جوزيف بيرغر
القدس
ترجمة
جودت جالي
عن النيويورك تايمز
رئيس وزراء فلسطيني يستقيل , ثم يستقيل , ثم يستقيل , لكن
سرعان ما يعانق ويقبل الرئيس الذي يعمل ضده ولن يوافق على
أستقالته . رئيس وزراء الجناح اليميني ألأسرائيلي يتناول
طعام ألأفطار مع قائد حزب الجناح اليساري ألأكبر , وهو صديق
قديم , ويتماحكان بود حول كيف يمكن أن يديرا الحكومة معا
لأنجاز السلام.
أهلا بكم في الشرق ألأوسط حيث ألمبدأ السياسي بضاعة أكثر
مرونة بكثير من مثيلتها في الولايات المتحدة
ألبراغماتية والمراوغة المتفننةلاتعتبران هنا تقلبات مفاجئة
, ولهما مذاق أقوى بكثير من الأستقامة والثبات , فالقائد
الذي يتخذ موقفا ثابتا غالبا مايخسر أمام أستاذ البراعة
الماكر.
هذه , بعد كل شيء , منطقة فيها الصراع من أجل البقاء القومي
الذي على المحك , أكثر أهمية من المعنى الواضح للكلمات أو
ألأتفاقيات على الورق. وهكذا حين تتعهد أسرائيل بتقليص توسع
المستوطنات في ألأراضي المحتلة ,أو حين يعد الفلسطينيون
بتحطيم الذين يقومون بالتفجيرات ألأنتحارية , فأن العهود
يمكن أن تكون مناورات جوفاء في صراع طويل المدى للحفاظ على
المساومة ألأستراتيجية
(كفيشات)
لعب.
توجد أيضا مسحة شرقية يجب التفاوض بشأنها , : كل شيء معروض
لعقد الصفقات , الولاء للعائلة والقبيلة يمكن أن يتفوق على
ألأهلية والجدارة , والحفاظ على ماء الوجه ربما كان أكثر
أهمية من النتائج الواقعية.
النظامان السياسيان بالكاد متكافئان , للأسرائيليين مؤسسات
متكاملة , صحافة حرة , نظام قضائي يجذر الحكمة في القانون
،
ففي هذا الصيف أبلغت المحكمة العليا الجيش أن أجزاء من
الحاجز الجديد الذي يقصد به وضع حد لخطر ألأنتحاريين من
الضفة الغربية يجعل من المستحيل على المزارعين الفلسطينيين
أن يتعهدوا بساتينهم بالعناية ويجب تغيير موقعه.
السلطة الفلسطينية التي لم يكتمل ريشها بعد هي شيء مختلف ,
رئيسها ياسر عرفات أقرب الى البطريرك الذي لايمكن المساس به
, وأخطاؤه غالبا مايشار أليها فقط بشكل غير مباشر بالتهجم
على المحيطين به.
مع ذلك فطبيعة الصراع الوجودية والحساسية ألأوسطية تجعل
السياسيين على الجانبين في غاية الطواعية بشكل غير عادي ,
وغالبا مايترك وضعهم هذا ألأمريكيين في حيرة وتفكر.
ولنأخذ قضية رئيس الوزراء ألفلسطيني أحمد قريع مثلا , أستقال
بعد أن تحول رجال الميليشيات الى أسلوب الخطف والعنف
ليعبروا عن عدم رضاهم عن قيادة السلطة الفلسطينية
،
بأظهارهم أنعدام سيادة القانون في غزة أحرجوا السيد قريع
الذي قال أنه يفتقر الى السلطة الكافية لفرض النظام .السيد
عرفات الذي يسيطر على القوى ألأمنية رفض ألأستقالة وظلت
الكرة تروح وتجيء الى أن وعد السيد قريع ببعض السلطات
الجديدة , ولكن العديد من القادة الفلسطينيين يرون هذا هجوما
مخادعا مادام لايلبي مطلب الدبلوماسيين ألأجانب وهو جمع
القوى ألأمنية العديدة تحت أمرة وزير داخلية قوي .
قال خليل الشقاقي مدير المركز الفلسطيني للسياسة والبحوث في
رام الله
(سيكون
ذلك أستجابة حضارية)
لكن الفلسطينيين كما يقول لم يطوروا فعليا مؤسسات قوية
ونصوصا قانونية
،
(ومادمنا
لانملك ممارسات
أنتخابية فلايبدو أن الجماهير هي التي نريد أرضائها بل الشيء
المهم هو أرضاء القادة ألأفراد).
أذن لماذا يقبل السيد قريع رئيسه ويجمل نفسه ؟ لأنه كسب هو
أيضا شيئا ما
-
فرصة لينجو من اللوم بسبب حالة الفوضى على ألأقل حاليا
-
بكلمات أخرى .. بعد ماهدأت الشوارع أستطاع أن يخبر العالم
بطريقة مسرحية أنه لايسيطر على ألأمن حين تكون ألأضطرابات
على أشدها , ولقد أنكشف لنا مثال في ألأسبوع الماضي عن
الكيفية التي تخضع غالبا بها السياسة وألآيديولوجيا للفرصة
.عارض الفلسطينيون الجدار الذي سيعزل الضفة الغربية عن
أسرائيل و دفعوا حتى الهيئة العامة للأمم المتحدة للأجتماع
لشجبه.
نشرت بوسطن غلوب أن آلاف ألأطنان من السمنت الرخيص بيع لرجال
أعمال فلسطينيين من قبل مصر لأستخدامه لمنفعة المجتمع
الفلسطيني أعيد بيعه لشركات أسرائيلية وتحول لبناء الجدار
نفسه. مسؤولون في السلطة الفلسطينية ساهموا في المشروع
بتوفيرهم الرخص. السياج سياسة والسمنت عمل . بكلمات أخرى ..
مادام بناء الجدار مستمرا فلماذا لايستفيد الفلسطينيون منه
؟ حقائق السلطة تجعل النزعة البراغماتية تعمل بطرق عجيبة في
أسرائيل كذلك .لدى الحكومة ألأسرائيلية خطة لفك ألأرتباط مع
قطاع غزة تتضمن أزالة المستوطنات وهي خطة تبدو متفقة مع
المطلب الدولي في الحد من توسع ألأستيطان ولكن الذي تبين أن
الحكومة قد تسمح بتوسع بعض ألأستيطان في الضفة الغربية كجزء
من الثمن الذي يدفع لجناح البرلمان اليميني لقاء دعمه لخطة
غزة . في الوقت نفسه فأن أريل شارون رئيس الوزراء وقائد
جماعة الصقور
في
حزب
الليكود
راغب في ضم القوى مع شمعون بيريز مقدام حزب العمال والمفضل
عند حمائم أسرائيل لتمرير الخطة . قد يدهش هذا الحلف
ألأمريكيين ولكن يبدو أنه طبيعي في هذه المنطقة , ألأثنان
يتخليان عن مبادئهما ليكونا بمثابة تلميذين لبن غوريون وهو
أب مؤسس رسخت سنوات قيادته مبدأ أساسيا في أسرائيل هو أن
المنطق ألأمني والعسكري في أوقات الخطر يتغلب على
ألآيديولوجيا.
هذه ألأيام مع ضرورة بناء سياج لسد الطريق على ألأنتحاريين
فأن بيريز وشارون كليهما يتفقان مع العسكر بأنه لافائدة من
أبقاء مئات الجنود لحماية 7500 مستوطن من 1,3 مليون فلسطيني
في غزة.
قال الدكتور أيران ليرمان الذي عمل طويلا كمحلل استخبارات
عسكري أسرائيلي ويمثل هنا اللجنة اليهودية( أسرائيل أمة 11/9 في 7/24 , أن لنا هذه التقسيمات العميقة
ولكن حين يتعلق ألأمر بالأمن ونكون مهددين دائما فالأمن هو
السلطة العليا)
ربما كان المحللون الذين الذين يلومون السيد عرفات على فشل
محادثات السلام عام 2000 يخطئون يهود باراك أيضا لأنه لم
يظهر مايكفي من ألأحترام للسيد عرفات.قال السيد بيريز
(في المفاوضات يلعب عنصر اللياقة دورا رئيساً)
. بكلمات أخرى .. أن باراك المولود أسرائيليا والمثقف غربيا
لم يكن يجيد التصرف شرق-أوسطيا بما فيه الكفاية .
|