الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 

 

الشاعر رشيد ياسين في القرنة

صبري هادي

في عام 1949 افتتحت اولى المتوسطات في قضاء قصبة جميلة، غير انها لم تكن معمورة، تطوقها المياه من جهاتها الاربع وتقع في زاوية يلتقي بها دجلة والفرات.

تكشفها المياه التي تكتنفها هي مياه الاهوار التي تضرب باستمرار حواف الشارع الترابي الذي يربط العمارة بمدينة البصرة انذاك واحياناً، تطغي تلك المياه على ذلك لممر الترابي فينقطع السير حيث يلتجئ المسافرون الى الزوارق النهرية الى حيث يشاؤون.

لايوجد في القرنة - القصبة - غير شارع واحد عبد بشكل رديء اواخر الاربعينات، وهذا الشارع بمحاذاة نهر دجلة، هناك فاصل بين الشارع والنهر بنيت عليه بيوت ومقاه لاتخلو من المعاصرة والجمال.

هناك ايضا جسر خشبي تحمل اخشابه طوافات حديدية - دوب - شيد على نهر الفرات تستعمله السيارات القادمة من البصرة الى العمارة او بالعكس كما يستعمله المارة في تنقلهم بين ضفتي النهر.

فبامكان العابرين ان يجدوا في تلك المقاهي والمطاعم في نفس الوقت راحتهم وما يبتغون من الاكل والشرب، ولاشك ان الماكولات التي تقدم انذاك جيدة فوفرة المياه توفر الاسماك ولحوم انواع الطيور التي كانت تعج بها الاهوار المجففة حالياً.

وفي الجانب المقابل لتلك المقاهي هناك حوانيت منظمة عليها ملامح المعاصرة يتبضع منها اهالي المدينة والمسافرون ورجال القرى الذين ياتون لمراجعة الدوائر فعلى بعد لايتجاوز المائة متر جنوباً تقوم تلك الدوائر: مركز القائممقامية والشرطة ودوائر التجنيد والتسجيل العقاري والبريد والمركز الصحي المتواضع..الخ.

وباتجاه جنوب التجمع الحكومي هذا على ضفة نهر دجلة وبمسافة تقل عن المائة متر كانت شجرة يطلق عليها العوام اسم شجرة آدم او شجرة ابراهيم الخليل وفي حقيقة الامر فان تلك الشجرة لايزيد عمرها على الثلثمائة سنة وذوت تلك الشجرة نهاية السبعينيات من القرن المنصرم وظل جذع منها مطروحاً على الارض وخلال بضعة سنوات نتيجة القصف وجدوا ان ذلك الجذع قد فقد ولربما استعملته بعض العوائل حطباً لان القضاء يتعرض بين الفينة والاخرى الى شحة في الوقود.

واستقر اسم جنة عدن على الموقع الذي كانت تنغرس فيه تلك الشجرة، وهو مكان لاتتجاوز مساحته اكثر من اربعين متراً مربعاً، والواقع ان السواح والزوار الغربيين اكثر اهتماماً بهذا المواقع من السكان المحليين، فالناس في القضاء لا يحتفون به كثيراً.

كما اطلق بعض الرحالة الغربيين قبل مايقرب من قرنين، اسم (جنة عدن) على مدينة القرنة.

ومن الشخصيات التي رآها صاحب هذه السطور تزور المنطقة (كرشنكو) وزير الدفاع السوفيتي في زيارته للعراق بعد نكبة 5 حزيران عام 1967.

وظل الغربيون يتوافدون الى هذا المكان حتى ما بعد سقوط النظام الصدامي لمدة من الزمن الى ان تفاقمت اعمال السلب والنهب والقتل، فمنذ شهور ونحن لانرى اجنبياً - وكلهم من الغربيين- يأتمون هذا المكان.

ومادمنا قد تجاوزنا حقبة الاربعينيات فبودنا ان نشير الى بناء فخم عصري يقع الى الجنوب مما امسيناه بشجرة آدم او جنة عدن وبما لايزيد على المائة متر، وهي دار استراحة وضع حجرها الاساس رئيس الجمهورية الاسبق المرحوم عبد السلام محمد عارف سنة 1966 بزيارته الى القرنة حيث كانت نهايته المعروفة للجميع باليوم نفسه الذي وضع فيه الحجر الاساس لذلك البناء، ويقع هذا البناء في زاوية التقاء دجلة والفرات فجانب منه يحاذي نهر الفرات والجانب الاخر بمحاذاة نهر دجلة، ومن يقف في زاوية هذا البناء التي تقابل شط العرب سيعرف بلاشك بأن مايراه هو اجمل منظر بالعالم وان تكن الطبيعة غير متجددة فيه، هذا مااكده الكثير ممن زاروا هذا المكان ومن بينهم السياسي اللبناني المعروف المرحوم كمال جنبلاط.

وعندما كانت تقام مهرجانات المربد يخصص المؤتمرون من ادباء وشعراء العرب يوماً يقضونه في هذا البناء يأتون اليه من مدينة البصرة ضحى ويتناولون طعام الغداء فيه ويعودون الى البصرة عصراً ولا اظن ان واحداً من شعراء العربية وادبائها ومفكريها كان يتخلف عن المجيء لهذا المكان الممتع ولاداعي لذكر الاسماء.

نوعد الى ماتوقفنا عنده- القرنة في اربعينيات القرنة الماضي - فالى الشمال من تلك المقاهي التي اشرت اليها توجد باحات على ضفاف دجلة تقف الى جانب شواطئها السفن الشراعية الذاهبة الى العمارة او الكوت او العائدة منها كما تقف قوارب (مشاحيف) اهل القرى الذين ياتون بخضرهم لتسويقها في القضاء، كما نرى النساء اللواتي ياتين من الاهوار (المعدان) يحملن الالبان والاجبان المنتجة على شكل ظفائر، والزيوت الحيوانية- الدهن الحر- لبيعها على الناس وهناك من يقوم بتسويقها الى انحاء العراق وقد خصصت النساء لانه لايوجد واحد من الرجال يقوم بهذه المهمة، وربما كانوا يخشون منظر المدينة كما يخشون مشهد الشرطي، (فكأنهم اشباح مدبرة من ساحر)..

ولاانسى ان اشير الى ان المقاهي التي جعلت منها محور هذا الوصف كانت تقام فيها الاحتفالات الدينية او السياسية احياناً فقد اقيم في احداها احتفال مهيب في ذكرى اربعينية شهداء 1948 شارك فيها خطباء وشعراء القضاء كما لا انسى وجود فندقين متواضعين يسكنهما الموظفون المعينون من خارج القضاء والذين يتعذر عليهم الاتيان بعوائلهم الى القضاء ويلوذ بها المسافرون الذين لم يجدوا وسيلة سفر باتجاه العمارة او البصرة وقد جن عليهم الليل، لان السفر ليلاً كان محفوفا بالمخاطر، كما هي الحال الان، وقد حدثني المرحوم الدكتور المرحوم ابراهيم السامرائي اللغوي الكبير بانه اضطر للمبيت في واحد من هذين الفندقين في الاربعينات لان عائلة الدكتور السامرائي كانت تقطن العمارة-وكان وقتها قادماً من البصرة ولم يحصل على سيارة تقله الى عائلته في العمارة.

الشارع الذي افضت في وصفه كان شريان الحياة لقصبة القرنة في اربعينيات القرن الماضي كما اسلفنا، تبدأ الحركة فيه منذ اذان الفجر ويزدحم حتى الاظهار، غير انه يعود الى هدوئه عند العصر والاماسي فيكون ملكاً لاهالي هذه القصبة ولموظفيها فتمتلئ مقاعد المقاهي التي اشرت اليها بوجوه غير الوجوه التي كانت تمتلئ بها صباحاً وضحى وظهراً، يقضون فيها ما تبقى من النهار فاذا جاء الغروب توجهوا الى بيوتهم للصلاة او تناول العشاء ثم عادوا الى اماكنهم هذه يتسامرون ويرشفون الشاي ويستمعون الى الراديو ماشاء الله لهم من الاغاني والاخبار، لانه ليس من الميسور على الناس انذاك ان يقتنوا جهاز الراديو في بيوتهم.

أما الشباب والصبية فمحرم عليهم ولوج هذه المقاهي لان ذلك يعتبر عيباً وفيه مايشين السمعه او يسيء الى الادب.

فيتجمع اولئك الشباب او الصبية الى جانب من جوانب هذا الشارع او قل يقفون في المداخل التي تؤدي الى الدروب او الازقة التي تشيد على جوانبها بيوتهم المتواضعة جداً، وتلك الدروب او الازقة لم تكن معبدة بالتأكيد الى يومنا هذا.

ولما كان الشارع الذي تحدثنا عنه يكتسب هدوءه وقلة الازدحام فيه فمن المألوف ياسيد القارئ ان تتركز انظار اولئك الشباب والصبية على المارة والعابرين ممن لم يكونوا معروفين او مألوفين عندهم سابقاً.

في منتصف الاربعينيات تسلم هذا الشارع خطى شاب وسيم ابيض البشرة لم ينبت الشعر في عارضيه بعد، يمشي بخطى واثقة واحساس بالرفعة والسمو، اثار انتباه اولئك الشباب والصبية واعجابهم كثيراً، في اليوم التالي كان هذا الشاب يدخل الى مدرسة القرنة الابتدائية للبنين معلماً مستخدماً فيها-وقد كانت هذه الوظيفة أي ان يعين خريج الاعدادية ولم يحصل بعد على شهادة الدورة التربوية بعد الاعدادية معلماً امراً ميسوراً في ذلك الوقت- ان هذا الشاب الانيق والشاعر ذا النزعة اليسارية عرفه التلاميذ باسم (الاستاد محمد حسين).

ان من اعنيه هو الدكتور محمد حسين الفرطوسي الذي عرفته محافل بغداد القضائية والسياسية والادبية بعد حصوله على شهادة الدكتوراه بالقانون من جامعة السربون وشقيق الشاعر النجفي المعروف عبد المنعم الفرطوسي، والذي نعته جريدة (طريق الشعب) الزاهرة الى الناس بعد سقوط النظام الصدامي بفترة وجيزة في باريس، حيث اغترب منذ عقود وكانت اقامته خلال هذه المدة في باريس.

لتلعم ياسيدي القارئ ان هذا الشاب عندما حل في مدينة القرنة معلماً لم ينم في فندق ولم يأكل في مطعم من مطاعمها، فقد احتضنه الناس وبخاصة وجوه المدينة من اليمين الوسط وكان بينهم من يهتم بشؤون الثقافة والسياسة وحل ضيفاً كريماً ينام في ديوانية احد انسباء الدكتور عبد الجليل علي الطاهر ويتناول طعامه في بيوت اولئك الناس الكرام بفخر واعتزاز محاطاً بكل معاني الاجلال والتوقير، اجل كان بهجة ومسرة وحماسة وثباتاً لمن يحيطون به وقد اثر في نفوسهم وعقولهم، لابل ان من ينطق باسمه كان يشعر بعذوبة الحروف التي يتهجى بها اسمه.

وكان وقت ذاك ثمة همس بين الناس عن معلمين من اهالي القضاء ومن عائلتين فقيرتين جداً ضمتهما احدى البعثات للدراسة خارج العراق، والناس يترقبون ويحنون الى عودتمهما بصورة ابهى ومكان اجل، عرفنا بعد ذلك ان من تصبوا اليهما عيون اهل القضاء البسطاء الخيرين انذاك هما الدكتور نوري جعفر عالم النفس الكبير والدكتور عبد الجليل علي الطاهر احد كبار رواد علم الاجتماع في العراق.

اجل ان الجماعة التي اشرت اليها من يمين الوسط والتي تأثرت بالدكتور المرحوم محمد حسين الفرطوسي كانت تنمو وتكبر وتمكنت من ان تخرق جدار الواقع الاقطاعي العشائري السميك وان تستميل لجانبها اهل الريف الذين كانوا يعيشون تحت وطأة ذلك الواقع ويمقتونه، وهكذا فقد تمكنت تلك القوة بعد زمن مدعومة من كل الاطياف التي كانت تمقت الذهنية العشائرية الاقطاعية وطغيانها من الاجهاز على صناديق الانتخابات النيابية التي كانت تحشى بالاوراق المزورة وتلقي بها في نهر دجلة في وسط لعلعة وازيز الرصاص، اعني بها الانتخابات التي اجرتها وزارة ارشد العمري عام 1954 والتي انفرضت فيها عناصر من القوى الوطنية الى المجلس النيابي مثل كامل الجادرجي وذو النون ايوب وعبد الجبار وغيرهم ذلك المجلس الذي لم يجتمع كما هو معروف لمتتبعي الاحداث غير مرة واحدة ثم حله نوري السعيد بعد ان شكل الوزارة التي خلفت وزارة ارشد العمري لياتي بمجلس من النواب اكثرية اعضائة فازوا بالتزكية بعد ان قاطعت الاحزاب الوطنية تلك الانتخابات لكي يمرر على ذلك المجلس الموافقة على حلف بغداد.

هذه الاوضاع السياسية والاجتماعية القاهرة هي مضمون رواية القاص العراقي الكبير غائب طعمة فرمان والموسومة بـ(خمسة اصوات) وابطال روايته محررون في مايسميه القاص الكبير بجريدة (الناس) وهو يرمز بهذا الاسم لجريدة الاهالي لسان الحزب الوطني الديمقراطي، وعلى النقاد والكتاب الذي يكتبون عن هذا القاص الكبير ان يعرفوا هذه الحقيقة.

وفي عام 1949 الذي افتتحت به اول متوسطة في القضاء، كما اسلفنا تجوس في شارع القرنة الذي تحدثنا عنه خطى شاب طويل القامة نحيف اسمر البشرة له سيماء لم يألفها الصبية والشباب الذين اعتادوا الوقوف في مداخل ذلك الشارع، ذلك الشاب هو الشاعر رشيد ياسين، من الرواد الذي برزوا اواخر الاربعينيات وكان صديق الشاعر الراحل محمود البريكان الحميم وبدر شاكر السياب ومحمد النقدي وعبد الرزاق عبد الواحد واكرم الوتري.. الخ.

فقد جاء هذا الاستاذ الشاعر معلماً مستخدما كسابقة الدكتور الفرطوسي ولما كانت المتوسطة بحاجة الى مدرس، فقد نسب لتدريس العربية في تلك المتوسطة الفتية.

لقد جاء هذا الشاعر الشاب يحمل الحداثة والمعاصرة معه، فقد سمع طلابه للمرة الاولى باسماء لم تكن قد طرقت اسماعهم من قبل، فدروس المحفوظات كما كانت تسمى انذاك تحتكر من قبل الزهاوي والرصافي واحمد شوقي وحافظ ابراهيم وصفي الدين الحلي والحبوبي..الخ، فاذا بالطلاب الان ينصتون لاشعار الياس ابو شبكة ومحمود البريكان واكرم الوتري وميخائيل نعيمة يقرأها هذا الشاعر الشاب باسلوب عاطفي ونبرة تطغي عليها الرومانتيكية والتأثر فيخلب هذا الشاعر عقول الطلاب ويستولي على مشاعرهم ويخرجون بعد انتهاء الدرس وهم في حالة من الدهشة والانبهار والانجذاب نحو هذا القادم الذي الفوه واحبوه، ولايزال صاحب هذه السطور يتذكر بعض الاشعار التي علقت في ذهنه فيتذكر بيتاً من قصيدة للشاعر (اكرم الوتري).

 

حاملا الجرار ياتين قربي

ساحرات العيون سمر الشفاه

 

وكذلك يتذكر للشاعر (أبو شبكة):

ايها الفاتحون في الارض طراً

ايها الشاربون كأس الدماء

كذلك يتذكر للشاعر (ابو شبكة) ايها الفاتحون في الارض طراً ايها الشاربون كأس الدماء

كما يتذكر بعضاً من ابيات لقصيدة الشاعر محمود البريكان بعنونا (غريبة) ولم يات الشاعر رشيد ياسين الى القرنة شاعراً فقط، بل جاءها رساماً ومخرجاً مسرحياً، وبقيت من اثاره في الرسم لوحة زيتية تضم اعضاء الهيئة التدريسية، وظلت هذه اللوحة معلقة في مدخل المدرسة كل هذه العقود من السنين غير ان يد العبث والتخريب اتت عليها اخيراً فافتقدناها بحزن واسى.

وقد اخرج الاستاذ رشيد ياسين مسرحية بعنوان (في سبيل التاج)كان لها تأثير كبير في نفوس الناس انذاك، وظل اخراج مسرحية جادة تنبثق من داخل اورقة ثانوية القرنة، يعاضدهم في الجهد مثقفون من خارج المدرسة تقليداً قائماً. ففي العام التالي قام كل من المدرس عواد مجيد الاعظمي الذي اصبح فيما بعد استاذا للتاريخ في كلية تربية بغداد بعد ان حصل على شهادة الدكتوراه والمدرس علوان محمد الذي اصبح فيما بعد مديرا لتربية البصرة ثم ذي قار ومشرفاً تربوياً في بغداد ومشرفاً لغوياً في الاذاعة والتلفزيون باخراج مسرحية (وليم تل) وتركت اثرها البالغ في نفوس الناس ايضاً.

وظل العمل المسرحي الجاد ملازماُ لهذه المدينة فترة طويلة من الزمن فمن الاعمال الجادة عرضت مسرحية (تأمر بيك) اخرجها المسرحي المعروف الاستاذ جبار صبري العطية عام 1959، وفي عام 1966 اخرج الدكتور عبد الحسين جواد السريح استاذ الجغرافية في كلية تربية البصرة مسرحية (ماوراء الافق) للكاتب الامركي الشهير (يوجين اونيل) بنصها الكامل ولم تحذف كلمة واحدة من النص وساهم في العمل القاص المعروف عبد الاله عبد الرزاق.

في عام 1967 اخرج الدكتور نفسه مسرحية (افول القمر) للكاتب الامريكي (شتاينبك)، والمسرحية مستقاة من روايته التي بذات الاسم.

في عام 1975 اخرج الدكتور نفسه ايضا مسرحية (القربان) وحضر العرض كما اتذكر الدكتور شجاع العاني واعجب به.

وهناك اعمال اخرى لاتطاول ماذكرنا بعدها سنون القحط والضنك واليباب.

لاننسى ان نذكر، في العام التالي جاء الشاعر رشيد ياسين الى القرنة لزيارة اصدقائه وخلال العطلة الربيعية مصطحباً معه الشاعر الراحل بدر شاكر السياب والشاعر عبد الرزاق عبد الواحد.

من طلاب الشاعر رشيد ياسين الذين تأثروا به الكاتب والمترجم (خيري الضامن) لقد كان انبه الطلاب واذكاهم واكثرهم قراءة وفاعلية كما كان اكثرهم التزاماً بالخط الوطني، بعد ان تخرج من مرحلة الاعدادية اصدر كتابه (مشروع نظرية في التكوين الشعري) الذي نشرته دار عويدات سلسلة (زدني علماً) وهي الدار التي نشرت الكثير من الكتب في الفلسفة والنقد الادبي والاقتصاد والسياسة والاجتماع، و (خيري الضامن) كان اول عراقي يتخطى حدود العراق وينشر في هذه الدار والكتاب يضم مقالات نشر منها في مجلة الاداب البيروتية وكان طالباً في الصف الخامس الاعدادي، واذا عرفنا ان هذا الاستاذ الكبير كان من مواليد 1936 وصدر الكتاب الى الاسواق عام 1958 قبل ثورة 14 تموز وكان المؤلف انذاك معلماً في احدى قرى القرنة، استطعنا ان نتأكد من القيمة التي يتمتع بها الكاتب وكتابه.

رحل الاستاذ خيري الضامن عام 1960 الى الاتحاد السوفيتي بعد ان تعرض للعنت والاضطهاد وهو الان في روسيا ولا اعرف عنه شيئاً.

في غضون ذلك كان الاستاذ الناقد المعروف ياسين النصير فتى يحمل في جوانبه اعجاباً كامناً بـ(خيري الضامن) ويصنع نفسه بصمت ليطل بعد ذلك كواحد من النقاد البارزين في الساحة الثقافية.

كان من الممتع ان يشاهد الرائي وهو يقف في الزاوية التي يلتقي بها دجلة والفرات حيث يتشكل العملاق البهيج (شط العرب) انواع الطيور وهي تلوب على سعف النخيل الذي يتعالى لتحية الرياح الشمالية الغربية التي غالباً ما تطوف في هذه الارجاء.

فمن المألوف ان ترى اسراب العنادل وهي تقيم حفلاتها الموسيقية أناء الليل واثناء النهار.

ومن المألوف كذلك ان ترى الطيور المختلفة بالوانها الجذابة الرائعة القادمة من جنوب شرق اسيا والتي تعيش مطمئنة برعاية ورحمة اولئك الذي شقوا القنوات بالمسحاة وزرعوا اكثر من سبعة عشر مليوناً من النخيل على جانبي ذلك العملاق البهيج (شط العرب) ليكون العراق اول الدول المصدرة للتمور في العالم.

والغريب ان الشركات الاجنبية المشترية للتمور لاترغب في غير الجنى المنتج في البصرة.

واذا تصفحت كتب الرحالة الاجانب الذي جابوا شط العرب بسفنهم الخاصة، فسترى اعجابهم الشديد بانواع الطيور التي تتكيء هنا وهناك وعلى فراشها الوثير (النخيل) وستتأكد مما يقول شاعر الانكليز العظيم (وردزدرث) المدينة العريقة (التي ترتفع السماء فوقها وتمتد الحقول من حولها وكلها يبرق ويتألق بصفاء من الجو الزاهي).

من حق المرء ان يتساءل هل قوة الجمال الهائلة هذه كانت تحوم فوق امواج ذلك الشط الجميل ووجدت مثواها في روح الشاعر المبدع بدر شاكر السياب وكيانه (المتداعي) فبيته في قلب بساتين نخيل شط العرب محاطاً بجمال الطيور الاخاذ الذي تملاه ذلك الشاعر فاعتصر روحه ليقذف بها سهاماً من السحر والروعة في كل ارجاء الوطن العربي ثم يموت مبكراً؟

وهل قوة الجمال هذه انسابت باتجاه الصحراء عبر دروب البصرة لتوقد الجمرات الكامنة في روح الشاعر محمود البريكان؟

ان مثل هذه القوة الهائلة للجمال لايمكن ان تذهب عبثاً ولاتزال راية الشعر في هذه المدينة خفاقة بأيد ثلاث قوية-اذا تواضعنا-كاظم الحجاج، حسين عبد اللطيف، طالب عبد العزيز- واذا غضينا النظر عن المغتربين.

في عام 1955 تداولت الالسن قدوم الشاعر العظيم الجواهري الى القرنة، وقد حل ضيفاً على قائممقام القضاء.

كان بيت القائمقام قريباً من شط العرب، والى جواره قاعة صغيرة مهيأة للضيوف كانت تسمى (دار ضيافة القائممقام) معدة لاستضافة كبار المسؤولين الذي يأتون للتفتيش او لامر يتعلق بشؤون القضاء.

ونقل العاملون في تلك الدار ان الشاعر الجواهري تابع سفره صباح اليوم التالي باتجاه العمارة الى علي الغربي، وكان قادماً من البصرة، بعد ايام طلعت علينا احدى الصحف البغدادية بقصيدته الرائعة (ياام عوف) وكان الكثير من مثقفي القضاء يترنمون بمطلع القصيدة.

كان صاحب هذه السطور يشاطر القاص والفنان المعروف (نزار سليم) حزنه والمه عام 1977 في مدينة القرنة. فقد جاء هذا الاديب الكبير وعائلته الكريمة لتوديع نجله (رشاد) الذي اختير واحداً من اعضاء البعثة العراقية للسفر على ظهر سفينة (هردال).

وقد حملت السفينة اعداداً كبيرة يمثلون دولاً كثيرة من الشرق والغرب.

قبل انطلاق السفينة التي صنعها (هردال) من البردي في قضاء القرنة، كاد بعض الاشرار من الاجهزة بالامنية لاقصاء الشاب (رشاد) من عضوية البعثة العراقية ونجحوا في كيدهم، واصيب الاستاذ الاديب نزار وعائلته وابنه بصدمة عميقة هزت مشاعر صاحب هذه السطور مشاطراً هذه العائلة ألمها وحراجة الموقف، غير ان مساعي خيرة بذلت وبأمر من وزير الاعلام انذاك، عاد الشاب رشاد الى عضوية البعثة وانتهت الازمة.

مدينة القرنة العريقة التي توارث قاطنوها كرههم للبدائية والتخلف والذهنية العشائرية المقيتة وثقافتها، هذه المدينة التي لاتتجاوز مساحة مركزها اكثر من كيلو متر مربع تملي على اهلها الان تلك المفاهيم بقوة السلاح والتهديد.

عتاة مجرمون يفدون اليها من بعض القرى المجاورة يقذفون بوجه مواطنها المسالم الذي لايعرف حمل السلاح او مغامرة القتل كلمات (القوامة) و (العطوة) ويبتزون ذلك المواطن او يختطفونه او يختطفون طفله او حتى النساء.

وكل متتبعي الاحداث والمسؤولون يعرفون ماجرى في الشارع الذي يمتد من (كرمة علي) الى (العزير) من احداث. وارتفعت الاصوات عالياً بالاستغاثة والتنديد، كما نددت صحف كثيرة مشكورة لما يحدث، واطلقت بعض الصحف على هذا الشارع اسم (شارع الموت).

بذات الوقت يزدحم هذا الشارع بما لايحصى من مقرات الاحزاب والمنظمات، والمصائب والويلات تحصل على مراى ومسمع المجتمعين في تلك المكاتب والمقرات.

نقول: لمديري تلك المقرات الثناء لو انهم حزموا امرهم - وهم قادرون- واستلهموا الضمير وقوة الاخلاق والشجاعة وشلوا تلك القوى العاتية ومنعوها من التمادي في جرائمها وردوا السلب الى اصحابه.

وكذلك نقول: لهم الثناء والكثير منهم يحتكر المجالس البلدية لو انهم عملوا من الحد من ظاهرة الفساد الاداري والانحلال والتسيب.

ونقول والله يشهد على مانقول وليعلم المسؤولون لو ان هناك خمسين من افراد الشرطة الشجعان وعدداً محدوداً من ضباطهم عملوا بجد وبغير تواطؤ مع الجناة والقتلة لما حصل هذا الذي يحصل وانقطع النزوع الى الخراب والرقص في المدافن.

 


الثقافة الاسلامية والبحث عن الهوية

مهدي النجار

ان هوية الثقافة الاسلامية المضاعة ليست هوية ذات الاسلام الحقيقية، انها بالاحرى هوية مخطوفة ودائماً ملفقة ومزورة دون ملل، تلك الهوية التي تنتزع من منابتها التاريخية وظروفها الاجتماعية لتطرح الآن بحداثة بدائية ووهمية، اضعفها التكرار والاجترار، اضعفتها القسوة والضغينة، طمست من معالمها ميول المحبة والتسامح وشطب من خطابها العقل والحوار: (وجادلهم بالتي هي احسن) ليهيمن على روحها الخطاب التمجيدي وخطاب عاطفة الزهو والافتخار المشحون بآيات السيف والتكفير والتقتيل، وسبب ذلك هو الرجوع الهوسي واليقيني الى ثقافة ماضٍ سحيق بغية استرجاعها وبعثها من جديد واعادة تأهيل وترميم محتوياتها المعرفية والاخلاقية دون الانخراط في دراستها دراسة تاريخية نقدية ومقارنتها مع التراثات الثقافية التي ظهرت في زمانها وفي منطقتها، فالرجوع الى ثقافة الاسلاف وتجاربهم لا يعني ان نعيد وننتج تجارب مطابقة لها، انما ينبغي العمل على انتاج بحوث ريادية واستكشافية تصب في فحص تلك الثقافات وتفكيكها، اولئك بناؤن اجلاء اسسوا في حينها معارف جديدة في طرح اسئلة وآراء وتعاليم تتصادم مع القائم في ثقافة آبائهم واجدادهم، لذا قيل عنهم: مجانين!!. ان اكثر ما يشوه هوية ثقافة المجتمعات الاسلامية هي هذه الرجعة النكوصية الى الماضي واستنساخ ما انتجه الآباء في زمنهم ولزمنهم وعلى حد تعبير الجابري: (الاحتماء بالمواقع الخلفية والدفاع انطلاقاً منها لتأكيد الهوية). (محمد عابد الجابري. نحن والتراث) واذا كانت تلك الثقافة في محددات ظروفها التاريخية والاجتماعية ومعطياتها المعرفية وامكانياتها النظرية لم تتجاوز او تخترق ثقافة السائد او المتوارث فأبقت مثلاً على تعاليم وقيم تدعم استبداد الرجل للمرأة او على منح السلطة المطلقة لشخص ما، او اقرار مبدأ التمييز العرقي والطائفي، او الغاء حقوق الحرية والمساواة وبشكل عام انتهاك حقوق الانسان بصورتها الحالية فلا يعني  هذا ان هذه التعاليم كانت عائقاً جدياً دون الاجتهادات العقلانية في القرون الماضية ولا هي الآن حقاً عقبة دون ذلك او عقبة امام تصحيح المسارات واذا كان لتجارب الامم مغزى، كما يرى العروي، فإن امرنا لن يصلح الا بصلاح مفكرينا بإختيارهم اختياراً لا رجعة فيه: المستقبل عوضاً عن الماضي والواقع عن الوهم.(عبد الله العروي. الايديولوجية العربية المعاصرة) ان اشكالية البحث عن الهوية يقل هوانها كلما ابتعدنا عن الوهم صوب الواقع وعن الالتباس نحو العقل، أي ان الثقافة الاسلامية لا يمكنها ان تحقق هويتها الا برجوعها الى  الماضي  رجوعاً انتقادياً واستفهامياً، وحين ترجع الى تجارب الاسلاف عليها ان تتفهم كيف استفادوا من اللحظات التاريخية وكيف انتجوا تفكيرهم وتفطنهم، وكما يذهب د. عبد المجيد الشرفي (الباحث التونسي في الفكر الديني) قائلاً: (لا نخشى التأكيد بأن جهود الاجيال المتعاقبة من الفقهاء والاصوليين والمتكلمين والمفسرين والمحدثين وعلماء الدين عموماً، كانت مستجيبة لمتطلبات مجتمعاتهم، ومتناغمة مع مستوى المعرفة البشرية في عصرهم، الا انها لا تلزمنا اليوم في شيء، وقد بدلت الارض غير الارض، واصبح ما يفصلنا عنهم في نظم الاجتماع والتفكير اكثر مما يجمعنا بهم) (مجلة قضايا اسلامية معاصرة ع 25 خريف 2003) لذا عليها، أي الثقافة الاسلامية، لكي ترسخ هويتها ان تبتكر افكارها وتغوص في اشكالياتها المعاصرة، ونلاحظ ان تيارات الاحياء والتأصيل هي من اكثر التيارات في الثقافة الاسلامية تعاني من وطأة ضياع الهوية لأنها غير مندرجة في حركة الحداثة وشاعرة بأنها مهددة في ما تعتبره ثوابت شخصيتها والرابط الاساس بين خطابات استرداد الهوية هنا وهناك هو الانكماش على الذات بسلوك انتحاري وعدائي ضد الآخر (خاصة امريكا والغرب) ولأنهم منغلقون ولا يشعرون بأي حرج في مسألة الاندراج بالحداثة ويتخوفون من التشارك الحضاري والثقافة فإن هوان الضياع يتصاعد بتصاعد غربتهم عن العصر وعن الاجتماع الانساني. ان احداً لم يسرق هويتهم بل هم الذين اضاعوها وساهم (الآخر) في ضياعها بهذا الشكل او ذلك بسبب انغلاقهم المتشدد من جهة وضغط المعطيات المعرفية وتصاعد البراهين العلمية وشدة المهيمنات التقنية من جهة ثانية، هم مثل ذلك الذي يقف وسط الاشجار ويصرخ: اين الغابة؟! بالطبع لا ننكر - ولكن ليس هذا مجال حديثنا - الاسباب المهمة المتعلقة ببؤس الاوضاع المادية والاقتصادية وتفشي النظم الاستبدادية والشمولية في المجتمعات الاسلامية التي بيأت وانبتت هذه التيارات.

ان الاحيائيين يعلقون كل اسباب تدهور المجتمعات الاسلامية واخفاقها على الآخر الكافر لأنه هو من سرق الهوية، وتسند اليهم بمناسبة او دون مناسبة كل النوايا الخبيثة والمؤامرات الدنيئة وتعلق على هذه الشماعة اعذار الفشل السياسي واسباب الخيبات الاجتماعية، واذا كان التيار الاحيائي المتشدد نفسه قد تفطن اخيراً وعثر على قائمة اللصوص في المرآة السحرية، مرآة اليوتوبيا السوداء، وان هؤلاء الكفار جميعاً هم من سرق هوية الثقافة الاسلامية ويندرج تحت هذه القائمة اهل المسيحية واليهودية والهندوسية والبوذية والطاوية والشنتوية والجينية والزرادشتية أي اهل الديانات الكبرى في الارض جميعهم مضافا اليهم ممن ليست لهم ديانات، وكذلك الفرق الاسلامية التي لا تأتمر بتعاليم نائب الله (الشيخ) القابض على كل الحقيقة ودونها حقائق الناس باطلة يقام عليها الحد ومفاد هذا الرأي، لكي تسترجع الهوية الاسلامية النقية، اعلان الجهاد لقطع رؤوس اكثر من 5/4 سكان المعمورة وسحقهم سحقاً دموياً، جماعياً وفردياً حتى ينتصر اسلام الله!!. اذا كان المتشددون يعتقدون ان حقائقهم هي الافضل فعليهم ان يسعوا لتقديمها على النحو المستساغ في منطق العصر لا بهكذا تبسيطات وبهكذا عدوانيات واكراهيات تفتقد سمو العقل واي نكهة انسانية: (الدين النصيحة)، هكذا منطق سيسهم بشكل اكيد وفعال ليس بفقدان الهوية بل بتمزيقها وحذفها من ملف الهويات الانسانية المعاصرة، في حين ان ثقافة الاسلام العقلاني تجد نفسها متعافية، رشيقة لا تعاني من مرض فقدان الهوية العضال ولا من هذياناته المتشددة، انما تجد في مثل هذه المسألة مضيعة للوقت.

 


 

انتقادات لمؤلفة (الحب المحرم) بعد اعترافها بالتزوير

 

واجهت المؤلفة الأميركية الأردنية الأصل نورما خوري انتقادات شديدة بعد أن اعترفت الأسبوع الماضي بأن روايتها التي تصدرت قائمة الكتب الأكثر مبيعا ليست سوى سلسلة من الأكاذيب الملفقة.

فقد أعلنت دار راندوم البريطانية للنشر عن نظيرتها الأسترالية أنها ستقاضي خوري لتحصل منها على أموال حقوق الملكية الفكرية التي كانت دفعتها لوكيلها في نيويورك.

ويأتي هذا الإجراء ضد خوري التي لا تزال تصر على أنها أرسلت المال إلى منظمات حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وعدد من جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى وليس إلى جيبها الخاص.

ومازال القراء يعبرون عن دهشتهم للطريقة التي خدعتهم بها صاحبة الرواية. فقد اتهمتها زميلتها

المؤلفة باتي ميلر بأنها لم تتلاعب بمشاعر القراء فحسب بل تلاعبت بعقولهم أيضا.

وقدمت خوري (34 عاما) في مقابلة أجراها معها التلفزيون الأسترالي اعتذارها (لجميع القراء والناشرين والوكلاء لعدم ذكر حقيقتي الشخصية كاملة).

ويدور الكتاب حول صديقة خوري وهي فتاة مسلمة قالت المؤلفة إن أباها قتلها بعدما اتهمها بإقامة علاقة مع ضابط مسيحي في الجيش اسمه ميشيل، وقد تبين بعد تشريح جثة داليا أنها كانت عذراء.

ومن أسباب نجاح الكتاب الذي بيع منه أكثر من 300 ألف نسخة ونشر في 15 دولة فضلا عن صدوره في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، أنه تطرق لشخصية الرجل المسلم وكيفية تعامله مع ابنته.

وسحبت دار راندوم الأسترالية للنشر رواية (الحب المحرم) من الأسواق بعد أن تكشفت الحقيقة وعرضت دفع ثمن الكتاب للقراء، وعلاوة على ذلك قررت دار النشر إلغاء نشر الجزء الثاني من الرواية (مسألة شرف).

وكانت صحيفة سيدني مورننغ هيرالد الأسترالية قد كشفت ادعاءات خوري بعد أن قالت إنها لم تعش في الأردن إلا حتى سن الثالثة من عمرها، وإنها أقامت في شيكاغو بالولايات المتحدة منذ عام 1973 وحتى 2000.

كما أشارت الصحيفة إلى أن خوري مطاردة من قبل شرطة شيكاغو ومكتب التحقيقات الاتحادي (FBI) في اتهامات بالسرقة من أصدقاء وأقارب.

 

 

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة