الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

استفاقة العقل السوسيولوجي (1-2) من العقل الفلسفي إلى العقل السوسيولوجي

علاء جواد كاظم

(إن المكان الوحيد الذي قد نعثر فيه على الحقيقة ليس هو في الكل أو الوحدة الكاملة، بل في تلك الأجزاء المغفلة من تجربة الفرد التي نجت من وطأة هذا الكل)

إدورنو

(إن الاختلاف الرئيس بين العقلية البدائية والعقلية المتحضرة، هو في نسبة مجال ما هو طبيعي إلى ما هو فوق طبيعي عند كل منهما فكلما أتسع مجال الأول، ضاق مجال الثاني).

برغسون

إذا كان الإنسان العاقل هو المخلوق الوحيد الذي يمتلك القدرة تحديداً على أن يربط وجوده بأشياء غير معقولة - حسب ما يرى برغسون - نكون قد حددنا بالضبط ما نقصد بالعقل الفلسفي كما نكون قد تلمسنا بكل جرأة الجذور الحقيقية للأزمة التي مفادها عدم التزام هذا العقل بحدود المعرفة الإنسانية وبالتالي التحيز إلى ما هو فوق إنساني والنتيجة مصادرة الواقع لحساب المثال المنمذج ما وراء التاريخ والموجود فوق الإنسان والخارج على الواقع الموضوعي.

ومع إن العلاقة التي تجمع بين العقل الفلسفي والعقل السوسيولوجي علاقة وثيقة ومعقدة وإيجابية أحياناً، فللفلسفة أثرها العظيم والنهائي في بناء العقل السوسيولوجي وفي تحديد اتجاهاته المختلفة، إلا أن الاختلاف ينصب أساساً - فيما يرى نيقولا تماشيف - على مستويات التجريد والمعالجة المنهجية، فكلاهما يحاول وصف الواقع وتفسيره، وملاحظة الوقائع والتعميم المشتق من هذه الملاحظات.

إلا أن العقل الإنساني لا يقف عند إعادة تصوير الأحداث الفريدة غير المتكررة، وإنما يسعى إلى الكشف عن أنماط التكرار والتردد الكامنة خلف الإطار الفردي والتاريخي الزمكاني لهذه الأحداث. عند هذه النقطة بالتحديد تفترق الرؤية الفلسفية عن التحليل السوسيولوجي إلى أفق آخر من غير رجعة لقاء، فبينما يفسر عالم الاجتماع المجتمع في ضوء الوقائع الملاحظة من خلاله أو من خلال الميادين المتصلة ذات المعرفة الامبيريقية، يفسر الفيلسوف المجتمع في ضوء التفسيرات التي يعطيها للحقيقة المطلقة / الكلية، ولذلك فإنه يستطيع أن يتحدث عن العلل الأولى، والقيم النهائية والغايات القصوى (1)

وبينما يحاول العقل السوسيولوجي حسب رؤية أميل دوركهايم التعامل مع الوقائع الاجتماعية (كأشياء) وليس كنظم أفكار موضعة.. وهذا تحديداً ما ذهبنا إليه في المقال السابق حول (افول العقل الفلسفي) (2): فإن الأزمة الحقيقية أو الإشكالية التي اطاحت بالعقل الفلسفي، ونالت منه فيما بعد القرن التاسع عشر كانت مشخصة كامنه في: حجم (القطيعة التي تمارسها الفلسفة مع الموضوع) (3) كانت تعبيراً طبيعياً لمسيرة تطورية مارس التاريخ من خلالها مكره من جديد إضافة إلى أنه كان شكلاً لتوازن ذاتي لواقع مأزوم اجتماعياً، اقتصادياً وسياسياً تمثل بجملة من الأسباب كان أولها اشتعال الحرب (العالمية الأولى، والعالمية الثانية، والعالمية الثالثة - الباردة.. وما تمخض عن ذلك من مظاهر استعمار وظهور ما يسمى اليوم (العالم النامي / الثالث).. والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وانتشار المد الأحمر.. الخ.

واستناداً إلى الفرضية التي تدعم قاعدية البنى التحتية ودورها في بناء وتشكيل الأنماط المعرفية والنظم الثقافية العامة لشعب من الشعوب ومن ثم صياغة العقل الجمعي له، وبمعنى أدق تبعية العقل لتحولات الواقع.. إذ أن العقل (في هذه الفرضية الرصينة جداً..) مرتهن بالواقع ومتضمن فيه وليس العكس أبداً.. هذه الأزمة بكل أبعادها ومستوياتها كانت نتيجتها أن ينتهي القرن التاسع عشر - قرن التنظير الفلسفي متعدد المستويات ذي العقول الأسطورية بهذه الطريقة المريعة إلى: حرب، مجاعة وصراعات تقيل العقل فيه لصالح الجنون الذي أصاب القرن العشرين و.. صعوداً..؟؟

عند هذه النقطة تجاوز عقل التاسع عشر جوهره الأصيل ومقاصده الكبر وغاياته النبيلة ليصير إلى مجرد أداة تنتهي فضيلتها عند حدود المنفعية الذاتية أو تمجيد الدولة العظمى كمثل أعلى للحق الإلهي في فلسفة الحق عند فريدريك هيغل. كما تخلى العقل عن كليته وشموليته وتحول إلى مجرد قوالب صورية، شكلانية وتنصل فيها عن مسؤوليته في إقامة التوافق وتحقيق الانسجام بين مقاصد الإنسان ومسارات التاريخ الحقيقية إلى أمام.. فكان نسياً منسياً..

ما جعل القرن العشرين وما بعده - مادياً إذ لم يعد هنالك تنظيراً أو نظرية أو حتى حقيقة كلية بل ثمة بحث مضن - إنساني عن الحقيقة القياسية (الفرعية) المجزوءة من الحق الكلي والبحث المحصور والمحدد بين جدران المجتمع الإنساني الكبير فليس بعد اليوم ثمة حقيقة كلية أو شمولية في السماء أو بين النجوم أو حتى يمكن تتلبد في فضاء موحش؟؟ وهو تحديداً ما جعل منه قرن للحرب، والخوف من المجهول والعنف والثورة والثورة المضادة والانقلابات السياسية والاجتماعية والعسكرية وبالتالي قرن اكتشاف الإنسان لنفسه أو إعادة اكتشافها من جديد...

وبالتالي فإن كل هذه المظاهر كانت تجلياً للعقل السائد في القرن الحادي والعشرين وما سبقه بقليل وهو على ما يبدوا عقل الطبقة الوسطى - البرجوازية الصغيرة - الخارجة للتو من معركة منتصرة مع عالم الإقطاعية المترهل هذا العقل المختلف تماماً عن عقل الطبقة ذات الأصول الارستقراطية التي تميل إلى التأمل وهي في العموم فرضية جديرة بالبحث والاستقصاء بإرجاع القدرة التنظيرية لدى العقل الفلسفي التأملي كنتاج لصيق بواقع المجتمع الارستقراطي بينما تكون القدرة على العمل والممارسة والفعل تعبيراً لنموذج الإنسان المنتج في المجتمع البرجوازي الذي فاز بتحقيق نموذج الثورة الصناعية وحسنة القضاء على الإقطاعية عندما جسد فوزه هذا - طبقياً - بسيادة أو تعميم نموذجه العقلي وتعزيزه ثقافياً بنماذج معرفية - ابستمولوجية - معينة.

جسد النموذج الأول لانتصار الطبقة البرجوازية ذات القدرة الصناعية الإنتاجية ظهور أو اكتشاف الإنسان العادي لقدرته على قلب معادلة السلطة في المجتمع الإنساني بشكل عام وسيادة ثقافة التغيير وبالتالي الثورة..

بينما جسدت الثورة الصناعية - النموذج الثاني وانتشار العمل الصناعي وبالتالي ما هو مرتبط بها من مفاهيم الإنتاج وظهور المدن الصناعية الكبرى وبالتالي سيادة النزعة الرأسمالية المشجعة بالقبول الديني وفقاً لما يرى - ماكس فيبر - ثم فائض القيمة ثم الشركات عابرة القارات وقيم الروح الفردية انتهاءاً بظهور النقيض البروليتاري للمجتمع البرجوازي الذي لوح - كارل ماركس - باعتباره بديلاً جدياً لمجتمع القهر البرجوازي واعتبار الطبقة البروليتارية بديلاً شرعياً وتاريخياً للبرجوازية في النظم الرأسمالية ومن ثم تراجع القدرة على إنتاج فلسفات كبيرة أو قدرة على إنتاج رؤية متناسقة ومتناغمة بل استحالة تكوين آيديولوجيات كبيرة وعملاقة - كما حدث في السابق مع فلسفة هيغل وعمانويل  كانت وفريدريك نيتشه، و.

هذا تحديداً كل ما يتعلق بحقيقة غياب العقل الفلسفي وأفوله إثر انقلاب الواقع الاجتماعي لأوروبا آنذاك وولادة نموذج العقل الممارس الذي يؤمن بالفعل كمعيار أساسي في البحث عن الحقيقة.. وبالتالي ظهور نماذج فلسفية تغييرية / حلقية بمعنى ذات تخصص في حقل معين من الحقول المعرفية وسيادة نموذج الروح التجريدية / الرقمية / العلمية... وتوفر القدرة على تجاوز المحن والأزمات الاقتصادية التي أطاحت بعرش العقل التنظيري واستبداله بإنتاج العقول الالكترونية واكتشاف جزئية الجينيوم الوراثي (دي، أي، أن) أي الخارطية الوراثية لبناء الإنسان وبالتالي القدرة على استنساخه بعد النعجة (دولي) ثم تنامي القدر على تحقيق نماذج متقدمة من المدنية والحضارة..

بعد القرن التاسع عشر تحول البحث عن الحقيقة الكلية إلى البحث عن الحقيقة المجردة والموضوعية في جسد النظام الاجتماعي الكلي وفي تصيل الإنسان وشرعية الدولة بديلاً ونهاية لرحلة العقل الفلسفي الذي استهلك قدرته بحثاً في عالم المجردات والأوهام الفوقي.

هوامش:

1. نيقولا تيماشيف - نظرية علم الاجتماع طبيعتها وتطورها - ت/ محمد عودة، ط / 8، 1983، مصر دار المعارف، ص30

2. ينظر للباحث:

مقال - أفول العقل الفلسفي / القسم الأول -، نشر في جريدة (المدى) العدد (108) في 4 / 2004

ومقال - إشكالية العقل الآيديولوجي / القسم الثاني، نشر في (المدى).

3. موريس ميرلوبونتي - تقريظ الفلسفة، ترجمة قزحيا خوري-، الطبعة الأولى، الطبعة الأولى - 1983 - بيروت - منشورات عويدات ص 105.


زاوية بين مزدك وماركس

عباس البغدادي

في البدء لا سلطة للمعرفة من السابقين على اللاحقين، بقدر ما هو تراكم معرفي، وكل له حفرياته المعرفية ومنجزه الفكري وفق معطيات زمانية ومكانية.

الدولة الساسانية أولدت من رحمها (مزدك) عام 487م، في ظل مجتمع طبقي له درجات معلنة رسمياً من قبل الأباطرة، والحقيقة ملكهم منذ عهد (اردشير) حتى عهد (يزدجرد) انطلق (مزدك) ثائراً ضد امتلاك الحقيقة وانطلق الحكام الساسانيون ينظرون لفهمهم للحقيقة من طبيعتهم الخاصة وبعودتهم إلى ذواتهم وإرثهم (الكسروي) عرفوا كنه العالم وصيرورته. وصاغوا حكماً (اوتوقراطياً) دام مئات السنين. وبالمقابل أدرك مزدك قوانين خارج ذات الفرد تملي أحكامها وتحتاج إلى الكشف والتطوير. عاصر مزدك (قباذ) وانصرف لدراسة فكرة زرادشت ومانو ودرس اليهودية والمسيحية. وتعمق بالسلم الطبقي المسلم به لدى المجتمع ظاهراً. وبروح (نيتشويه) أدرك أنه الفرد القادر أن يفجر تمرداً ضد الفهم الكسروي للمجتمع. ولكنه على العكس من نيتشه أدرك أن قوة أفكاره تكمن لا في ذاته بل في مجموع المجتمع. وراح يبشر بمبادئه وشنت عليه حملة وصف بها بأنه (محرض السفلة) (راجع سياسة نامه ص61). هاجم عبادة الاباطره ودعا إلى اختراق السلم الطبقي ودعا للتحرر من الرق الجسدي والنفسي لمن يقف في أعلى السلم الطبقي. وأدار جدلاً حول إباحة الأموال وإباحة النساء. فاتهم في باب النساء بالأباحية لكنه رد على ذلك مشيراً إلى حرمان المحرومين من الزواج وتعدد الزوجات للآخرين فقصد أن يكون لكل إنسان زوجة وعدم حرمان أحد. ولكن رغم ذلك اتهم بالأباحية.

إن أفكار (مزدك) لم تكن (ديانة) بقدر ما هي مذهب اجتماعي وسياسي، اندمج مزدك مع المجتمع وانتشر شبكياً داخل الأنساق الاجتماعية ليخترق رأس السلطة (قباذ) ويقنعه بأفكاره.

وقف مزدك يعلن (النور يفعل بالقصد) و(الظلمة تفعل بالخبط والاتفاق)، النور حساس، الظلام أعمى، والخلاص يتم بالاتفاق، احتكار المال سبب مآسي المجتمع، أشيعوا المال، للأرض أركاناً هي الخير والشر، (راجع الملل والنحل، الشهرستاني، ص249).

القتل حرام وإدخال الألم على الإنسان حرام.

رغم ذلك فقد هوجم مزدك بعكس ما ادعى به (راجع محمود شيت خطاب قاده فتح بلاد فارس ص25).

أعلن مزدك مشروعه هذا مستلهماً الزرادشتية ثقافة له متخذاً المحرومين مادة ثورته والطبقات العليا هدفه.

وشاع بين الناس أن النور أعلى من الظلمة قاصداً علوا الخير على الشر كان مزدك طوباوياً منظماً أعلن أن مادة الخير أربعة هي التمييز والفهم والحفظ والسرور.

والرجال أربعة هم، رجال الدين، الحرب، الحكمة والموسيقى. والرجال من الصنف الأول والثاني للسلطة، ولكن الصنف الثالث والرابع مجدهما مزدك ولم تمجدهم السلطة ويصل مزدك ذروة عملية أفكاره بدعوته بأن الخلاص بيد البشر يحارب الشهوات والمباغضة والقتال ونسب كل أنواع القتال إلى عدم المساواة، وحدد ملكية الغذاء بقوت يوم والملبس لسنة واحدة. لقد نال مزدك من لعنات المؤرخين ما لم ينله غيره سواء ممن عاصروه أم ممن جاء بعده.

لقد وضع الأباطره الساسانيون أنفسهم في خدمة أنفسهم، ووجدوا هدف ومعنى وجودهم في ذواتهم كطغاة. وأما فضائلهم فانبعثت من ذواتهم لأنهم لم يقيموا وزناً لأية فكره وديانة وعاشوا كأسياد وضعوا أنفسهم فوق الفضيلة والعقائد والمعرفة. وكانت القوة هي الإرادة الحقيقية متجاوزين العقل كقوة ومرشد للسلوك الإنساني. ومراجعة تاريخ الإمبراطورية نجده مسلسلاً من الحروب العدوانية والدفاعية مع البيزنطيين إلى الشمال و(الهياطلة الهون) في الشرق عبر الصين وأفغانستان وتحرشاتهم في الغرب عند المدائن والعراق والجزيرة لقد كان سلوك الساسانيين هو مثال للإرادة الفردية بكل تجلياتها معتقدين أن إرادة الأقوياء هي التي ستنتصر في النهاية. ومن هذه المنطلقات كانت الحروب مشتعلة وقيم الفرد ذات الطابع البطولي الحربي هي درب الوصول إلى قلب الإمبراطور. فسادت قيم الاستيلاء ومصارعة الغرباء حرباً قتل الضعفاء من أبناء جلدتهم وزجهم في تلك الحروب وقهرهم باستمرار. وإن النبل والرفعة الاجتماعية اقترنت بالقسوة والنجاح في الاستيلاء على الأرض والأموال والبشر.

وفق هذه التبريرات الفلسفية لعنصر القوة والتسلط ولدت الإمبراطورية الساسانية وولدت في رحمها الأفكار المزدكية.

لم يكن مزدك شيوعياً ولا ماركسياً كما يصفه كريستنسن في مؤلفه إيران في عهد الساسانيين ص321 والذي يعد من أعظم المصادر عن هذه المرحلة ومؤلفه أستاذ جامعي دانماركي مرموق.

وراح الكتاب العرب المسلمون المحدثون يصفونه بنفس الوصف على عكس أسلافهم الذين وصفوه بأبشع الأوصاف.

بين مزدك وماركس خمسة عشر قرناً. وهي مسافة زمنية هائلة. ومنجز البشرية في زمن ماركس يختلف تماماً عن مرحلة مزدك حيث المرحلة الإقطاعية المتداخلة مع العبودية في نمطها الآسيوي كما يصفها ماركس. تختلف عن العصر الرأسمالي الناهض في زمن ماركس في أوربا وألمانيا عام 1848م. أضف إلى ذلك أن أدوات التحليل الجدلية والدرجة المعرفية والارثية فكرياً في مجتمع مزدك غير تلك التي عاش فيها ماركس ونخلص إلى أن وصف مزدك بالشيوعية أمر لا يعكس دقة وفهماً للفكر المزدكي.

كان عام 485م عام ازدهار للفكر المزدكي خاصة انضمام رأس الإمبراطورية (قباذ) كما قلنا وأخطأ مزدك حين اقتنع بمزدكية قباذ الذي كان (ميكافيليا) في قناعته لضرب الطبقات المتنفذة بمزدك وأنصاره ليتخلص منه بعد ذلك وهذا ما حدث حيث نظم قباذ أكبر مذبحة للمزدكية بعد تحقيق أهدافه كان ذلك في عام 531م. ونعود إلى ماركس الذي نص على أن تاريخ المجتمعات هو تاريخ صراع الطبقات وأدرك مزدك هذا المفهوم لأنه عاش في مجتمع طبقي مقسم رسمياً إلى عدة طبقات بتشريعات إمبراطورية.

إن ماركس إنما قصد بموضوع الطبقة هو ليس الفوارق الظاهرية كما أدركها مزدك بل قصد التمايز البنيوي، وهو مجتمع صغير يحوي آلية داخلية تخضع لآلية خارجية تضمن لها توالدها وإعادة إنتاجها عبر الزمان والمكان (راجع مجلة النهج عدد 36 ص189).

لقد زلزلت أفكار مزدك أركان الإمبراطورية الساسانية ووصف كريستنسن المزدكية بأنها تيار ثوري (مصدر سابق) أن المزدكية أفكار مبكرة دعت إلى العدالة الاجتماعية وينظر إليها كونها تجربة ضمن مسلسل ضخم من التجارب والثورات والتمردات التي مرت وظلت محكومة بظرفها الزماني والمكاني. لقد فات على الطبري وابن الأثير وغيرهم من المؤرخين في دراسة ظاهرة تاريخ الأديان سوسيولوجيا بدلاً من مهاجمتها وتجريدها من محتواها خاصة وإن المزدكية سبقت الإسلام في الظهور.

وفي هذا البحث المتواضع ندعو لترسيخ الوعي الموضوعي ليتمكن المتعلم في زيادة مؤهلاته الثقافية والحضارية لإثراء الفكر الإنساني في تفسير الموروث من زوايا حرة ذات نفع مستقبلي.

ونشير هنا إلى أن الديانات اهتمت بالإنسان وحفظ حقوقه وتحريره من كل أشكال الاستلاب. وهي مجال حوار حضاري لفهم الماضي والحاضر والمستقبل وليست سيف صدام يعيق التقدم.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة