القطاع
الزراعي.. الواقع والآفاق
ا.د
حاكم محسن محمد*
*
عميد كلية الادارة والاقتصاد بجامعة كربلاء
التكاليف الزراعية
تشكل التكاليف الزراعية التي يتحملها المزارع والفلاح
مشكلة اضافيه من مشكلات الارواء والتصريف ,أذ تحتاج الارض
لتهيئتها للزراعة الى الحراثة التي ارتفعت اجورها حيث وصلت
اجرة حراثة الدونم الواحد الى (10) عشرة الاف دينار وهذا
باختلاف نوع المحصول المطلوب زراعته , اما اذا كان المحصول
مثلا هو القمح , فان الدونم الواحد يحتاج الى بذور بمقدار
(50) كغم تصل اسعارها الى (50) الف دينار مع بداية الموسم
, وبذلك فان المزارع او الفلاح الذي بحوزته عشرة دونمات
يحتاج الى (500000) دينار كبذور فقط مضافا اليها (100000)
دينار اجور حراثة ولايقتصر الامر على الحراثة بل هناك
مايسمى بالتعديل او تسوية الارض المحروثة والمروز حيث تبلغ
اجرة التعديل للساعة الواحدة (25) الف دينار , ولايقتصر
الامر على الحراثة والتعديل والبذار , بل اصبح موضوع
استخدام الاسمدة الكيماوية شائعا ليغدو عرفا لدى المزارعين
والفلاحين فكلما اضيفت كميات اسمدة ادت الى زيادة الانتاج
وان افضل كمية اسمدة هي (100) كغم او(120) كغم يتم الحصول
عليها من الدولة بسعر (20) الف دينار للكيس الواحد اما اذا
كانت تشترى من القطاع الخاص فان اسعارها تزيد على ذلك يضاف
الى هذه التكاليف , تكاليف الكاز الذي وصلت اسعاره للبرميل
الواحد الى (100) الف دينار وان ابسط مزارع يحتاج الى
ثلاثة براميل , وبالتالي يعني تحمل المزارع او الفلاح
(300) الف دينار اجور الكاز اضافة الى الصيانة المستمرة
التي تحتاج اليها مضخات المياه سواء كانت كهربائية او تعمل
بالوقود , فالعطلات مستمرة , اما اجور الحصاد , فهي الاخرى
مرتفعة بحيث ان ماكنة حصاد 2001 يتم الحصول عليها بسعر
(120) مليون دينار ولذلك يطلب صاحب هذه الماكنة اجوراً
عالية ايضا وكثير من هذه التكاليف تسري على محاصيل الرز او
أي محصول آخر ولكل محصول خصائصه بالخدمة الزراعية , فالبعض
من المحاصيل يحتاج الى خدمات غير الخدمات التي يحتاج اليها
محصول الرز او الحنطة , وبالتالي تحمل المزارعين والفلاحين
تكاليف عالية علما ان اسعار بيع المحاصيل في اسواق العلاوي
التي يسوق اليها الفلاح قد تكون احيانا غير مشجعة في حين
يجد المستهلك ان الاسعار مرتفعة عند شرائه هذه المنتجات من
البقالين مما يعني ان هناك وسطاء بين المستهلك والمزارع
بدءاً من اصحاب وسائط النقل فضلاً عن اجور النقل، المرتفعة
الى اصحاب المكاتب في العلاوي باعتبارهم وسطاء بين الفلاح
والبقال الذي يسوق الى المستهلك وهذا ينطبق على الفواكه
والخضر اما الحبوب فتسوق الى السايلوات كما هو معروف وان
هذه الاسعار قد تكون غير مكافئة او غير مجدية في بعض
السنوات وهو موضوع بحاجة الى حل .
الاستيراد
والانتاج الزراعي المحلي
في كثير من دول العالم ومنها الدول المتقدمة تتخذ سياسات
تجارية حمائية لمنتجاتها المحلية وما يمثله الصراع التجاري
بين الولايات المتحدة الامريكية واليابان والمانيا والصين
مبعثه غزو الاسواق الامريكية من قبل منتجات هذه الدول
ولذلك يجري عقد المؤتمرات والاتفاقات والندوات لدراسة
ومعالجة مثل هذه المشكلات , وهذه مشكلة يعاني منها القطاع
الزراعي العراقي لاسيما في الفترة التي اعقبت الاحتلال
الامريكي –
البريطاني للعراق واصبحت
التجارة بين العراق ودول الجوار تحديدا بلا ضوابط ولذلك
دخلت سلع مختلفة الانواع ومنها السلع الزراعية , فأمتلأت
الاسواق بمحاصيل زراعية من سوريا والاردن وايران وتركيا
ومن دول اخرى تصل عن طريق دول الجوار وان اغلب هذه
المحاصيل تزرع في العراق المنتوج الزراعي العراقي يعد افضل
منتوجات العالم على الاطلاق من حيث جميع الخصائص , التي
تجعل منه منتوجا مقبولا للاستهلاك وقسم من هذه المحاصيل
تنافس المحاصيل العراقية في الاسعار ولذلك يتوجه المستهلك
الذي يواجه حمى الاسعار والضغط ألمعيشي الى اقتناء المنتوج
الاقل سعرا مما يشكل واحدا من ابرز المخاطر التي تواجه
القطاع الزراعي وهي تدفع المزارع والفلاح الى زراعة هذه
المحاصيل لان اسعارها قياسا بكلفتها تصبح غير مجدية وهذا
الموضوع خطر هو الآخر ويحتاج الى حل , ويذكرنا ذلك بتقرير
اعدته منظمة الغذاء والزراعة الدولية (فاو) في اعقاب مذكرة
(النفط مقابل الغذاء والدواء) , اشارت هذه المنظمة في
تقريرها الى ان العراق كاد يصل في الانتاج الزراعي الى
الاكتفاء الذاتي لولا مذكرة التفاهم , مما جعل البعض
يصنفها ضمن المؤامرات المستمرة والمتعددة على العراق اذا"
لابد من سياسة حمائية للانتاج الزراعي, تنطلق من ان العراق
بلد زراعي وبالدعم الحكومي يمكن ان يكون هذا القطاع قطاعا
حيويا وفاعلا , ويقدم صورة مشرقة عن العراق البلد الزراعي
بخيراته المتعددة .
|