حسني مبارك " لا يوجد ضوء في
نهاية النفق"
ترجمة فاروق السعد
يقول الحليف العربي
الكبير للولايات المتحدة إلى التايم بان رد الفعل الأمريكي
على الأزمة اللبنانية كان " ضئيلا جدا، متأخرا جدا" و يكشف
عن محاولات مصر في التوسط.
الرئيس المصري حسني مبارك ، الوسيط الرئيس في النزاع
العربي- الإسرائيلي الذي ستمر 25 عاماً، يعبر عن عدم رضاه
عن الطريقة التي تتعامل بها إدارة بوش مع النزاع في لبنان.
ففي رد مكتوب على أسئلة التايم ، قال مبارك بان الاجتماع
الطارئ مع المبعوثين العرب الذي ضيفته وزيرة الخارجية
كوندوليزا رايس في روما يوم الأربعاء قد فشل في وقف نزيف
الدم. و في الوقت الذي لم ينتقد فيه بشكل مباشر رفض البيت
الأبيض الدعوة إلى الوقف الفوري للهجمات الإسرائيلية على
لبنان، إلا انه قال أن الأزمة"كان يمكن احتواؤها في
مرحلتها الأولى" و طالب بان يقف المجتمع الدولي " وقفة
دبلوماسية جادة و عاجلة لتحقيق السلام و الأمن. وان الحملة
الإسرائيلية في لبنان، كما يقول مبارك " قد ذهبت بعيدا جدا"
و " أثارت المزيد من الغضب داخل العرب، المسلمين و في كافة
أنحاء العالم." و بخصوص عملية السلام الاشمل في الشرق
الأوسط، فانه قد عبر عن تشاؤمه حول حل الازمة." ليس هنالك
من ضوء في نهاية النفق" كما قال. وفي المقابلة، كشف مبارك
ايضا عن تفاصيل الوساطة المصرية التي كادت تضع حدا لتصاعد
الازمة في الشرق الاوسط قبل ان تنتشر من قطاع غزة الى جبهة
اسرائيل الشمالية في 12 تموز. وقبيل اندلاع المواجهات في
لبنان، كما قال، كادت المخابرات المصرية ان تنجح في التوسط
لابرام صفقة لاطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الذي اختطف من
قبل منظمة حماس الفلسطينية من غزة. و لكنه قال بان" طرفا
ثالثا معينا"- في اشارة واضحة الى قائد حماس في المنفى
خالد مشعل و النظام السوري في دمشق الذي يدعمه-" قد افشل
تلك المحاولات." كما كشف ايضا عن قيامه بالطلب من الرئيس
السوري بشار الاسد بالتدخل لدى حزب الله لاطلاق سراح
الجنديين الاسرائيليين اللذين اسرهما حزب الله لاشعال
القتال في لبنان. و لكن مبارك اشار الى انه لن ينضم الى
قيام الولايات المتحدة بدفع العرب للضغط على سوريا، السند
الرئيسي لحزب الله ً مع ايران، قائلا"ان المحاولات لعزل
سوريا تعطي نتائج معاكسة." و على اية حال، انتقد مبارك حزب
الله للعبه دور "دولة داخل دولة" و تذمر من ان معارضة
ايران للسلام العربي الاسرائيلي" قد ادى الى بروز مزيد من
التعقيدات على الوضع المعقد اصلا." اصدر مبارك ملاحظاته
يوم الخميس في اجابات مكتوبة على اسئلة قدمت له من قبل
التايم حسب طلب مكتب الرئيس. مقتطفات من المقابلة:
التايم: ما دور مصر في الازمة؟
مبارك: لقد بدات جهودنا من اليوم الاول. كان هنالك وفد من
المخابرات المصرية قد ارسل الى غزة. و كنا على وشك ابرام
صفقة لتسليم الجندي المختطف الى الرئيس الفلسطيني محمود
عباس او الى مصر. وعلى اية حال، ادى تدخل طرف ثالث الى
اجهاض جهودنا. لم نفقد الامل. فلدينا سبب للاعتقاد بان
التوصل الى اتفاق لازال امرا ممكنا. و هذا شيء على غاية
الاهمية لانهاء التصعيد الاسرائيلي الحالي في غزة و لابقاء
فرص استئناف محادثات السلام حية.
التايم: و ماذا بخصوص حزب الله؟
مبارك: بعد بضع ساعات من اختطاف الجنديين الاسرائيليين من
قبل حزب الله، قمت بارسال وزير الخارجية المصري احمد ابو
الغيط الى دمشق. و قام بنقل رسالة الى الرئيس السوري بشار
الاسد محذرة اياه من خطورة الوضع و طالبة منه التدخل لدى
حزب الله لاطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين. استمرت
جهودنا مع شركائنا الاقليميين و الدوليين من اجل ايقاف
التصعيد الحالي. ابقينا قنواتنا مفتوحة مع اللبنانيين و
الاسرائيليين اضافة الى السعوديين، الاردنيين، الامريكان،
الاوربيين، الروس و الامم المتحدة.
التايم: ما الذي ينبغي عمله؟
مبارك: تتجه لبنان الى الوقوع في ازمة انسانية. وان
العمليات العسكرية لن تحل مشاكل اسرائيل مع حزب الله. فوقف
اطلاق النار الفوري يحظى بالاولوية القصوى. و ان وقف
العمليات العدائية قد يخلق البيئة التي تساعد على معالجة
هذه المشاكل بطريقة صريحة. و يجب وضع حد لسفك الدماء و
للخسائر البشرية التي تحدثها العمليات الاسرائيلية. لقد
فشل اجتماع روما للمجموعة الدولية حول لبنان في التوصل الى
ذلك الهدف. و ان لدى مجلس الامن دورا يقوم به و يجب عليه
ان يقوم بواجباته.
التايم: ماذا وراء الازمة؟
مبارك: ان لب المسالة يتجسد في تعثر عملية السلام. فينبغي
انعاش عملية السلام و ان تتوصل الى نتيجة نهائية ناجحة و
باسرع ما يمكن. و بهذا فقط يمكن المحافظة على الامن و
الاستقرار للجميع و لكل بلد في الشرق الاوسط، بضمنها
اسرائيل. ان عمليات التصعيد الراهنة في غزة و لبنان هي
مجرد اعراض للوضع المستعصي غير المستقر في الشرق الاوسط.
فلم يحدث تقدم بخصوص خارطة الطريق. و ان التصور القائم على
دولتين الذي اعلن من قبل الرئيس بوش لم يتحرك قيد انملة. و
ركد مسار السلام الاسرائيلي-السوري اما مع لبنان فقد توقف
بسبب مشكلة موضوع مزارع شبعة. لا يوجد ضوء في نهاية النفق.
و هذا قد اثار عملية احباط كبيرة في جميع انحاء المنطقة و
قاد الى مثل هذا التصعيد الذي نشهده هذه الايام.
التايم: ما الدور الذي تلعبه كل من سوريا وايران؟
مبارك: ان سوريا هي بلد عربي مهم يساهم الاستقرار فيه
بالاستقرار في المنطقة برمتها. نحن نبقي قنواتنا مفتوحة مع
دمشق و ان السوريين يستجيبون لنصائحنا و طلباتنا على قدر
ما يستطيعون. وان محاولات عزل سوريا سيكون لها نتائج عكسية.
و ان الطموحات السورية لتحرير مرتفعات الجولان يجب ان
تتحقق و تنفذ.
التايم: هل تتفق على ان ايران تقوم بلعب دور اكثر جزما في
الشرق الاوسط، و على حساب الدول المعتدلة كمصر؟
مبارك: ان المسالة لا تتعلق " بمدى الجزم" الذي يكون علية
دور ما. بل هو "مدى ايجابيته." ان خيار مصر هو في القيام
بدور المساهم الايجابي و البناء في السلام في الشرق الاوسط،
الامن و الاستقرار. لا يمكن لدور اخر ان يجري على حساب مصر
و الدول المعتدلة الاخرى في المنطقة. و لا يمكن لاية
ترتيبات امنية اقليمية لمنطقة الخليج و الشرق الاوسط ان
تتجاوزنا او ان تقوم بتهميشنا. لقد زاد الموقف الذي تبنته
ايران من تعقيد الوضع الذي هو معقد اصلا في المنطقة. كما
نامل ان تقوم ايران باستخدام نفوذها على المجموعات
المتطرفة و الراديكالية في المنطقة، من اجل شرق اوسط اكثر
امنا و استقرارا.
التايم: كيف تنظر الى حماس وحزب الله؟
مبارك: كلاهما بحاجة الى اعادة نظر بسياساتهما و
تكتيكاتهما. و كلاهما يحتاجان الى اعادة تقييم ارباحهما و
خسائرهما. وكلاهما مسؤولان عن دوائرهما الانتخابية. هنالك
الكثير من الدروس التي يجب تعلمها من الازمة الحالية. امل
ان يتعض قادتهما من اجل الشعبين الفلسطيني و اللبناني.
فعلى حماس، و جميع الفصائل الفلسطينية الاخرى و ابو مازن
ان يضعوا جانبا خلافاتهم و ان يتحدثوا بصوت واحد. عليهم ان
يثبتوا بان هنالك شريكاً فلسطينياً موجوداً قادراً على
التفاوض مع اسرائيل حول التوصل الى تسوية سلمية.اما
بالنسبة الى حزب الله، انهم جزء من نسيج الشعب اللبناني. و
على اية حال، لا يجب ان يسمح لاحد باقامة دولة داخل دولة،
لا في لبنان و لا في اي مكان اخر.
التايم: كيف تنظر الى رد فعل اسرائيل على هجوم حزب الله؟
مبارك: غير متناسب، هذا اقل ما اقوله عنه. لقد ادى الرد
الاسرائيلي الى توجيه عقوبة جماعية ضد الفلسطينيين و
اللبنانيين. ان سفك الدماء و الدمار الذي سببه لاسرائيليون
قد ذهب بعيدا جدا. ان هذا الرد الاسرائيلي غير المتناسب قد
اثار موجة متنامية من الغضب بين العرب ، المسلمين و في كل
مكان من العالم. و ان مسألة الرهائن يجب ان يتم التعامل
معها بحكمة كبيرة وحذر شديد.
التايم: ما رأيكم بشأن الكيفية التي رد بها المجتمع الدولي
و الولايات المتحدة على الازمة؟
مبارك: متاخر جدا. كان يمكن احتواء الموقف في مراحله
المبكرة. و بدلا من ذلك، سمح له بالتفاقم، و لم يبذل الا
القليل من الجهد ضمن و خارج مجلس الامن . و لقد حان الوقت
بالنسبة لمجلس الامن لان يتحمل مسؤوليته في صيانة السلم
العالمي و الامن. و على الولايات المتحدة و الدول الاخرى
دائمة العضوية ان تتحمل مسئوليته خاصة بهذا الخصوص. وان
وقفة جدية من قبل المجتمع الدولي هي امر ضروري جدا. وان
مصر جاهزة، راغبة، قادرة و تتطلع للمساهمة في مثل هذه
الجهود. |