الفنان
غانم حميد:
جسر الأئمة عمل مسرحي
يدعو إلى التوحد والمحبة
بغداد/ محمد اسماعيل
تأملات إخراجية عميقة، يجريها الفنان غانم حميد حالياً..
على مسرحية (جسر الأئمة) التي كتبها فلاح شاكر.
غانم حميد.. صرح لـ(المدى) بأنه استقر على اختيار الفنان
سعد محسن.. لأداء واحدة من شخصيات المسرحية، وسيتداول مع
المؤلف والمحيطين به، في اختيار الشخصيات الأخرى.
(جسر الأئمة) يراها فلسفة لرؤيا التوحد والمحبة، وسيتخذ من
نص فلاح دعوة للحث باتجاه عراق واحد.
وريثما يشرع غانم حميد بإخراج (جسر الأئمة) فتكون لـ(المدى)
وقفة مطولة عند التدريبيات والعرض، عدنا به إلى الفلاح
زامل، في مسلسل (مناوي باشا) تأليف علي صبري الذي قال عنه:
(في الجزء الثالث الذي يقوم بإخراجه الآن، الزميل أركان
جهاد، تتطور شخصية زامل من فلاح عادي إلى إقطاعي، يصطدم
بقانون الإصلاح الزراعي الذي أمم الزعيم الخالد عبد الكريم
قاسم، بموجبه (70%) من أملاك الإقطاع.
لذا راح زامل.. والقول لغانم.. يهرج: (لم تبق طليان في زمن
الزعيم) وهو يشعر بعداء أحادي.. من طرفه تجاه الزعيم.
لكن أبقى الفنان حميد المسحة الكوميدية مستمرة، مع شخصية
زامل، على مدى الأجزاء الثلاثة، وهو في تدارس مستمر،
لتعميقها. لذا سألته عن معاناته مع الكوميديا، فأبدى
إحساساً كبيراً بالمسؤولية، في أن يقدم كوميديا ملتزمة..
بوعي مثقف. يضحك خلاله مع المشاهد في صنعة الموقف وبناء
المشهد، من دون أن يضحك أحدهما على الآخر.. لا الممثل على
المشاهد ولا المشاهد على شخص الممثل.
"فأنا ممثل جاد" قال مواصلاً: "وكوميدي.. والكوميديا أصعب
من التراجيديا، في الفهم الحقيقي".
أنت مخرج مسرحي وممثل تلفزيوني.. سألت (المدى): فهل زحف
أحدهما على الآخر، في حياتك الفنية؟ فأجاب.. كثيراً كثيراً
ما داهم المخرج.. داخلي.. حدود الممثل، وراح يوجه له
الملاحظات، التي تتقاطع أحياناً مع مخرج العمل الحقيقي
الواقع في الاستوديو وراء الكاميرا، مما يحرجني بين مخرجين..
أحدهما داخلي والآخر داخل الاستوديو. "أنا مخرج مسرحي أكثر
مما أنا ممثل تلفزيوني، حتى لو نجحت ولمع نجمي عبر
التلفزيون" ليس غريباً أن يفرط غانم حميد.. بالنجومية التي
حققتها له شاشة التلفزيون، وهو الذي تمسك
برسالة المسرح حد
الاصطدام مع النظام السابق، في مسرحياته (الذي ظل في
هذيانه يقظاً) و(هذيان الذاكرة المر) و(المومياء) و(سن
العقل) التي قال عنها: "تاريخ من الحقائق.. تاريخ من
البطولات.. مع أنني لا أبحث عن بطولة.. بدليل أنني بعد 9
نيسان 2003 لم اقل فعلت هذا أو ذاك. لأنني في الزمن الصعب
كنت حقيقياً - ولسوف أظل حقيقياً مهما طال عمري".
أنها جرأة ودقة اختيار في العمل بحرية، هكذا يفهم غانم
التعامل مع قسوة العقوبات سابقاً وانفلات الرقابة الفنية
حالياً.. إذ يقول: "علينا أن نفلسف الحرية إلى مسؤولية عن
ضمان حق الآخر، فإذا ما فهمت حقوق الآخرين وراعيتها، تكون
قد أشرت حدود حريتك".
وهذا ما ترجمه الفنان غانم حميد.. بالفعل. إلى مسرحيات
تعاملت مع الوعي الحاد بالمأساة من قبل المواطن العراقي
أبان النظام السابق من دون أن تمس طائفة ما أو قومية ما أو
تمس العراق كوطن.. إنما فصلت.. حينها.. بين العراق الكريم
على أبنائه وجور النظام السابق.. فصلاً إبداعياً واضحاً،
شجعنا على أن نسأله عن استيعاب المرحلة الراهنة في العمل
الإبداعي، فعاد فوراً إلى ما بدأنا به: "من خلال مسرحية
جسر الأئمة، سأقدم ملحمة قامت من خلاصات الواقع الراهن،
استقراءً للآتي، مثلما قدمت استقراءً في (المومياء) بأن
الحرب مستمرة، وفعلاً بعد إيران غزا صدام الكويت وظل الحبل
على الغارب حتى هذه اللحظة، وهذا يصدق على (هذيان الذاكرة
المر) التي صفت عمارة من الجثث والآن استقرئ المستقبل، بما
سترونه في مسرحية (جسر الأئمة) تأليف فلاح شاكر.
|