المدى الثقافي

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

الواقع الثقافي في محافظة واسط (2-2)
 

د. علي عبد الأمير صالح

تشكل الثقافة خطراً كبيراً في النظم الشمولية.. لذا تسعى جاهدة إلى سحقها وإذلالها.. ولذلك لجأت دكتاتورية صدام إلى ممارسة أقسى أساليب القمع والتنكيل الاجتماعي، وتعزيز إجراءات الرقابة على حرية الرأي والمعتقد، مما أدى إلى تهميش دور الثقافة الرصينة وتحويلها إلى أبواق تسوق من خلالها أيديولوجيتها - أي أيديولوجية الدكتاتورية - ورؤيتها السياسية مدافعة بذلك عن أباطيلها وشعاراتها الجوفاء.
مع انهيار دكتاتورية صدام بزغ فجر جديد، واستبشر المثقفون العراقيون خيراً لأنهم كانوا يؤمنون إيماناً راسخاً بأن ثقافة جديدة ستتشكل في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. ذلك أن التغيرات لم تكن سياسية حسب.. هي تغيرات شاملة، وعاصفة، وحتى مفاجئة... بحيث إن البعض فقد توازنه ولم يعد يعرف ماذا يفعل.

وفي اعتقادي، يشق على المرء في هذا العصر المضطرب أن يحافظ على توازنه، وأن يقسم اهتماماته وانشغالاته بين اشياء كثيرة، في ظل ظروف هي غاية في التعقيد والإرباك.. بحيث بات الأدباء العراقيون يبحثون عن مواقع جديدة للإبداع لمواجهة أسئلة الضمير المعذبة، وتحولات التاريخ القاسي، كما يقول القاص محمد خضير.
وشأنهم شأن مثقفي العراق ومبدعيه سئم مثقفو ومبدعو واسط ثقافة الواحدية، أو ثقافة البعد الواحد.. وشعروا بحاجتهم إلى ثقافة متعددة تنفتح على كل التيارات والاتجاهات والمدارس الأدبية والفكرية والثقافية التي ترقى بالإنسان وتساعده على رؤية الحقيقة.. لأنهم وصلوا إلى قناعة مفادها أن المنتديات والتجمعات والمؤسسات الثقافية هي التي تطرح هموم المثقف والأديب والفنان التشكيلي والمسرحي والموسيقي والصحفي والإعلامي وتشيع لغة الحوار وتسعى جاهدة لتطويرها وإثرائها وتعميقها.. وكذلك تنفتح على الآخر وتساهم في تنوير الجماهير وتوعيتهم فكرياً وفلسفياً وجمالياً وتزويدهم بالمعارف الإنسانية الحديثة التي تعينهم على فهم الحياة.. لأن هذا من شأنه أن يساعد في رقي الإنسان وتحضره.
في محافظتنا طاقات ومواهب جيدة في مجال الأدب والمسرح والفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي والموسيقى.. إلا أن ما ينقصنا جميعاً هو المثابرة والإطلاع ومقارعة المستحيل.. عليك أن تضحي بوقتك ومالك وقوت أولادك وتغامر بحياتك في زمن قاس كالذي نعيشه الآن.
فقد أصدر القاص محسن ناصر الكناني مجموعتين قصصيتين هما (اللامبالي، 1968) و(تلك الليالي، 2000).. كما أصدر دراسته الموسومة (سحر القصة والحكاية - البحث عن النسغ الصاعد في نصوص حكائية ونصوص قصصية للأطفال - 2000).. ولديه الكثير من المخطوطات في حقلي القصة القصيرة وأدب الأطفال.
أما الشاعر حسن سالم الدباغ فقد اصدر مجموعته (من أوراق يوسف، 2000) عن سلسلة ثقافة ضد الحصار... وهو بانتظار طبع مجموعته الشعرية الثانية (ليلة شم الورد)..
فيما أصدر القاص موسى غافل الشطري مجموعته القصصية (فناءات قزحية) عن دار الشؤون الثقافية العام 2004 وتضم تسع قصص قصيرة كتبها المؤلف بين عامي 2000 و2004.. علماً أنه سبق له أن أصدر مجموعة قصصية في سلسلة ثقافة ضد الحصار حملت عنوان (الجذور المتوحشة).
بينما يواصل القاص والكاتب المسرحي سالم شاهين نشاطه الأدبي وقد نشر مؤخراً مسرحية (القرش الأصفر) في مجلة (الأقلام) العراقية.. علماً بأنه أصدر مجموعته القصصية الأولى (من يموت بلا رائحة) في سلسلة ثقافة ضد الحصار العام 2001.
أما القاص صالح مطروح السعيدي فقد نشر مجموعته القصصة (جذور الضفاف) العام 2001 ولا يزال يمارس كتابة القصة القصيرة والرواية فضلاً عن اهتماماته بالأدب الشعبي في موطنه الأصلي: مدينة الحي.
إضافة إلى الأسماء التي ذكرتها ثمة طاقات واعدة في قضاء الحي مثل حيدر غازي الذي يكتب قصة الأطفال، ومظفر الظاهري وعلي ندوش النصيري اللذين يكتبان الشعر، وعبد الحسين طعمة الذي يمارس كتابة القصة القصيرة وأصدر له مجموعة قصصية في سلسلة ثقافة ضد الحصار قبل بضع سنوات.
أما القاص مهدي صالح نجيا وهو موظف يقيم بصورة دائمية في قضاء الصويرة فقد أصدر العام 2001 مجموعته القصصية (سر الماء).. ولا يزال يكتب القصة القصيرة.. إلا أن النتاجات المنشورة للزميل مهدي صالح نجيا قليلة إذا ما قورنت بنتاجات زملائه الشعراء والقصاصين في عموم المحافظة.
أما في مركز المحافظة، أي في مدينة الكوت، فيواصل الأدباء الكتابة والنشر في الصحف والمجلات المحلية، ويشاركون في المهرجانات والفعاليات الثقافية سواء تلك التي يقيمها فرع الاتحاد العام للأدباء والكتاب في المحافظة أسبوعياً أو تلك التي تقيمها وزارة الثقافة واتحاد الأدباء العراقيين - المركز العام (مهرجان الجواهري) أو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في البصرة الفيحاء (مهرجان المربد).
أصدر الشاعران طالب حسن الحركاني وحيدر حاشوش العقابي مجموعتيهما الشعريتين على حسابهما الخاص.. حملت مجموعة حيدر حاشوش عنوان (احتراق على أرصفة الذهول) بينما حملت مجموعة طالب حسن الحركاني عنوان (مملكة من نار) وهي تضم اثنتين وعشرين قصيدة كتبها الشاعر طوال مسيرته الأدبية خلال ثلاثة عقود من الزمن..
والآن نصل إلى الزميل الشاعر والباحث حميد حسن جعفر ولم تكن عزلة حميد عقيمة، بائسة، عديمة النفع، باعثة على الأسى والغم والسوداوية بحيث تدفع صاحبها إلى الانتحار أو الجنون.. بل كانت عزلة مثمرة، مليئة بالمعاني والدلالات.. كان حميد واثقاً من أن عهد الدكتاتورية والظلم والاستبداد وثقافة البعد الواحد زائلة لا محالة وإن زمن المحبة والسلام والبهجة والطمأنينة آت في خاتمة المطاف.. لم تكن العزلة أو العتمة التي اختارها حميد لنفسه، أو التي أرغم على دخولها، عابسة حزينة موجعة تقود إلى الجنون بل (عتمة مضيئة).. مليئة بالأمل والبهجة والحياة..
أصدر حميد حسن جعفر خمس مجاميع شعرية، الأولى (نوارس الموجة الآتية - 1974) وهي مجموعة مشتركة مع حاتم الصكر، عادل العامل، سميع داود، المرحوم جواد ظاهر.. و(ارتباك الجثث).. هي مجموعته الشعرية الخامسة التي صدرت منذ نحو شهر عن دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد وهي تضم (34) قصيدة كتب معظمها بعد الحرب الأخيرة التي أطاحت بالنظام الشمولي في العراق.. وهناك ثلاث مجموعات شعرية طبعها حميد على نفقته الخاصة هي (عتمة مضيئة - 2004)، (ما لا يرى الآخرون - 2005)، و(استرجاع لما سيحدث - 2005).. كما يمارس حميد كتابة الدراسات والمتابعات النقدية والأدبية ونشر بعض هذه الدراسات في الصحف والمجلات العراقية.. فضلاً عن ذلك كتب حميد في بداية مسيرته الأدبية قصصاً للأطفال نشر بعضها في الصحافة الخاصة بأدب الأطفال في (طريق الشعب)، و(مجلتي).
لا تقدم قصائد حميد حسن جعفر وصفات جاهزة وأجوبة شافية.. إنها تترك قارئها بدون أجوبة.. وتقذف به في لجة بحر متلاطم من الأسئلة. (الأجوبة عمياء، وحدها الأسئلة ترى).. إن معاني قصائده لا نهائية وإيحائية وقابلة لتأويلات عدة بحسب وعي القارئ وثقافته ومرجعياته، تنحو قصائده منحى تجريبياً، مغايراً.. لذا فإن القارئ يجد صعوبة في الاقتراب من نصوصه الشعرية.
أما إسماعيل سكران، القاص والروائي، فقد اصدر مجموعتين قصصيتين هما (النثار) في العام 1977 و(رفات الملائكة) العام 2001.
كما قدم إسماعيل سكران مجموعته القصصية الثالثة (صانع السروج) إلى دار الشؤون الثقافية لغرض طبعها ونشرها.. إلى ذلك يمارس إسماعيل سكران عمله حالياً كرئيس لاتحاد الأدباء والكتاب العراقيين في المحافظة، حيث يقيم فرع الاتحاد أصبوحة أدبية في كل يوم جمعة يحضرها الأدباء والفنانون والمهتمون بشؤون الثقافة والفنون. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية ضيف الاتحاد عدداً من الأدباء والشعراء والصحفيين والتشكيليين للحديث عن تجاربهم ورؤاهم وتطلعاتهم في الحياة والأدب والفن والديمقراطية والصحافة الحرة التي ترفض كل أنواع الوصايات.
أما محدثكم، فقد أصدر مجموعته القصصية الأولى (الهولندي الطائر) العام 2000، وهي تضم ست عشرة قصة قصيرة كتبها خلال الربع الأخير من القرن العشرين.. كما يحتفظ بمجموعة قصصية ثانية لا تزال بهيئة مخطوطة تحمل عنوان (موسيقى وحشية).. فضلاً عن روايتين لم تنالا حظهما من النشر بعد، هما (ارابيسك) التي نشر فصل منها في جريدة (الأديب) الأسبوعية قبل شهرين ورواية (خميلة الأجنة).
كما يمارس محدثكم الترجمة عن الإنجليزية، منذ سبعينيات القرن الماضي ونشرت له خلال العقود الثلاثة الماضية عشرات الدراسات النقدية، والمقالات والقصص القصيرة في الصحف والمجلات العراقية والعربية منها (الأقلام)، (آفاق عربية)، (الثقافة الأجنبية)، (الآداب الأجنبية)، (البحرين الثقافية)، (أفكار)، (المجلة الثقافية)، (تايكي)، و(نوافذ).. الخ..
كما ترجم ثلاث روايات هي (حفلة القنبلة) - غراهام غرين - بغداد 1989، (طبل من صفيح) - غونتر غراس - بغداد 2000، (قط وفأر) - غونتر غراس - بغداد 2001... ومن المؤمل نشر رواية (جبل السحر) - توماس مان - عن دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد، ومجموعة (دلتا فينوس) القصصية للكاتبة الامريكية أناييس نن. عن دار (المدى) للثقافة والفنون في دمشق، قريباً.
وقبل ان نختتم حديثنا عن الادباء الاحياء لا بد لنا من ان نذكر الشاعر غنى جبار العمار، الذي كتب عشرات القصائد طوال ثلاثين عاماً.. إلا انه لم يصدر حتى الآن أي مجموعة شعرية.. وهو إلى ذلك كتب عدداً من المسرحيات بعد حرب الخليج الثانية نالت استحسان الجمهور والنقاد على السواء.
ولابد لنا الآن من ان نذكر القاص والروائي الشهيد حميد ناصر الجلاوي الذي غيبه النظام الشمولي في العراق في ايلول (سبتمبر) 1983. كان حميد ناصر واحداً من كتاب القصة القصيرة المجيدين وغزيري الانتاج، نشر في الصحف والمجلات العراقية والعربية وبضمنها مجلة (الآداب) البيروتية و(الهدف) الفلسطينية. اقام اتحاد الادباء والكتاب في محافظتنا في صيف 2003 امسية استذكارية للشهيد حميد ناصر الجلاوي تحدث فيها محسن ناصر الكناني، حميد حسن جعفر ومحدثكم عن حياة القاص وابداعه.. وتناولوا بنحو خاص مجموعته القصصية (بيت للشمس والشجر) الصادرة عام 1973.. وللأمانة نقول ان انجازات حميد كانت متنوعة ومختلفة فقد مارس الكتابة في اكثر من جنس ادبي، ورسم الملصق السياسي، واللوحة الفنية. لم يكن الشهيد حميد يتساهل مع نفسه ولم يكن ينشد الاسترخاء والراحة والطمأنينة. لأن الطمأنينة عفنة، كما يقول طاغور. لم تكن الكتابة، عنده، نزوةً ولا بطراً ولا تباهياً.. كانت بالنسبة إليه رسالةً وطنيةً واجتماعيةً وانسانية وثقافية وسياسية ولم تكن لغته الادبية طنانة، بل هي لغة صادقة ومعبرة.. ابتعد حميد عن الاسلوب الفج الذي يكتب به بعض الادباء ولم يهو في عادة تقليد أسلوبهم الذي يمتاز بالمفردات الباهتة والخالية من التفرد والاصالة.
ومن الادباء الذين غيبهم النظام الشمولي الشاعر احمد عريبي جعفر عقب الانتفاضة الشعبانية في آذار (مارس) 1991.
ومن ادباء محافظتنا الذين فروا من حفلات قلع الاسنان والاظافر واختاروا مدن المنفى: الشاعر والمترجم والصحفي والمخرج المسرحي والسينمائي برهان شاوي الذي اصدر عدداً من دواوين الشعر منها (رماد المجوسي)- 1987، (تراب الشمس) - 1998، (رماد القمر) - 1999، و(شموع للسيدة السومرية) - 2001. كما ترجم برهان مختارات شعرية ونثرية لأوسيب مندلستام، ويوسف برودسكي.. واذا رجعنا بذاكرتنا إلى الوراء فاننا نقول انه عمل في جريدة (التآخي) منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي حتى مغادرته البلاد قسراً في اواخر العام 1978.
اما نجم محمد خطاوي فقد اصدر مجموعتين شعريتين هما (وداعاً للسفوح) و(تحت السماء السويدية).. وكلتاها نشرتا في منفاه الاختياري السويد..
واخيراً نأتي على ذكر الشاعر والناثر كريم ناصر وهو احد أعضاء هيئة تحرير مجلة (أحداق) الصادرة في هولندا.. اصدر كريم ناصر مجموعتين شعريتين هما (بين حدود النفي) - 1988 و(برادة الحديد) - 1999. لديه العديد من المخطوطات الشعرية.. ينشر نصوصه الشعرية ومتابعاته النقدية في الصحف والدوريات العراقية والعربية.
ولابد لنا من ان نذكر بعض الادباء ممن عاشوا ردحاً من الزمن في محافظتنا وهم الشاعر والناقد الدكتور حاتم الصكر، والشاعر والمترجم والصحفي عادل العامل، والشاعر سميع داود، والقاص والروائي جهاد مجيد، والقاص والمترجم عبد الله نيازي، والصحفي والروائي شمران الياسري (ابو كاطع).. والروائيان المعروفان عبد الخالق الركابي وهشام توفيق الركابي.. اللذان ولدا وترعرعا في مدينة (بدرة) الحدودية، التي كانت إبان العهد الملكي منفى للقوى الوطنية والثورية واليسارية.. ومن ثم رحلا إلى بغداد ليؤسسا إسميهما ومجديهما، ويحققا سمعة طيبة في نفوس القراء والنقاد والادباء بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم.


نهارات المدى شموع تلعن الظلام



فتحي زين العابدين

الشمعة رمز لاسمى المعاني وأرقها، انها تهبنا النور، لكي ننعم بالعدل والحرية والجمال، من خلال تقديم المتعة والفائدة باقامة المهرجانات والفعاليات الفنية والثقافية والتراثية كالتي قدمتها مؤسسة المدى، تدعم مسيرة العراق الجديد في التأكيد على وحدة العراق أرضاُ وشعباً لبناء بلد حر آمن ومستقر ومتآخٍ بكل مكوناته واطيافه وقومياته، واعتبار الديمقراطية ركيزة أساسية في حياته السياسية والاجتماعية والأخلاقية.
ان مهرجان نهارات المدى الذي أقيم على قاعة الحمراء يوم الخميس 10/8 في الجادرية جاء تعبيراً عن الفهم العميق والدور التأريخي لأهمية الثقافة في وأد الطائفية ونبذ العنف والقتل وتأكيد الوحدة الوطنية، وقد تمثل ذلك في البرنامج الحافل بالفعاليات الثقافية كالشعر والموسيقى والغناء ومعرض للفن التشكيلي، مع الحرص على ان يكون نسق الحفل شعبياً وتراثياً، فكانت الموسيقى الشعبية الجنوبية والشمالية والاغاني البغدادية والرقصات والدبكات والقصائد الشعرية...
وما أتحفتنا به الفنانة الرائدة صبيحة إبراهيم (بمطلع وكوبليه) بأغنية لام كلثوم (يانسيني) والأداء المتميز للمقامات العراقية الأصيلة بصوت الفنان عامر توفيق التي تغنى بها ببغداد التراث والمحبة والعلم والثقافة والأغاني الشعبية البصرية التي شنفت أذاننا بأنغامها، كان الحفل عيداً شعبياً يؤكد التماسك الاجتماعي بين جميع مكونات الشعب العراقي، وقد تخلل الفعاليات توزيع أنواع المرطبات والحلويات والاكلات الشعبية كالكبة والخبز بالتنور وشربت زباله ذائع الصيت وسلال التمر واللبن والكعك والزلابية والحلقوم، وكان القوامون على تلك الخدمات يرتدون الازياء الشعبية العراقية، لقد أحسست بان هناك الفه ومحبة بين جميع الحضور ذكرتنا بالايام الخوالي التي عاشتها الاسر العراقية قبل تسلط النظام البعثي على رقاب العراقيين.
ان نهارات المدى في مهرجانها دعوة ليس فقط الى المصارحة والمصالحة وإنما هي دعوة ايضاً الى خلق اجواء جديدة من البهجة والمرح والانطلاق نحو تأسيس ثقافة عراقية جديدة، وقد أضفى كرم السيدة الفاضلة (هيرو) بتكريمها الفنانة صبيحة ابراهيم وفرقة البصرة والعرسان الشباب، القاً ومحبة وعزز ثقة المثقفين جميعاً في استحقاقهم وأهليتهم ووعيهم في قيادة الثقافة العراقية الجديدة.
ان الادباء والفنانين كشريحة طلائع الشعب المتنوع يتأثرون بمواقف رموزهم السياسية والاجتماعية، سلباً وايجاباً، ان الخطوات التي خطتها مؤسسة المدى في دعم الأدباء والفنانين مادياً ومعنوياً يشيع روح الثقة والطمأنينة بهذه المؤسسة النبيلة في تكريس روح الاخوة والمحبة بين المثقفين واعطائهم مؤشرات ومقدمات ايجابية في مستقبل العراق الحر عبر صيرورة دائبة ومزيد من العمل والجهود والإبداع


وحدي في باب المعظم

 

علي سعدون

كل يوم ٍ وحدي
مثلما كل مرة ٍ وحدي
ارسم خارطة وأتتبع
الخسارة مثل معتوه ٍ قديم
وحدي في كل مرة
وكل مرة لا أراني إلا معتوها ً
مسالما ً وحزينا للغاية
فلماذا كل مرة وحدي ؟
ووحدي هذه تهمة كبيرة
فمنها أخون،
ومنها اترك الهواء كله
وبها أيضا أضيق ذرعا ً بالفكرة ِ
فكرة القصيدة وروحها التائهة
ما الذي يحدث اذن؟
عزلة شاسعة تسيح في الجوار :
الحشد الكئيب ينهش حشدا كئيبا منذ أمدٍ بعيد
ولابريق لأحدٍ على الإطلاق !
ومثلما في كل مرة ٍ يذهبُ العتـّال
على أمل ٍ تخيـّله في الشاي أو الخبز
ويعود أدراجه في ذات الحلم مثل كل مرة ٍ
يكرهُ مفردة ( لحم ) لأنها مشاعة في الظهيرة
مثل كابوس يتعدد
العتال وحده يعرفُ
ماذا تعني بغداد الآن
ماذا يعني الخبز أوالشاي في باب المعظم
لكنه لا يفكر مطلقا باللحم
يكتفي منه بأخبار المجزرة
مجزرة كل يوم مثلما في كل مرة ٍ !!
هناك قرب بقايا المتحف العظيم
أو المكتبة العظيمة
يمرالعتال بملامح أثرية ٍ
سحنته السحيقة أكثر حزنا من ذي قبل
فما الذي يفعله بجوار المتحف
كل يوم مثلما في كل مرة ٍ !
أمن أجل بقايا روح تائهة مثل قصيدة
يضيق بها ذرعا
ويعود أدراجه بالخبز أو الشاي دون فكرة ٍ أو قصيدة
يا ألله / لماذا وحدي /
وحده ُ
ثم هذه مدرستي وهذا بيتي وهذا شارع حياتي الوحيد
فلماذا يتعفن الهواء كله
لماذا اللحم كلـه
أنا أو أنتِ أو الحشد الكئيب
الذي ينهش حشدا كئيبا منذ مطر ٍ بعيد
مشاع في الظهيرة الكالحة مثل وباء طائش
/ يا ألله /
لماذا لم يذهب بعيدا
لماذا المدينة / ولم يبق فيها
ما يرمم الوحشة الناقصة
ثم لماذا لم يمت إلى الآن ؟
وحده كمعتوه ٍ قديم
مثلما في كل مرة ٍ!!!!


من المكتبة الاجنبية
 

قاموس عاشق لأميركا اللاتينية
تأليف :ماريو فارجاس يوسا -الناشر: بلون ـ باريس

ماريو فارغاس يوسا هو أحد أهم الكتاب المعاصرين في أميركا اللاتينية، وأحد أشهرهم على المستوى العالمي. نالت أعماله شهرة كبيرة وتُرجمت إلى العديد من اللغات العالمية. ومن أشهر أعماله (حفلة التيس).
كتابه هذا ( قاموس عاشق لأميركا اللاتينية) هو في الواقع شهادة التزام بهذه المنطقة من العالم من قبل أحد أبنائها، المؤلف المولود في البيرو. إنه شهادة من بعيد، من باريس التي جاءها في سنوات الستينيات من القرن الماضي (العشرين) وفي باريس، خلال سنوات الستينيات، اكتشفت أميركا اللاتينية. لم أكن آنذاك سوى شاب من البيرو كان لا يقرأ، بالإضافة إلى ما يكتبه أبناء بلده، سوى أعمال الروائيين الأميركيين والأوروبيين، خاصة الفرنسيين؛ كما يقول في كلماته الأولى من هذا القاموس العاشق. ولا يتردد في الاعتراف بأنه لم يكن يعرف آنذاك سوى القليل القليل من كتاب أميركا اللاتينية وأدبائها. كانت معرفته تقتصر على الكبار الكبار، من أمثال بابلو نيرودا وخورخي لويس بورخيس، ولم تكن أميركا اللاتينية تشكل آنذاك بنظره (وحدة ثقافية) وإنما بالأحرى (أرخبيلا من البلدان لا توجد بينها سوى علاقات متواضعة جدا). كانت باريس قد أصبحت خلال سنوات الستينيات هي (عاصمة الأدب الأمريكي ـ اللاتيني) حسب تعبير الشاعر الكبير (أوكتافيو باز) وحيث تواجد أغلبية كبار كتّاب هذه المنطقة من العالم. وفي سنوات الستينيات أيضا أصبحت أميركا اللاتينية في قلب الاهتمام الدولي إثر الثورة الكوبية ونشاط العديد من الحركات المتطرفة التي تبنّت أسلوب حرب العصابات.

ابن سينا وتأثيره في العالم العربي
والعالم اللاتيني المسيحي
تأليف :جول جانسينس
الناشر: فاريوروم لندن ، نيويورك 2006


الباحث جول جانسينس المختص بالدراسات العربية الإسلامية عموما والفلاسفة الكبار خصوصا، يقدم في هذا الكتاب دراسة متكاملة عن واحد من أكبر الفلاسفة العرب: إنه الشيخ الرئيس علي ابن سينا. ومنذ البداية يعطي المؤلف لمحة تاريخية عن حياته ويقول: ولد ابن سينا عام 980 م بالقرب من بخارى: أي في اوزبكستان الحالية، ولكن المنطقة آنذاك كانت تابعة للعالم الإيراني ثقافيا وحضاريا، والدليل على ذلك هو أن اللغة الأم لابن سينا كانت الإيرانية. وعندما ولد كان الفكر في المشرق الإسلامي في حالة غليان فكري. فعالم الكلام الكبير الأشعري مات عام 935 ولكن المناقشات التي دشنها لم تمت بموته. وأما الفيلسوف الكبير الفارابي الملقب بالمعلم الثاني على اثر أرسطو فقد مات عام 950: أي قبل ميلاد ابن سينا بثلاثين سنة فقط. بعدئذ تعلم ابن سينا العربية لغة الإسلام والقرآن وبرع فيها. ثم انهمك في دراسة مؤلفات المعلم الثاني.

رواية أحجار الأسلاف
أميناتا فورنا
الناشر: بلومزبري ـ لندن 2006


أن قارئ رواية (أحجار الاسلاف) للروائية أميناتا فورنا ( روائية من سيراليون) لابد له من أن يتوقف عندما يجده منشوراً على الغلاف الخلفي للرواية، حيث يقرأ تأكيد الناشر أن هذه الرواية هي: (قصة افريقيا القرن العشرين مروية عبر حياة أربع نساء متميزات). وربما بدا هذا التوصيف لماحاً ومقنعاً للناشر الذي اختاره لصدارة الغلاف الخلفي للكتاب، لكنه أبعد ما يكون عن الدقة، بل أنه يبدو لنا مثيراً للسخرية تماماً كوصف رواية تجري أحداثها في سكوتلندا بأنها قصة أوروبا، ذلك أن من الواضح لكل عينين أن أوروبا قارة رحبة، هائلة الامتداد، ومتنوعة على نحو لا يصدق، ويميل البعض بقصد التبسيط إلى اظهارها باعتبارها كياناً متجانساً ومتماثلاً وهو زعم يستحيل تصديقه بالطبع.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة