تقارير المدى

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

بعد المواجهات التي اندلعت بين انصار الحسني والقوات الامنية .. د.الخزعلي: الوضع الامني في كربلاء مسيطر عليه ولا توجد مظاهر مسلّحة
 

كربلاء / المدى
أكد محافظ كربلاء ان العمليات العسكرية والمواجهات المسلحة التي اندلعت فجر يوم الثلاثاء الماضي بين أنصار المرجع الديني محمود الحسني والقوات الأمنية قد انتهت وان حظر التجوال سيبقى في وسط المدينة مع رفع بعض نقاط التفتيش.
وقال محافظ كربلاء الدكتور عقيل الخزعلي في تصريح صحفي للمدى خلال حضوره مؤتمراً مشتركاً مع مدير شرطة المدينة وقائد الفرقة الثامنة للجيش العراقي وامر اللواء الاول و الذي حضرته (المدى) ان الاجراءات الامنية الاخيرة هي رسالة اطمئنان لأبناء المدينة وانه انتصار للقانون والدستور نافيا في الوقت نفسه تدخل قوات متعددة الجنسية او مليشيات مسلحة تابعة الى جهات دينية اخرى.
واكد الخزعلي ان الاسباب التي ادت الى اندلاع المواجهات بين انصار المرجع الديني السيد الحسني والقوات الامنية يعود الى قيام عدد من اتباع الحسني بالاستيلاء على الساحة المجاورة لمكتب السيد الحسني بالقوة ومساحتها 5 دوانم وهي مؤجرة من قبل الاهالي اضافة الى قيامهم بنصب سيطرات في الشارع بحجة ان المكتب مستهدف.
وبين الخزعلي إنه كان في نية اتباع الحسني الخروج في تظاهرات واطلاق شعارات غير مسؤولة وقد اجرينا اتصالات لتطويق الازمة الا ان تغييرا لم يحصل وفوجئنا بقيام انصار السيد الحسني بمهاجمة عدد من مراكز الشرطة والهجوم على عدد من السيطرات واخذ سلاح عناصرها والهجوم على المحافظة والاستحواذ على السيارات الحكومية وحرقها بل ان الجيش العراقي تعرض الى اطلاق نار راح ضحيته احد الضباط فاصدرنا الاوامر الى قوات الجيش بالتقدم نحو المكتب لايقاف نزف الدم وقد رد الجيش على مصادر النيران وتم اعتقال عدد من الاشخاص.
واوضح الخزعلي اننا اجرينا خلال اليومين الماضين عدة جولات من المفاوضات مع ممثلي السيد الحسني وقد وجدنا الطرف الاخر متفهما ومتعاونا ويريد الجميع الخروج من هذه الازمة.وقد اصدرنا بيانا يوضح فيه ما تم الاتفاق عليه.
وقرا مدير شرطة المدينة البيان الذي حصلت المدى على نسخة منه والذي أكد ضرورة الالتزام بالتهدئة وضبط النفس والاحتكام الى لغة العقل والحكمة في الحفاظ على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة اضافة الى التحقيق السريع مع المعتقلين والإفراج عمن لم تثبت ادانتهم وذلك بإطلاق دفعات من المحتجزين والمحقق معهم بدءا من يوم غد واقصاها عشرة ايام وتحكيم القانون مع المتورطين وتأصيل مبدأ القصاص على قدر الجناية وان ممثلي مكتب الحسني اعلنوا براءتهم من كل مثيري الفتن وتخويل الجهات الامنية ملاحقتهم واعتقالهم والتعهد الكامل من قبل مقلدي السيد محمود الحسني دام ظله باحترام جميع الاطراف والالتزام بخطاب الوحدة والتسامح والمحبة والخضوع الى التعليمات والضوابط القانونية
واضاف البيان انه تم الاتفاق على ان تبقى حسينية حوزة الصادق (مكتب الحسني في كربلاء)تحت تصرف الاجهزة الامنية ويتم تسليمها بعد فترة أقصاها عشرة أيام مع الالتزام بالقضايا التالية والالتجاء إلى الهدوء التام وعدم تازيم الأوضاع الامنية من قبل مقلدي السيد محمود الحسني و التأكيد على إخفاء المظاهر المسلحة والاكتفاء بالأسلحة المرخصة رسميا وان يكون المشرف على متابعة وضع الحسينية (حوزة الإمام الصادق (ع) خلال العشرة أيام الآتية الشيخ باسم الزيدي حصرا وفردا. وأكد البيان ضرورة التأسيس لخطاب جامع لكلمة المسلمين وحفاظا لوحدة الصف وشاجبا لكل الارهاب والإرهابيين والسماح للمنظمات الرسمية الراعية لحقوق الانسان بالاطلاع على وضع المحتجزين وتقديم التوصيات الناهضة بأوضاعهم وايقاف التظاهرات اليومية والاسبوعية والالتزام باخذ الموافقات الامنية والقانونية عن اية تظاهرة او اعتصام بصورة مسبقة وتسليم الجثث إلى ذويهم عند مصادقة أوراقها من قاضي التحقيق وان للحكومة كل الصلاحيات الدستورية باتخاذ جميع الإجراءات والسبل لتثبيت القانون وحفظ المصلحة العامة
وقد وقع على البيان ستة من ممثلي الحسني ورئيس وأعضاء المجلس إضافة إلى المحافظ ومدير شرطة كربلاء ومدير شرطة محافظة بابل وقائد الفرقة الثامنة وآمر اللواء الثاني من الفرقة الثامنة.
وشدد محافظ كربلاء على إن هذا يعد انتصارا وهو رسالة إلى كل التيارات الاخرى التي تريد ان تزعزع الامن والاستقرار في المحافظة.وان حظر التجوال سيبقى ساريا لان هناك احتمالات بوجود جيوب إرهابية قد تستغل الفرصة وتدخل على كربلاء للعبث بالأمن. موضحا ان الحظر سيخفف عن المدينة إلا إن منع دخول الوافدين من المحافظات سينتفي موعده يوم السبت.
وشهدت المواجهات سقوط 5 قتلى بينهم ضابطان وثلاثة من المدنيين حسب ما ذكره مصدر طبي في دائرة صحة كربلاء الذي أضاف إن عدد الجرحى الذين وصلوا إلى المستشفى كان 17 جريحا بينهم امرأة.
وقد شهدت أسواق كربلاء خلال الأيام الثلاثة ارتفاعا حادا في أسعار المواد الغذائية إذ ارتفعت بنسبة 100% عما كانت عليه قبل المواجهات نتيجة للإجراءات الأمنية التي اتبعتها المدينة بغلق منافذ المدينة ومنع التجوال الذي بدأ منذ يوم الثلاثاء في الحادية عشرة صباحا.
وكانت بعض وسائل الإعلام قد ذكرت اثناء المفاوضات ان اتباع الحسني قد هاجموا عدة سيطرات في كربلاء وانهم دخلوا المدينة الا إن الناطق الاعلامي باسم قيادة الشرطة نفى ذلك وقال لـ(المدى)..ان ما تناقلته وسائل الإعلام عار عن الصحة وان أي خرق لحظر التجوال أو وصول أنصار المرجع الديني إلى كربلاء لم يحصل.
وأضاف أن الوضع الأمني في كربلاء مستتب وهادئ في اليوم الثالث لحظر التجوال وان الجميع ملتزم بتنفيذ قرار عدم دخول الوافدين من المحافظات الأخرى إلى كربلاء ذاكرا ان المدينة لم تشهد أي حوادث وان أنصار الحسني لم يقتحموا المدينة وان الجميع ملتزمون بالهدنة من جانبه أكد محافظ كربلاء الخزعلي للمدى إن الوضع الأمني في المحافظة مسيطر عليه وان الأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها وهي منتشرة في كل أنحاء المدينة ولا توجد مظاهر مسلحة في المدينة وان القوات الأمنية تنتشر في كل أنحاء المدينة لتطبق الأمن وتراقب حظر التجوال.. وطالب الخزعلي المواطنين بضرورة التعاون مع الأجهزة الأمنية في تطبيق مفردات حظر التجوال مثلما نطلب من أهالي المحافظات الأخرى عدم التوجه في الوقت الحاضر إلى كربلاء إلا بعد انتهاء المنع.
إلى ذلك اصدر المكتب الاعلامي للقائد العام للقوات المسلحة بياناً جاء فيه انه بعد ان تمت السيطرة على الموقف الامني في محافظة كربلاء من خلال انتشار قوات الجيش والشرطة الوطنية في احياء الحر والجاير وقضاء الهندية والقيام بعمليات التفتيش الدقيقة فيها كما تم الاستيلاء على الاسلحة التالية: (قاذفتي ار بي جي 7، رشاشة ار بي كي عدد 1، بندقية كلاشنكوف عدد 4) وقامت قوة من اللواء الثاني بدهم منطقة خيكان في المدحتية تمكنت من خلالها القاء القبض على مشتبه به وجرح آخر من افراد جماعة مسلحة حاولت الاعتداء على احدى السيطرات العسكرية في
منطقة المدحتية.


أزمة المحروقات تتصاعد والمواطنون ينتظرون حلاً  .. هل ستساهم مضاعفة تخصيصات استيراد المشتقات النفطية في حل الازمة؟
 

بغداد / جلال حسن
شدد نائب رئيس الوزراء سلام الزوبعي في تصريح صحفي على ضرورة ان تستنفر الحكومة كل طاقاتها لوضع حد لمأساة المواطنين المتمثلة بنقص المشتقات النفطية والعمل على توفير افضل الخدمات للمواطن.
وقال الزوبعي: على الحكومة ان تتحمل مسؤوليتها وعليها ان تستنفر كل طاقاتها واضاف خلال زيارته شبكة الاعلام العراقي. على وزير النفط ان يستنفر طاقات الوزارة من اجل ان يضع حداً لهذه المهزلة التي نشاهدها على محطات الوقود وهذه الطوابير الطويلة والاسعار الفاحشة وهي مأساة حقيقية تستحق ان نقف عندها.
واشار إلى ان العراق يخضع إلى شبكات من التهريب ولقد اطلعت رئيس الوزراء على شبكة تهريب قبل ايام.
وحول ازمة الوقود قال مدير عام شركة تسويق النفط الدكتور فلاح العامري: ان الاحتياجات الكلية التي يحتاجها العراق للاستهلاك تبلغ 55 الف طن يومياً من كل المنتوجات التي من ضمنها البنزين والغاز والنفط الابيض والكاز، ولكن الانتاج الفعلي لهذه المنتوجات هو 25 الف طن وفي هذا فرق كبير بين الانتاج والكمية المستهلكة.
وعن استيراد الوقود قال: بالنسبة لمشاكل الاستيراد هي قلة التخصصات والتدهور في انتاج المصافي وهذا يتطلب منا ان نسد النقص في المشتقات النفطية الامر الذي يحتاج إلى موارد مالية كبيرة وردا على سؤال حول ما اذا كانت هناك حلول قريبة لهذه الازمة اوضح العامري نحن نعرف انه اذا تفاقمت الازمة لايمكن حلها بعصا سحرية ، الحل الآن يتمثل بمضاعفة المبلغ إلى 213 مليون دولار وسوف نحصل على 150 مليون دولار اضافية ضمن الخطة الاستثمارية.
وحول زيارة رئيس الوزراء لدول الخليج العربي والاتفاق على اعادة تفعيل استيراد المشتقات النفطية خصوصاً عبر المنفذ الكويتي قال العامري، جددنا العقود مع شركة البترول الكويتية، وكان التركيز في البداية على البنزين منذ بداية شهر تموز واستمر تدفق الشاحنات والتي تقدر بنحو 40 شاحنة يومياً وتتوزع على منطقة الفرات الاوسط. واضاف: ونحاول قدر الامكان ان نوصل جزءاً من هذه الشاحنات إلى بغداد.
وعلى صعيد متصل اكد الناطق الاعلامي لوزارة النفط عاصم جهاد: ان التخصيصات الاضافية التي قررتها الحكومة لزيادة استيراد المشتقات النفطية ستساعد على سد جزء كبير من الاحتياجات للمشتقات النفطية.
واوضح جهاد: ان شحة المشتقات النفطية جاءت باتجاهين الاول تدني الانتاج المحلي والثاني ارتفاع اسعار النفط العالمية مما ادى إلى قلة المستورد بسبب المبالغ المحددة مبينا ان مضاعفة الحكومة للمبالغ هو اجراء مهم ومستمر لنهاية العام الحالي وستتم دراسة التخصيصات للعام المقبل على ضوء الموازنة الجديدة.
إلى ذلك ذكر مدير المنتوجات النفطية الشمالية المهندس محمد الزيباري انه تم التوقيع على اتفاقات جديدة مع سوريا لاستيراد المنتجات النفطية لحل ازمة الوقود واوضح الزيباري: ان شحة الوقود في البلاد بصورة عامة وفي المحافظات الشمالية بصورة خاصة تعود لاسباب عديدة في مقدمتها تفجير الانابيب النفطية من خلال العمليات المسلحة.
واشار إلى ان تزايد العمليات الارهابية تؤدي إلى توقف العمل في مصافي انتاج المنتجات النفطية خاصة مصفاة بيجي.
وقال مدير المنتجات النفطية في كركوك المهندس شهاب جميل ان حل ازمة المحروقات في المحافظات الشمالية تكمن في بناء مصفاة جديدة لتكرير النفط لسد حاجة تلك المناطق واوضح جميل: ان 116 شاحنة بنزين وصلت إلى مدينة كركوك خلال الايام القليلة الماضية إلا انها لا تكفي لسد حاجة المدينة من الوقود لفترة طويلة.
وقد ارتفعت اسعار الوقود بشكل لم يشهد له العراق مثيلاً سابقاً، ووصل سعر لتر البنزين إلى 1500 دينار، وشهدت شوارع بغداد فتوراً واضحا في حركة السيارات، وتصاعدت اجرة النقل إلى ارقام خيالية واضطر بعض المواطنين إلى الذهاب إلى دوائرهم سيراً.
وشملت هذه الازمة جميع المحروقات بحيث وصل سعر اسطوانة الغاز إلى اكثر من 25 الف دينار وصفيحة النفط إلى 10 آلاف دينار.
يقول جبار لفتة "سائق" ، ان ازدحام محطات الوقود ، والانتظار في طوابير طويلة، يضطرنا لشراء الوقود من السوق السوداء بحيث وصل شراء 20 لتراً من البانزين إلى اكثر من 35 الف دينار وعلى مزاجية البائعين، لذلك رفعنا اسعار الاجرة مما خلق لنا مشاكل كثيرة مع الركاب.
عباس خضير موظف يقول: نتيجة للازدحامات الشديدة في الشوارع ولكي اصل إلى عملي في بداية الدوام الرسمي، اضطر لتأجير سيارة اجرة، لكن الاسعار وصلت إلى ارقام خيالية، فكنت اؤجر سيارة من حي اور إلى منطقة الباب الشرقي بـ 3 آلاف دينار، الآن وصلت الاجرة إلى 7 آلاف دينار، وهذا السعر لايتناسب مع راتبي ومتطلبات البيت الاخرى.
الحاجة ام رائد تقول: باشتداد أزمة الغاز، اضطر إلى استعمال النفط للطبخ، لكن المشكلة التي تواجهني هي شحة النفط بحيث وصلت الصفيحة النفطية إلى اكثر من 10 آلاف دينار من الباعة الذين يحاولون عن عمد "طعج" الصفيحة من عدة جهات لتقليص حجمها الطبيعي.
عبود محسن بائع نفط يقول: في السابق يتم تجهيزنا من محطات تعبئة الوقود حسب المناطق بعد مبيت ليلة او ليلتين، ونبيعها بسعر 2500 دينار لكن المحطات ما عادت تزودنا بالوقود الآن فنقوم بشراء النفط من سيارات حكومية تبيعنا بالسعر الذي يفرضه صاحب الشاحنة الذي يبيع سعر البرميل سعة 200 لتر بـ 140 الف دينار بالاضافة إلى متطلبات عملنا المزعجة.
سائق شاحنة كبيرة رفض ذكر اسمه قال: اننا ندفع ملايين الدنانير من اجل تعبئة شاحنة، لكنه لم يذكر اسماء المجهزين ومكان المحطات.
خليل لفتة صاحب مولدة يقول: تتحمل وزارة النفط أزمة شحة الوقود وهي تتحجج بحجج واهية من خلال التزاماتها مع الدول المجهزة، وان محطات تعبئة الوقود لم تزودنا بالكاز بعد ان حصلنا على اجازات مصدقة من المجالس البلدية، ولايوجد حل غير شراء الوقود من اصحاب سيارات نقل الركاب القديمة باسعار خيالية. ووصل سعر برميل الكاز إلى 175 الف دينار، مما حتم علينا رفع سعر الامبير إلى 10 آلاف دينار بعد ان كان 7 آلاف دينار.
عباس قيس مدرس يقول: ابتلى في هذه الازمة المواطن والسائق وكلاهما يتقاسمان النتائج، السائق بارتفاع الوقود والمواطن بالغلاء الذي لا يتناسب مع دخله الشهري.
كما القى سائق "الكيا" اياد جمال الذي رفع اجرة النقل من 250 إلى 750 ديناراً على خط باب المعظم
الباب الشرقي باللائمة على وزارة النفط، وتمنى ان تعالج الحكومة توفير الخدمات للمواطنين وتخلصهم من هذه الازمات المتواصلة التي القت بظلالها على المواطن البسيط.


الحلقة (4).. جيل كارول تستعيد ذكرى اختطافها في بغداد
 

عن "كرستيان ساينز مونيتر".

تمضي جيل كارول في سردها الاحداث:
وبينما نحن واقفون في المطبخ الصغير، قال ابو علي بفخر المتمرد الذي قام باختطافي، ان زوجته تريد ان تموت.
قال وهو سعيد، "أم علي تريد ان تكون شهيدة. تريد ان تقود سيارة مفخخة!".
ثم استطرد قائلاً:
"بطبيعة الحال، عليها ان تنتظر، فهي الآن حامل في الشهر الرابع. حرام في الاسلام قتل الاجنة."
قلت:
"حسناً.. حسناً.. حسناً.. أوه" كنت مرتبكة ازاء ما سمعت.
ثم بدأت ضجة اعداد الطعام من حولنا. المطبخ كان عراقي الطراز، مكان ضيق ودواليب معدنية على الجدار، مغطاة بقماش، احد طرفيه ممزق. بجوار الثلاجة، مجمدة كبيرة، لصقت عليها اعلانات عن شوربة ماجي.
ثلاثة اطفال يلعبون حوالينا.
كنت لا ازال غير معتادة وضعي في الاسر، ما زلت اتعرف على المحيط، مادياً وعقلياً، والذي فرضه علي المختطفون. وقد صدمت لما سمعت عن كلام تلك الوالدة ورغبتها في الموت.
وكانت اجابتيي:
"اوه.. لم اكن اعرف ان النساء يقدن سيارات مفخخة." كان ذلك كل ما قلته.
وفيما بعد علمت ان تلك الطريقة كانت الوحيدة لتصبح المرأة جزءاً من المجاهدين. للرجال شرف القتال في المعارك النساء يذهبن لتفجير انفسهن.
وفي تلك الاثناء كانت صواني الطعام الكبيرة جاهزة. حملها عدد من الرجال إلى المتمردين الجالسين خلف الباب المغلق المؤدي إلى غرفة المعيشة. استناداً إلى كلامهم فان هذا البيت كما يبدو، يقع في غرب بغداد او بالقرب من ابي غريب.
تحدثت مع ام علي والنسوة الاخريات في المطبخ. قلت اني قد سافرت مراراً إلى دول خارج بلادي من اجل العمل. وقلن انه لا يسمح لهن بالعمل، وانهن تركن الدراسة في الثانية عشرة من اعمارهن، وتعلمن الطبخ للبقاء في البيوت.
وبعدئذ جلست النسوة لتناول بقايا طعام الرجال. لم اصدق الامر، فبعد ساعات من اعدادهن وجبة الطعام، لم يتبق لهن غير البقايا.
ولكني جلست معهن، واكلت وكما سافعل في الاشهر الثلاثة التالية، الحساء التقليدي.
محتجزة ضد إرادتي. عرفت الكثير عن المتمردين العراقيين اكثر مما كنت أحلم. في الدرجة الاولى، أطلعت على طريقة واسلوب حياتهم، فبينما كنت سجينة على انفراد في غرف لفترات طويلة، كنت ايضاً، كما سمح لي، اختلط بعدد من العوائل في تلك البيوت التي احتجزت فيها، بل اني حتى لعبت مع الاطفال - متعة صغيرة ساعدتني على التحمل.
وفي الدرجة الثانية، علمت وسمعت الكثير عما يفكرون فيه، بالنسبة لانفسهم وايضاً تجاه اميركا. كنت اريد ان يروني اكثر فائدة وانا حية مما أنا ميتة، واخبرتهم اني كمحررة سيكون بامكاني سرد قصتهم ان تحررت.
وتمسكوا بالفكرة إلى حد لم اتوقعه، وبعد تناول الغداء، سحب بعض الرجال كراسي من البلاستك إلى فسحة وسط الدار وعقدوا مؤتمراً صحفياً، وبدأوا في توجيه الاسئلة وكنت انا الوحيدة التي تمثل الصحافة.
اكدوا جميعاً انهم ليسوا ارهابيين، فانهم يدافعون عن بلادهم ضد الاحتلال، انهم ليسوا ضد الامريكيين ولكن عدوتهم هي الحكومة الامريكية.
قال احدهم:
"ان جئتم الينا كضيوف، فاننا سنفتح جميع ابواب المنازل لكم ونضيفكم في بيوتنا، على الرحب".
ثم اضاف:
"ولكن ان جئتم الينا كأعداء، فاننا سنشرب دماءكم، ولن ندع واحداً منكم واقفاً على قدميه.
ومن اجل ترضيتهم، تلوت بعض آيات من القرآن أمامهم، ولكني لم افكر جدياً في تغيير ديني. وكلما عرفت اكثر عن الاسلام وحياة المرأة المقيدة بالزواج والعائلة (كما رأيت لدى المتمردين) اقتنعت اكثر، عدم قدرتي حتى على التظاهر برغبتي في تغيير ديني، وكلما طال الزمن الذي ابدو فيه صحفية وامرأة مسيحية، فانهم، كما اعتقدت، سيتحملون اخطائي. ولكن ان تظاهرت بتغيير ديني، فان (المسلمة الصحيحة) - مثل ام علي، مطلوب منها ان تكون شهيدة.
في مثل تلك الدقائق، والتي كانوا فيها يبدون اكثر ارتياحاً لي، كنت افكر في انهم لن يقوموا بقتلي.
بكر، ابن ام علي، ولد لطيف، ولكنه مدلل وعابث. وبكر قفز إلى حضني وكان علينا ان نلعب قليلاً: سيضع انفه على انفي، رأسه تجاه رأسي، وسنهمس معاً، هو بالعربية وانا بالانكليزية، في الايام الاولى لاحتجازي، كنا نمارس هذه اللعبة غالباً، وكنت أتطلع في عينيه الصغيرتين اللتين كانتا تبعثان الراحة في نفسي. كان الامر مريحاً ان احتضن شخصاً ما.
كان الوقت يمر ببطء شديد وكل يوم طويل جداً. كانت ام علي تؤدي تجاهي بعض الخدمات اللطيفة، مثلاً ان تقدم لي الشاي، او تحاول ان تتحدث معي بشكل طبيعي. ولكنني اثر ذلك، كنت اتذكر انهم قتلوا المترجم الذي كان برفقتي ألان.
كنت اتذكر ذلك الامر باستمرار، ولا يفارق ذهني:
لا تكوني حمقاء: لا تكوني حمقاء، جيل، لقد قتلوا ألان. لا تدعيهم يخدعونك.

في احدى ساعات الظهيرة، في الاسابيع الاولى لاختطافي وكنت انتقلت إلى منزل آخر بالقرب من ابي غريب - استدعاني، ابو علي، إلى غرفة معيشة كبيرة ذي كراسي مغلفة بقماش القطيفة الاخضر اللون. على الجدار الابعد، فوق جهاز التلفزيون، كان هناك ملصق كبير جداً يمثل مشهداً لشلالات وصخور واشجار. كان المنظر جميلاً. كان بامكاني التحديق فيه والتحليق بعيداً. فكرت لو كنت هناك، تمنيت ان اكون هناك. ولكن الخاطفين كانوا يريدون مني التحديق في شيء مختلف تماماً: (فيديو كاست عن الحرب).
حسب روايتهم فانهم كانوا يقتلون العشرات بل حتى المئات يومياً. وقدروا ان القاعدة في العراق قتلت في الاقل 40000 جندي امريكي. قالوا، انهم يستطيعون تأكيد ذلك، بافلام (الفيديو) التي تصور عملياتهم وتظهر منها سيارات الهمفي والعربات وهي تنفجر، والاطلاقات توجه نحو الجنود.
وهكذا اجلسني ابو علي - وبدأ يعرض عليّ افلام (الفيديو) كان التعليق باللغة العربية وكانت تحمل اختام وشعارات مجموعات مختلفة من المتمردين، ويتضمن ايضاً اناشيد (بصوت منخفض) للمجاهدين.
احد تلك الافلام أظهر مجموعة الرجال الذين أعدوا للانتحار بواسطة السيارات المفخخة. وقد تم اللقاء معهم، ثم اخذوا إلى ساحة في سيارات متوقفة في خط واحد، وكل رجل منهم يصعد إلى سيارة، يلوح بيديه، ثم يمضي بها.
في فلم آخر، صور لاحدى سيارات الهمفي وهي تسير في طريق - ثم تنفجر، ثم يقطع المشهد لتظهر صور تمثل الرعود والبرق.
ابو علي، كان يتطلع إليّ وانا اشاهد الافلام، يسألني عما افكر تجاهها. لكن بامكاني ان اقول أي شيء حسن، ولكني حاولت ان اقول اشياء تبدو صادقة، مثلاً، "اوه، هذه هي المرة الاولى التي اشاهد فيها هذه الامور. لم اكن اعلم ان الامور هكذا هناك.
وبينما كنت اجلس واشاهدها، أحسست ان المتمردين يرسلون رسالة إليّ. انهم يكرهون الامريكيين كثيراً، انهم فخورون بهجماتهم. انها امور اعتيادية بالنسبة اليهم.
بالتأكيد انهم كانوا عازمين على قتلي. وكيف لا؟
في بداية العملية، كنت احسب ان المختطفين لم يعرفوا ماذا سيفعلون بي، وكان الارتباك شديداً بعد بضعة ايام.
كنت اعرف انهم عراقيون، وكان ذلك امراً حسناً، المتمردون القادمون من الخارج - مثل (ابو مصعب الزرقاوي)، كان يذبح الرهائن.
بدوا مجموعة صغيرة، وقد اخبروني انهم جاءوا معاً، لمحاربة الجنود الامريكيين للسيطرة على مناطق المسلمين السنة في مدينة الفلوجة، التي تقع غرب بغداد.
ولكني وبعد اسبوع في الاسر، في الوقت الذي تم فيه عرض افلام المجاهدين لي - تأكد لي انهم ذوو خبرة في هذا المجال.
خلال الساعات الثمينة التي يأتي فيها التيار الكهربائي، يعمدون احياناً إلى الاستماع لبعض التسجيلات الصوتية، ويعلو صوت غاضب بالعربية الفصحى، من الغرفة التي تواجه الصالون، حيث ينام الحراس.
عادة، افهم بعض الكلمات، مثل (اميركا)، (اسرائيل) و(احتلال)، ولكن الموضوع كان واضحاً.
سألني احد الحراس مرة، (هل تعرفين من هو؟)، ويضيف، (انه ابو مصعب الزرقاوي، هل هو رجل طيب؟" ما هي فكرتك عن الزرقاوي؟".
لم اجب، ولكني في داخلي شعرت بالخوف، انهم جماعة الزرقاوي! وكنت امريكية. فكرت ثانية، لا وسيلة لي للخروج حية من هنا.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة