولايات المتحدة زيادة في عدد الهجمات الارهابية عام 1987 فان التغطية الاعلامية لها هبطت بشكل ملحوظ تلك السنة إلى اقل من ربع مستوى عام 1986.

لكن اكبر قران غير مستوف الشروط بين تغطية الارهاب والحوادث الارهابية كان بدون شك الفترة من عام 2002 إلى يومنا هذا. تغطية الاخبار كانت في اعلى مستوى لها بينما

كانت الهجمات الارهابية هي الاقل عدداً في العقدين الماضيين.

كيف نفسر هذا التناقض؟ حسن.. لسوء الحظ ليس خارجاً عن المعتاد أن نرى تغطية وسائل الاعلام ذات تماس ضعيف مع المستويات الفعلية للخطر. البحث في اولويات اجندة وسائل الاعلام يرينا أنه - سواء كان المجال هو الجريمة أو المخدرات او الحرب أو البيئة - توجد غالباً علاقة ضعيفة بين حجم التغطية وسير احداث العالم الحقيقية.

في امثلة عديدة كان الذي تستجيب له وسائل الاعلام ليس تفاقم المشكلة بل تفاقم البلاغة المنمقة للخطاب السياسي. الحرب على المخدرات والحرب على الارهاب كلاهما يرفع من التغطية التي بدورها تبرر سلسلة من المبادرات السياسية.

لقد دل هذا، مترافقاً مع الطبيعة المركزية الامريكية لوسائل الاعلان الاخبارية البريطانية، على أن فكرة (العالم قد تغير) يوم 11/ 9 اصبحت بمثابة نبوءة وفاء بالعهد، وهكذا كما ادت الحرب على المخدرات في الولايات المتحدة اواخر الثمانينيات إلى زيادة كبيرة في التغطية الاخبارية حول القضية - فيما ظل استخدام المخدرات مسيطراً عليه بشكل مناسب - فان الحرب على الارهاب قد جعلت من كل فعل أو تهديد أو خشية من الارهاب اكثر استحقاقاً للاهتمام الاخباري من الآن بما لا يقاس.

إن نوع التغطية يشوه مفهومنا للخطر، وهكذا رغم تحذير كبار مستشاري الحكومة العلميين من أن الاحتباس الحراري تهديد للحياة أخطر بكثير من الارهاب العالمي فان الارهاب يتصدر اهتمامات الجمهور بينما يندر أن يسجل احترار المناخ ضمن هذه الاهتمامات، والأسوأ إنها خلقت مناخاً اخبارياً - في الولايات المتحدة على الاقل - حيث يستطيع السياسيون انفاق الكثير من الطاقة والمال العام على الحرب على الارهاب فيما تهمل جانباً قضايا حساسة مثل الاحتباس الحراري الكوكبي.

ترجمة

جودت جالي عن (الغارديان)

 

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة