مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

أزمات قادرة على تقويض أهداف بوش بعيدة المدى
 

بقلم :بيتر بيكر
ترجمة فاروق السعد

عن الواشنطن بوست

كان للقنابل الاسرائيلية التي ضربت القرية اللبنانية (قانا) أثر يفوق ما قتلته من العشرات من الاطفال و بعض البالغين. فقد ضربت في قلب السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة و اظهرت في صور تدمي القلب فظاعة المخاطر التي تجابهها واشنطن في ازمات الشرق الاوسط الراهنة.

فمع كل مشهد جديد للمجزرة في جنوب لبنان، يتصاعد الغضب في العالم العربي و اوربا ضد اسرائيل و عرابها الاكبر، منذرة باحتمال ظهور رد فعل سلبي على شكل مستنقع جديد شرق أوسطي للولايات المتحدة ، طبقا للخبراء الاقليميين، الدبلوماسيين و مسؤولين امريكان سابقين. فبالرغم من ان الولايات المتحدة حثت اسرائيل على ضبط النفس، الا انها دافعت بشدة عن الهجمات العسكرية الإسرائيلية باعتبارها فعلاً معقولاً على الهجمات الصاروخية لحزب الله، وهو الموقف الذي يصبح بشكل متزايد في تناقض مع الحلفاء الذين يرون فيها ردود افعال مميتة مبالغاً فيها. يعتقد المحللون بأنه في حالة استمرار الحرب، كما تبدو، فانها قد تترك الولايات المتحدة بحالة من العزلة اكثر من اي وقت مضى منذ غزو العراق قبل ثلاثة اعوام وستتعرقل اهداف سياستها الخارجية مثل اغلاق برنامج ايران النووي ونشر الديمقراطية في العالم. " ان جميع الاسهم مصوبة في الاتجاه الخاطيء" كما قال ريتشارد هاس، الذي كان يشغل مدير قسم التخطيط السياسي في الفترة الاولى للرئيس بوش. "ان الخطر الاكبر في المدى القريب هو مجرد زيادة في الاحباط و النفور من الولايات المتحدة في العالم العربي. و ليس في العالم العربي فحسب، بل في اوربا و كافة انحاء العالم. سيتلقى الناس قرع الطبول اليومية عن المعاناة في لبنان ولن يؤدي ذلك الا الى صعود معاداة امريكا الى الذروة." ان البيت الابيض يقر بالخطر و لكنه يعتقد بان الصواريخ التي تطير من كلا الاتجاهين عبر الحدود الاسرائيلية - اللبنانية تحمل معها في النهاية فرصة لكسر حالة الجمود في الجيوبولتيكية للشرق الاوسط. يامل بوش و مستشاروه بان المعركة يمكن ان تدمر او في الاقل تعيق حزب الله و في اثناء العملية توجه ضربة الى راعي المليشيا، ايران، في الوقت الذي تجبر فيه المنطقة على التحرك باتجاه ايجاد تسوية نهائية للنزاع القديم الذي مضت عليه عقود مع اسرائيل. " انه يريد قرارا يحل المشكلة" كما قال الناطق الرسمي باسم البيت الابيض توني سنو الى الصحفيين يوم امس." نحن لا نشعر بالاسى لما حدث في (قانا) فحسب، بل ايضا بالتصميم على انه من المهم ازالة الظروف التي قادت الى ذلك." " ان هذه اللحظة من النزاع في الشرق الاوسط مؤلمة و ماساوية" كما قال بوش في خطابه الاذاعي يوم السبت." ومع ذلك فانها تمثل ايضا فرصة لاحداث تغييرات اوسع في المنطقة. ان تحويل البلدان التي كانت تعاني منذ عقود من الطغيان و العنف هو امر صعب، ويتطلب وقتا كي يتحقق. و لكن التبعات ستكون عميقة بالنسبة لبلدنا و للعالم." في قلب الازمة بالنسبة الى الولايات المتحدة هنالك معركة اشمل مع ايران على النفوذ في الشرق الاوسط، وهي المعركة التي كانت تدور منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979 والتي تصاعدت في عهد بوش. ان الولايات المتحدة لا تدعم اسرائيل في الحرب الدائرة فحسب ولكنها قامت ايضا بتعجيل عملية تسليم الاسلحة لاسرائيل.
فهجمات حزب الله على اسرائيل التي اثارت النزاع الاخير قد جاءت بالضبط في الوقت الذي وصلت فيه الضغوط على ايران للتخلي عن تخصيب اليورانيوم مرحلة الذروة. يشك مساعدو بوش بان ايران هي التي رتبت الهجمات لصرف الانتباه عن برنامجها النووي او لإظهار تبعات زيادة الضغوط. " من المغري ان نعتقد بذلك" كما قال مسؤول رفيع ذو علاقة بالازمة ولكنه لم يكن مخولا للتحدث حول المسالة." ." يامل الرئيس بان الازمة في النهاية ستساعده في حشد قادة العالم ضد برنامج ايران النووي. بالرغم من ان مجلس الامن الدولي يدرس هذا اليوم مسالة ارسال قوة حفظ السلام الى لبنان، فانه قد يصوت على قرار مدعوم من الولايات المتحدة يهدد ايران بالعقوبات ما لم تعلق انشطتها المتعلقة بتخصيب اليورانيم في آب. " ليس هنالك من شك بان ذلك سيصبح اكثر صعوبة في المدى البعيد مع تصميم الأوربيين في التعامل مع إيران" كما قال هنري باركي، مسؤول سابق في وزارة الخارجية و الاستاذ في جامعة لي." حتى ان لم يحبوا ما تقوم به إسرائيل" كما قال، فانهم سيفهمون بان ايران تشكل تهديدا". اما الآخرون فليسوا مفعمين بالامل. فخارج البيت الأبيض، يسود مزاج متشائم بين العديد من رواد السياسة الخارجية بواشنطن وبشكل لافت للنظر، . يتوقع المحللون لخبطة في النتائج بأحسن الأحوال، حيث ينجو حزب الله من الهجمات الإسرائيلية الجوية، وتقع قوة حفظ السلام الأجنبية في مستنقع، و تصبح علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء متوترة جدا. وفي أسوأ الاحتمالات، كما يقولون، و ستقوم المنطقة بتهريب المقاتلين والأسلحة الى العراق المنقسم على امتداد الخطوط الطائفية. "ان ما كشف عنه النزاع بطريقة واضحة حقيقية هو الكيفية التي ترتبط بها كل تلك المسائل في المنطقة بعضها ببعض. " كما قال مارا رودمان، وكيل مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض في عهد كلنتون والذي يعمل الآن في المركز الليبرالي للتقدم الأمريكي." ان السيناريو الأكثر سوءاً.... هو المزيد من التطرف الراديكالي الاسلامي في الشرق الاوسط و المزيد من العزلة لاسرائيل و المزيد من العزلة للولايات المتحدة و القلة من الناس للتحدث معهم". ان هاس، المساعد السابق لبوش و الذي يقود مجلس العلاقات الخارجية، قد ضحك على تفاؤل الرئيس المعلن." فرصة؟ كما قال هاس بنغمة غير مصدقة" يا إلهي، احفظنا. اني لا اضحك كثيرا. فهذا اكثر الامور المضحكة التي سمعتها منذ امد بعيد. ان كان ذلك يشكل فرصة، فماذا يكون العراق؟ فرصة العمر؟". على المدى البعيد، كما يحذر هو و اخرون، قد يثبت الوضع مفهوم كون الولايات المتحدة داعمة لاسرائيل الى درجة بان الجيل العربي الشاب سينمو مدركا بان الأمريكان هم أعداء. وان الضغوط الداخلية على الحكومات الصديقة في مصر، العربية السعودية و اماكن اخرى قد تجبرهم على ان ينأوا بأنفسهم عن واشنطن او قمع المعارضة الإسلامية الداخلية للاحتفاظ بالسلطة. وفي كلا الحالتين، قد يكون لدى بوش القليل من الوسائل للضغط من اجل أجراء الإصلاحات الداخلية. و أوضح جون الترمان، مختص في الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية و الدولية"ليس حالة السيناريو الأسوأ فحسب، بل السيناريو السيئ أيضا: جنوب لبنان يتحول الى خرائب، حزب الله يصبح اكثر قوة في لبنان و لن يجبر على الركوع. وان رد فعل الدول المحيطة يؤدي الى إضعافها، ويذهب التطرف بعيدا. و بكل هذا، ينظر الى الولايات المتحدة على انها طرف معاد جدا". كل ذلك يمثل حالة مظلمة بالنسبة الى مسؤولي الإدارة، الذين يرون تلك التوقعات على انها ردود افعال متوقعة من مؤسسة السياسة الخارجية التي أخرجت عقودا من المباحثات التي لا معنى لها ، اتفاقيات سلام على الورق وقرارات امم متحدة غير مطبقة لم تحل المسائل المهمة في الشرق الأوسط. " وان بعضا من الخطابات الساخنة حول الولايات المتحدة يمكن ان تمر على اي انسان، لقد فقدنا قيادتنا في العالم، انها مسخرة تامة، وهذه الازمة تثبت ذلك" كما قال مسؤول رفيع في الادارة مرتبط بهذه الازمة. " نحن حقا لا يمكن الاستغناء عنا لحل هذه الأزمة، و انكم لن تحلوا هذه المشكلة بمجرد اصدار قرار اخر". وفي الوقت الذي يعمل فيه الدبلوماسيون، يقوم البنتاغون بدراسة التاثير المحتمل على الجيش الأمريكي المتعب أصلا. فقد قام القادة بتغيير مسار وحدة الاستطلاع 24 البحرية والمجموعة الضاربة "ايوا جيما" الاستطلاعية من المهمة التدريبية في الأردن حيث كانوا يشكلون احتياطا للعراق. وهم الان على السفن في البحر المتوسط للمساعدة في الجهود الإنسانية، كما ان وحدة اخرى قد وضعت بالإنذار كظهير للعراق. ان البنتاغون وضع مخطط طوارئ لمشاركة القوات الأمريكية في مهمة قوة حفظ السلام متعددة الجنسية، و لكن مساعدو بوش استبعدوا مثل هذا السيناريو. والخيار المفرح الاكثر، كما يقول المسؤولون، هو قيام الولايات المتحدة بتقديم المساعدة في مجالي القيادة والسيطرة و المسائل اللوجستية. وقال بيتر رودمان، مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي بان المسؤولين يقومون الان بدراسة احتمال سحب قوات الى لبنان و لكن من المبكر جدا التحدث عن طبيعة تلك القوة. " فالفكرة ما زالت بطور التكوين، وان مناقشة احتمال اي مشاركة امريكية ستكون سابقة لاوانها. " و يقر بعض المحللين بمختلف التحديات التي تواجه الولايات المتحدة ولكنهم يعتبرون الكسب المحتمل يستحق المخاطرة." ان المسالة عبارة عن مكعب روبيك. فهي عصية جدا، جدا على الحل" كما قال بيتر بروكس، نائب وزير الدفاع في عهد بوش الذي يعمل الان في مؤسسة التراث المحافظة." و لكن ان كنا قادرين على نزع سلاح حزب الله، فسيكون ذلك امرا إيجابيا في الحرب على الإرهاب." ان البيت الأبيض في الحقيقة على بينة من اثارة العواطف المعادية للامريكان في المنطقة." قد تأتى أوقات يقول فيها الناس بأنهم غير مسرورين حول اية طرق نسلكها" كما قال الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض سنو الأسبوع الماضي." نحن على ثقة بانه على المدى البعيد، سيكون الناس سعداء و يعيشون بحرية و ديمقراطية بشكل افضل، على سبيل المثال، بلدان محتلة من قبل منظمات إرهابية تحاول اختطاف الديمقراطية في مراحلها الأولى."


مواجهة الحقيقة في لبنان
 

بقلم :توني كارون
ترجمة :المدى

عن / التايم
إن إسرائيل بحاجة الآن إلى قوة دولية كي تتجنب الوقوع في مستنقع لبنان مرة أخرى. و هذا قد يعني هدنة تختلف تماما عن تلك التي تبحث عنها واشنطن. فعاجلا أم آجلا، عندما تقوم برمي أطنان من القنابل كل يوم ، ينتهي بك الحال إلى إصابة شيء ما لم تكن تنوي ضربه. ففي عام 1996، خلال حملتها المسماة " عناقيد الغضب" ضد حزب الله في جنوب لبنان، قصفت إسرائيل بشكل غير متعمد مخيم الأمم المتحدة للاجئين في قنا، مودية بحياة 106 أشخاص، و هو حدث مأساوي احدث ضغطا غامرا من اجل إنهاء الحملة. وان قيام إسرائيل بضرب موقع للأمم المتحدة في جنوب لبنان يوم الثلاثاء الماضي وقتل أربعة من قوات حفظ السلام قد لا يجلب نهاية سريعة لهجومها على حزب الله، ولكنه يبين التدهور الذي تعاني منه مطامع إسرائيل و الولايات المتحدة في تحقيق افضل النتائج في هذا النزاع. ففي روما، التقت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس مع المبعوثين العرب و الأوربيين، وهنالك دليل إضافي على ان الجبهة الدبلوماسية الموحدة ضد حزب الله كما كانت الولايات المتحدة تأمل في تحقيقها لم تجد النور. وان الدعوات الدولية المتنامية لوقف إطلاق النار الفوري- ومقاومة أمريكا لتلك النداءات، على أساس ان ذلك قد يعيد وببساطة الوضع السابق- يترك واشنطن معزولة بشكل اكثر مما تتمنى ان تكون. حاول البيان الختامي لاجتماع روما تغطية الخلافات بدعوته إلى" العمل بشكل فوري للتوصل إلى وقف إطلاق النار بأسرع ما يمكن." و لكنه تضمن أيضا صياغة كانت بدفع من أمريكا تشير الى ان وقف اطلاق النار هذا "يجب ان يكون مستمرا، دائما و مستديما." ومن الواضح، على اية حال كان هنالك القليل من الدعم لما تفضله أمريكا في السماح لإسرائيل بمتابعة هدفها في قهر حزب الله. كان هنالك اتفاق كبير في روما، وهو ليس بالأمر المستغرب، حول الحاجة إلى إرسال قوة دولية للسيطرة على جنوب لبنان للسماح للجيش اللبناني يتبني مسألة السيطرة على الحدود و لنزع سلاح حزب الله. و لكن كيفية تنفيذ ذلك ما زالت مثار جدل كبير. فحتى لو أراد القسم الأكبر من المجتمع الدولي وقفا فوريا لاطلاق النار، فان ذلك لن ينفع من دون الدعم الأمريكي- وهي اللاعب الأوحد القادر على إقناع إسرائيل كي توقف هجومها, و مع ذلك، فان الطريقة التي يتطور فيها الوضع العسكري قد تعطي في الحقيقة العرب و الأوربيين قوة اكبر من المعتاد لتشكيل نتيجة الأزمة. لقد ابدى حزب الله صمودا اكبر مما توقع القادة العسكريون الإسرائيليون: فقد فشل القصف الجوي المتواصل في اخراج مقاتلي حزب الله، او في منعهم من الاستمرار في إمطار المراكز المدنية الإسرائيلية بالصواريخ. لذلك فقد زجت إسرائيل بقواتها الأرضية التي اشتبكت بمعارك حامية (وبوقوع خسائر إسرائيلية كبيرة) للسيطرة على مواقع حزب الله في مارون الرأس، بنت جبيل و مجموعة من القرى الصغيرة. و لكن مسؤولو القوة الجوية الإسرائيلية يقولون بان هنالك ما لا يقل عن 170 من معاقل حزب الله الأخرى في جنوب لبنان، وهم يعترفون بأنه سيتوجب على إسرائيل أن تقوم باحتلال الإقليم الى نهر الليطاني لغرض الحصول على اية فرصة لتصفية المليشيات كقوة قتالية. و منذ بداية النزاع الراهن، على اية حال، فان إعادة احتلال جنوب لبنان هو بالضبط ما كان الجيش الإسرائيلي و القادة السياسيون يحاولون تجنبه. فهم يعلمون افضل من الغير بان المجتمع الإسرائيلي ليس مستعدا لتحمل التكاليف في ضوء الخسائر البشرية الحالية و تدهور المستوى المعيشي على المدى البعيد في البلاد كما عبرت عنه الدعوات المتكررة للمحافظين العسكريين من ان إعادة احتلال لبنان قد يكون مطلوبا. و بدلا من ذلك، فان العسكريين الإسرائيليين يقومون الان بالبحث عن إعادة تعريف النصر على اعتبار انه عبارة عن تسليم السيطرة على جنوب لبنان الى قوة دولية. و لكن دول الناتو التي ترغب إسرائيل في رؤيتها تقوم بتجهيز هذه القوة ليس لديها رغبة اكبر من رغبة اسرائيل لنشر قوات أرضية في لبنان. فالأوربيون ملتزمون أصلا في حملة لمجابهة التمرد في أفغانستان تتصاعد شدتها باستمرار، و من الواضح بانها مترددة في إرسال قواتها في مواجهة نيابة عن إسرائيل مع واحدة من أقوى المليشيات في العالم- و التي صادف أنها تمتلك قدرات مرتبة ترتيبا عاليا على القيام بالعمليات الإرهابية الدولية. وقلما كان الأمر مفاجئا، ان لم يكن هنالك من متطوعين عجولين. والأكثر أهمية، يصر المسؤولون الأوربيون على ان القطعات ينبغي ان ترسل بعد إعلان موافقة حزب الله على وقف إطلاق النار- و بالطبع، فان وقف إطلاق النار، سيكون مختلفا كثيرا عن ذلك الذي تتصوره ادارة بوش، التي تبحث عن استسلام حزب الله عسكريا. وان كانت القوة الدولية مطلوبة لابعاد الجيش الإسرائيلي عن النار، عندها فان من يقوم بتشكليها- بضمنهم حزب الله و من يدعمه- من المرجح ان يكون لهم دور كبير في تحديد طبيعة الهدنة التي ستفرضها. و في الحقيقة، حث الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، وهو يتحدث في روما، على إشراك كل من إيران و سوريا في البحث عن اتفاق لإنهاء حالة العداء عبر الحدود الإسرائيلية-اللبنانية و بشكل دائم. لم تسفر مباحثات روما عن رد فعل حاسم تجاه الازمة، وان المعركة في لبنان ستستمر لبعض الوقت. و لكن اصبح من الواضح في كل من ميدان المعركة و المحافل الدولية بان الولايات المتحدة و إسرائيل من غير المرجح ان يسددا الضربة القاضية التي كانتا تأملان بها ضد حزب الله. ان المسالة التي ستحسم، على المستويين ، ميدان المعركة و غرف الدبلوماسيين، هي أي من الطرفين سيتوجب عليه أن يقدم تنازلات في وقف إطلاق النار الذي سيرى النور في النهاية؟.


القيم الديمقراطية وسياسات الشرق الأوسط

بقلم: ستيفن أي . كوك*
ترجمة: مروة وضاء

عن نيوز ويك

*ستيفن أي . كوك : زميل دوغلاس ديلون في مجلسِ العلاقات الخارجيةِ.

لقد اصبحت الديمقراطية والترويج للديمقراطية كلمات قلقة عندما يتعلق الامر بالشرق الاوسط. حيث يتزايد عدد المحللين والمراقبين الذين يضعون اللوم مباشرة على جهود واشنطن لصياغة عالم عربي اكثر ديمقراطية وانفتاحا. ان من الملائم ان نجادل في حكمة ادارة بوش بالتعامل مع الترويج للتغير السياسي في الشرق الاوسط لكن القتال الحالي خاصة بين العرب وإسرائيل ليس له اي علاقة بالديمقراطية في العالم العربي. ان الانجذاب نحو الادعاء في ان ترويج الديمقراطية يعتبر قلب الاضطراب الحالي في الشرق الاوسط امر واضح. فحماس التي تقاتلها اسرائيل في قطاع غزة أتت الى السلطة من خلال ما يدعوه المراقبون الدوليون الانتخابات الاكثر عدلا وحرية في العالم العربي. كما ان حزب الله هو جزء من التحالف الحكومي في لبنان ويمثل 14 مقعداً في الانتخابات البرلمانية . فلقد كانت نتيجة الديمقراطية بحسب منتقدي ادارة بوش هي تقوية وتشريع المتطرفين وبالتالي العنف الحالي.
وبالتدقيق اكثر نرى ان تلك المزاعم لا تستند إلى اساس قوي. اولا ان المشاركة في انتخابات نزيهة لا تعني بالضرورة ان التنظيمات ديمقراطية فحيث اعتنقت حماس وحزب الله اجراءات الديمقراطية ليس هناك دليل على انهم اعتنقوا حكم القانون وحقوق النساء والاقليات والتسامح السياسي والديني وتناوب السلطة . وثانيا نحن بحاجة شديدة للتوجة الى المنظور التاريخي حيث ان حزب الله عضو منتخب في البرلمان منذ 1992 اي اكثر من عقد قبل ان تطلق ادارة بوش "استراتيجية التقدم بالديمقراطية" في الشرق الاوسط.
علاوة على ذلك فان حماس وحزب الله وخاصة الاخير يمارس منذ وقت طويل اختطاف الاسرائيلين لدفعها نحو التفاوض لمبادلة المخطوفين. وهكذا يصير من الواضح انه اذا كانت الولايات المتحدة تابعت سياسة الترويج للديمقراطية في الشرق الاوسط ام لا كانت حماس وحزب الله سيستمران باختطاف الجنود الاسرائيليين وخلق رد عنيف من قوات الدفاع الاسرائيلية. واخيرا فالانتخابات الاخيرة في فلسطين ولبنان تقترح ان لا حماس ولا حزب اللة يتمتعون بتأييد الأغلبية من الشعب الفلسطيني واللبناني. ففي لبنان تمثل القاعدة الشيعية حوالي 35 الى 40% من السكان وفي فلسطين سمح القانون الانتخابي لحماس بالحصول على 44% من الاصوات في انتخابات كانون الثاني الماضي لتضمن بذلك معظم المقاعد التشريعية في البرلمان. ان المشكلة الحقيقية في لبنان هي ليست زيادة الديمقراطية لكن قلتها. لقد نشأت لبنان كديمقراطية في 2005 "انتفاضة الاستقلال" فلم يكن لحزب الله ان يستمر بالعمل كفئة مسلحة مستقلة ذاتيا.
. وهكذا فان افضل طريقة للتعامل مع مشكلة حزب اللة هي ليست بالاسلحة الاسرائيلية لكن عن طريق الراي العام اللبناني. هنا يمكننا ان نلوم ادارة بوش. حيث ادارت واشنطن اهتمامها بعيدا عن لبنان بعد الاحداث المثيرة هناك قبل اكثر من سنة تقريبا سامحة لحزب اللة وراعيته سوريا بتقويض الديمقراطية في لبنان والمؤيدة للغرب لرئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة في حين كان يمكنها ان تؤجج الرأي العام لاخضاع حزب الله.
فاذا قامت الولايات المتحدة بالعودة الى سياسة دعم الاستقرار الاستبدادي في الشرق الاوسط كما يفضل منتقدوها كانت لتستمر النزاعات التي نشهدها في لبنان وغزة. فبعد كل شئ فان القادة الاستبداديين يمكن ان يتسببوا بالاذى لمجتمعاتهم مستغلين ثقتهم بانهم لن يتعرضوا للمحاسبة.
فلو كانت سوريا ولبنان وفلسطين ديمقراطيات واضحة فمن غير الممكن لحزب الله وحماس الانخراط في سياسات غير مسؤولة تجلب الاسى لشعوبهم. تحتاج واشنطن للتعامل مع مشكلة انتخاب جماعات ان لاتشاركها في مصالحها في الشرق الاوسط. وجولة العنف الحالية بين اسرائيل وحزب الله لا تقدم املا كبيرا لان هذا العنف لم يأتِ نتيجة دفع ادارة بوش العالم العربي ليكون ديمقراطياً ومنفتحاً لكن نتيجة عدم دفعها لذلك بما فيه الكفاية.

 
 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة