تحقيقات

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

مرة أخرى .. أزمة الوقود تتفاقم والحلول غائبة
 

بغداد / علي ياسين
تصوير / نهاد العزاوي

فجأة، ودون سابق إنذار، بل بلا مبررات يحتج بها المنطق، لإقناع المواطن، تتعرض أسعار الوقود في بلد البترول، إلى مد وجزر كبيرين في الأسعار، أسعار تشتعل، والمواطن ليس من خيار أمامه سوى الرضوخ، وصبره بدأ ينفد يوماً بعد يوم! فقد وجد هذا المواطن الباحث، نفسه، بين مد سندان الأسعار العالية ومطرقة جزر تفاقم الأزمة الخانقة التي لم يجد، لها، المسؤولون حلاً إلى اليوم لا يقدمون سوى تصريحات ووعود ومعالجات، كلها تذهب أدراج الريح، لتزيد المواطن يأساً وإحباطاً، واستسلاماً، طوابير من السيارات والبشر من الرجال والنساء بل حتى الأطفال، يتزاحمون ويشتبكون على إيقاع رصاص رجال الحماية الأمنية عند مداخل محطات تعبئة الوقود في العاصمة بغداد.
حاولت وزارة النفط من خلال رفع أسعار البنزين وتوزيع (كابونات)، النفط الأبيض وقناني الغاز على المواطنين، تخفيف وطأة الأزمة والحد من ارتفاع الأسعار، وشل نشاط السوق السوداء وتعطيل حركة "البحارين" والجوالين ومحتكري مخزونات الوقود لشتاء سيكون على الأبواب!
إلا إن هذه المحاولة ومحاولات أخرى سابقة، زادت الأمور تعقيداً وأشعلت الأسعار لهيباً!، فما هي الأسباب والدواعي الحقيقية وراء هذه الأزمة المتفاقمة؟! هل هي عمليات التخريب الإرهابية التي تطول بعض المنشآت وخطوط انابيبها، أم انقطاع التيار الكهربائي، أم سرطان الفساد الذي أخذ ينخر بأكثر مؤسساتنا الحكومية، أم أن هناك اسباباً غير مرئية ولا معروفة ولا يعلم بها أحد إلا الراسخون في ثروة البترول ومشتقاته؟.
(المدى) تجولت في شوارع بغداد وزارت عدداً من محطات التعبئة، والتقت مواطنين ومواطنات، للوقوف على طبيعة الأزمة، أسبابها وآثارها، وما إذا كان في الأفق من فرج وشيك.
واجهتنا أثناء أداء مهمتنا الصحفية لتغطية موضوع أزمة الوقود، صعوبة الاتصال هاتفياً بالمعنيين من أولي الأمر، عدا ذلك، فإن بعض الإداريين العاملين في بعض محطات التعبئة وبخاصة الحكومية، رفضوا الإدلاء بأي تصريح، مدعين ان ذلك يجب أن يكون عبر موافقة إعلام الوزارة.
إذن، جولتنا هذه، كانت تبحث عن مدى الضرر الذي يلحق بالاقتصاد الوطني والمواطن من جراء هذه الأزمة، ومن هو المستفيد الأول منها؟ وهي تحكم قبضتها على حياتنا.
رأي الوزارة
يقول الناطق الإعلامي عاصم جهاد في تصريح لـ(المدى): إن أسباب شحة (الغاز السائل) في العاصمة بغداد جاء إثر غلق المنفذ التركي (إبراهيم الخليل) من قبل السلطات التركية لوجود عمليات عسكرية ولأكثر من شهر عرقل وصول الكميات المتعاقد عليها بين وزارة النفط والشركات التركية والتي تعد من الدول الموردة الرئيسة للغاز.
استهداف أنابيب نقل الغاز من قبل الجماعات المسلحة فضلاً عن التلكؤ الحاصل في المرفأ الجنوبي بسبب أعمال الصيانة في المصافي الجنوبية ضمن خطة الوزارة ومن المتوقع الانتهاء منها منتصف آب.
وأضاف أن استهداف محطات (تركيز الغاز الشمالي) من قبل المسلحين أدى إلى شحة المادة في البلاد والذي كان ينتج كميات كبيرة تغطي جزءاً كبيراً من احتياجات البلاد وبرغم النقص الحاصل فإن الوزارة تعمل جاهدة وبالتنسيق مع المجالس البلدية لتوزيع مادة الغاز بعدالة على المواطنين.
داخل محطة تعبئة
استقبلنا موظف محطة تعبئة الوزيرية المؤجرة "فيصل غازي، في مكتبه، فانقطع التيار الكهربائي فعلق قائلاً: ألا تتفق معي أن انقطاع التيار الكهربائي أحد أسباب أزمة الوقود العامة في البلاد؟ طبعاً نحن نعالج حالات الانقطاعات اليومية المتكررة، بالتي لم تكن هي الداء! أعني المولدة، على اية حال، فإن محطتنا تعمل من السادسة صباحاً إلى الثامنة مساءً، وتزويد محطتنا بمعدل شاحنتين يومياً، هذا إذا كانت الظروف الأمنية طبيعية، وعادة ما تزود محطات المركز (مركز العاصمة بغداد) بهذه الكمية التي تعتمد على سمعة المحطة في الوزارة من خلال تقارير التفتيش والزيارات التي يقوم بها مسؤولو وزارة النفط.
وعن تخفيف حدة الأزمة أشار (فيصل):
أرى أن الزيادة في عدد محطات التعبئة والتوزيع سيخفف منها كثيراً، وذلك للزيادة الكبيرة الحاصلة في عدد السيارات في الشارع العراقي، كما أن محاربة السوق السوداء والقضاء عليها سيكون له دور في هذا الاتجاه.
وكذب (فيصل)، الشائعات التي تقول أن بعض محمولات الشاحنات تباع إلى مروجي السوق السوداء من (البحارة) وأمثالهم، مؤكداً: أن أية شاحنة تخرج من المستودع يرافقها حتى تفريغ حمولتها في المحطة، مشرف حكومي من وزارة النفط.
ويضيف الموظف أحمد داود عبد العامل في المحطة نفسها: التعبئة في محطتنا لا تستغرق سوى ساعتين، تزيد أو تقل حسب الظروف، وأحياناً يستطيع المواطن أن يعبئ خزان سياراته خلال دقائق معدودات، إذ تكون المحطة فارغة، وهذا ما حصل في محطتنا لأكثر من مرة.
ويعود (فيصل)، ليشاركنا الحديث حول ظاهرة بيع البنزين على أرصفة السوق السوداء قائلاً: إن بعض أصحاب المركبات، يعبئون خزانات سياراتهم لغرض بيع البنزين، ثم يذهبون إلى محطات أخرى للغرض نفسه، إنها ليست ظاهرة، إنها أصبحت مهنة للأسف، تملأ أرصفة شوارعنا وساحاتنا!
خمس ساعات انتظار!
المواطن حسن عدنان قال: انتظمت في الدور من الساعة السادسة صباحاً، والآن الساعة الحادية عشرة، ولم يأت دوري للتعبئة، أي إنني دفعت حتى الآن خمس ساعات من عمري من أجل بضعة لترات من البنزين!
لكن الموظف (فيصل)، تدخل ليوضح قائلاً: إننا اليوم بدأنا بالتجهيز في الساعة التاسعة والنصف، لأن شاحنة التجهيز وصلت متأخرة، إذن ما ذنب المحطة إذا جاء المواطن من الساعة الخامسة أو السادسة صباحاً.
قتلتنا البطالة
المواطن رعد حسين على، 24 عاماً، أحد باعة بنزين الرصيف قرب محطة الوزيرية تحدث إلينا بحسرة وألم بالقول: ماذا نفعل نحن الشباب العاطلين يا أخي؟! لقد حاولت العمل في مؤسسات الدولة وباءت كل محاولاتي بالفشل وعود ومراجعات وتقديم ملفات، ومن ثم قذفتني الحياة تحت شمسها اللاهبة على هذا الرصيف، لأبيع البنزين كي أحيا أنا وعائلتي.
وهذه مهنتي، الآن، منها أكسب قوتي اليومي، أشتري البنزين من اصحاب السيارات وأحياناً من بعض سواق الصهاريج، اشتري العشرين لتراً بـ(12) أو (13) ألف دينار لأبيعها، وهذا سعرها اليوم بـ(15) ألف دينار، كثير من الشباب العاطلين عن العمل يمتهنون بيع البنزين على الرصيف، انظر إلى الجانب الآخر، أولئك الشباب كلهم يبيعون البنزين وهناك نساء لا يترددن من مزاولة هذه المهنة الطارئة على حايتنا العراقية، نحن أبناء وطن البترول، نبيع البنزين بهذه الطريقة!
سائق الشاحنة إبراهيم كاظم برهان، كان ينتظر تفريغ شاحنته في خزانات محطة تعبئة القاهرة يقول: إن أحد أهم أسباب الأزمة، كما أرى، هو أن مستودعات التعبئة في الدورة أو الكائنة منها في الكرخ، غالباً ما، تمتنع عن تزويدنا بالمنتوجات التي تغذي محطات التعبئة بالمشتقات النفطية، مما يفاقم حدة الأزمة الحالية، يمتنعون بذريعة عدم توفر المنتوجات في المستودعات، ويتم توزيع أربع سيارات للمحطات الحكومية وأحياناً أكثر، في حين يتم تزويد المحطات الأهلية المنتشرة في بغداد - بسيارة واحدة فقط.
وعن بيع كميات من الوقود من بعض الشاحنات أكد قائلاً: أنفي مثل هذه الشائعات لأن أية شاحنة تتجه بحمولتها إلى أية محطة أهلية أو حكومية يرافقها مشرف يتأكد من تفريغ الشاحنة من حمولتها كاملة.
بعيداً عن العنف الطائفي
صاحب سيارة تاكسي، طلب عدم ذكر اسمه، يبيع وقود خزان سيارته جهاراً على أحد الأرصفة يقول: نتيجة لتردي الأوضاع الأمنية في البلاد، وبروز ظاهرة العنف الطائفي، وجدت، من أجل أن أحافظ على حياتي، ان أبيع البنزين هنا، بدلاً، من أن أظل أدور في شوارع العاصمة وأنت تعرف "الدنيا مو أمان"! أزاول عملية البيع يومياً، بعد أن أحصل على أربعين لتراً من البنزين من محطات التعبئة وقد أبيع في بعض الأيام 80 لتراً!!
طباخات نفطية
المواطنة أم ماهر تحمل "جلكاناً" فارغاً أمام محطة تعبئة الشعب، متأهبة بحماس لنيل حصتها من النفط الأبيض تقول:
بعد أن بلغ سعر قنينة الغاز (18) ألف دينار أو أكثر، لجأنا إلى استخدام النفط الأبيض لطهي وجبات الطعام في البيت، إن زوجي موظف بسيط وعائلتنا كبيرة، وأسعار الغاز لا يحتملها دخلنا المحدود، فضلاً عن ذلك، فإن تعبئة القنينة هذه الأيام، مشكوك جداً في أمرها، أنا اعتقد أننا لا نحصل على أكثر من نصف قدرتها الاستيعابية فالقنينة تنفد خلال أسبوع وأحياناً أقل.
وحتى الحصول على النفط الأبيض، هنا، لا يأتي بالهين، بل يحتاج إلى ساعات انتظار طويلة وعناء كبير في الوصول إلى المحطة ومن ثم العودة إلى البيت هذا قدرنا وماذا نفعل؟!
مطعم راوندوز والغاز!
صاحب مطعم راوندوز في شارع السعدون المواطن فالح حسين يتحدث عن أسعار وجبات مطعمه قائلاً: في الآونة الأخيرة ومع تفاقم أزمة الوقود، صرنا نشتري قنينة الغاز من السوق السوداء بـ(18) الف دينار وأحياناً بـ(عشرين) ألف دينار، هذه الأسعار ألقت بظلالها على كل الأسعار في السوق، بما في ذلك المطاعم، أجور العمال ارتفعت، أجور الخضراوات ونقلها أيضاً ارتفعت كل ذلك جعلنا نرفع أسعار وجبات مطعمنا، في العام 1997 كنا نبيع وجبة الرز مع (المرقة) بـ(750) ديناراً أما اليوم فنبيع الوجبة نفسها بـ(2000) ألفي دينار وقس على ذلك أسعار بقية الوجبات!!
ضرر مباشر
وعن آثار الأزمة على الاقتصاد الوطني أكد لنا خبير اقتصادي بالقول:
تتميز المشتقات النفطية بأنها ليست سلعة مجردة، بل هي بضاعة محورية تنعكس حركتها على غالبية بضائع وخدمات وحركة الاقتصاد الوطني بشكل مباشر، فلم يعد البنزين، مثلاً، في حياتنا اليومية مجرد سلعة لإدارة محرك السيارة، وإنما، لابد أن نتابع انعكاسات أي تغير في سعره على حركة النقل بكل تفاصيلها، ما يتعلق منها، مثلاً، بنقل المواطن من داره إلى محل عمله، كذلك نقل المنتجات أو محاصيل الفلاح من أرضه إلى "العلوة" ومن ثم نقل البقال المحاصيل نفسها من العلوة إلى سوق المفرد، يضاف إليها نقل البضاعة نفسها بالمفرد وعلى أيدي المستهلكين من السوق إلى الدار، وهذا ما ينسحب على كل المنتجات والبضائع والخدمات في كل مرافق الحياة، إذن لا ينبغي أن ننتظر من ارتفاع سعر لتر البنزين تأثيره على النقل فقط، بل ينسحب على سعر كيلو الطماطم ومعاينة الطبيب، وكل الفعاليات الاقتصادية للسوق. إذن هناك ضرر مباشر ومؤذ للاقتصاد الوطني جراء ارتفاع أسعار المشتقات النفطية - فضلاً عن شحتها وبيعها في السوق السوداء، كما يحصل في الشارع العراقي حالياً.


عتاب مرير على الصحافة
 

د/ محمود أحمد
قبل فترة وعلى صفحات (المدى) طالبت الصحافة العراقية بالصراحة التامة بكشف الحقائق أمام المواطنين لمد جسور الثقة معهم في ظل الديمقراطية القائمة. كلنا يسمع ما يدور على ألسنة المواطنين في اللقاءات والجلسات الخاصة وحتى في الشارع عن فساد إداري يصعب تصديقه. فأين الصحافة الطليعية من ذلك؟ وأسأل نفسي أيضاً عن الأسباب التي تجعل صحافتنا بعضها مكمم الأفواه والبعض الآخر يهمس بعموميات على استحياء والثالث يتناول على الخفيف حقائق صغيرة ثانوية.
البعض يرجح ذلك إلى الخوف من المافيات القادرة على تدمير أية صحيفة في بورصة توزيع الصحف وعند التمادي يستخدم أسلوب التهديد بالقتل. بعض الصحف تبتعد عن كشف الحقائق بذريعة أنها معتدلة ونهجها هو جمع الشمل - الجمع بين الحق والباطل!! البعض الآخر - كما يقال - يقبض مقابل الصمت عن الحقيقة وتحويل الأنظار ناحية أخرى.
هل من المعقول أن تنزلق بعض الصحف العراقية، هذا المنزلق المؤسف؟ يبدو أنها قد سقطت في وهدة السلبية القاتلة واللا ابالية المدمرة. ولن ينتشلها مأزقها هذا غير هزة عنيفة يكون الشعب فاعلها. حينذاك فقط ستنهض من كبوتها لتمارس حقها الطبيعي مؤدية واجبها الفعلي تجاه المواطن العراقي المظلوم. من أول واهم واجبات الصحافة العراقية هو عدم السكوت عن قول كلمة الحق وكشف الحقائق بلا مواربة وفضح الانحرافات - كبيرة وصغيرة.
يتساءل الشعب بحرارة عن غياب الصحافة ودورها في كشف المرعبات التي تفوق بوطأتها المفخخات. جاء في ندوة على فضائية رصينة وموثوقة أن مسؤولاً كبيراً من كتلة معينة وهو عضو في البرلمان قد ثبتت عليه وبالأدلة الدامغة سرقة مئات الملايين من الدولارات. وعند محاولة أجهزة النزاهة ووزارة العدل رفع الحصانة الدبلوماسية عنه لإلقاء القبض عليه، تغيب نواب تلك الكتلة عن الجلسة ولم يكتمل النصاب وخاب فأل النزاهة والعدالة. ألم يكن من واجب الصحافة الكتابة عن هذا الموضوع والكشف عن اسم ذلك النائب والكتلة الداعمة له؟ علماً بأن الناس البسطاء في الشارع يعرفون الاسم والكتلة، وبقي السارق طليقاً. أليس من المعيب على الصحافة غض الطرف عن فضائح تزكم الأنوف وممارسات لا وطنية ولا أخلاقية ولا إنسانية! الواجب يتطلب من الصحافة فرز الغث من السمين داخل المعترك السياسي والمالي والإداري. وإن كانت الصحافة على علم بالفضائح وتلزم الصمت عنها فتلك خيانة للأمانة وخرق لمبادئ مهنة الصحافة وتخلٍ عن المواطن وهو في محنته. وإن كانت لا تعرف ولا تعي ولا تسمع فهذا دليل قاطع على تخلفها وعجزها!
في صحف العالم المتقدم تبادر الصحيفة إلى إرسال مخبريها ومعتمديها ومحرريها للبحث عن صحة همس وصل إلى سمعها عن حدث معين أو شخصية معنوية ليكون لها قصب السبق في كشف الحقيقة إن كان الهمس صادقاً. ولا دخان عندنا بدون نار، حيث يدور على افواه بعض الناس أن مسؤولاً مالياً اعترض على صرف نثرية شخصية وزارية، في المنتهية ولايتها، بسبب لا معقوليتها. فالسيد الوزير يطالب بصرف قيمة خمسمائة كارتونة عصير راني وخمسة كيلوغرامات من الهيل!
أنا لا أدري هل لذلك الوزير "مضيف ابن هذال؟" ليستهلك هذه الكمية الكبيرة في قهوة ضيوفه؟ وهل يعجز من كان راتبه عدة آلاف من الدولارات شهرياً عن تسديد ثمن ملائح كرمه الطائي؟
الصحافة هنا مسؤولة عن كشف مثل هذه الحقائق وعدم السكوت عنها. وعليها المبادرة إلى أن تكون العين الساهرة على مصالح البلد والمواطن، وأن لا تأخذها في الكشف عن المخبوء لومة لائم أو تهديد مافيات اللصوص!


هل تختفي موديلات الملابس الحديثة من الأسواق ؟
 

بغداد /صافي الياسري

الموضة هي اختراع عتيق يتجدد بتجدد الإنتاج الصناعي للملابس ومواد التجميل والعطور فالمصانع ودور الأزياء بحاجة إلى تسويق بضائعها وهي لابد لها من تغيير هذه البضائع بين حين وآخر لتضمن رواجها، وهناك دور أزياء عالمية تستخدم خبراء متخصصين لتصميم نماذج تتجدد دائماً وقد تعود إلى حقب سالفة، كما تستخدم وسائل إعلام متطورة للترويج لبضائعها وتوظف حسناوات ونجوم سينما وتكلف مؤسسات دعاية وفضائيات وصحف ومجلات بنشر إعلانات عن بضائعها، والمرأة هي الزبون الأول المقصود بهذه الإعلانات ثم المراهقون، وهؤلاء يجدون أنفسهم متخلفين إذا لم يسايروا الموضة، لذا ترى ملابسهم وأزياءهم تتغير كل حين بحسب الإعلانات التي تنشرها دور الأزياء ومصانع الملابس الجاهزة.
السيدة نوال عبد الكريم مدرسة في إحدى إعداديات بغداد تقول إن متابعة الموضة جزء من حياتها وإنها تشعر إذا ما تخلفت عن هذه المتابعة بقصور يجعل الآخرين ينظرون إليها نظرة قاصرة وبخاصة تلميذاتها وهذه المتابعة تكلفها أكثر من نصف راتبها شهرياً.
الطالب الجامعي زهير عبد الرحمن يقول إنه يجد نفسه في متابعة الموضة وتغيير أزيائه وطريقة حلاقة شعره.
أصحاب المحال لهم وجهات نظرهم، فهم يرون أنهم يتعرضون إلى خسائر جسيمة عندما تتغير الموضة وتبقى بضائعهم السابقة كاسدة.
السيد نبيل محسن صاحب محل في شارع النهر قال: تعرضت إلى خسارة كبيرة حين تغيرت الأزياء وزاد الطلب على البنطلون النسائي بدل التنورة، كذلك زاد الطلب على الشال وقل الطلب على مواد التجميل.
السيدة جواهر كرم علي موظفة في وزارة العدل ترى أن متابعة الموضة بذخ وطيش وأن بالإمكان الاكتفاء بزي محتشم في هذه الظروف لتجاوز الإشكالات المتعلقة بهذا الموضوع.
الطالبة الجامعية شيماء هاشم ترى أن متابعة (الموضة) حق شخصي لا يملك أحد منعه وأنه يضيف للمرأة جمالاً وأناقة تسعى إليها غريزياً.
هكذا تفقد (الموضة) قدرتها على تسويق الأزياء الجديدة، وتتجه إلى تسويق الأزياء المحتشمة تماماً نسائياً ورجالياً، وهذا يكبد محال الأزياء خسائر لم تكن بالحسبان.
أزياء الأطفال هي الأخرى وضعت في ميزان خاص يستجيب لشروط الاحتشام، وقد اضطرت العوائل العراقية إلى مراعاة هذه الشروط، كذلك اضطرت المحال التجارية إلى الالتزام بنوعية البضائع المقبول.
هكذا لم يعد للموضة وجود في المدن العراقية ولم تعد الناس تفكر في مسايرتها، كما لم تعد المحال التجارية والأسواق تعرض أزياءً مبتكرة معرضة نفسها للمخاطر والخسائر.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة