مسرح

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

السينما بين الجنة والنار .. اسـتـراتـيـجية الـجذب ( 2-2 )
 

الكسندر ميتا

ترجمة عبد الهادي الراوي

دوروف وخنزيره ينتظران مدير التصوير وهو يضع الانارة. المجموعة السينمائية كلها متوثبة بانتظار بداية التصوير ومدير الانتاج يضع حبة الفاليدول تحت لسانه من شدة توتر أعصابه. أما دوروف فيتناول من حقيبته اناء المربى فيلطخ الأرضية التي سيمر بها الخنزير تاركا بين كل لطخة ولطخة مترا أو مترا ونصفا. وبعد ذلك يلطخ جزءا من الورقة الرسمية ويضعها على المنضدة. ويقول بعد ذلك:
-نحن جاهزون.
الخنزير يتوتر، ويبدأ انفه بالارتجاف ويحاول التحرر من يد دوروف.
المخرج يصدر أمره: كاميرا.. ابدأ.
دوروف يحرر الخنزير، الذي ينطلق راكضا في الممر لاعقا المربى من الأرضية، يقترب من الموظف الذي يمسك بالورقة الرسمية المهمة فيلتهمها ويهرب راجعا ادراجه. وهكذا تم تصوير المشهد.
-هل يمكننا أن نصور اعادة ثانية؟ يسأل المخرج.
-يمكنك تصوير عشر اعادات ان أردت قبل أن يشبع الخنزير. يجيبه دوروف. وهنا ينفجر مدير الانتاج: أانت محتال، ولم تكن بحاجة لخمسة خنازير أو لكونياك. ولن أعطيك هذا المبلغ الخيالي لقاء هذه الحيلة البسيطة.
-وداعا. لقد رأيتم كل العملية، فهاكم الخنزير وهاكم المربى وصوروا أنتم ما تشاءون من الاعادات.
يترك دوروف المكان. الخنزير ينعر. المجموعة السينمائية تضطرب. المخرج يصرخ:
-أعيدوا دوروف، فلابد أن لديه سرا! فلا يمكن أن تكون العملية بهذه البساطة.
أعادوا دوروف ودفعوا له المبلغ كاملا، فصور لهم خمس اعادات كاملة.
ان جذب المتفرج الى عالم قصتنا بمثل هذا الحل السهل. لطخ الطريق الذي ينبغي للخنزير أن يسلكه بالمربى، وسيذهب الى حيث تريد. والمربى هنا هي المعلومة التي تشبع فضول المتفرج. وينبغي تقسيمها الى جرعات صغيرة، ثم الشروع في العمل. قد يتضايق بعض المثقفين من هذه المزحة الخشنة. لكن اسألوا زيغموند فرويد أو كارل غوستاف يونغ، هناك حيث يتكلمان عن المكافأة التي يجب أن يحصل عليها المشاهد أو القارئ لقاء جهده العاطفي.
ينبغي لنا تقسيم كل المعلومات الى أجزاء صغيرة، كل جزء يساوي نقطة معلومات تستثير الفعل.
ان هذا ليس صعبا على المستوى السطحي. فأي برنامج تلفزيوني مهما كان غبيا يستطيع أسر انتباه الملايين، والسبب؟ ان الانسان فضولي، ويمتلك شعور التناظر، ويود أن يعرف الحلول لكل الأحاجي.
الفضول أول درجات الاهتمام. فمن الذي قتل هذه السيدة الغنية؟ لماذا يرتعد خادمها ويتعرق عند التحقيق معه؟ ما الذي كانت تعمله ابنة أخيها الفاتنة مع صديقها في غرفة النوم في العلية في ذلك الوقت؟ لماذا لم ينبح الكلب؟
الفيلم يطرح الأسئلة على المتفرجين، ونحن نقطر لهم المعلومات قطرة قطرة. وفي كل جواب هناك سؤال جديد. وهكذا، ما دمنا نتحكم بالمعلومات فنحن ندَعِّم اهتمام المتفرج. سؤال.. جواب.. سؤال .. جواب.. فالقاعة يعجبها أن تشكل صورة تامة من أجزاء من المعلومات.
الفضول يجبرنا كلنا على البحث عن كيفية الكشف عن شيء مجهول. وهناك قواعد غير معقدة لتأجيج اهتمام المتفرج حين نروي له القصة:
1- قدم المعلومات بجرعات صغيرة.
2- في كل مرة قدم معلومات أقل مما تشتهي القاعة. فما دمت تتحكم بالمعلومات فأنت تسيطر على الوضع.
3- احتفظ باللقمة السمينة من المعلومات للنهاية.
4-لا تقدم أية معلومة مجانا، اجعل الأبطال يتصارعون من أجل كل قطرة معلومات. فكل ما كبر الجهد المقدم للحصول على المعلومة، عظمت قيمتها عند القاعة.
في فيلم "الوباء" يهدد الفناء الكامل المدينة الموبوءة. فرئيس الولايات المتحدة نفسه أمر بالقاء قنبلة ذرية على المدينة ليستبق انتشار المرض من المدينة الى الولايات المتحدة كلها. لكن العلماء يفطنون في اللحظة ذاتها الى وجود حيوان ما في الجوار يشكل دمه لقاحا للوباء. العلماء يبحثون عن طرق النجاة.
الخطوة الأولى: العميد دانيال (يمثل دوره داستن هوفمان) يسيطر على طائرة سمتية بالحيلة. ويذهب الى سان فرانسيسكو على الرغم من التهديد بالقتل. وهناك ورغم الصعاب يجد في قوائم البواخر باخرة لم يتم تدقيقها كما ينبغي. لكن الباخرة الآن موجودة في البحر.
دانيال يعرف مكان وجود السفينة فيطير اليها. لكن الضباب يخيم على البحر مما يصعب العثور على السفينة. لكن دانيال يجازف بحياته ويقفز من السمتية الى سطح السفينة.
دانيال يجد رغم الصعوبات صورة القرد الذي دخل الولايات المتحدة من غير المرور بالكرانتين.
لاحظوا أن كل عملية الحصول على المعلومات مقسمة الى أجزاء صغيرة جدا، الى قطرات. وكل قطرة يحصل عليها البطل يحصل عليها بصعوبة بالغة. فما الذي يريد المؤلفون الحصول عليه بهذه الطريقة؟ يريدون أن يجعلوا المتفرج يتسرب داخل القصة ويود أن يعرف كيف سيتم الحدث. وتجري هذه العملية بدراماتيكية متصاعدة.
دانيال يدخل محطة التلفزيون عنوة عن طريق التهديد بالسلاح ويطلب أن ينقلوا ما يريد نقلا مباشرا. يعرض صورة القرد ليتعرفها من رأى الحيوان سابقا.
الآن، يجب العثور على القرد في الغابة. وهذا ما يضع صعوبات جديدة، في حين يحاول أعداء دانيال قتله. وحين يحصل على القرد أخيرا ليحمله في الطوافة الصغيرة الى المختبر تلاحقه طوافتان حربيتان عملاقتان.
انظروا:
-    مشاهد في المختبر،
-    في القاعدة العسكرية،
-    في الطوافة،
-    في ادارة البحرية،
-    في الضباب فوق البحر،
-    على الباخرة،
-    في التلفزيون،
-    في الغابة،
-    في الجبال، حيث يجري البحث لاصطياد طوافة دانيال.
كل ذلك لغرض ايجاد القرد ونقله الى المختبر فقط.
معلومة كل مشهد مختصرة، بصرية، وصلت بجهد جهيد من خلال الصراع والأخطار. وهذا كله يؤجج فضولنا الى الحد الأقصى.
أهم لحظات توصيل المعلومات هي نقاط الانعطافات، حين توجه جرعة المعلومات القصة كلها الى مجرى جديد بشكل مفاجئ. وتحدد هذه الانعطافات صنف القصة. وكلما كانت الانعطافات أكثر فرادة وابتكارا كانت القصة أكثر متعة وجاذبية.
ولا عجب في ان تلعب أفلام المغامرات بالغموض مع المعلومات. لكنكم ستقولون أن الأفلام الجادة لا تنزل الى مستوى الأسرار الصغيرة والتأخيرات المجهولة. هل تظنون الأمر كذلك؟
ماك ميرفي، بطل جاك نيكلسون في فيلم "أحدهم طار فوق عش الوطواط" يقع سجن مستشفى نفسية. خلال نصف ساعة في الفيلم يمضي شهر من الزمن الحقيقي. كان يجب أن يعرف ماك ميرفي عن المستشفى مائة مرة أكثر مما نعرف نحن. لكن لا صحة لشيء من هذا القبيل. لماذا؟ لأن المخرج أراد أن يحصل المتفرجون على المعلومات بالتقطير وأن يبذلوا أقصى جهد في التركيز ليوجهوا كل اهتمامهم على ما يجري. ماك ميرفي يعرف فجأة- أنه أسير أبدي في هذا المستشفى: الزمن الاجباري لعلاجه غير محدود. وهذا يعني: وداعا أيتها الحرية. انه يتسلم هذه النبأ المريع قبل أسبوع واحد من موعد انتهاء مدة محكوميته. المخرج يعصر من المعلومة أقصى ما يستطيع من المشاعر. المؤلف السيئ كان سيتعجل ابلاغ هذه المعلومة في قصته. لكن الراوي المتمكن يحتفظ باللقمة الدسمة ليستطيع بواسطتها تحول اتجاه القصة تحولا مفاجئا.


كلاكيت: درس ميخائيل روم

علاء المفرجي

في كتابه المهم (أحاديث حول الاخراج السينمائي) يورد لنا المخرج الروسي الكبير ميخائيل روم تجربة له تتعلق بعمل الممثل وضرورة استيعابه ابعاد الشخصية المراد تجسيدها، خاصة اذا كانت شخصية واقعية ولها آثارها التي تنطق بها والشواهد التي تدل عليها، لتوفير قدر من الاقناع والصدقية لدى المشاهد، ويتحدث روم في كتابه عن الممثل الفذ بوريس شوكين الذي اسند اليه دور شخصية (لينين)، وكيف ان شوكين كان يعمل على نموذج هذه الشخصية بالاستعداد لها قبل اكثر من عام على بدء التصوير، وبشكل تفصيلي من قراءة كتاباته، ومشاهدة الوثائق السينمائية عنه، والاشتغال على النص باقصى درجة من العناية، لدرجة ان استقدم جراحا مجربا لدراسة حالة الشخصية وهي مصابة بجرح، بل انه التقى في احد المستشفيات بالاشخاص الذين يتعرضون للاصابة نفسها.
اسوق هذه المقدمة وانا اتابع توجه شركات الانتاج التلفزيوني لانتاج اعمال درامية تتناول جوانب من التاريخ المعاصر، وهي الاعمال التي لم يجرؤ صناع الدراما على الخوض فيها في زمن الاستبداد الدكتاتوري لحساسيتها، واقترابها من المناطق المحرمة التي يمكن لها ان تثير لهم الكثير من المشكلات مع سلطة الرقيب.
واحسب ان ارتياد هذه المنطقة البكر من الموضوعات الدرامية، يستلزم الكثير من العناصر المهمة، التي يجب ان تتوفر لصناع هذا النوع من الدراما، خاصة ان هذا النوع من الاعمال غالبا ما يستقطب اهتمام قطاع واسع من المشاهدين، لاسباب كثيرة، ليس هذا مجال الخوض فيها.
ولعل الاهتمام باختيار الممثل الشخصيات المراد تجسيدها في مثل هذه الاعمال واحد من اهم اسباب نجاح هذه الاعمال بافتراض ان الممثل الذي يقع عليه الاختيار يجب ان يكون بمستوى اهتمام كاتب النص بتفاصيل هذه الشخصية او تلك، وان يكون ملما بابعاد هذه الشخصية بالحد الادنى لالمام ممثل مثل شوكين بشخصية مثل شخصية (لينين).
والمتابع للبعض من هذه الاعمال، لا بد له من ان يقف امام القصور الواضح لممثلينا في تجسيد الشخصيات المسندة إليهم، وان يكتشف الفقر في المعلومات عن هذه الشخصيات باقتفاء آثارها، ودراستها وجمع المعلومات عنها، على الرغم من قصر المسافة الزمنية عنها، ووجود الاشخاص الذين عاصروها على قيد الحياة.. وهي مشكلة يتحمل المخرجون قسطا وافرا منها باعتمادهم المواصفات العامة في اختياراتهم ومن استبطان قدرات الممثل وامكاناته الادائية على التصدي لمثل هذه الادوار.
في الافق اكثر من مشروع من هذا النوع، وهو امر يتطلب الدقة في الاختيار ان كان هناك حرص على استيفاء كل عناصر النجاح لهذه الاعمال.


(مركز التجارة العالمي) .. النقاد يغدقون الثناء على فيلم اوليفر ستون الجديد
 

لوس انجليس /اف ب
قبل عشرة ايام من عرض فيلم "وورلد تريد سنتر" (مركز التجارة العالمي) للجمهور اغدقت اقلام النقاد الثناء على هذه الفيلم الذي اخرجه اوليفر ستون عن احداث 11 ايلول في نيويورك رغم ما اثارته في البداية "المعالجة القاسية" التي اشتهر بها مخرجه من شكوك.
يروي الفيلم الذي يعرض في دور السينما في اميركا الشمالية في التاسع من آب المقبل قبل شهر من الذكرى الخامسة لهذه الاعتداءات قصة حقيقية لشرطيين حوصرا بين انقاض برجي نيويورك التوأمين.
وكان اوليفر ستون اوضح لدى اعلان شركة باراماونت المنتجة عن المشروع في تموز 2005 "مع ان الفيلم يتناول قصة بطولة في بلدنا الا انها عالمية في بعدها الانساني. انه عمل جماعي مفعم العواطف وتأمل جاد لما حدث يحمل في طياته تعاطفا يتيح الشفاء".
ويبدو ان اختيار ستون لتسجيل وقائع حادث جلل في تاريخ الولايات المتحدة جاء في محله حيث سبق لهذا المخرج ان عالج حرب فيتنام في "بلاتون" (كتيبة) واغتيال جون كينيدي في "جاي.اف.كي" واستقالة ريتشارد نيكسون في "نيكسون" او موجة ثورة الشباب من خلال الموسيقى في نهاية الستينيات مع "ذي دورز" على اسم الفرقة الموسيقية الشهيرة انذاك.
لكن ستون البالغ التاسعة والخمسين من العمر والحاصل على ثلاث جوائز اوسكار من بينها جائزتا افضل مخرج عن "بلاتون" عام 1987 و(مولود في الرابع من تموز) عام 1990 تعرض ايضا للنقد بسبب القسوة الشديدة التي اتسمت بها بعض اعماله مثل (قتلة بالفطرة) المفرط في العنف.
ويوضح ناقد الافلام لوي هاريس المسؤول التحريري عن موقع "موفيز.كوم" الالكتروني لوكالة فرانس برس ان ستون "معروف بانه مخرج جيد جدا لكنه ايضا يتعمد صدم مشاعر المشاهد لتمرير رسالته" مشيرا ايضا الى ان ستون معروف بانه مهووس بـ"نظريات المؤامرة".
لكن هاريس الذي كان من النقاد القلائل الذين شاهدوا العمل في عرض خاص اول يقول ان مركز التجارة العالمية تجنب الوقوع في هذا الفخ. واوضح "انه فيلم يحكي عن ابطال ويثير حقا مشاعرنا... ستون يروي قصة مثيرة يؤدي فيها نيكولاس كيدج دوره ببراعة لا مثيل لها".
ويضيف "يظهر كيدج في نصف الفيلم مطمورا تحت الانقاض ويكاد لا يستطيع النطق .. نرى فقط عينيه تعبران باقتدار فريد يستحق عليه الاوسكار وستكون صدمة لي ان لم يرشح" لهذه الجائزة معتبرا ان " مركز التجارة العالمية " يمكن ان يكون الفيلم الذي سيخلد ستون.
هذا الرأي يشاركه فيه ايضا الناقد رودجير فريدمان في شبكة فوكس نيوز التلفزيونية المحافظة المتشددة التي لا يفترض ان تظهر تعاطفا مع مخرج يصنف كيساري اذ يقول "ستون اخرج فيلما راقيا وقويا ومؤثرا وشخصيا حقا".
من جانبه يقول الناقد ديفيد بولاند في نشرته الالكترونية ان "الفيلم كان على حد سيف. والسؤال لم يكن ما اذا كان سيفشل بل متى سيحصل ذلك. لكن ولسعادتي الكبرى تمكن ستون وفريقه من النجاح وارى ان الفيلم هو اول منافس جدي على اوسكار افضل فيلم لهذا العام".
ومن اسرار نجاح هذا العمل كما يرى هاريس هو ان ستون تفادى لمرة واحدة اي تلميحات سياسية "ما عدا في البداية عندما عرض مشاهد نشرات اخبارية (اخذها من ارشيف التلفزيونات) تظهر اناسا في جميع العالم يشاهدون الهجوم على البرجين وهم يبكون".
واعتبر انه من الواضح ان الرسالة هي ان "العالم لم يعد ينظر الينا الان بهذه النظرة".


(شكراً للتدخين ) .. براعة في التمثيل والكشف عن التضليل الاعلامي
 

ترجمة / عادل العامل
يحول تدخين السجائر الكثير منا الى اخلاقيين شديدي الغضب والاستياء، بطبيعة الحال، كما يقول كاتب هذا المقال لمجلة النيويوركر، ديفيد دينبي. اذ كيف يمكننا التسامح مع صناعة تجمل السم يا ترى؟
ذلك هو نوع الشعور الوجداني الذي ينحته اجزاء صغيرة الممثل نيك نيلور (ويقوم بدوره ارون ايكهارت)، بطل فلم "شكرا للتدخين" ونيك هنا، وهو متحدث رسمي باسم لوبي التبغ في واشنطن، مزيج من الزهو والصراحة الوقحة. فهو يعرف ان حججه دفاعا عن التدخين مجرد هراء، لكنه يستمتع بلعبة التلفيق كثيراً الى حد عدم التخلي عنها. وكما يفسر لابنه الشاب، جوي، في الفلم (ويمثله كاميرون برايت)، فان الهدف، في هذا الصنف من العمل، لا يتطلب من الواحد ان يكون على حق، بل ان يكون مهيمنا على المحادثة. فاذا انت وضعت خصمك في موقف الدفاع، اذا اغرقت ادعاءاته بـ "حقائقك"، فانك المنتصر في المعركة الاعلامية!
وإذ يكيف جاسون ريتمان (ابن المخرج والمنتج ايفان ريتمان) هنا رواية كريستوفر بكلي الهجائية لعام 1994 للسينما، فانه يحافظ على سمة طموحة بشكل معطاء. فنجد نيك هنا يبيع متعة ادمانية مع اغراءات بحرية الخيار، وقد يكون له قصده بشأن المسؤولية الشخصية (وهل بقي هناك احد لحد الان لا يعرف اخطار التدخين؟)، لكنه ايضا سيد لمثل هذه الالعاب القوقعية
Shell البلاغية. ونيك هو المرادف المفكرللرجال الاقوياء ذوي الابدان الضخمة في المصارعة الاحترافية فهو وغد بطريقة فاتنة.
ويعتبر "شكرا للتدخين
Thank you for smoking فلما يتسم بالذكاء ولكن بالخفة ايضا. وبناؤه الدرامي رقيق، ان لم يكن كيفيا بصراحة. غير ان ايكهارت يستطيع بادائه المتمكن، جعل الصورة متماسكة فقبل عقد مضى من الزمن تقريبا، وفي فلم نيل لابوت، "في صحبة الرجال"، كان ايكهارت التشادي الخارق للعادة، الذي كان يمارس حيلا قذرة على امرأة طرشاء كوسيلة للثأر لنفسه من الجنس الانثوي، وقد جعل ايكهارت من التشادي خسيسا على نحو ثابت بحيث اني تصورت انه يمكن ان يكون واحدا من الممثلين المبجلين النادرين الذين يرفضون ان يفصلوا انفسهم عن الشخصية التي يعرضونها لنا. واني لا تساءل الى اين سيذهب ايكهارت. فلكونه راكب الدراجة الملتحي الورع الذي يمتص موجات صدمة جوليا روبيرتس في "ايرين بروكوفتش" (2000)، كان عاجزا عن اظهار أي من سماته المميزة من السحر الساخط، وبعدها، في آخر مشاريع المخرج لابوت، لم يفلح بالقوة التي افلح بها في فلم "في صحبة الرجال". لكنه الان حقق دورا خارقا للمألوف. فايكهارت هنا يتسم بابتسامة عريضة، وفك مربع، وغطاء من شعر اشقر ريدفوردي النوع، لكنه احول العينين قليلا، وعندما تنتشر الابتسامة العريضة على وجهه تتساءل ان كان سعيدا ام انه يحدق في رضا او حبور.
ان السينما بحاجة شديدة الان الى نجوم، فنظراته اللطيفة وشخصه البغيض على نحو يتسم باللطف تملأ الشاشة.
ورحت وانا اراه يؤرجح جسمه هنا وهناك في فلم "شكرا للتدخين" هذا، ويفند حجج نيك المعقولة الباطلة، استرجع في ذهني صورة الشاب المشاغب توني كيرتس وكذلك كيرك دوغلاس، اللذين مثلا دور اوغاد يبعث على الانبهار في افلام مثل "السيئ والجميل
The Bad and the Beautiful وكان دوغلاس دائماً مشدودا ومفتقرا الى الدعابة.
ويمتلك ايكهارت زهوه (وذقنه المشقوق)، لكنه يعرف ايضا كيف يسترخي على الشاشة. ولو تهيأت له النصوص التي يستحقها، لاستطاع ان ينافس جورج كلوني على ادوار الفتيان البارعين.
ان هناك اتجاها تحاول صناعات فيه ان تسبق نقادها بتقديم نفسها على انها تعمل للصالح العام اكثر مما يفعل هؤلاء النقاد، مثلما تفعل شركات المشروبات الكحولية عندما تحذر زبائنها بان لا يشربوا ويسوقوا! ويأخذ ريتمان ذلك الاتجاه خطوة ابعد فيعلن نيك على التلفزيون حملة اعلانات بخمسين مليون دولار لاقناع الاولاد بالتخلي عن التدخين، وهذا التخلي، بالطبع، اخر ما تريده شركات التبغ من الاولاد لكن لابد لها من الظهور بانها تريد ذلك!.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة