بغداد/ علي عبد الحسن ناصر
في ندوة كان النقاش والجدال فيها سجالا بين فريقين يمتلكان أدواتهما
ويستعملانها بدقة وفن بشأن جمعية الدفاع عن حقوق المرضى..
وكان
الإختلاف في الرأي واضحا.
الفريق الأول: المحامون الذين أخذوا على عاتقهم تأسيس هذه الجمعية،
أما الفريق الثاني فهم الأطباء الذين كان لبعضهم رأي آخر، إذ
إن حقوق المرضى محفوظة بموجب القوانين السارية المفعول، وما
هذه الجمعية الا تأسيس سيف مسلط على رقاب الأطباء تدفع
الآخرين برفع دعاواهم على كل شاردة وواردة قد لا يكون
للطبيب فيها
تقصير..
ولكن من يضمن فهم الآخرين للدور الرائد الذي شيدت على أساسه هذه
الجمعية ركائزها.
انضباط وفهم لمعاني الحوار
والمفرح ان كلا الفريقين كان منضبطا، يتحكم بمفرداته بحرية وسلاسة
مما جعل الحاضرين يستمتعون بالطروحات الجميلة وإصرار الجميع
على الإرتقاء بالمجتمع المدني نحو وعي أشمل بمفردات الحياة،
وعلى وجه الخصوص معرفة الحقوق والواجبات بموجب مفهوم العدالة
وحكم القانون.
نبه المحامي السيد أصيل حامد الى ان حكم القانون وليس حكم الأفراد
يعتبر أحد أهم مقومات النظام الديمقراطي، وبين كيف ان حكم
القانون يعني عدم وجود من يعتبر نفسه فوق القانون، ثم تطرق
الى ان حكم القانون يضمن سيادة العدالة وان مفهوم حكم
القانون يعتمد على الفهم السائد لصيغ الحرية والنظام
والمساواة.وكان ذلك مدخلا ذكيا لخلع المقدس عن الطبيب وكشف
المسكوت عنه في بعض السلوكيات والأخطاء لدى بعض الأطباء مما
خلق أضرارا كبيرة نتيجة أخطاء جسيمة.
لنهتم بالعلاقة بين الطرفين
اعترضت الدكتورة فائزة العبادي على تأسيس مثل هذه الجمعية لأننا (
وبحسب تعبيرها) يجب علينا الآن البحث عن حقوق الطبيب الذي لم
يدخر جهدا في علاج مرضاه، وتطرقت الى اندفاع الأطباء
واستنفار قواهم خلال فترة سقوط النظام، وسيادة الهرج والمرج،
ففي ذلك الوقت كان الطبيب مرابطا في مستشفاه ومركزه الصحي
يقدم الخدمات الطبية والصحية والعلاجية بنكران ذات،لحد ان
بعض الأطباء كان يبيت في المستشفى لثلاثة أو أربعة أيام.
وأكد الدكتور عبد الكريم الأعرجي
-
جراح اختصاصي على ان تأسيس الجمعية مدعاة لتأسيس ارباك في
تقديم الخدمات الطبية في الوقت الحاضر على الأقل، إذ ان
القاعدة المجتمعية تتبنى قضاياها وفق الشكوك وفهم قضيتها من
وجهة نظرها فقط، وسوف نفتح باب الشكاوى بالعدوى.. ولكل من
لديه مصالح أو أي شيء آخر، وعلى الطبيب ان يدفع ثمن الضريبة
عند أي احتكاك مع المريض!!.
اذن نحن بصدد سن قانون يؤمن تنظيم العلاقة بين الطبيب والمريض..
وبعدها لكل حادث حديث.
نقيب الأطباء في بابل الدكتور عريبي عجاج حميد طرح رأيا موضوعيا إذ
قال:
إذا كانت لهذه الجمعية القدرة والقابلية على محاسبة البلديات بسبب
تردي خدمات الماء والمجاري، أو دوائر البيطرة والذبح خارج
المجازر. ان ذلك يدفع الى تقليل الآثار السلبية لمعاناة
المجتمع ويدعم الوقاية من الأمراض.. فإذا كان للجمعية
استعداد لمتابعة هذه الأمور وتفعيلها بشكل مستمر فأنا أول
المناصرين والمؤيدين لهذه الجمعية. وإذا كانت مجرد سيف على
رقبة الطبيب، فالرأي واضح.
المستشفيات تدفع الثمن
قال الدكتور اسامة عبد الحسن كاظم مدير شعبة طواريء مستشفى الحلة
التعليمي العام ان زجاج أبواب ونوافذ شعبته يتحطم كل اسبوع
لأسباب الطبيب ليس طرفا فيها، شخص ما يموت في المستشفى.. على
المستشفى أن تدفع ثمن موته. وحوادث الإعتداء على الأطباء
مستمرة، ألا تدفع المحامين لمتابعتها ؟؟
الدكتورة ليلى عبد الأمير اختصاصية الأمراض النسائية قالت:أي طبيب لا
يمكن ان يتعمد في إيذاء مرضاه.. وان سروره الكبير وفرحه
الغامر هو شفاء مريضه.. وانا هنا اطالب بتوعية المجتمع ان
يفهم وضعه الصحي الحقيقي ومستوى المرض عنده فإن ذلك حماية
للمريض والطبيب. ان بعض المرضى يراجعون بعد ان يستفحل المرض
لديهم وتكون الحالات ميئوسا منها.. عندها اذا لم يستطع
الطبيب منح مريضه الحياة.. فإنه سوف يتلقى اللوم والتقريع
والتهديد، وكل ما لا تحمد عقباه....
السيد علي عبد الحسن من جريدة المدى أدلى بدلوه في هذه الندوة إذ قال:
فريق يطالب بحقوق الأطباء، وجمعية لحماية حقوق المرضى، أقترح
أن يتحد الطرفان من أجل تأسيس جمعية للدفاع عن الحقوق
المترتبة عن العلاقة بين الطبيب والمريض.. هذا أولا،
وثانيا: الحقوق المترتبة في هذا الموضوع هي مسألة فنية لا يمكن ان
يكون الحكم فيها لغير المختص وهو الطبيب، وهنا أقترح أن يكون
عدد من الأطباء أعضاء في هذه الجمعية، فهم صمام الأمان في
تنظيم العلاقة والبت في الأخطاء والتقصير الذي يحدث بين
الطبيب والمريض.
ثم تساءل الدكتور حيدر حسين كزار مدير التخطيط في دائرة صحة بابل عن
آلية عمل هذه الجمعية لتعود الكرة مرة أخرى الى ملعب مؤسسي
الجمعية، حيث قال المحامي عباس شاتول:
من يقرأ النظام الداخلي للجمعية لا يجد أي مبرر للخوف من تأسيس هذه
الجمعية لأنها تدافع عن حقوف المرضى من خلال تنظيم العلاقة
بشكل منطقي وعقلاني بين الطبيب والمريض.
يحق للطبيب ما لا يحق لغيره
ثم اختتم السيد المحامي عبد المهدي مخيف الشمري ندوة الحوار هذه
بقوله:
ان عمل الطبيب انساني القصد منه هو ازالة ما يصيب جسم الإنسان من
أمراض مختلفة أو تهدئتها على الأقل، فللطبيب الحق في أن يصيب
جسم الإنسان بالجروح كما هو الحال في العمليلت الجراحية أو
ان يدخل في جسم المريض موادا وعقاقير مختلفة قد يكون البعض
منها ساما بنسبة معينة فيسبب للمريض احيانا الألم نتيجة
لمقتضيات عمله، كل هذه الأعمال تعتبر غير مشروعة لو قام بها
شخص آخر من غير الأطباء المرخص لهم قانونا، الا ان المشرع
أضفى الصفة الشرعية على تلك الأعمال وجعلها مباحة للأطباء كل
حسب اختصاصه لكون أغراضها انسانية سامية لمصلحة المريض
والمجتمع، تعود بالنهاية عليهما بالنفع.ولكن بموجب الشروط
التالية:
1- وجود ترخيص قانوني بموجب القوانين والأنظمة بمزاولة مهنة الطب على
وفق الشروط التي يجب توفرها لمنح الترخيص اللازم.
2- موافقة المريض أو ممثله الشرعي وانتفاء هذا الشرط في الحالات
العاجلة كحالات الدهس وغيرها.
3- حسن النية، وهي قصد العمل الطبي بالشروط التي سبق ذكرها، وبها
تتحقق حسن النية، أما إذا كان المقصود غرضا آخر غير العلاج
كما لو أمات الطبيب مريضه بناء على طلبه لتخليصه من الآلام
أو اصابته بعاهة لتخليصه من خدمة معينة مفروضة يحاسب جنائيا
عن فعله ولا ينظر للبواعث التي حملته على ارتكابه،ويعتبر في
هذه الحالة سيء النية.
لقد نصت المادة 41 من قانون العقوبات العراقي على ما يلي:
((لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر
استعمالا للحق.
فق 2 /عمليات الجراحة والعلاج على اصول الفن متى اجريت برضاء المريض
أو ممثله الشرعي أو اجريت بغير رضاء أيهما في الحالات
العاجلة.))
فبمقتضى القانون توفرت الحماية اللازمة للطبيب عن أعماله الا ما تجاوز
منها على القانون.
ان جمعية حماية حقوق المرضى تعمل على زيادة الوعي الصحي والقانوني
للمرضى وتعمل على ضمان حقوق من يقع عليهم ضرر مادي أو معنوي
أو جسدي نتيجة للخطأ الجسيم الذي يقع به الأطباء أو
العاملين في الحقل الصحي ومتابعة وتشخيص حالات صرف الأدوية
العشوائي أو غير العلمي وغير المبرر. من أجل الإستفادة
المادية.وفي ختام الندوة أشاد الحاضرون بالروح الديمقراطية
التي أشيعت، وحرية طرح الأفكار والآراء.. مما أشبع الموضوع
دراسة وتمحيصا ولإغنائه بمحاور إضافية تعمل على إكمال
الفكرة.
|