ناصر سالم
أقدم بائع صحف في البصرة صندوق بريد للأدباء وصديق لهم
البصرة/ عبد الحسين الغراوي
لم
يعد ناصر سالم- اقدم بائع صحف في البصرة ذلك الكادح الاسمر
الذي تركت الشمس اشعتها تقاطيع وجهه وشعره القطني، الذي
بدأ رحلة حياته كبائع للصحف منذ عشرات السنين متخذاً من
ساحة ام البروم إحدى معالم البصرة التراثية والشعبية
ولتسمية هذه الساحة قصة يعرفها ناصر جيداً بانها سميت بام
البروم. لان إحدى العوائل البصرية المعروفة آنذاك كانت من
اهل الخير تطبخ للفقراء الطعام بواسطة (البروم) وتعني (القدور)
الكبيرة وتأتي بها فيها الى الساحة حيث يقدم الطعام
للفقراء ومن هنا اطلق عليها ساحة ام البروم أي ساحة ام
القدور.. هكذا تشكل ذاكرة ناصر سالم سجلاً زمنياً أو
ارشيفاً يختزن الكثير من الاحداث والصور التي مرت عليه
كبائع للصحف. اما اليوم فصديقنا ناصر سالم ليس ارشيفاً
زمنياً وحسب بل اصبح صديقاً حميماً للمثقفين والادباء
والتشكيليين والمصورين ومراسلي الصحف في البصرة، بل ذهبت
شهرته الى ابعد من ذلك فالدوائر والاتحادات والنقابات
ومنظمات المجتمع المدني إذا ارادت ان تقوم بتنفيذ فعالية
أو ندوة أو مهرجان أو ملتقى يضعون لديه بطاقات الدعوة
ليقوم بتسليمها وكذلك بالنسبة للادباء اذا ارادوا ان
يرسلوا إحدى نتاجاتهم الابداعية الى صحف أو مجلات بغداد
وبواسطة مراسيلها فانهم يسلمونها اليه ليقوم بدوره
بتسليمها وحتى اعارة الكتب من اديب الى اخر تتم عن طريق
ناصر سالم، وعند المساء يلتقي عنده حتى اساتذة الجامعة
والمثقفون والفنانون، لان ناصر بعمله هذا يشكل صورة صافية
وطيبة للانسان المخلص والاجتماعي والانساني وهو مشوار عمله
مع الصحف منذ ساعات الصباح وحتى المساء. والغريب رغم ان
بيع الصحف مصدر رزقه الا انه يسمح لبعض اصدقائه تصحف الصحف
والمجلات وهذا أسلوب يتبعه بعض الأدباء اذا وجد له نصاً
منشوراً اشترى الصحيفة واذا لم يجد يعيدها ليبحث في صحيفة
أخرى، وناصر سالم يقضي اغلب وقته يقرأ الصحف واذا سأل احد
الادباء عما إذا نشر له نص يخبره قبل ان يسأله أو يحتفظ له
بالجريدة حتى يأتي. وحين سألته الا يشكل لك مثل هذا التصرف
احراجاً؟ قال.. انا اجد متعة انسانية حين يأتون اليّ لان
هذه الطبقة المثقفة هي مرآة المجتمع وروح تحضره ومصدر
إبداعه، لان البلد ينهض بمثقفيه وأدبائه وشخصياته الادبية
والفكرية والانسانية لانهم رموز للابداع والعطاء ورعايتهم
والاهتمام به مصدر حب لهم، لانهم نواة خيرة وطيبة وتراثهم
الروائي والقصصي والمسرحي والنقدي التشكيلي هو ثروة
أبداعية من ثروات العراق الذي يحتضنهم ويرعاهم ثم سالته عن
ابرز الشخصيات الادبية والثقافية والفكرية التي تتواجد معه
قرب مكان بيعه الصحف والمجلات: ابتسم كعادته وقال بصوت
ممزوج بخجله لكنه وجد هنا متنفساً لحبه لهذه الرموز
الثقافية الابداعية وذكر بعضهم- محمد عبد الوهاب، حسين عبد
اللطيف، محمد خضير، د. لؤي حمزة القاص والاستاذ الجامعي
حميد مجيد مال الله، عبد الله حسين جلاب، مصطفى حميد جاسم،
نجاح الجبيلي، رمزي حسن، مجيد الموسوي، كريم جخيور، رياض
عبد الواحد، المحررون في الصحف البصرية، ومنهم المتقاعدون
القدامى.
بل ان ناصر سالم- يقوم بتوزيع بعض الصحف التي تصدر وتوزع
مجاناً كصحيفة (مداد) التي يصدرها قسم الأعلام بجامعة
البصرة وصحف أخرى.. وناصر لم يكتف بكل هذه الامور المتحمس
لها انطلاقاً من حبه للثقافة والادب والابداع يذكر زبائنه
من قراء صحفه ومجلاته، بل يخبرهم ان المؤسسة الفلانية،
ستقوم بعقد ندوة أو نشاط ثقافي أو وطني ويحدد لهم المكان
والزمان وهذا العمل الطوعي لصديقنا اقدم بائع صحف في
البصرة ناصر سالم، ترك له مكانة محبة واحترام في قلوب
الجميع.
|