الزوج المبكر: بين القبول والرفض
عواطف مدلول
قلوب صغيرة تعصف بها الحيرة والقلق من مستقبل غامض مجهول تبحث عن اسوار
تضمها تؤثث في داخلها حياة وردية. فتيات في ربيع العمر
يتسابقن للولوج في عالم الزواج وهاجسه لا يفارقهن فيتمسكن
بحباله خشية من ان تتسرب العنوسة اليهن.
انها ظاهرة اخذت تنتشر مؤخراً في مجتمعنا، فما الذي دفع فتياتنا لاختصار
السنوات واختيار الطريق الاقصر من خلال التفكير بالزواج في
سن مبكرة؟
توجهنا بسؤالنا هذا إلى عدد من الفتيات فتباينت الآراء والاجوبة.
تقول سماهر خليل (موظفة): العائلة هي التي تحث بناتها على الزواج في سن
مبكرة خصوصاً في السنوات الاخيرة لان ظروف الحياة اصبحت صعبة
في مجتمعنا والظواهر السلبية سادت فيه بشكل اوسع والفتاة
تتعرض لانتقادات دائماً اذا لم تتزوج مبكراً لذلك اثناء
دراستي في الاعدادية تزوجت وكذلك بقية شقيقاتي تزوجن باعمار
صغيرة والان نحن نمارس حياتنا بحرية ولا نواجه صعوبة لان
نظرة الناس للمتزوجة تختلف كثيراً عن النظرة للفتاة غير
المتزوجة.
بينما ترى سناء محمد وهي جامعية غير متزوجة ان السبب الرئيس في انتشار هذه
الظاهرة هي غزو (الستلايت) للبيوت العراقية مؤخراً حيث جاء
محملاً بالافلام والاغاني والبرامج التي لعبت دوراً كبيراً
في تغيير افكار الشباب وجذبهم (بالملابس العارية) وسبقه جهاز
(CD) والاقراص الاباحية التي باتت تباع بشكل علني وتداولها بين
المراهقين وكذلك المراهقات لم يعد امراً صعباً، كل ذلك جعل
الاسر العراقية تتخوف على مستقبل بناتها بل ان اشاعة هذه
الاجهزة دفع بفتياتنا للتنافس بينهن للحصول على رجل وطبعاً
هذا الحل (الزواج) هو استر لهن.
وافضل وهو الحل الشرعي والاخلاقي.
وتنتقد علياء عباس (جامعية ايضاً وغير متزوجة) رفض البعض للزواج المبكر وهي
من مشجعات الزواج المبكر كما تقول وتضيف: ليس غريباً ان تفكر
الفتاة بالزواج مبكراً لان امهاتنا وجداتنا كن قد تزوجن في
اعمار صغيرة ونجحن في حياتهن فلا ضير من ان تتزوج الفتاة
وتكمل تعليمها مع زواجها وربما تجد لها وظيفة فيما بعد والان
اغلب جامعاتنا تشهد كثرة الزيجات بين الزملاء بعكس السنوات
الماضية (التسعينيات والثمانينيات) لا سيما قد اخذت الفتاة
العراقية تدريجيا تتفهم الظروف فلا تشترط مهوراً غالية او
أية شروط تعجيزية أخرى.
أما شيماء عدنان فهي تؤيد الفتيات اللواتي رفعن شعار الزواج اولاً راميات
خلفهن الشهادة والعمل وذلك بالقول: ان فرص الزواج اصبحت
نادرة وان عدد الذكور يغلب على عدد الاناث في العراق
بالاضافة إلى ان الرفض الدائم خلف فتيات جميلات ومثقفات دون
زواج فإذا جاءتهن فرصة الزواج يقدمن تنازلات كثيرة من بينها
قبول رجل اقل من مستوى طموحهن ولا يتناسب مع ما كن يحلمن به
وغالباً ما يتقدم لهن رجال يسعون وراء راوتبهن، لا من اجلهن.
كما ان هناك عوائل تقبل بأول قسمة لبنتها لانها تتشاءم من
الرفض فتشجع هذا النوع من الزواج حتى ينشأ ويكبر الاطفال مع
والديهم.
وبرأي (المدرسة) صفاء يعقوب ان الغيرة في المدرسة بين الطالبات تدفع إلى
تقليد بعضهن ولا سيما فيما يخص الزواج فتقول: هذا لم يكن
موجوداً في زماننا فقد تزوجت اخواتي بعد تخرجهن من الجامعات
ومارستهن لوظائفهن وهن يمتلكن جمالاً فائقاً وكل واحدة منهن
جاءت قسمتها فكل شيء بوقته حلو) كما يقولون والعمر لا اعتقد
له علاقة بالزواج فلا تتعجل لان الزواج في سن مبكرة يولد
مشاكل وهموم وخلافات لذلك فان نسبة الطلاق لدينا كبيرة
والان ارى ان كثيراً من الفتيات يتزوجن باعمار تتجاوز
الثلاثين وانا واحدة منهن واذا كان هناك من يقول لي ان
قابلية المرأة على الحمل والولادة بهذا العمر تقل أجيبه ان
هذا الموضوع هبة من الله والامثال على ذلك كثيرة.
وتضع سعاد محمود اللوم على الرجل في اشاعة هذه الزيجات فتقول: ان اقبال
الرجال على الزواج من فتيات صغيرات كان سبباً في زيادة هذا
النوع من الزواج فلم يعد هناك من يبحث عن شريكة لحياته بعمره
لان الرجل الشرقي لا يرغب في ان توازيه زوجته بعقلها
ودراستها ويفضل ان يجد من تخضع له ذلك دوماً نسمع من يقول
(أريد الزواج من فتاة صغيرة واقوم بتربيتها على يدي بما
يناسب افكاري).
أخيراً أقول تبقى ظاهرة الزواج المبكر نسبية ومرتبطة إلى حد كبير بعوامل
وظروف موضوعية متعددة.
|