الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

رحلة داخل مركز الزلزال الشيعي

سكوت بالدوف

كريستيان ساينس مونيتور

كان لنا هدفان : اولا معرفة ما يمكن ان يكون لدى قيادة الصدر العليا لميليشيا، جيش المهدي، التي تتحصن داخل المرقد المقدس. ثانيا اردنا ان نساعد زميلين هما المصور المستقل ثورن انسرسون والمراسل المستقل فيليب روبرتسون في الخروج من المرقد بعد ان قضيا ثلاثة ايام عصيبة في مركز زلزال هذا الاستعراض المسلح. بيننا وبين المرقد نقطتا تفتيش امريكيتان ومالايحصى من القناصين ومئات من عناصر جيش المهدي وطنوا انفسهم على الموت في سبيل قضيتهم.لفترة قصيرة عصر يوم الاربعاء ظهر ان حلا سلميا ربما سيتحقق فقد قرا ممثلون من المؤتمر الوطني المنعقد في بغداد رسالة من السيد الصدر تقول انه قد وافق على شروط الحكومة وخصوصا نزع السلاح ومغادرة المرقد وان يصبح حركة سياسية رئيسية ولكن بعد ساعات اندلع القتال هنا مجددا واعلنت الحكومة العراقية انه لن تكون هناك بعد مفاوضات سلام واعلن وزير الدفاع العراقي منذرا بان الهجوم النهائي سيبدا في غضون ساعات، وقد اوضح وزير الدولة قاسم داود في مؤتمره الصحفي بانه لن تكون هناك محادثات سلام، لا بل اضاف شروطا جديدة على السيد الصدر ان ينفذها، وكصحفيين فاننا عادة نخربش ملاحظاتنا ونضبر قصصنا الاخبارية ونتوجه من ثم لتناول الطعام. لكن القضية هذه المرة شخصية فلدينا صديقان في الداخل يطلبان مساعدتنا عبر الهاتف فقررنا ان نقوم بمهمة انقاذ. اخطرنا الحكومة العراقية والجيش الامريكي وجيش المهدي وسالناهم ان لايطلقوا النار علينا وكنا نخطط للذهاب الى المرقد. قال لنا رائد في الجيش الامريكي ( هل تعرفون ان ماتفعلونه مخاطرة وان ذلك المرقد قد لايبقى قائما بعد وقت ليس بالطويل ؟) اكدنا له اننا نعرف وشققنا طريقنا عائدين الى الفندق لتهيئة موكبنا.

ان تنظيم مسيرة صحفيين يشبه سوق قطيع من القطط. نحن مدربون على سؤال السلطات ونتاكد من ان ماخططنا له مضبوط ولم يكن كذلك، ومن ان سلامتنا مضمونة ولم تكن مضمونة، ولكن بعد نصف ساعة من الوقت المقرر للمغادرة قدم سائق صحيفة المونيتور سيارته، وكونا موكبا من ثمانية عشر سيارة مليئة بالصحفيين،اغلبهم عرب وبعضهم بريطانيون وقلة من الامريكيين. بطريقة ما اصبحت سيارتنا في المقدمة ويبدو انه لم يكن يوجد بواسل غيرنا فرفعنا خرقة بيضاء وزحفنا في الساعة الخامسة نحو نقطة التفتيش الامريكية الاولى. كانت الشوارع خالية والبنايات والمحلات تملا جدرانها الحفر  والشوارع يغطيها الزجاج المتناثر وشظايا من القذائف. خمسة كنا في السيارة نصلي صلاة صامتة فقد كانت السيارات في هذه المنطقة هدفا للقناصة الذين يفترض عادة انهم من جيش المهدي. لم يكن صمتنا مستقرا بل كان يفضي الى كثير من التفكر والشك. بعد خمس دقائق وصلنا نقطة التفتيش الاولى. لم يكونوا قد اعلموا بمقدمنا وكان هذا هو بالضبط مانخشاه. اتصلوا بالقيادة وفتحوا لنا الطريق. بذلنا محاولة اخيرة للاتصال بجيش المهدي داخل المرقد وواصلنا التقدم. كنا نستطيع ان نرى  في الافق ذهب القبة. ذلك المكان كان هو المكان المناسب لمن يغير رايه ويعود ادراجه قبل ان يتقدم اكثر. فجاة انخفض عدد سيارات الموكب الى ثمانية. تحركنا متجاوزين نقطة تفتيش امريكية اخرى ومن ثم دخلنا الارض الحرام.كانت المقبرة القديمة الى يميننا وهي موقع وصفه المسؤولون الامريكيون بانه الميدان الذي جرت فيه اشد معركة التحامية منذ حرب فيتنام.امامنا مباشرة استطعنا ان نرى مقاتلين من جيش المهدي يتحركون ليتخذوا وضع الرمي.لوحنا بعلمنا الابيض وتقدمنا ببطء وفيما كنا نقترب من نقطة تفتيش جيش المهدي الاولى نظرت الى ساعتي وكانت تشير الى الثالثة بعد الظهر. اقترب رجل ميليشيا من سيارتنا ( هل ذكرت اننا كنا في مقدمة الموكب ؟) وسالنا من نكون. نعم سمع من قيادة جيش المهدي بان بعض الصحفيين قادمون. انقطع حديثه معنا بسقوط قذيفة مورتر على مبعدة خمسين مترا في تقاطع الطرق بالضبط. تركنا سياراتنا فقد كنا ونحن في السيارات اهدافا كبيرة. كانت تلك رمية تحذير افترضنا انها من جيش المهدي ولكن المقاتل اكد لنا انها من الجيش الامريكي. رحب بنا وقادنا الى المرقد.امامنا كانت شوارع البلدة القديمة تعج بمئات من مقاتلي جيش المهدي رافعين اسلحة الكلاشنكوف والار بي جي عاليا وهم يضربون الارض بارجلهم وينشدون (بالروح نفديك ياسيد) مستخدمين لفظ التعظيم لمن يدعون انتسابهم الى النبي محمد.

في مرقد علي وفي داخل المرقد نفسه لم  نلاحظ وجود اسلحة ولكن كان يوجد المئات من انصار جيش المهدي بعض وجوههم مالوفة من التظاهرة التي اقيمت في بغداد الاسبوع الماضي وكانوا متطوعين كدروع بشرية، اصغرهم يبلغ الثامنة ربما واكبرهم ناهز السبعين يسيرون بشكل دائري وينشدون. اخذنا الى الجانب الشمالي من المرقد الى مكتب مكيف الهواء حيث يوجد الناطقون باسم مقتدى الصدر، الشيخ علي سميسم عقد مؤتمرا صحفيا. كان تصريحه عكس ماقيل لنا تماما. قال ان الصدر قبل بشروط وفد المؤتمر الوطني رغم انه لم يستطع لقاء الوفد شخصيا لدواع امنية.قال سميسم ( الكرة الان في ملعبهم، ننتظر الان ان يرسل المؤتمر الوطني وفدا اخر الينا وسيحل كل شيء سلميا ). بعد لحظات اخبر المراسلين رجل اخر من كبار مساعدي الصدر  بان جيش المهدي رفض قائمة مطالب الحكومة الجديدة التي اعلنت الخميس ( واضح جدا اننا رفضناها ). خارج المرقد كان هناك (حديث) اخر.. قذائف المورتر الذاهبة وقنابل المدفعية القادمة تشير الى انه حتى مع وجود صحفيين في الداخل فان الحرب ستستمر.كل منا وجد نفسه محاطا بانصار الصدر وكلهم يتحدثون في وقت واحد مبلغين رسالتهم. بعضهم ادعى ان الامريكيين استخدموا ضدهم الاسلحة الكيمياوية ووعد بجلب الدليل. ارونا شظايا قذيفة عادية. احد انصار الصدر وبخ مترجمتنا الاء لانها لم تغط كامل شعرها بالوشاح. توجهنا الى مستشفى المرقد الميداني حيث يجلب المقاتلون للعلاج. توسلوا بنا ان ناخذ معنا رجلا  مصابا في راسه اصابة خطرة وبدا انه يموت. وعدناهم اننا سنرسل سيارة اسعاف لاننا لايمكننا ان نخرج من حياديتنا ونتدخل.ابتاس العاملون في المستشفى لموقفنا.انهارت الاء باكية.كان الوضع في الداخل يغلي ويبدو ان المتظاهرين مصممون على ان يرفعوا معنويات المقاتلين العزل ليبقوا في الداخل. التقطنا صورا واجرينا مقابلات وتساءلنا ان كان موعد مغادرتنا المحدد في الرابعة والنصف سيكون كافيا لخروجنا قبل المعركة. هل سيصبر الامريكيون ؟ وهل سيصبر جيش المهدي ؟ امسكني رجل طويل يرتدي دشداشة بيضاء من كتفي قائلا ( لماذا كرهنا صدام ؟ لانه حرمنا من الحرية.الان رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي والامريكيون مثل صدام. يقولون عنا اننا جهلة ولكني مهندس وهذا دكتور وهذا رجل اعمال. نحن نريد السلام لاالحرب ولكن اذا كانوا يريدون قتل  قائدنا السيد مقتدى الصدر فاما ان نموت دونه او ننتصر). حين سالته عن اسمه قال محمد فقط. هذا الرجل لو كان مقدما على الموت لما خشي ان يذكر حتى مجرد اسمه. تذكرت ماقاله الضابط الامريكي عن المرقد. هل سيعيش هذا المهندس الى غد ؟ او تلك الصغيرة في سن الثامنة التي تتعلق بيد ابيها ؟ او ذلك الشيخ الذي يدب على الارضية الرخامية ؟.

حان وقت الانصراف. كان مراسل السي ان ان في منتصف بث حي لقناته. صافحنا المقاتلون والانصار ومضينا تاركين مراسل السي ان ان يجرجر نفسه خلفنا. اوقفني رجل  وقال لي(انتم الصحفيون لستم جيدين بالامس فجرنا ثماني سيارات (همفي) ولم يذكر عنها شيء) فاقسمت له من خلال مترجمتي انني ساذكر مارايت بالضبط.هدير القذائف وهي تاتي وتروح ذكرتنا بان نافذة حريتنا على وشك ان تغلق سريعا. عدنا بسياراتنا الى نقطة التفتيش. كانت هناك مجموعة من الكلاب تنساق مع الطريق وهي تشمشم هنا وهنا بين الحصى بحثا عن طعام.

اتينا بزميلينا معنا ونحن في طريقنا الى الفندق. لكن بعد وصولنا بلحظات اعلن رئيس الوزراء السيد اياد علاوي (النداء الاخير) داعيا رجل الدين المتمرد الى نزع سلاح رجاله والخروج من المرقد و(الانخراط في العملية السياسية مراعيا مصلحة البلد) مع غروب الشمس كان مقررا ان تبدا المعركة من اجل المرقد حاسمة.  بالنسبة لنا كلنا الصحفيون والمقاتلون من الجانبين ربما كان ماسنشهده نقطة تحول، ولكن في اي اتجاه؟.

                                                                                ترجمة جودت جالي


استغلال الانشاقاقات الداخلية الايرانية في الساحة العراقية

كربلاء - العراق

قال مسؤولون عراقيون وامريكيون إن إغداق الاموال على الاحزاب السياسية والأعمال الخيرية والمنظمات المسلحة في حملة شبه سرية للاستحواذ على النفوذ والسيطرة قد جعل من ايران بارزة كقوة صامتة وشديدة في عراق ما بعد الحرب.

فايران كجار وعدو سابق في حرب واحياناً ملاذ آمن لمعارضي صدام حسين تكون قد اصبحت لفترة طويلة عاملاً في الحياة السياسية العراقية. فلقد رسمت المقابلات مع دبلوماسيين غربيين وعراقيين من داخل الحكم ومن خارجه صورة لايران وهي تسعى لدور جديد منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة غير أن الانقسامات الداخلية الايرانية اربكت وعقدت اهدافها في العراق. وبدلاً من العمل نحو نهاية أو غاية واسعة الامتداد اتجه رجال الدين والقادة السياسيون والعديد من الشعب العسكرية والاستخباراتية إلى تنفيذ جداول أعمال خاصة بهم.

فالزعماء السياسيون الايرانيون في القيادة العليا على سبيل المثال كانوا سريعي الوصول إلى الحكومة المؤقتة العراقية وهم يباركون نهاية الحكم ويصرون على أن معاناة ايران الرئيسة تكمن فقط في وقوع حمام دم على حدودها. وفي هذه الاثناء تقوم خلايا استخباراتية ايرانية بزرق أموال بصورة سرية إلى مجموعات متمردة في العراق كما جاء على لسان مسؤولين عراقيين ودبلوماسيين غربيين.

وقال صباح كاظم الناطق بلسان الداخلية العراقية: إن إيران تتكلم مع الأسف بلسان متشعب. فالزعماء يدعون إلى الاستقرار غير اننا في كل يوم نلقي القبض على أناس قادمين إلى العراق (من ايران) وهم يحملون الاسلحة. وهناك أحزاب سياسية تدعمها ايران.

وتفهم الحكومة الايرانية بصورة أفضل على أنها مجموعة من تراكيب أو تشكيلات للقوة شبه مستقلة ذاتياً وأن لهذه التشكيلات جداول أعمال شديدة الإنقسام فيما بينها كما يقول كاظم. ويضيف قائلاً يبدو أن هناك العديد من مراكز القوى ولست متأكداً فيما إذا كانت وجهة النظر الرسمية التي نسمعها حقاً تبلغ مداها. وبشكل ما فاننا نحارب مجريات السياسة الايرانية على الساحة العراقية. المتشددون والإصلاحيون يستخدمون العراق ساحة حرب لهم.

لقد دعت إيران إلى إطلاق سراح دبلوماسيها (فريدون جيهاني) الذي اختطف في الايام الاخيرة من قبل مجموعة سنية تطلق على نفسها اسم الجيش الاسلامي في العراق وتقول المجموعة: إن جيهاني متورط في إثارة الصراع الطائفي ويتصرف خارج إطار الدبلوماسية كما ذكرت ذلك فضائية (الجزيرة) في تقرير لها.

وطبقاً لما تقوله الجزيرة: فإن المجموعة حذرت إيران من مغبة أي تدخل سافر في شؤون العراق.

أما وزير الدفاع حازم الشعلان فقد ذهب إلى ابعد من ذلك حين ابلغ تلفزيون (العربية) أن ايران تتدخل في شؤون العراق عن طريق ارسال اسلحة إلى المتمردين المسلمين الشيعة.

وقد نفت إيران الاتهامات القائلة أنها تعمل على إثارة العنف في العراق.

وقال وزير الدفاع (علي شمخاني) (إنه ليس هناك من سبب أو دليل منطقي يثبت اتهامات (شعلان)) كما جاء في التلفزيون الرسمي الايراني.

كما استجابت إيران ايضاً للتشكي منها بدعوة رئيس الوزراء المؤقت أياد علاوي لزيارة رسمية في محاولة لاصلاح العلاقات.

إن ايران التي يغلب عليها المذهب الشيعي قد بذلت جهوداً ذكية وحثيثة لبناء واحترام مع العراق وخصوصاً في الجنوب حيث يشكل الشيعة الاغلبية الساحقة. فلقد أقامت ايران المستشفيات والمصانع وبرامج الرعاية الاجتماعية مشكلة بذلك شبكة من السلامة الاقتصادية الاجتماعية.

كما انفقت ايران ملايين الدولارات في العراق - حول الكثير منها إلى أحزاب سياسية تتلقى الدفع مقابل إيصالات - على أمل شراء الولاء والنفوذ كما يقول دبلوماسيون غربيون فضلوا عدم ذكر اسمائهم. ففي محافظات العراق الجنوبية الاربع هناك اثنان من المحافظين واثنان من مدراء الشرطة اقوياء في صلاتهم مع ايران كما يقول أحد الدبلوماسيين.. اما الأحزاب الشيعية الصغيرة فغالباً ما تقول إنها لا تستطيع القيام بابسط خطوة سياسية دون التشاور مع إيران كما يقول دبلوماسي آخر.

وفي هذه الاثناء يخشى الدبلوماسيون من أن تكون المخابرات الايرانية قد أقامت لها موطئ قدم في العراق حيث يقوم عملاؤها بارسال الاموال والأسلحة إلى الميليشيا المناهضة للولايات المتحدة. وتنفي ايران أن يكون هناك أي شيء.

ويقول احد الدبلوماسيين الغربيين العاملين في جنوبي العراق (إن الحكومة الايرانية منقسمة بشدة بين وكالات الاستخبارات والشرطة المختلفة (في العراق) فهناك المتفرجون الجامعون للمعلومات ليس إلا وهناك المتورطون بصورة نشيطة في مهاجمة قوات الائتلاف).

ولسقوط صدام بامكان ايران - وهي قوة عسكرية إقليمية - إن نستخدم وكلاءها وحلفاءها لتصبح عاملاً داخل العراق.

غير أن هناك حواجز. فالإسلام الشيعي - وهو القوة الفاعلة الموحدة تعتريه التوترات. إن المدارس الفكرية في العراق وايران منهمكة في تنافس للأعلمية بين مدرستي النجف وقم القرآنيتين وأن النزعات القومية والندية القديمة يمكن أن تعيق محاولات ايران تشكيل مستقبل العراق الذي دخل في حرب الثماني سنوات مع ايران في الثمانينيات.

ويقر فؤاد كاظم الدراجي رئيس حزب الدعوة الاسلامية الكربلائي أن المجموعة تتلقى مساعدة من ايران غير انه ينفي أن تكون المساهمات المالية تشترى حقاً لادارة وتوجيه الحزب. ويقول الدراجي من مكاتبه المنتصبة في الشمس هنا.

(هناك الكثير من العراقيين أمثالي ونحن نقدر ما يقدمون لنا غير إننا لا نسمح لهم بالقيام باي شيء على ارضنا أو يأخذوا مواقعنا نيابة عنا. وعلى مدى التسعة عشر عاماً عاش الدراجي منفياً في ايران ويقول الدراجي إنه لم يتعلم الفارسية ولم يتخذ إخلاء ايرانيين. والآن وقد عاد إلى هذه الأرض الطاهرة فإنه يشعر بالامتنان غير انه لا تلزمه اية التزامات في اتباع تعليمات من طهران.

إن الوشائج بين حزب الدعوة وإيران معروفة جداً. فالحزب يمول منذ فترة طويلة من قبل إيران غير أن الدراجي يصر على أن العراق الجديد منح الحزب لحظة استقلال وحزبه يتلقى مساعدات من سلسلة من الدول المتعطشة لخطب الود خاصاً بالذكر هنا العربية السعودية والكويت.

ويضيف قائلاً (نحن لا نمانع في التعاون مع أي بلد يريد مساعدتنا طالما ظلت مصالح العراق فوق غيرها. وليس هناك من إرادة لدى العراقيين في قبول المنهج الإيراني فتاريخياً نحن الذين نعتبر أنفسنا قادة لايران وليس العكس.)

ويرتاب المسؤولون الامريكان والعراقيون بشدة بخصوص دور إيران في العراق. ويقول دبلوماسيون غربيون إن إيران التي تخشى قيام عراق مستقر وديمقراطي يثير حفيظة الايرانيين للنهوض في صالح قيام ديمقراطية خاصة بهم متلهفة لرؤية الولايات المتحدة وقد فشلت.

ويقول بعض المحللين الغربيين أنهم يعتقدون أن ايران لا ترغب في رؤية العراق وقد انهار وسقط في حرب اهلية يمكن أن تنتشر على امتداد حدودها الطويلة السائبة. كما أنها لا تريد أن ترى العراق وقد تحول إلى مضيف ثابت للوجود العسكري الامريكي.

ويقول مسؤولون إن ايران المحصورة بين افغانستان والعراق قد أحاطت بها القوات الامريكية من كل صوب وبالتالي تريد أن تتأكد وتطمئن أن امريكا غاصت في الوحل العراق كي لا تقوم بمغامرة جديدة ضدها.

كما أن هناك شكوكاً حول طموحات ايران النووية.

هناك العديد من الفصائل في ايران غير أنها تقع ضمن مجموعتين واسعتين:

-المحافظون الذين يسعون إلى صيانة الجمهورية الاسلامية برؤية لثيوقراطية شيعية تمسك بزمام جميع مفاصل الحكومة والمجتمع. أما المعسكر الآخر فينظر اليهم كاصلاحيين. فالبعض متدين غير انه اقل تشدداً والبعض الآخر علماني.

وبين المجموعات المختلفة هناك عناصر اصولية صغيرة في المخابرات الايرانية بجنحون نحو غاية قديمة بتصدير الثورة إلى العراق وربط البلدين ضمن أمة واحدة كما يقول دبلوماسيون هنا.

ويقول دبلوماسي (إنهم متأكدون إذا ما أرادت إيران أن تخلق مشكلة ما فان لهم السيطرة على الجنوب. لا يعني ذلك أن ايران ستستخدم الجنوب للقيام بانقلاب بل إنهاء إذا ما أرادت فعل شيء فإن الامكانية موجودة بالفعل هناك.

ففي كربلاء تقول الشرطة العراقية إنها قد القت القبض على عشرات الايرانيين الذين دخلو المدينة بدون جوازات وأنهم مكثوا لاسابيع.. ويقول هؤلاء على السواء أنهم جاءوا لزيارة مرقد الامام الحسين (ع) غير أن المسؤولين يتهمون إيران بزرع جواسيس بين الزوار والتجاهل عن عمد المسلحين الذي يعبرون الحدود متنكرين كزوار.

ويقول رحمن شاوي مسؤول في شرطة كربلاء (إن اولئك القادمين كزوار للعتبات المقدسة واضحون غير أن هؤلاء الذين القي القبض عليهم شبان لا يحملون أي وثيقة أو بطاقات تعريف).

إن الاواصر بين البلدين قوية وخصوصاً في الجنوب حيث يرتبط الناس بعلاقات عائلية ومعتقدات دينية مشتركة. وعندما تعرض الشيعة والأكراد للمعاناة تحت حكم صدام حسين كانت إيران تمدهم بالمال والتضامن المعنوي.

إن الشيعة في ايران والعراق قد تعاقب احدهما على منفى الآخر. فزعماء الشيعة فروا إلى ايران هرباً من صدام حسين ومن النجف قاد آية الله روح الله الخميني ثورته ضد شاه ايران. وبعد أن فتحت إيران ابوابها للشيعة الذين عانوا تحت حكم صدام تراها الآن وهي تشعر بالامتلاك والواجب. فمن حيث الامتلاك وكما يقول حامد البياتي نائب وزير الخارجية العراقي وشيعي عاش في المغنى في ايران (إن ايران تشعر أنه من حقها أن تدافع عن الشيعة في العراق بالمطالبة بحقوقهم. ولا أظن أن ايران ستقبل وضعاً يهدد الشيعة أو يجعلهم تحت حكم الاقلية).

أما شعور ايران في الواجب فهو آتٍ من العتبات المقدسة في النجف وكربلاء وقد منعت هذه العتبات عنهم في زمن صدام حسين. وقد تعهدت بلدية طهران بالعديد من مشاريع الاشغال والخدمات العامة في النجف كما يقول نعمان جابر عباس رئيس المجلس البلدي في مدينة النجف.

وكثير من الأحزاب السياسية ذات الصلات بايران تصر على أنها لن تسمح لطهران بإملاء جدول اعمالها. ويقول هؤلاء إنهم سيوجدون خيطاً رفيعاً من التوازن بين العرفان والاستقلال.

ويصر الكثير من العراقيين الذي لجأوا إلى ايران طلباً للحماية على أنه لم يكن لديهم أي مكان آخر يولون وجوههم شطره ولقد شاهدوا الجانب الآخر للثورة الايرانية ولا تساورهم الرغبة في تكرار التجربة في بلدهم.

ويقول البياتي (إننا سنقبل أي نمط من الصداقة وليس التدخل ولقد شعر العراقيون دائماً أنهم عراقيون قبل أي شيء آخر).

ترجمة كاطع الحلفي

عن صحيفة: (لوس انجلوس)

 

 


 

الجزائر… رمز المصالحة مع فرنسا الذي يرفضه الإسلاميون

(قررت، بصفة أستثنائية ولامثيل لها، أن أمنح اليوم مدينة الجزائر بوصفها عاصمة فرنسية مقاتلة صليب جوقة الشرف). الرمز(استثنائي ونادرجدا) ولكنه لم يحصل في العاصمة الجزائرية الا على صدى واهن.

من بين الصحف المطبوعة باللغة الفرنسية الصحيفة الحكومية (المجاهد) وحدها التي حيت هذه البادرة قائلة (إن وجود مثل هذه الاشكال من التضامن التي سبق أن كانت بيننا ينعش مسيرة إعادة تأسيس علاقات بين الجزائر وفرنسا يعمل الرئيسان عبد العزيز بوتفليقة وجاك شيراك على رفعها الى مستوى شراكة فريدة). مع ذلك كانت المدينة تحتل خلال الحرب العالمية الثانية مكانة من الدرجة الاولى . ذكر جاك شيراك قائلا (في الجزائر كان مقر مؤسسات فرنسا المقاتلة التي كانت تعيد على الجهة الاخرى من المتوسط بناء جيوش فرنسابمواجهة حكومة العاصمة المحتلة .هذا الدور الحساس جدا والفريد جدا استحق أن يعترف به) لم يبق من هذه المرحلة البطولية التي دفنت من الجهتين بعذابات حرب الجزائر التالية الا القليل من ألآثار.

في ميدان النصر شيد النحات بول لاندويسكي  نصبا مكرسا لذكرى 10000 جزائري ماتوا في سبيل فرنسا أبان الحربين العالميتين .قررت السلطات الجزائرية عام 1975 أثناء حملة اليمين المتطرف ضد المهاجرين الجزائريين في فرنسا أن تكشف عن هذا (الرمز للتمييز الاستعماري) ونحت عندها الرسام الجزائري محمد أسياكم سنبلة قمح وعجلة مسننة وهما رمزان من رموز الواقعية الاشتراكية آنذاك.

حين أصبحت الجزائر في التسعينيات عاصمة للإرهاب الاسلامي المتطرف وقد هزتها القنابل من جديد مسحت كل أثر لتأريخها المشترك مع فرنسا. في بعض المناطق كان مجرد التحدث (بلغة المستعمر) قد يعرض المتحدث الى أعمال انتقام دموية من قبل مجانين بحب الله. بعد أن بكت خلال عقد من الزمن موتاها ودفنت أبناءها وجدت المدينة المتماثلة الى الشفاء طريقها الى الحياة، وبعد أن تقاسمتها قوى الامن علانية بدا وكأنها نعمت بالهدوء، مصطبات المقاهي دائما وألأماكن العامة التي تستقبل أشكالا من المشاهد الى ساعة متأخرة من الليل تسبح في جو أحتفالي.

لكن المجتمع بقي رهينة تحت سيطرة اخطبوط التطرف الاسلامي. قال رئيس الاركان محمد لعماري قبل اقالته في بداية آب ببضعة أشهر (لقد أنتصرنا على الارهاب ولكن ألأصوليين لازالوا يعيثون فسادا) لقد زعزع التقارب الفرنسي الجزائري القوميين الاسلاميين فالقي (حزب فرنسا) وهو مرادف كأنه صدى مقابل لصرخات ممثلي اليمين الفرنسي الذين أحتجوا على دعوة الرئيس بوتفليقة الى مراسيم طولون ورفضوا وسام جوقة الشرف الذي يزين صدر الجزائر وهم يعيدون الى الذاكرة بدورهم الذكرى الدائمة لحرب الجزائر . بالنسبة للصحيفة اليومية (الشروق) الصادرة باللغة العربية فإن (عملية ألأغراء التي تقوم بها فرنسا جاك شيراك لجزائر بوتفليقة لاتحمل قناعة حقيقية بضرورة فتح صفحة جديدة مع الجزائر , وألا كيف نفسر الرفض القاطع من قبل الرئيس الفرنسي لتقديم أعتذار للجزائر عن الجرائم التي أرتكبتها فرنسا بحق الجزائريين؟ . جريدة (الفجر) وهي جريدة يومية أخرى باللغة العربية تريد تذكير ( من لهم ذاكرة ضعيفة ويصفقون لهذا الوسام) وأن (على فرنسا التي تتذكر فجأة الدم الجزائري الذي أريق على أرضها أن تفتح ملفات الماضي (....) وأن تعترف بجرائمها ضد الشعب الجزائري)

حاول القوميون الاسلاميون مرة أخرى وهم ينوون ممارسة لعبة استمرارية الحرب التي أبدوا مع ذلك أستياءهم منها منذ أندلاعها عام 1954 أن يقوموا بعملية الهاء، مزايدة (وطنية) معروفة تماما تميل الى حجب عدم تحمس علماء المسلمين الذين رفضوا وقتها حركة الأستقلال وأعتبروها (مغامرة لامستقبل لها)

قبل أن يلتحقوا بالقوميين بعد أن بدأت الحرب فعلا. يبدو أن باريس والجزائر وهما في صمم من اشارات قوى المؤخرة هذه قررتا  المضي الى تمام المصالحة. في يوم الأحد سربت الصحف الجزائرية معلومات سرية تفيد بأن الرئيس بوتفليقة دعا الرئيس شيراك ليشارك في الأول من تشرين الثاني القادم في مراسيم احتفالية مرور خمسين عاما على بداية حرب الجزائر.

ترجمة جودت جالي

عن الفيغارو

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة