مواقف

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

أحزان بنت جبيل
 

بقلم: باباك ديغانبيشة
ترجمة: فاروق السعد

عن نيوزويك

بدت الأبنية وكأنها مقلوبة، داخلها الى خارجها. كان داود بازي يستند على قطعة كونكريتية ويقف على قضيب معدني تعرض الى اللوي وكانه اصابع مملحة ملتوية. في كلا الجانبين كان هنالك صفوف وصفوف من الابنية المحترقة،

بعضها ذات اسطح تميل الى الاسفل بزوايا غريبة. " تلك كانت عبارة عن حوانيت" كما يقول بازي،45 عاما، ماسحا ذراعه. كانت تلك هي زيارة بازي الاولى الى مركز بنت جبيل منذ الهجمات الاسرائيلية ضد لبنان. عندما قامت اسرائيل بشن هجماتها عبر الحدود، استكان بازي الى بيته في ضواحي مدينة صغيرة جنوب لبنان، مرسلا عائلته للبحث عن الامان في هنين الامنة نسبيا، و هي مدينة كبيرة تبعد 15 دقيقة سياقة على الطريق. واليوم، بينما اعلن بلده الحداد على اولئك الذين قضوا في قانا المجاورة، كان بازي يكتشف أن حتى بلدته ذاتها ربما قد تعرضت الى ضربة اشد. "هذا مؤلم"كما قال، محدقا بمتجر متفحم محاطا بحفر عميقة تركتها القنابل و اطلال بنايات. " كنت اظن بانها ستكون افضل من هذا." ومثل بازي، كان الالاف من الاشخاص في جنوب لبنان، يرتحلون هذا اليوم. فبعد ان اعلن الجيش الاسرائيلي عن وقف الغارات الجوية لوقت امده 48 ساعة، استغل العديد من المدنيين الفرصة للتوجه الى ارض اكثر امانا، البحث عن الطعام او محاولة العثور على اقارب واصدقاء. وكانت الطرق السريعة جنوب و شرق مدينة تير تعج بالسيارات الرافعة للاعلام. ونقلت عدة عائلات بواسطة التراكتورات، و حتى ان البعض كان ماشيا على امتداد الطرق المتعرجة المحاذية للبحر المحاطة باشجار الموز رافعين اعلاما بيضا. لم تكن الاعلام البيض ضمانا للنجاة: فبالقرب من بنت جبيل كانت هنالك بضع سيارات تعرضت للقصف وهي تحمل اعلاما بيضا، بعضها كانت تحمل وسادات، وفرش نوم و حقائب سفر ما زالت في صناديق السيارات. وفي بنت جبيل، كانت عائلة كثيرة العدد تتكون من العشرات من الاشخاص تزحف من السرداب بحذر في منتصف الظهيرة. كان يمكن سماع الاصوات الباهتة للقصف المدفعي او القنابل من على بعد. نظروا الى الجانب في ضوء الشمس البراقة و سحبوا حقائبهم الى اسفل منحدر عميق." يا الله، يا الله" هكذا صرخت امراة في منتصف العمر ضمن المجموعة. أسقطت حقيبتها واومأت بكلتا يديها الى الابنية المحيطة بها. " نحن لا نقاتلهم، بل هم يقاتلوننا." كانت ست لفافات نوم قد وضعت في السرداب الذي كانت تغمره رائحة العرق الكريهة. كانت أرضية البيت مغطاة بالزجاج المتكسر و كان البراد يحتوي على كيس مليء بالخيار، بضعة فصوص من الثوم و جرة توابل. ومن جانبه، البازي، و هو عامل بناء يرتدي قميص بيجي اللون و بنطال جينز، قال إنه غير قادر على مغادرة بنت جبيل. وبينما كان يسير في الحطام باتجاه مركز المدينة، حدق قليلا و وضع يده على فمه. " تلك هي رائحة أشخاص ميتين" كما قال. قال مدير مستشفى المدينة الرئيس إن ما بين 60 إلى 70 جثة قد سحبت من بين الأنقاض اليوم. لقد ماتوا خلال فترة أيام، لان الملاك الطبي لم يكن قادرا على إخلاء الجثث بسب القصف العنيف. وكان اكثر من عشرة من كبار السن يتجولون حول الأنقاض مبهوتين، وكان البعض محمولا على نقالات. وكان أحد الأشخاص، الذي قال بأنه يبلغ 79، يتوكأ من خلال الأطلال على عكازة خشبية بجانب سيارة إطفاء تعرضت للقصف. وقام شابان بحمله على ظهريهما ونقله إلى شاحنة مفتوحة تقع على مسافة قريبة من المكان. تعد بنت جبيل تقليديا معقل حزب الله و بالنسبة إلى العديد من السكان، رمزاً للمقاومة ضد اسرائيل. وكان علم حزب الله الأخضر و الأصفر يرفرف هذا اليوم فوق السوق وهنالك في الجوار نصب لدبابة و بطارية مقاومة الطائرات. لوحات لرجال دين يوقرهم سكان المدينة، مثل اية الله روح الله الخميني و راغب حرب، اول سكرتير عام لحزب الله، تقف في الساحات العامة، و العديد منها دمرت بسبب الشظايا. في خلال الأسبوعين الماضيين، كانت بنت جبيل و التلال المحيطة بها مشهدا لمعركة عنيفة بين الجيش الإسرائيلي و مقاتلي حزب الله. حيث اصدر كلا الطرفين تصريحات تزعم إحراز نصر و السيطرة على المدينة. وقال حفنة من سكان المدينة اليوم إنهم لم يروا مقاتلين في الشوارع او صواريخ تطلق من داخل المدينة خلال الأسابيع القليلة الماضية. يقول البازي إنه لم ير مقاتلين ابدا حول بيته في طرف المدينة، رغم انه قال انه كان جالسا في البيت معظم الوقت. وبعد النظر إلى الدمار الذي كان يحيط به في ذلك اليوم، كان البازي غاضبا." إنها حرب قذرة" كما قال. " لا أحد يريدها." تبعد بنت جبيل ما يقارب 10 أميال الى الجنوب الشرقي من قانا، حيث أوقعت الحرب أعلى الخسائر بين الأرواح في حادث منفرد من النزاع لغاية هذه اللحظة. فقد قتل ما يقارب 56 شخصاً، معظمهم من الامهات و الاطفال، هناك يوم امس عندما قصف بيت في المدينة من قبل الطائرات الاسرائيلية. قدمت اسرائيل اعتذارا و قالت بان مقتل المدنيين كان عرضيا في مدينة تم أستهدافها لانها كانت مركزا لاطلاق الصواريخ ضد إسرائيل، و لكن اللبنانيين الغاضبين ضاقوا ذرعا بهذه المزاعم. وبالنسبة الى العديد من الأشخاص، كان الحادث يمثل تذكيرا لمقتل ما يزيد على 100 مدني في هجوم إسرائيلي على مجمع للأمم المتحدة قبل عشرة اعوام. نزل حشد غاضب يضم الآلاف على بناية الأمم المتحدة وسط بيروت بفترة قصير بعد سماع أخبار قانا، مكسرين الشبابيك و مهشمين الأثاث. و قال فؤاد السينيورة، رئيس الوزراء، إنه ابلغ وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لإلغاء زيارتها إلى بيروت إلى أن يتم التفاوض على وقف إطلاق نار شامل. وفي نفس الوقت اقر الرئيس الأمريكي جورج بوش بتصاعد الضغط الدولي من اجل الوقف الفوري للهجمات، ولكنه استبعد أية فكرة عن " الوقف من اجل الوقف" بدون خطة لاقامة السلام الدائم. و مثل العديد من الأحداث في هذا النزاع، التي اوقعت العديد من الضحايا من كلا الطرفين، فان القصة الكاملة عن قانا و بنت جبيل قد لا تعرف أبدا. فمن خلال مقابلات، قال نصف الناجين من قانا أنه لم يكن هنالك نشاط لحزب الله في منطقتهم و لم يكن هنالك مقاتلون في البيت المستهدف. ومهما كانت الحقيقة، فان المعاناة البشرية المؤلمة لا يمكن نكرانها. في يوم الأحد مساء، قامت جرافة عملاقة عائدة للأمم المتحدة بإزالة حطام البيت، من الركائز الكونكريتية و الأحجار وبأحجام كبيرة. وكان هنالك العشرات من جنود الأمم المتحدة أصحاب القبعات الزرق من الصين و غانا يشرفون على عملية الإنقاذ إضافة إلى حفنة من متطوعي الصليب الأحمر و جنود الجيش اللبناني. ومع كل حمولة من النفايات يتم سحبها كان العمال ينحنون كي يتأكدوا إن كان هنالك أية علامات على وجود جسد. في احدى النقاط، خرج عامل من الصليب الاحمر من الموقع حاملا معه قطعة من اللحم البشري في صدرية زرقاء. وكان هشيم كتب التلوين للاطفال وصور نجوم كرة القدم متناثرة في الرماد و الغبار بالقرب من البناية. في وقت القصف، كان اعضاء عائلتي هشام و شهلوب الواسعتين، في الداخل. هالة احمد شهلوب كانت قد قامت بتغطية ابنتيها الاثنتين، فاطمة، 3،و رقية، 1، على فراش بجانبها في السرداب، و ذهبت للنوم بحدود العاشرة مساء. وكان عدد من افراد عائلتها قد التجأوا الى الاسفل في السرداب بجانبها. و بحدود الساعة 1 بعد منتصف الليل كانت البناية قد ضربت. " كان هنالك صوت كبير" كما قالت شهلوب، 24. " كانت الصخور و اجزاء من السقف تتساقط من حولي." دفع الانفجار شهلوب ووجهها الى الاسفل على كدس من الاوساخ سوية مع طفلتيها اللتين سقطتا على ظهرها." سمعت طفلتي-م م م م م م" هكذا قالت شهلوب منتحبة، مقلدة صيحات ابنتها. حاولت مناداة طفلتيها ولكنها لم تتمكن من الحراك. وبعد فترة قصيرة، بدات اختها زينب بالحفر بحثا عنها في الانقاض بمساعدة فتاة من عائلة اخرى. " كانت الطفلتان لا تزالان دافئتين. افتكرت بانهما لا تزالان على قيد الحياة" كما قالت شهلوب. وعندما تم سحبها اخيرا الى الخارج، لاحظت اختها زينب بان لسانها كان مغطى بالتراب. ثم شاهدت الطفلتين. " التقطت رقية و كانت باردة" كما قالت زينب في صوت رتيب. كلتا الطفلتين كانتا ميتتين في الانفجار و فقدت شهلوب ايضا والديها، اخ، اخت وافراد من عائلتها الواسعة. كانت الاخت تشارك اختها في غرفة بمستشفى جبل امل في تير يوم الاحد مساء. كان راس هالة ملفوفا بضمادات وكانت تشد راسها بشال بني خفيف. كان الدم قد نضح و جف على وسادتها. " لست حزينة على طفلتي" كما قالت هالة. " انهما الان شهيدتان في السماء." و اضافت زينب التي كانت مربوطة بحمالة الى الجوار من سريرها، " ان شهداءنا في الجنة و قتلى اسرائيل في جهنم." و عندما كانت زينب قد جلبت الى المستشفى طلبت من الكادر ان لا يغسلوا شالها كي تتمكن من ان تشم رائحة دم اقاربها. و عندما سئلت عن مقاتلي حزب الله العاملين في منطقتها، صرخت زينب"اكاذيب، اكاذيب. كلها اكاذيب." جلس العديد من متطوعي الصليب الاحمر بهدوء و نظروا الى الانقاض. محمد زعتر، 32عاما، شاهد مثل هذا المنظر من قبل. فقد كان حاضرا ايضا في قصف قانا عام 1996 كعامل في الصليب الاحمر. " هؤلاء الضحايا اقل عددا ولكنهم اكثر ماساوية" كما يقول. كان يتذكر ابنته ذات الثلاثة اعوام عندما كان ينبش بين الانقاض. "انك تقوم هكذا بحفر الارض" كما قال، وهو يهز اصابعه كي يبين بانه يحفر بين الانقاض. " عندما تشعر بان هنالك طفلا تحت يديك، يهزك شيء ما. انها الحياة."


لقاء مع بيتر بوكارت : اسرائيل وقعت في سوء تقدير خطر بهجومها على لبنان
 

اجرى اللقاء برنارد كفيرتسمان
ترجمة / المدى

عن فورن افيرز

في حوار مع بيتر بوكارت، باحث طوارئ اقدم لهيومن رايتس ووج الذي كان مسافراً إلى لبنان وسوريا ذاكراً بان الحرب شهدت "جرائم حرب". وقال بوكارت بان هنالك "احساساً بامتلاك الحق في كلا الطرفين من النزاع" ولكنه يضيف: "نحن نتحدث عن عقليات مختلفة.
برنارد: لماذا بدت الحكومة اللبنانية في الفترة الاخيرة اقرب الى حزب الله، رغم ان الحكومة لم تكن مرتبطة في بدء النزاع مع اسرائيل؟
بوكارت: ادى الهجوم الاسرائيلي الى توطيد العلاقة بين الحكومة و حزب الله والى حد بعيد، وذلك بسبب الخسائر البشرية العالية بين المدنيين اللبنانيين. ومن غير المرجح تماما ان نرى الحكومة تبتعد عن حزب الله وتقوم باتخاذ موقف مستقل وان تنضم الى الجهد الدولي لجعل جنوب لبنان منطقة خالية من السلاح وخلق مناطق خالية من حزب الله. و من غير المرجح تماما بان يوافق حزب الله نفسه على اي من تلك الخطوات.
برنارد: هل امضيت وقتا طويلا مع كوادر حزب الله في الجنوب؟
بوكارت: عندما ذهبنا لزيارة بعض القرى في الجنوب، شاهدنا بالتاكيد اشخاصا على بعض الطرق و بالقرب من بعض القرى، و هم مليشيات منظمة بشكل جيد جدا. لقد عملت في ثلاثة بلدان شهدت حروباً اهلية وتبين لنا بان حزب الله لافت جدا للنظر. فلديهم شبكة جيدة من الاتصالات، و يبدو بانهم منضبطون جدا و ذوو تدريب عال. لذلك فان اسرائيل تواجه تهديدا حقيقيا على الارض من قبل قوة ذات دافع قوي و جيدة التدريب في لبنان. وهذا هو الانطباع الذي تكون لدى الصحفيين المجربين الذين عملوا معهم جنبا الى جنب.
برنارد: وبالطبع ان القرار الجديد للامم المتحدة يسمح لاسرائيل لاحتفاض بقواتها على الارض الى ان تاتي قوة دولية، واعتقد بان الشكوك تساورك كثيرا من ان الحكومة اللبنانية يمكن ان توافق على ذلك.
بوكارت: حسنا، هنالك اكثر من طرفين في هذا النزاع. فهو ليس بين اسرائيل و لبنان. ان القتال الدائر الان هو بين اسرائيل وحزب الله وان لبنان يصبح بشكل متزايد مسحوبا اليها لان بعضا من بنيته التحتية قد دمر. ومن الصعب جدا رؤية قرار للامم المتحدة يسمح لاسرائيل بالبقاء على الارض و الذي يؤدي الى تعليق نشاط حزب الله في الجنوب. وكما شاهدنا في العراق، فان قوة الاحتلال التي ترغب بوجودها اسرائيل في الجنوب ستكون واهنة جدا امام هجمات المليشيات. و من الواضح، ان ماسيحدث لن يكون نتيجة مستساغة بالنسبة لاسرائيل.
برنارد: و يبدو ان ذلك لن يؤدي الا الى زيادة تصميم اسرائيل على ان لا تظهر ضعفا، وهو ما سيطيل القتال كما اعتقد.
بوكارت: اعتقد بان اسرائيل قد وقعت في سوء تقدير خطير للموقف في دخولها الى لبنان بهجوم شامل. فاولا و قبل كل شيئ، لقد اعتقدوا بانهم سيكونون قادرين على توجيه ضربة مميتة الى حزب الله عن طريق الجو. و لكن الحال بالتاكيد لم يكن كذلك. فاذا ما نظرت الى حروب العصابات في جميع انحاء العالم، فانه من المستحيل تقريبا ان تسدد ضربة مميتة من الجو. اعني، عد الى الوراء نحو فيتنام، فمع كل القصف الجوي الذي جرب هناك- لم يكن له تاثير حقيقي على الفيت كونغ. فالقوة الجوية تكون فعالة جدا عندما تتعامل مع عدو مثل صدام حسين بجيش صغير، دبابات، و اهداف اخرى يمكن ان تقوم بضربها، او الجيش الصربي. وبدلا من ضرب حزب الله بقوة، قامت اسرائيل بضرب السكان المدنيين بشدة، و قتل الكثير و الكثير من الاشخاص. و الان، الخيار الثاني هو الاستمرار في الهجوم بالقوات الارضية، التي تتكبد خسائر بشرية كبيرة بهذه الطريقة. و لم يكن لها تاثير كبير على قدرة حزب الله على اطلاق الصواريخ على اسرائيل، و على الاستمرار في القتال.لذلك فان اسرائيل امام ورطة حقيقية: كيف يمكن ان تنهي هذه الحرب و ان تبدو منتصرة؟ فعدم التوقف قد يعني فترة طويلة في مواصلة القتال و بنتيجة غير مؤكدة، و بخسائر كبيرة- خسائر عسكرية من جانب اسرائيل، خسائر من حزب الله، و لكن سيكون هنالك ايضا خسائر كبيرة بين المدنيين.
برنارد: هل حاولت هيومن رايتس ووج ان تحث حزب الله على ايقاف هجماته على الاهداف التي من الواضح بانها مدنية الى حد بعيد في اسرائيل؟ ان هيومن رايتس ووج قد وجهت نقدا كبيرا للهجمات الجوية الاسرائيلية على لبنان. ماذا بصدد تلك التي يشنها حزب الله؟
بوكارت: اعتقد ان السجل موجود. فلو ذهبت إلى موقعنا على الشبكة، كان اول تصريح لنا قد ادان حزب الله لاطلاقه صواريخ بشكل عشوائي على اسرائيل. ان من بين المشاكل التي نواجهها هي ان الاسائيليين و اولائك الذين يدعمون اسرائيل بصورة عامة لم ينظروا الى عملنا مع حزب الله و نقدنا لحزب الله. ويمكن ان يقال نفس الشيء على العالم العربي. لقد كنا موضوعيين جدا في تغطيتنا لهذا النزاع. فنحن لا نقوم فقط بنقل اخبار الانتهاكات من جانب واحد. فلدينا اناس داخل اسرائيل، و لدينا اشخاص داخل لبنان، ولدينا اشخاص داخل غزة. ان المسالة برمتها، والقوة الدافعة لعملنا بصورة عامة، هي ان الاطراف الاخرى بحاجة الى الكف عن مواصلة السياسات التي من شانها ان تحدث ضررا للسكان المدنيين، و انه لا ينبغي على اي طرف ان يستخدم الاساءات التي ارتكبت من قبل الطرف الاخر كذريعة للقيام باساءات من جانبه. ولكننا كثيرا ما اصبحنا محبطين من قبل المنظمات المساندة للعرب او للجانب الاخر. و وجدت بانه من الممتع ان يكون هنالك بعض الاشخاص الذين ينظرون الى عملنا بمنظار اوسع، كمحضر محايد لما يحدث في النزاع، بدلا من ان ينظر الى عملنا من زاوية الكيفية التي يؤثر فيها على جانبهم.
برنارد: من الممتع ان تقول بانكم متهمون من قبل الجانب العربي كونكم منحازين لاسرائيل. وبالطبع، كما تعلم، كان العديد من الاسرائيليين قد انتقدوا هيومن رايتس ووج بسبب كتابتها تقارير عن القصف. لذلك فاني اعتقد بانكم قد ربحتم بتعرضكم للنقد من كلا الجانبين.
بوكارت: بسبب موضوعيتنا انتهينا الى جعل الجميع غاضبين من تقاريرنا لان علينا ان نتعامل مع حقيقة وجود احساس ذاتي من قبل كلا الطرفين بان الحق الى جانبه. واننا نتحدث عن طريقة تفكير مختلفة. اعني، من الواضح تماما بان حزب الله يستهدف بشكل مباشر المدنيين، وان هدفهم هو قتل المدنيين الاسرائيليين. نحن لا نتهم الجيش الاسرائيلي بالقتل العمد للمدنيين. ان اتهامنا، الذي نشر بوضوح في التقرير الاخير، يبين أن الجيش الاسرائيلي لا يتخذ ما يكفي من الاجراءات الاحترازية للتمييز بين الاهداف المدنية و الاهداف العسكرية. لذلك، فان هنالك فرقاً في النية بين الطرفين. وفي نفس الوقت، كلاهما يقومان بخرق اتفاقيات جنيف.
برنارد: انك الان في دمشق. هل تتوقع ان تصبح سوريا طرفا في هذا؟
بوكارت: ان المنطقة برمتها طرف بما يحدث الان في لبنان، و من المستحيل فصل التطورات في غزة عن ما يحدث الان في لبنان، ومن هنا تاتي اهمية النظر الى تلك المسائل باحساس اقليمي. انك ترى الان اعلام حزب الله في كل مكان في دمشق في هذه الايام، وهنالك الكثير من الصور المرفوعة لحسن نصر الله. لقد كتبنا الى الحكومتين الايرانية و السورية طالبين منهما استخدام نفوذهما على حزب الله كي يوقف بعض من تلك الانتهاكات. و في رسائلنا اوضحنا بجلاء نوع النفوذ الذي نعتقد بانهما يمتلكانه.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة