الانفال

الصفحة الرئيسة للاتصال بنا اعلانات واشتراكات عن المدى ارشيف المدى
 
 

وحدها العدالة لا تموت

المحـــــــــرر

بدأت امس محاكمة صدام حسين وستة من كبار رموز نظامه المباد فيما يتعلق بقضية الانفال وهي القضية الثانية التي يحاكم فيها صدام بعد قضية الدجيل التي تنتظر السادس عشر من تشرين الاول المقبل موعدا للنطق بالحكم بعد ان قضت 40 جلسة من عمرها .
وحدها العدالة لا تموت تبقى حكايتها ، بل تستفيق، تنفض غبار سنين طمرها ، كشاهدة قبر تروي ما حصل ، قبل العام 1993 لم اعرف ، انا كاتب هذه السطور ، ما الذي تعنيه حملة الانفال ، وكثيرا ما كنت اسمع في خطابات نظام صدام الحديث بفخر عن عمليات الانفال البطولية وهي التسمية الرسمية التي اطلقها ذلك النظام على الحملة !
حتى ذلك العام اطلعت على وثائق وتقارير لمنظمات وهيئات دولية تعنى بحقوق الانسان وصفت بان ما جرى في قرى كردية بكردستان العراق بانها " ابادة للجنس البشري " وانها جرائم مروعة دعت المجتمع الدولي لادانتها ومحاكمة نظام صدام .
وارتبط ذلك النظام في كثير من مفاصل تحولاته بالقسوة وكان اكثر رموزه ارتباطاً بتلك القسوة اضافة لصدام حسين ، كان علي حسن المجيد " وهو ابن عم صدام " والملقب بعلي الكيمياوي ، وتظهر الوثائق التي تم الحصول عليها من جهاز الاستخبارات العراقي أن أعمال القتل الجماعي وحالات "الاختفاء" والتهجير القسري، وغيرها من الجرائم، قد نُفِّذت بدرجة عالية من الاتساق والسيطرة المركزية تحت الإشراف المباشر لعلي حسن المجيد.
قبل 24 ساعة مثل امام القاضي عبد الله علوش العامري ، صدام وستة آخرون من رموز نظامه هم وفقا لما اعلنه القاضي رائد جوحي الناطق باسم المحكمة " علي حسن المجيد وسلطان هاشم احمد وصابر عبد العزيز رئيس جهاز المخابرات السابق وطاهر توفيق العاني محافظ نينوى وقتذاك ومعاون علي حسن المجيد وحسين رشيد التكريتي معاون رئيس اركان الجيش الاسبق وفرحان مطلك الجبوري مدير استخبارات الشمال " .
تم تنفيذ حملات الانفال العسكرية تحت اشراف وقيادة علي حسن المجيد ، مسؤول منطقة كردستان انذاك وبصلاحيات أستثنائية واسعة، عندما تبين أن محمد حمزة الزبيدي " والذي توفي في السجن أوائل عام 2006 " لم يكن بمستوى المهمة المنوطة به .
وقد بدأ علي حسن المجيد بأصدار مجموعة من التعليمات الصارمة والقاسية والتي تحدد بوضوح سيطرته الشخصية على الامور هناك .
وقد ورد في هذه التعليمات الامر المرقم 38 - 2950 والمؤرخ في 3 " حزيران " عام 1987 الموجه الى القيادات العسكرية وقيادات فروع الحزب ومديريات الامن ومديرية المخابرات العامة ومنظومة الاستخبارات والذي تضمن قرارا يقضي " بمنع وصول أي مادة غذائية أو بشرية أو آلية منعا باتا الى القرى المحظورة أمنيا المشمولة بالمرحلة الثانية من تجميع القرى ويسمح للعودة الى الصف الوطني من يرغب منهم ولا يسمح الاتصال بهم من أقربائهم نهائيا الا بعلم الاجهزة الامنية وكذلك منع التواجد في المناطق المرحلة من القرى المحظورة أمنيا والمشمولة بالمرحلة الاولى لغاية 31 - 6 - 1987 للمنطقة المشمولة بالمرحلة الثانية " .
ونص القرار ايضا على انه وبعد اكمال الموسم الشتوي والذي يجب ان ينتهي في 15 تموز انذاك بالنسبة الى الحصاد ولا يجوز استمرار الزراعة فيه للموسمين الشتوي والصيفي وللموسم نفسه أيضا كما تم تحريم رعي المواشي ضمن هذه المناطق " .
وشدد علي حسن المجيد في اوامره قائلا " على القوى العسكرية ضمن كل مقاطعة قتل أي انسان او حيوان يتواجد ضمن هذه المناطق وتعتبر محرمة تحريما كاملا " .
واشار الى ان يبلغ المشمولون بترحيلهم الى المجمعات بهذا القرار ويتحملون مسؤولية مخالفتهم له.
وحمل الامر كشفا للعالم بعد 15 عاما من حملة الابادة ،توقيع علي حسن المجيد باسمه وصفته " امين سر قيادة مكتب تنظيم الشمال ". ان عسكرة البلاد كانت منوطة انذاك بقيادات البعث ومنح صدام قادة حزبه صلاحيات اعلى من صلاحيات الجنرالات العسكريين ما يوضح ومن خلال الامر الصادر بان علي حسن المجيد هو القائد الرئيسي لعمليات الانفال بعد صدام .


شهادات عن الموت في وديان كردستان
 

طلال ناصر
على عكس حلبجة ، لم يكن وادي بيلسان بعيدا عن الحدود الايرانية ، ويتذكر القرويون هناك كيف هبط الموت بطعم رائحة التفاح على قريتهم اواخر العام 1987 ومطلع العام الذي تلاه .
دلنا نوزاد وهو يشق طريقا متعرجا في وادي بيلسان على ركن اخيه المظلم بمنزله الريفي المتواضع .
عرفنا نوزاد باخيه دلشاد والذي كان جالسا في اقصى غرفة مظلمة يستمع الى المذياع ، رحب دلشاد بنا بحفاوة كردي قروي ، وتحدث بحسرة عن سنين مضت لم يكن يلتقي فيها بغرباء وتمتم " ما اريد ان اسمعه هو اعدام صدام وعلي كيمياوي " ، قال ذلك وهو يضع نظارته السوداء على منضدة خشبية قديمة ، ليكشف عن احد آثار القنابل التي اسقطتها مقاتلات صدام على الاكراد ، بدا تجويف عينيه ذابلا بعد ان فقد بصره على اثر سقوط قنابل الغاز السام من تلك الطائرات فوق قرية وادي بيلسان والتي تسببت بهلاك وقتل وتشريد سكان القرية الجبلية الصغيرة .
لم يعد بمستطاع دلشاد الخروج في ضوء النهار حيث السماء مشمسة بلا غازات سامة ، من دون نظارته السوداء كما انه لا يزال يعاني من مشاكل في التنفس مع نوبات من الربو متفاوتة .
نجا دلشاد من الموت مصحوبا بفقدان بصره بيد انه فقد ايضا ثلاثة من اشقائه ووالدته في الهجوم .
ويقول بعد ان بلغ من العمر 53 عاما " جاءت المقاتلات بعد صلاة المغرب بقليل ، قصفت قريتنا وحاصرت الجبال ولم يعد حينها بمستطاع احد الهرب " .
كان بيلسان اشبه بحقل تجارب لموت اكثر عمقا في الاراضي العراقية ، فبعد عام واحد قتل اكثر من 5000 كردي عراقي في هجوم مماثل ولكن على حلبجة ، ورفض صدام حينها اتهامات بالقتل الجماعي .
( ابتسم .. ابتسم ، انه مجرد موت اكثر هدوءا واذكر بان القنابل التي خطفت ارواح قريتك "وادي بيلسان " القيت من طائرات ايرانية)، انه مشهد يشبه خاتمة رواية (الساعة الخامسة والعشرون)، فقط ابتسم .
يقول دلشاد " القرويون يتذكرون وجود القوات الحكومية لنظام صدام في اليوم التالي واجبارها الناس على التصريح أمام كاميرات التلفزيون بأن القنابل ألقيت من طائرات ايرانية " .
ويضيف " نقلت قوات الأمن الجرحى الذين كانوا يسعون للعلاج في مستشفيات في أربيل التي تسيطر عليها الحكومة بعيدا ولم يشاهد أغلبهم بعد ذلك " .
ويتابع " لم أذهب معهم للعلاج في مستشفيات اربيل والثمن كان فقد عيني .. لكني ربحت حياتي " .
ويمضي قائلا " ان اكثر من 150 رجلا من قريته اختفوا بالطريقة نفسها، اذ سعت الحكومة لاخفاء الادلة " .
قال دلشاد بحزن " انا الان أحيا فقط لاشهد اليوم الذي يحاكم فيه من أخذوا ضوء عيني " .
تساءلت، انا كاتب هذه السطور ، كيف سيشاهد دلشاد، صدام وعلي الكيمياوي وسلطان هاشم الذين اعطوا اوامر القصف والقتل ، لقد فقد بصره !.
سمح للاكراد من وادي بيلسان بالادلاء بشهاداتهم أمام المحققين الذين يجمعون الادلة لمحاكمة رموز الحكومة السابقة وهم متحمسون لذلك .
تقول سروة نجيب قادر التي تسكن القرية نفسها والتي فقدت عددا من افراد اسرتها واخيها وابنيها عندما قصفت الطائرات العراقية المنطقة " حتى اذا كان ذلك في بغداد نحن مستعدون للذهاب متحملين التكلفة للادلاء بشهادتنا " واضافت " صدام يجب أن يدفع ثمن ما فعل " .
يتمنى الاكراد وفقا لتقارير صحفية ان يكون علي حسن المجيد المعروف باسم " علي الكيماوي " لدوره البارز في الهجمات بأسلحة كيماوية ، اول من تجرى محاكمتهم بسبب الادلة الدامغة المتاحة ضده.
تذكر عدالات صالح المسؤولة البارزة في مركز كردستان لضحايا الانفال، وهو جمعية خيرية كردية تعمل على جمع المعلومات وشهادات الشهود من ضحايا حملة الانفال التي قام بها صدام لقمع الاكراد " ان الادلة والوثائق التي لدينا بالفعل ستكون مفيدة في المحاكمات" .
واضافت ان سنوات الحكم الذاتي النسبي في المنطقة الكردية مكنت جماعات حقوق الانسان من التحقيق في جرائم ارتكبت في المنطقة.
وقالت " لدينا ما بين عشرة و15 ألف شكوى حتى الان بعضها يتعلق بفقد أسر بكاملها " .


تسلسل زمني لحملات ابادة وقتل منهجي في قرى كردستان
 

محمد الغزي
وفقا لدراسة اعدها مرصد الشرق الاوسط لنحو 40 بالمائة من الوثائق التي استولت عليها القوى الكردية السياسية من المكاتب الحكومية لنظام صدام عقب انتفاضة اذار عام 1991 فان عمليات الابادة التي شنت ضد الاكراد في كردستان العراق بدأت بحملة سميت " حملة الانفال الاولى " بتاريخ 23 فبراير " شباط " من العام 1988 بشن عدة هجمات في وادي (جفاتي) في محافظة السليمانية، وقد حققت هذه الحملة أهدافها المحددة لها يوم 19 مارس " أذار" بسقوط أخر قاعدة للمقاومة الكردية في قرية (بير غالو) ودمرت في هذه الحملة معظم قوات المقاومة الكردية مما اجبر بقية القوات على الهروب باتجاه ايران، ولم يؤسر في هذه العملية الا القليل
في يوم 16 مارس " أذار " شنت القوات الحكومية التي يشرف عليها علي حسن المجيد ، عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على مدينة (حلبجة) التي راح ضحيتها خمسة آلاف شهيد ومثلهم جرحى ! الامر الذي كان سببا منطقيا ليلقب علي حسن المجيد بالكيمياوي وارتبط اسمه بالاسلحة المحظورة .
يقول كينث روث المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش " إن المجيد هو منفذ جرائم صدام، وكان ضالعاً في طائفة من أسوأ جرائم العراق، بما في ذلك الإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ، وتقديمه للمحاكمة من الأولويات الأساسية " .
لم يكن المجيد يتوانى عن استخدام ابشع انواع القتل من اجل تصفية خصوم نظامه ليتميز بشكل لافت في ذلك النظام .
وفي يوم 22 مارس " آذار " من العام نفسه بدأت الحملة الثانية للانفال، عندما شنت القوات الحكومية عدة هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى، وحدث خلال هذه الحملة اختفاء اعداد كبيرة من الشباب وتم نقل بعض العوائل الى مخيمات الاعتقال في الصحراء جنوب العراق وسجن ( نقرة السلمان)، وقد انتهت هذه الحملة في الاول من ابريل " نيسان " عام 1988 .
وفي السابع من ابريل " نيسان " بدأت حملة الانفال الثالثة في سهل (جرمي) حيث شنت القوات الحكومية هجوما كبيرا أستخدمت فيه جميع انواع الاسلحة بما فيها الطيران، ولم تواجه قوات الحكومة مقاومة شديدة بسبب شدة الهجوم، وقد انتهت هذه الحملة يوم 30 ابريل " نيسان " بعد ان دمرت جميع القرى في المنطقة وقد اختفى عدد كبير من العوائل ( ليتبين بعد سقوط النظام ان هؤلاء قد دفنوا احياءً في مقابر جماعية في السماوة والناصرية باقصى الجنوب العراقي ).
وفي يوم 2 مايو "آيار " بدأت عملية حملة الانفال الرابعة بشن هجوم عنيف بالاسلحة الكيمياوية بواسطة سلاح الطيران وقد قتل في هذا الهجوم عدد كبير من المدنيين ونفذت عمليات اعدام جماعية بحق المقاتلين والمدنيين من اطفال ونساء .
في الثامن من مايو " آيار " دمرت جميع المستوطنات السكانية في منطقة العمليات الحربية
وفي الفترة من 15 مايو " آيار" الى 28 اغسطس " آب " بدأت حملات الانفال الخامسة والسادسة والسابعة، عندما شنت هجمات واسعة لقوات الحكومة انذاك على وادي (شقلاوة) و(راوندوز) وقد استخدمت في هذه الهجمات الاسلحة الكيمياوية وقد قتل وأسر واختفى الآلاف من الاكراد ونقل بعضهم الى معسكرات الاعتقال
وفي يوم 25 اغسطس "آب " نفذت حملة الانفال الثامنة والاخيرة في منطقة (باديان) بشن هجمات بالاسلحة الكيمياوية على عدة قرى وبعد هذه الهجمات العنيفة فر السكان الى الجبال المحيطة بالمنطقة، وقتل وجرح في هذه الهجمات الآلاف من الاكراد .
وفي اليوم السادس من سبتمبر " ايلول " أنتهت حملات الانفال سيئة الصيت .
وهكذا كانت قد استمرت الحملات اكثر من ستة أشهر (من23 " فبراير " شباط الى السادس من سبتمبر " أيلول" ) وأدت الى قتل وأسر واختفاء آلاف من العوائل الكردية كان قد سبقها قصف بقنابل الغاز على قرى في وادي بيلسان .
لقد لاحظ المقرر الخاص لحقوق الانسان السابق فان دير شتويل ، ان حملات الانفال كانت محكمة التخطيط والتنفيذ وقد أدت الى وفاة واختفاء آلاف الاسر، وتم تدمير آلاف القرى، بما في ذلك الموارد الاقتصادية والممتلكات الثقافية العامة .
ويضيف "ان حملات الانفال التي نفذتها حكومة صدام حسين ضد الشعب الكردي هي أحدى جرائم الابادة للجنس البشري ويتحمل مسؤوليتها بالتضامن جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة (المنحل) ووزير الدفاع والقادة انذاك الذين ساهموا او خططوا او أمروا بتنفيذها " .


الانفال ... حلبجة  .. ذاكرة موت ومقابر وحرائق وتهجير

  • الانفال قطعت صلة الناس والاشجار والجبال والسهول والوديان بالحياة
  • ضحايا ملأت عيونهم ونفوسهم أتربة المطامر الجماعية
  • صبايا اسكنت حياتهن غازات الموت
     

بغداد / علي ياسين
ما الذي تورثه استذكارات ما جرى، غير الخوف واللوعة.. غير الأسى والدموع..؟ مئات الآلاف ذهبوا، قتلوا أو شردوا. مالذي فعلوه.. الى أي حد وصلت القسوة بالذين مارسوا هذه العمليات، أي حقد يحملونه واي وحش كامن في دواخلهم..اباح لهم ان يفعلوا ما فعلوه.. صور القتلى والمدفونين احياء والمرحلين في سيارات مكشوفة ذهبت بهم بعيداً، بعيداً ولكنهم لم يغيبوا وذكراهم لم تغب فاسترجاع احداث ما جرى واجب كل شريف وكل انساني.
حكايات وضحايا واماكن واحداث ومدن أزهقت ارواح ابنائها من الفتية والشبان والنساء والشيوخ، حملات متصلة لابادة الشعب الكردي، ومسح هويته عبر التهجير والتذويب والقتل والتعبير الجماعي، غازات خردل وسيانيد وتابون وسارين ملأت سماء القرى الكردستانية في غفلة، وقطعت صلة الناس والاشجار والجبال والوديان والسهول بالحياة، الانفال، أيام ابادة وحرق للانسان والاشياء، مجمعات قسرية ومدافن جماعية، ونفي واقتلاع من المكان، الانفال صناعة جرائمية لموت الانسان الكردي ومعانيه في الحياة.
مجرمون محترمون وآلة عسكرية، أنفلوا بها شعباً أعزل باكمله حتى ان لقب (كيمياوي) على المجرم علي حسن المجيد لم يأت من الفراغ، بل حمله عما اقترف من جرائم تعجز الكلمة والصورة عن التعبير عنها.
"ما كان لهذا الكيمياوي ان يقوم بما قام به لولا التوجيه المباشر من سيده وابن عمه صدام، عندما فتح له كل الابواب ومنحه كل الصلاحيات، ومده بكل اسباب القتل والإرهاب ليبطش بمواطنينا شر بطشة.."
لقد أصدر مجلس قيادة الثورة المنحل قراراً لتنفيذ عمليات القتل والابادة والتهجير في "انافيلهم" المشؤومة جاء فيه:
"باسم الشعب، مجلس قيادة الثورة، القرار 160 تاريخ القرار 29/3/ 1987، قرار: استناداً الى احكام الفقرة "6" من المادة الثانية والأربعين والفقرة "6" من المادة الثالثة والأربعين من الدستور، وتنفيذاً لما تقرر في الاجتماع المشترك لمجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي المنعقد في 8/ 3/ 1987، قرر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة في 29/3/ 1987 ما يلي:
اولاً. يقوم الرفيق علي حسن المجيد، عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي، بتمثيل القيادة للحزب ومجلس قيادة الثورة في تنفيذ سياستهما في عموم المنطقة الشمالية وبضمنها منطقة كردستان للحكم الذاتي بهدف حماية الامن والنظام وكفالة الاستقرار فيها وتطبيق قانون الحكم الذاتي في المنطقة.
ثانياً. يتولى الرفيق عضو القيادة القطرية، لتحقيق اهداف هذا القرار صلاحية التقرير الملزم لجميع أجهزة الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، وبوجه خاص الصلاحيات المنوطة بمجلس الأمن القومي ولجنة شؤون الشمال.
ثالثاً. ترتبط الجهات التالية في عموم المنطقة الشمالية بالرفيق عضو القيادة القطرية وتلتزم بالقرارات والتوجيهات الصادرة عنه التي تكون واجبة التنفيذ بموجب هذا القرار.
1- المجلس التنفيذي لمنطقة كردستان للحكم الذاتي
2- محافظو المحافظات ورؤساء الوحدات الادارية التابعون لوزارة الحكم المحلي.
3- اجهزة المخابرات وقوى الامن الداخلي والاستخبارات العسكرية.
4- قيادات الجيش الشعبي.
رابعاً. تلتزم القيادات العسكرية في المنطقة باوامر الرفيق عضو القيادة القطرية بكل ما يتصل بـ "اولاً" من هذا القرار.
خامسا. يعمل بهذا القرار من تأريخ صدوره وحتى اشعار آخر، ويتوقف العمل بالأحكام القانونية التي تتعارض واحكام هذا القرار .
صدام حسين رئيس مجلس قيادة الثورة
ان قراءة اولية وبسيطة لهذا القرار، تبين انه يمنح "الكيمياوي" صلاحيات مطلقة تضع اقليم كردستان تحت قبضته الاجرامية، فبعد صدور هذا القرار، لم يجد الكرد، من دلالات، مفردات، حماية الامن والنظام، وكفالة الاستقرار، غير نقائضها، في الإرهاب والخوف والتهجير والاقتلاع والتدمير والموت! من هنا، لا نجد غرابة ان يطلق وعيده المسجل فيديوياً بصوته "إذا رأيت بيتاً بعد عام واحد في سهل اربيل باستثناء القرى العربية سأعرف ماذا افعل بالشخص المسؤول عن العملية" وعندما نعرف ألاّ وجود لاية قرية عربية في سهل اربيل، ستتبين لنا بقوة الروح العنصرية والفاشية لدى "الكيمياوي" لتطبيق مفردات القرار في الحقد والموت والجريمة، إذ راح ضحية تلك الحرب القذرة أكثر من 182 الف انسان من الشعب الكردي الأعزل، حرب، دفنت فيها النساء والأطفال والشيوخ وأحرقت الاجساد وطمرت جموع من البشر في مدافن جماعية.
(الى الاشقاء من اخوتي الشهداء)
كتبت سفيرة منظمة العفو الدولية لوقف التعذيب وعضوة الهيئة العليا لمنظمة العفو الدولية في الدنمارك تقول:
الصدى، صدى نواح زخات البكاء، يملأ رفوف وزوايا الفؤاد، ورفيقي الوحيد والوفي: لوحة المفاتيح التي هي نفسها مفاتيحي، تتقاسم ترانيم اعتكاف نجوم وارواح، غدت ملائكة تملأ السماء بضياء ما بعده ضياء.. لطالما تردد في ذهني اليوم وربما البارحة ايضا: لكم يشبه اليوم البارحة.. شاهدنا نفس الطفلة الرضيعة او الام اليتيمة تمر بنفس الارق.. بقوافيه الربانية المرة تلو الاخرى، وليس من مفر من الموت ومنها من الصعب العثور بين الاكوام على كلمات لاستيعاب فراق اشقاء اعزاء لم التق بهم قط، اجل لم يحالفني كرب الحظ والزمان ولا فعل، لان الحدود وقفت بيني وبينهم ولان اعاصير الحروب حالت دون جلوس بقاياي معهم يسألني صدى البكاء، ما الذي يجمعك بهم طالما لم تلتقهم ولو لمرة واحدة.. حسنا سأجيبكم، ما يجمعني بهم هو وطن واحد وتاريخ واحد ولغة مشتركة، وغربة، اجل حقا الغربة وازقة الاغتراب التي نفترشها تجمعنا، حبنا للجبال والينابيع بلا شك مشترك هو الاخر. والدموع، بلى بالتأكيد ذرفنا بحارا محيطات من دماء سماوية لا تراق اسفار الاسى بي على ابرياء كابدوا الويلات وكافحوا الذل والمهان وكدوا في البحر وعلى البر وعانوا من البرد والحر والانتهاك والاشواك والاسلاك من اجل لقمة العيش، واقترنوا مجبرين بقذيفة الموت لاحياء بكارة الحياة: اطفالهم... لاضافة ايام اخر في قاموس عمر الفطرة الانسانية السليمة، ولكن واسفاه اختطفت طائرات النهايات المباغتة عددا من براعمهم.
اتساءل بدون كلل: ما هذه الرغبة الجامحة للهدم والكره والقتل؟.. متى ستقتل تلك الرغبة، لتبطل وتقطع ذاكرة سلسلة زلزال القتل؟.
الجواب عند القيادة
ويذهب الكاتب الكردي خالد سليمان في كتابه الموسوم (الانفال حكايات من زمن مستقطع في وصف الانفال بالقول: اتسمت الانفال بجميع عناصر الابادة (والقتل الجماعي، حصر الناس في مجمعات قسرية، حرق الاراضي، وتدمير القرى (الارض المحروقة) فصل المجموعات الاجتماعية عن بعضها اغتصاب النساء، استخدام الاسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا، تسميم منابع المياه في كردستان، الاعتقال العشوائي، والخ.. من النشاط الافقار عرقي.
البداية كانت يوم 1980 اذ اعتقل البعث في ظل سكوت دولي واقليمي في مجمع (قوشي تبة) القريب من مدينة اربيل (8000) شخص من البارازانيين واخفاهم الى الابد، ومن ضمن الوثائق التي تم الحصول عليها، حول هذه الجريمة، هناك ملف خاص بالبارزانيين مكتوب على غلافه بخط يد صدام: (هذا الملف سري وحصري، واذا سأل احد عن مصير البارزانيين اجيبوهم: عند القيادة.
وتؤكد اغلب الوثائق والمدونات والمصادر المرئية والمسموعة ان الانفال قد بدأت بكل ممارساتها غير الانسانية واللا أخلاقية في اغلب المدن والقرى الكردستانية عام 1987، وقد تمثلت اولى الخطوات لحروب الانفلة ببناء مجمعات سكنية قسرية يزج بها الاكراد الذين يهجرون قراهم خوفا من بربرية العسكرة البعثية، ولم يكن المجتمع الدولي في هذه المعادلة، الا طرفا للتعتيم، أي (المناصفة في الجريمة والصمت) حسب تعبير (يوستر هيلترمان) وازاء هذا التناصف، تم بالفعل في العام ذاته، قصف مراكز قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني في مناطق سركلووبركلو والحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي العراقي في مناطق بهدينان بالاسلحة الكيماوية، عندما رأت الحكومة العراقية سكوت المجتمع الدولي عن هذه الخطوة في اختراق القوانين الدولية للاسلحة المحرمة دوليا، وسعت نطاق عملياتها، مطمئنة للصمت الدولي فكانت الانفال التي بدأت في العام ذاته، وشارك فيها (الفيلق الاول، والخامس من الجيش، مديرية الامن العامة، الاستخبارات العسكرية، فيالق من جيش غير نظامي، الجيش الشعبي من الحزب الحاكم، القوات الخاصة، الحرس الجمهوري، افواج من الكرد المرتزقة للنظام (الجحوش) اضافة الى مساندة هذه القوات بالدبابات والمصفحات والمدافع الثقيلة والخفيفة والميدانية، والمروحيات والطائرات المزودة بالقنابل الكيماوية والاسلحة المحرمة دوليا، في البداية قصفت الطائرات اكثر من اربعين هدفا في كردستان، ثم بدأت العمليات بقيادة (علي حسن المجيد) المعروف عند الكرد بـ(علي الكيمياوي) تحت شعار (تصفية او تجميع).
ووزعت العمليات على ثلاث مراحل (21 نيسان-20 مايس) و(21 مايس-20 حزيران). اما الثالثة فبدأت بعد اربعة اشهر من هذا التاريخ، احرقت خلال هذه الفترة اكثر من 700 قرية وحقول زراعية ومدارس ومساجد، ثم استمرت تحت اسماء الانفال الرابعة والخامسة والسادسة، والسابعة والثامنة في جميع مناطق كردستان، الى شهر أيلول 1988 اذ اعلنت الحكومة رسميا عن النهاية (المنتصرة) لعمليات الانفال.
واليك عزيزي القارئ جدولا توضحيحاً لعدد الضحايا في كردستان، كما وثقتها الامم المتحدة بوثيقتها المرقمة 6/198/5 في 21/4/1988:

السنة            عدد الضحايا
1981            11
1982            29
1983            574
1984            2237
1985            3267
1986            11141
1987            13496
1988            13673

ضحايا الاسلحة الكيماوية حسب وثيقة الامم المتحدة.
ذاكرة من زمن مؤنفل!
تصلح شهور التأنفل أن تكون مدونة سردية يهتز الضمير الإنساني لها، لو أبدعها راوٍ بارع وخلاق، ومتمكن من ادواته السردية الفنية التعبيرية، ولو حصل ذلك فعلاً، ستكون هذه الرواية مرجعاً لمآس لن تزول من الذاكرة الكردستانية الحديثة لأجيال قادمة، خفايا وتغريب لرواة ماتوا في رمال الجنوب القصية، ضحايا ملأت عيونهم ونفوسهم أترية المطامر الجماعية، صبايا أسكتت حياتهن غازات الموت، وأطفال اقتلعت حياتهم بلا هوادة، نحتاج في هذه المأساة إلى ذاكرة تكشف وتؤرضن وتضيء المخفي من المرويات وتدون ما كان مسكوتاً عنه.
"تقول الأم "أمنة": في نقرة سلمان كانت الحياة جحيماً وقد وصل طعم الإهانة إلى عظامنا، كان مدير سجننا يسمى "حجاز"، وهو الذي منعني من دفن ابني وابنتي الصغيرين، وأخذ جثتيهما، مني، مع الحراس الآخرين وقال: نحن ندفنهما.
وتتابع: بقيت في الغرفة وبكيت وانهارت أعصابي وحسب رواية آمنة خورشيد، فإن الطعام في ذلك السجن كان عبارة عن طحن الخبز العسكري "الصمون" وخبزه للمرة الثانية على "الصاج" لأن الصمون كان قاسياً، تفوح منه رائحة الغاز، كما تقول السيدة خورشيد والعائدات الأخريات من السجن. كان يعاقبنا كيفما يشاء بعد منتصف الليل وفي الظهريات أو صباحاً إذا أراد. أتذكر كيف ضربني بالسوط "الكيبل" لأني تجرأت وذهبت مع نساء أخريات إلى قاووش المسنين وتكلمنا معهم حول ما إذا كانوا يعرفون شيئاً عن مصيرنا، وربط في ذلك اليوم، ست نساء تحت أشعة الشمس لمدة ساعات لذات السبب ومنع الجميع من الاقتراب منهن. وكان هناك شخص آخر في السجن يسمى الملازم أحمد، لم تكن قساوته مثل قساوة حجاز وكان يرحمنا بكلمة واحدة وهي "خلاص" بمعنى انتهت "الفلقة" لذا كنا نسميه "عمو خلاص". كان حجاز يسكر كل ليلة ثم يأتي إلينا ويختار منا واحدة أو اثنتين أو مجموعة للتعذيب، غاب مرة ولم يظهر لمدة أسبوعين من الزمن، عرفنا من خلال "عمو خلاص" أنه تزوج ولما عاد، كان قرار إطلاق سراح مجموعات منا قد صدر، فانزعج وقام بضربنا بكيبله الخاص.
نوري محمد 71 عاماً، احد الناجين من كارثة الموت الانفالية، يستعيد الأحداث حزيناً، فقط خطوط الشمس، تكشف ملامح وجهه المشبعة بالمأسي والانكسار، محمد هو الناجي الوحيد من عائلته المكونة من تسعة أفراد، أبناؤه الخمسة، وبنتان وزوجة، كلهم قتلوا بوحشية الانفلة. يقول محمد: سأنتقم لعائلتي وكل ضحايا كردستان من خلال مشاركتي ونضالي من أجل بناء عراق حر ومستقر جديد.
ناج آخر، من الأكراد الذين أجبروا على العيش في مدينة بنيت خصيصاً لهم في محافظة السليمانية وسميت مدينة "الصمود" شهور الأنفلة السود، يقول: الناجي بعد انتفاضة عام 1991 تغير اسمها إلى رزكاري والتي تعني التعويض، رزكاري الحياة قادمة، نحن متأكدون من ذلك. قصص وحكايات وأبطال، مرت، في زمن أسود لن يتكرر مدن وقرى، جبال ووديان وسهول، سيحضنها الأمن والاستقرار والسلام، بعد أن حرقها صانعو الموت والدمار والانفال، وسيكتب الكردستانيون تأريخهم، مضمخاً بدماء الشهداء.
المخرج الكردستاني "مانو خليل" كشف عن وجه جريمة الأنفال البشع والفظيع من خلال فيلمه الوثائقي "الأنفال، باسم الله، البعث وصدام" ويعد هذا الفيلم وثيقة تأريخية عن جرائم دموية منظمة وإرهاب دولة مقيت مورس ضد الكرد، الفيلم يتحدث عن الحرب التي أعلنها صدام ضد الشعب الكردي التي أعطى لواء فضاعتها إلى ابن عمه "علي الكيمياوي". وقد تضمن الفيلم شهادات مع ناجين من مجازر الأنفال مصادفة، ومقابلات مع عوائل ابتلعتها سجون الصحراء العراقية في نكرة السلمان، فضلاً عن إرسال بنات بعض العوائل، كمسبيات حرب، إلى ملاهي ومراقص مصر الليلية، كما أنه يسلط الضوء على ضحايا المجزرة التي راح ضحيتها أكثر من 182 ألف إنسان كردي وتدمير أكثر من 4500 قرية، تم نهب كل ممتلكاتها، كما أنه تعرض إلى معاناة وآلام الشعب الكردي، وحقه في مثول صدام وزمرته أمام المحكمة لينالوا حقهم عما اقترفت أيديهم من جرائم وآثام.
من ضرب حلبجة
في مقال للكاتب والقاضي زهير كاظم عبود تحت عنوان "من ضرب حلبجة"؟ يقول: في مقابلة بثتها فضائية (MBC) سأل المذيع نزار الخزرجي الذي كان يشغل منصب رئيس أركان الجيش إبان الحرب العراقية الإيرانية.
عن المسؤول عن الضربة الكيمياوية التي وجهت إلى مدينة حلبجة الشهيدة، أجاب الخزرجي - الكلام ما زال لكاظم زهير عبود - في المقابلة المسجلة التي قدم لي صديق عراقي نسخة منها، بانهم كانوا حينها مشغولين في التخطيط لمعارك (تحرير الفاو والشلامجة وبقية المناطق الجنوبية حتى مناطق مندلي من القوات الإيرانية التي احتلتها) واتصل به هاتفياً الفريق، كامل ساجت أحد قادة الفيالق (تم إعدامه من قبل صدام لاحقاً)، يخبره بأن طائرات تعرضت إلى القوات العراقية المتجحفلة في مدينة حلبجة وما حولها من المرتفعات إلى ضربة بالأسلحة البايلوجية، لم يكن الخزرجي على علم بهذه الضربة كما يزعم، فاتصل بدوره بوزير الدفاع، عدنان خير الله طلفاح، كما يقول في المقابلة التلفزيونية، الذي زعم أنه لا يعرف عن هذه الضربة وسيستعلم عنها من القيادة، ويتصل به بعد أكثر من ساعة. وفعلاً يقول الخزرجي، أنه بعد ساعة ونصف اتصل به وزير الدفاع، يخبره، أنه علم من صدام شخصياً، والذي كان حينها القائد العام للقوات المسلحة العراقية، بأن الطائرات عراقية والضربة عراقية وبأمر من صدام حسين.
ونقلاً عن وكالة (آتي) الإيطالية للأنباء في الرابع عشر من شهر آب ذكرت صحيفة تصدر في اللغة الكردية في أربيل أن "الشرطة الدولية (الانتربول)، أصدرت مذكرة قبض بحق نزار الخزرجي، رئيس الأركان في نظام الرئيس العراقي السابق، لتسليمه إلى العراق، لإجراء محاكمته عن جريمة الأنفال التي ينتظر النظر فيها بعد أسبوع من الآن" ونقلت صحيفة (خبات)، التي يصدرها حزب الزعيم الكردي مسعود بارزاني رئيس الإقليم، عن موقع خاص بالانتربول "إن صورة الخزرجي وبعض المعلومات الشخصية عنه قد نشرت في الموقع بهدف البحث عنه، وطالبت الشرطة الدولية التعاون، لإلقاء القبض عليه وتسليمه إلى العراق" وكان الخزرجي أحد القيادات البارزة في نظام صدام حسين، حيث قاد عدة فيالق عسكرية أثناء الحرب العراقية الإيرانية، ثم أصبح رئيساً لأركان الجيش، ويتحدث قادة أكراد عن دوره البارز في حملات الأنفال، التي استهدفت مناطق كردية عدة وأودت بحياة أكثر من 182 ألف مواطن كردي بين عام 1988 - 1989، وكان الخزرجي يقيم في الدنيمارك طوال السنوات الماضية ولا يعرف مكان وجوده، الآن، بعد أن حرك بعض اللاجئين الأكراد دعاوى قضائية، ضده في محاكم أوروبية لدوره في عمليات الأنفال.. يا ترى هل ستستطيع الشرطة الدولية إحضار الخزرجي، شاهداً ومتهماً في آن معاً.
حقوق الإنسان العراقي المنتهكة
تؤكد أغلب الدراسات السياسية الحديثة عن العراق وكما يؤكد أغلب المؤرخين والمحللين السياسيين العراقيين، بأن انقلاب البعثيين عام 1963، كان انقلاباً دموياً، شهد تدهوراً في حقوق الإنسان العراقي، بشكل لافت للانتباه والمتابعة وتأويل أسباب ذلك، تسعة أشهر دامية من سلطة البعثيين القامعة والمستهترة بحقوق الإنسان العراقي، لم تمض دون أن تترك آثارها في الصراع والتمزقات والشروخات في سايكلوجية الفرد العراقي.
وما ان زالت هذه الحقبة السوداء، حتى جاء البعثيون بانقلاب عسكري ثان دامٍ عام 1968، وبلغت انتهاكات حقوق الانسان ذروتها عدا ذلك زج الشعب العراقي في كوارث الحروب والتهجير والمدافن الجماعية، والمحاكمات الصورية، ويرى الدكتور منذر الفضل ان تلك الانتهاكات تزامنت مع تسلط البعثيين عام 1963، فيشير الى ذلك بالقول: "نعود الى بدايات الهجرة ونقول لقد كانت بداياتها من العراق عام 1963، ويمكن ارجاعها للاسباب السياسية ممن تعرض للاضطهاد من حكم البعث في الشهور التسعة من الحكم الفاشي، وبفعل الانتهاكات لحقوق الانسان، من تجاوزات، ما سمي آنذاك بالحرس القومي، وهي ميليشيات حزبية بثياب عسكرية، ارتكبت ابشع الجرائم ضد الكثيرين من الشعب العراقي وبخاصة ضد العديد من المثقفين العراقيين، ذلك ان هذه المليشيات، كانت فوق الدستور والقانون، ثم تبع ذلك سلسلة من الاعدامات وانتهاكات لحقوق الانسان بعد الانقلاب العسكري عام 1968، تعرض لها الاكراد والاكراد الفيلية، والعشائر العراقية في جنوب العراق ووسطه، تمثلت ذروتها في سياسة التطهير العرقي ضد الاكراد الفيلية منذ عام 1971 وضد الاكراد بوجه عام في مناطق متعددة في كركوك وطالت سكان الاهوار والعديد من المدن والقرى الحدودية، ثم ازدادت بصورة كبيرة قبل واثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988) مما سبب الى جانب الانتهاكات الخطرة لحقوق الانسان، هجرة وتشريد الآلاف من اللاجئين العراقيين الى مختلف الاصقاع والبقاع.
ويرى الدكتور كاظم حبيب في مقال له تحت عنوان"من اجل معالجة احزمة وسليمة لآثار سياسات التطهير العرقي والتهجير القسري إزاء الشعب الكردي في العراق، ان هناك اساءات كبيرة لحقت بالشعب الكردي، وتجلت أبرزها في ان كل الحكومات الملكية، قد رفضت الاعتراف بوجوده واستقلاله في التكوين والخصائص القومية والارثية الفكرية والثقافية والمعرفية الحضارية، يضيف حبيب: "اما حكم البعث العفلقي الثاني، الذي قاده البكر وصدام حسين، فقد اتخذ منحى آخر حاول القضاء على المسألة الكردية من خلال مواقف تتسم بالمناورة والخداع والتلاعب بالشعارات والحلول الجزئية والالتفاف عليها، ولكن الهدف المركزي لصدام حسين وطغمته كان قد تبلور في مهمة الاجهاز على كل حل يمنح الشعب الكردي حقه في تقرير مصيره، الذي تجلى في حينها في شعار الحكم الذاتي، من خلال افراغ هذا الحكم، رغم منحه، من محتواه السياسي وتسليم قيادته بيد عناصر عربية واخرى كردية مستعر به لا علاقة لها بالشعب الكردي وقضيته العادلة، إلا ان اسوأ ما قام به هذا النظام على صعيد المسألة الكردية تبلور في عدد من الإجراءات التي شهدناها في سياسات النظام الملكي، ولكنها بابعاد جديدة، وأهداف أكثر بشاعة ودموية...".

ذاكرة الثقافة والموقف
براءة الى أطفال كردستان

لم يعد خافياً على أي ذي عقل وبصيرة وانصاف، ان هناك سرباً من المثقفين والادباء، والمفكرين العروبيين، وقفوا بغير حق ولا رؤية انسانية لحروب وكوارث النظام السابق وبخاصة منها جرائم الانفال، بل ذهب البعض من اولئك الى أبعد من ذلك، حين قلبوا الحقائق وزيفوا الاحداث، عماءً في التفكير والموقف والانتماء، وطمعاً بهبات وعطايا ومكرمات القائد! فلقد ابتلعوا الطعم، وجعلوا الضحية خائناً!! لكن في الجانب الآخر من مرتزقة الثقافة والمواقف الهشة، انبرى كتاب عراقيون وعرب واجانب، بما يحملون من رؤى وافكار ومبادئ تقدمية وانسانية، الى تلك الجرائم وفضح أثارها غير الانسانية، فضلاً عن اهدافها العنصرية الشوفينية.. وآثرنا ونحن نعد ملف الانفال ان نعيد الى الاذهان والذاكرة، بعضاً من تلك الكتابات التي ستظل ذاكرة للاحداث والاجيال، والتأريخ، وخير ما نذكر هنا، رسالة المفكر العراقي الراحل هادي العلوي "براءة الى اطفال كردستان" المنشورة في صحيفة السفير البيروتية بتاريخ 23/ 9/ 1988، يقول الراحل فيها:
(ليس من المعقول أبداً، وليس من المنطقي ابداً ان يستمر هذا النهر من الدم في الجريان، دون ان يسعى احد لتكسيره، أي عشق للقتل، يتلبس هذا الرجل، الذي لم يعد قادراً على العيش خارج هذا النهر؟ حتى كأن السلطة لم يبق لها معنى، سوى تحرير مراسيم الموت، بلا حدود، وبلا سبب، وبلا هدف.
ان أي قاتل محترف، جائع، مريض، قد يمر بفترة استراحة، يتكلم فيها مع نفسه، وربما طرح عليها سؤالاً عن بعض ما اختارهم للقتل، ان كان قد احسن الاختيار. لكن هذا القاتل البدعة لايريد ان يستريح يرفض ان يأخذ اجازة، يطرح فيها على نفسه هذا السؤال.
ان الدفاع عن السلطة في العالم الثالث، يستوجب القتل، لتثبيتها، وهو قد قتل ما يكفي لتثبيتها طيلة عشرين عاماً ومع ذلك، فهو لم يتوقف عن لعبة الموت، صار وجوده في الحكم يتركز في معنى ان نهر الدم يجب ان لا ينقطع عن الجريان، لان انقطاعه، يجعل سلطته بلا معنى.
اباد من رعاياه، في المدة ما بين (1968- 1980) قرابة عشرين الفاً، معظمهم بوسيلته المفضلة: التعذيب، الذي يشمل اقرب خلصائه.
تقول الروايات، انه اعدم "ناظم كزار" مدير أمنه العام، نشراً بالمنشار، لانه تحداه في المحكمة الخاصة. وتقول أخرى، انه سلق وزير صناعته "محمد عايش" في طنجرة نحاس (صفرية) لانه تجرأ ليه في محكمة مماثلة، والخيال الشعبي، حين ينسج هذه الصورة، انما يستند الى أرضية، هي التي تفسر لنا معظم ما نقرأه في التاريخ القديم، والحديث من الأمور الخارقة، فهي ليست مجرد حكي، يتناقله الناس، دون مضمون أرضي.
واليوم، وقد سكتت الجبهة الايرانية، تتوجه الفيالق الى كردستان. الجيش العراقي هناك، معلنا عن حضور بالكثافة نفسها، والمعدات نفسها، نفس الطريقة في القتال، دليل على ان اندفاعه في تلك الجبهة، لم يكن بسبب معنويات خاصة، نسبها اليه انصار الدفاع عن الوطن من العراقيين، فها هو يواصل في كردستان حروبه الاجرامية بكل بشاعتها. كنت اقول لهم: ان هذا الجيش سيقوم بنفس المهمة، حين يكلف بالهجوم على بيوتكم.
ان ما يجري في هذه الايام يتحدى الخيال، ولا يعبر عنه بقاموس. اشعر بالعي، وصعوبة الكلام، ابحث عن مفردات مطابقة وتتهذر علي. صدقوني، ان بحثت لعلي اجد ما يساعدني على تحرير وصف لما يجري في كردستان العراقية، فلم تسعفني اللغة، ان الافادات التي ادلت بها منظمة العفو الدولية، وبعض الحكومات في اوروبا، قد عبرت عن الدهشة غير انها لم تدخل في عمق المفارقة، كيف يكون هذا الجيش؟ كيف يكون هذا الرجل الذي يعطي الاوامر؟ ان الجنود العراقيين، يجتازون في هذه الساعات الحدود التركية ليصبوا حمم مدافعهم على مخيمات اللاجئين، الاكراد، هل سمع احد بهذا من قبل؟ ان اللاجئين ما ان يجتازوا حدود بلادهم، حتى يصبحوا آمنين بحكم الاعراف الدولية.
اما ملاحقتهم وراء الحدود، وهم مجرد لاجئين، وبعد ان يكونوا قد سكنوا الخيام لاستكمال ابادتهم، فهذا من خصوصيات جيشنا وقائده العام، لقد امست الهمجية التركية بعراقتها في العدوان على شعبها، والشعوب المحكومة بها، ملاذا لهؤلاء النازحين، ولولا جبن هذا الجيش وخوفه من الاتراك، لكانت المخيمات الكردية، قد إمّحت من الوجود الان.
يهجم الجنود العراقيون على القرى الكردية، لينفذوا خطط ابادة منظمة، كما تقول حرفيا منظمة العفو الدولية في موقف استثنائي، خرجت به على لغتها الانكليزية المحايدة، هذه القرى الوديعة، البسيطة، المتصوفة في زوايا جبال، طالما فاضت على العراقي باللبن والعسل، واستقبلته بنداء (كاكه) الذي يعني عند الاكراد، أنك آمن على نفسك ومالك وكرامتك الشخصية، فالكردي العادي، هو مثل سفوحه الخضر، لا يصدر عنه الا الطيب، حتى لصوصهم وقطاع الطرق منهم، يملكون من القيم الاخلاقية ما لا تملكه أكثر الجيوش تحضرا.
يمسحها الجندي العراقي بحذائه المحمل بالغاز السام، ثم يجمع ما تبقى بها من الاطفال والامهات والجدات، حتى يتمتع برؤيتهم وهم ينامون كالفسائل المقطوعة تحت اخامص بنادقه، الرشاشة، لم يتردد الجندي عن اداء هذا الدور، لم يأخذه الندم، ولم يسأل الطيار نفسه، على من يرمي قنابله الكيماوية؟ ناهيكم عن ان يفكر بالنزول بطائرته في بلد آخر، لكي يكتسب الجنسية البشرية، ويعلن للعالم حقيقة ما يجري في هذا البلد العجيب، كلا، ابداً بل اقولها عن تثبت
ونحن ابناء قرية واحدة، كما يقول المثل العراقي- انه سيعود بعد ان يفرغ حمولته على غرف نوم الاكراد ليحدث زوجته، او عشيقته عن بطولاته لذلك اليوم.
ايها الطفل الكردي المحترق بالغاز في قريته الصغيرة، على فراشه، او في ساحة لعبه، هذه براءتي من دمك اقدمها لك، معاهدا إياك، الا اشرب نخب الامجاد الوهمية، لجيوش العصر الحجري، اقدمها لك على استحياء، ينتابني شعور بالخجل منك، ويجللني شعور بالعار أمام الناس، اني احمل نفس هوية الطيار الذي استبسل عليك، وليت الناس اراحوني منها، حتى يوفروا لي براءة حقيقية، من دمك العزيز، انا المفجوع بك، الباكي عليك في ظلمات ليلي الطويل، في زمن حكم الذئاب البشرية، لم نعد نملك فيه الا البكاء، اقبلها مني، ايها المغدور فهي براءتي اليك من هويتي).
احفاد نور الدين وصلاح الدين
ومن الجدير بالذكر هنا نداء، جاء بصوت الرئيس الجزائري الاسبق احمد بن بلة وجهه للحكومة العراقية انذاك والرأي العام في 3/9/1988 جاء فيه:
انني ادعو الحكومة العراقية للكف عن حرب الابادة ضد الشعب الكردي وادعو الحكومات والقوى السياسة في الوطن العربي والعالم الاسلامي للخروج عن صمتها وممارسة الضغط من اجل ايقاف المجازر.
ان ابناء الشعب الكردي، احفاد نور الدين وصلاح الدين الايوبي، وقفوا منذ مئات السنين ومنذ ان جمعتهم راية الاسلام بجانب العرب، وقد نظم الشعب الكردي المظاهرات الضخمة ضد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ونظم شعراؤه وادباؤه بعض اجمل نتاجاتهم حول ثورة الجزائر، ان هذا الشعب في محنته اليوم يستحق من اخوانه العرب والمسلمين ان يرفعوا اصواتهم لحمايته من الابادة، وهو اضعف الايمان لكي لا يسجل التأريخ بأننا علمنا وشهدنا وسكتنا.
عباس بيضون: شقيقنا الكردي
وكما عهدناه عباس بيضون الشاعر والناقد والانسان لم يبق متفرجا على انفال النظام السابق، الاجرامية وهي تبتلع الانسان والاشياء، فكتب مقالا في جريدة السفير البيروتية في 3/3/2000 تحت عنوان: (شقيقنا الكردي) جاء فيه: (شقيقنا الكردي تركناه طعمة للغاز الخانق والمدافن الجماعية للاحياء والصخور القاتلة، وحين سألني كردي كيف لي ان اهتم بثقافات بعيدة ولا القي نظرة على ثقافة الجوار، وجدت ما قاله حقا، لكنني لم اقل له انني رأيت صور حلبجة، ايضا، في مجلات اجنبية وعلمت بخطة الانفال من كتاب مترجم عن الانكليزية.
ولم اقل له انني لم اكن في يوم مع اضطهاد الاكراد، لكني لم اعرف في المنطقة جماعة او شعبا او شخصا غير مضطهد، لم اقل له اننا ننسل كثيرا، هنا، لفرط ما نكره الحياة، ننسل كثيرا لكي لا نتألم لموت الاطفال، واننا لا نفكر بان موت الاطفال، مختنقين بالغاز يهز العرش حقا.
لا خاتمة
لا خاتمة لهذا الملف ولا اسدال لستار مسرح احداث مجزرة الانفال، لا خاتمة اذا لم يرَ الضحايا الناجون القصاص الحق والاعدل، بصناع الموت وقاتلي الاطفال وحافري المدافن الجماعية، لا خاتمة، ما لم تشهد القرى والجبال والسهول والوديان على ذلك، لا خاتمة ما لم ينم الشهداء هانئين، بسلام، سلام الوطن وتقدمه وحريته، بعد ان تطيح العدالة برؤوس المجرمين والطغاة.
1)اعتمدنا في اعداد هذا الملف على كتاب (الانفال حكايات من زمن مستقطع) لمؤلفه خالد سليمان، منشورات دار سردم للطباعة والنشر، السليمانية، 2005، وكذلك على بعض المقالات والبحوث المنشورة في الصحف ومواقع الانترنيت.
2)ملحق باسماء بعض العوائل والاشخاص المعتقلين والمغيبين في عمليات الانفال (الثامنة)
المشؤومة.


علي حسن المجيد آلة الرعب والقتل والدمار

ناصر ناصر
شاهدت علي حسن المجيد وقد استعاد شيئا من ...امس وكنت قد شاهدته في احدى جلسات التحقيق قبل عدة اشهر وقد بدا هزيلا وضعيفا وقد علا الشيب راسه وخط شاربيه وهو يرتدي دشداشة بيضاء ويتكئ على عكازة ، حتى قيل انه تبول على نفسه اكثر من مرة ، انه ارذل العمر ، نهاية بائسة لجزار شهير .
كان علي حسن المجيد، بصفته أمين سر مكتب تنظيم الشمال لحزب البعث العربي الاشتراكي، يتمتع بسلطة كاملة على جميع مؤسسات الدولة في المنطقة الكردية خلال الفترة من مارس " اذار " 1987 إلى أبريل "نيسان" 1989، بما في ذلك الفيلقان الأول والخامس من الجيش، ودائرة الأمن العام، والاستخبارات العسكرية.
وشملت هذه الفترة التي وقعت خلالها عمليات الإبادة الجماعية المعروفة باسم عمليات "الأنفال" ضد سكان المنطقة الأكراد.
وكان (الكيماوي) يعد الذراع اليمنى لصدام، وكان يكلف بتنفيذ المهمات ذات الطابع الاجرامي.
وفي مارس/آذار 1987، عين مسؤولا عن حزب البعث في كردستان العراق، وسيطر على الشرطة والجيش والميليشيات في هذه المنطقة.
وبعد شهرين من توليه هذا المنصب، قام الجيش العراقي بعملية اخلاء واسعة لعدة مناطق في كردستان، اذ اقتيد السكان وماشيتهم بالقوة الي مناطق متاخمة للحدود الاردنية والسعودية، اي بعيدا عن مناطق تواجد الاكراد طبيعيا ليشكل ذلك بداية لسياسة " الارض المحروقة " التي اعتمدت في كردستان
وكان من بين أوامره أمرٌ صدر في 20 يونيو" حزيران " 1987 لقادة الجيش بأن "يقوموا بعمليات قصف عشوائية ... لقتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص الموجودين في ... المناطق المحظورة ".
وقد تكشفت عمليات "الأنفال" التي تعود تسميتها إلى إحدى سور القرآن وهي سورة الأنفال التي تتناول أحكام الغنائم المسلوبة من الكفار أثناء القتال ، في الوقت الذي أوشكت فيه الحرب الإيرانية العراقية أن تضع أوزارها، بعد أن ظلت رحاها دائرة خلال الفترة من 1980 إلى 1988.
وتحت قيادة المجيد، أسفرت عمليات "الأنفال" عن قتل أو "اختفاء" نحو 100 ألف وقيل 180 الف من غير المقاتلين، واستخدام الأسلحة الكيمياوية ضد غير المقاتلين في العشرات من المواقع، والتدمير شبه الكامل لممتلكات الأسر والمجتمعات المحلية، بما في ذلك البنى الأساسية الزراعية وغيرها في جميع أنحاء المناطق الكردية الريفية
ومن هنا كانت سمعة علي الكيماوي في قيادته لحملة ضرب الأكراد بالأسلحة الكيماوية هي الجانب الأبرز في سيرته الملطخة بالدم .
وتولى المجيد فيما بعد زمام المسؤولية عن الغزو العسكري العراقي للكويت، وقاد القوات التي أخمدت الانتفاضة الشعبية في جنوب البلاد في مارس " اذار " 1991.
وقد اتسمت هذه الحملات جميعاً بشيوع عمليات الإعدام، والاعتقالات التعسفية، وحالات "الاختفاء"، والتعذيب، وغيرها من الفظائع.
في العام 2003 وبالتحديد في الايام العشرة الاخيرة من يناير ، بعد 15 عاما على جرائم الانفال ، بدا علي حسن المجيد مختلفا ، ظهر على شاشات التلفزيون وهو يرتدي بدلة مدنية وقد سعى لان يغلف وجهه بابتسامة كاذبة وقد وصل الى العاصمة السورية دمشق لإجراء محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد ضمن جولة كانت قد شملت مصر وعدد من الدول الاخرى، وذلك في إطار الجهود الرامية لتجنب الحرب التي اطاحت بنظامه فيما بعد .
وفي السابع عشر من يناير كانون الثاني ، بعد يوم واحد من وصوله دمشق ، طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش باعتقاله ومحاكمته بوصفه ، مهندس حملة الإبادة الجماعية المعروفة باسم حملة "الأنفال" ضد الأكراد العراقيين عام 1988 .
يقول كينث روث المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش " تظاهر علي الكيماوي بأنه مبعوث للسلام هو أشبه بمجرم الحرب الصربي البوسني راتكو ميلاديتش وهو يلقي محاضرة عن حقوق الإنسان، وكان الأولى أن يكون في استقباله حراس السجون لا رؤساء الدول" .
وقال تشارلز فورست كبير المسؤولين في جماعة انديت " إنه ( علي الكيمياوي ) قاتل سادي وليس رجل دولة " وأضاف فورست" عندنا وثائق وقعها المجيد تأمر بقتل جماعي وترحيل قسري وبشاعات لا توصف ".
اوقف علي حسن المجيد " الكيمياوي" في 21 آب/ اغسطس 2003 ويبلغ الان من العمر 63 عاما هو ابن عم صدام حسين، ومثله، يتحدر من مدينة تكريت (170 كلم شمال بغداد)، وهو من رفاق دربه الاوائل، ومن اوفي الاوفياء للرئيس المخلوع.
وفي آب/ اغسطس 1990 عقب غزو نظام صدام لدولة الكويت عين الكيمياوي حاكما للكويت تحت الاحتلال العراقي وعمد علي اخماد جميع جيوب المقاومة فيها، قبل ان يعود ليشغل منصبه في وزارة الحكم المحلي في شباط/ فبراير 1991 الذي يشغله منذ 1989 ، وفي آذار/ مارس 1991، لعب المجيد دورا اساسيا في قمع التمرد الشعبي في جنوب البلاد.
وعين علي الكيماوي وهو عضو مجلس قيادة الثورة اعلى هيئة حاكمة في عهد صدام، مسؤولا عن المنطقة العسكرية الجنوبية بوجه الاجتياح الامريكي البريطاني للاطاحة بنظام صدام الذي بدأ في 20 آذار/ مارس 2003.
واعلن التحالف العسكري الامريكي البريطاني في السابع من ابريل 2003 ان ( الكيماوي ) قتل في قصف على مدينة البصرة جنوب العراق بيد ان وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفلد عاد واعلن في حزيران/ يونيو من السنة نفسها ان الرجل (قد يكون ما زال على قيد الحياة) لتؤكد فيما بعد وزارة الدفاع الامريكية ما اعلنته القيادة الاميركية الوسطى في الحادي والعشرين من آب/ اغسطس من عام 2003 من انها اعتقلت قرب بغداد علي حسن المجيد الملقب "علي الكيميائي" وانه في قبضة قوات التحالف.


"علي الكيماوي" اشهر جزاري صدام يتفاخر بالقتل

لينا عبد الاحد
بثت منظمة هيومن رايتس ووتش تسجيلاً صوتياً لاجتماع لكبار المسؤولين العراقيين عام 1988، توعد فيه المجيد باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد الأكراد، متفوهاً بعبارات من قبيل" سوف أقتلهم جميعاً بالأسلحة الكيمياوية! من عساه أن يعترض؟ المجتمع الدولي؟ فليذهبوا للجحيم، المجتمع الدولي ومن ينصت إليه!
لن أهاجمهم بالمواد الكيمياوية يوماً واحداً فحسب، بل سأواصل الهجوم عليهم بالمواد الكيمياوية لمدة خمسة عشر يوما " .
ووفقا لما جاء في شهادات المعارضين لنظام صدام، فإن المجيد قام أيضاً بدور قيادي في الحملة ضد عرب الأهوار خلال التسعينيات، وهي حملة شملت القصف المنظم للقرى، والتعذيب، وحالات "الاختفاء"، والتهجير القسري، مما أسفر عن تقلص عدد سكان هذه المنطقة من ربع مليون إلى أقل من 40 ألف نسمة اليوم.
وفي حديث اخر لعلي حسن المجيد وبالتحديد في 15 نيسان /ابريل عام 1988 كرر تهديده بقتل الاكراد بالاسلحة الكيمياوية لكنه وصفها هذه المرة " بالسلاح الفتاك الجديد " وقال لقادة عسكريين في القوات التي تولى ادارتها " بالسلاح الفتاك الجديد سوف اقتلكم ، بهذا الاسلوب هددهم واجبرهم على الاستسلام في ذلك الوقت سيرون بان جميع السيارات لا تسعهم ليركبوا فيها " .
ان هذا الوحش الذي اطلقه صدام على الشعب الكردي في كردستان العراق كان يبحث عن اراقة المزيد من الدماء في القرى الكردية ، ووفقا لاحد الاشرطة التي عثر عليها في عام 1991 وبعد تحقق خبراء في مجال الاصوات من منظمة ميدل ايست اوج والذين اثبتوا ان الصوت الذي في الشريط هو لعلي حسن المجيد يعبر فيه عن نظرته للكرد حيث يقول " في الصيف القادم لا يجب ان تبقى قرية هنا او هناك ما عدا المجمعات "
ويضيف علي الكيمياوي ، " يجب تجميعهم مثل الدجاجة حينما تجمع فراخها تحت جناحها ، لذا علينا جمع الناس في المجمعات ومراقبتهم ووضع الحراسة عليهم "
ان علي حسن المجيد كان سريعا في تنفيذ خطواته لابادة الكرد العراقيين ففي احد الاشرطة المؤرخة في 15 نيان/ ابريل عام 1989 قال " في اجتماع مع رؤساء اركان الجيش طلب مني احد افضل قادتنا بتاجيل الهجوم لمدة شهر فقلت له : ابدا لن اؤخره يوما واحدا مطلقا ومن الان يجب ان يكون شعارنا الابادة والتخريب والدمار " .
ويمضي قائلا " لماذا اتركهم ( الاكراد ) يعيشو كالحمير لا يعرفون اي شيء ولا ادري ماذا نستفيد من هؤلاء "
ينظر علي حسن المجيد الى كردستان كضيعة ورثها عن ابيه ويقول لقادة عسكريين معه " سوف اجعل هذه المنطقة الواسعة والكبيرة ممنوعة ومحرمة ولا ابقي فيها احداً ، وماذا يعني لو جعلنا تلك المنطقة محرمة من قرداغ الى كفري الى ديالى الى دربندخان الى السليمانية ".
كان علي الكيمياوي يبحث في عمليات الابادة التي شنها على القرى الكردية عن البيشمركة كهدف اساسي ويوضح امر صادر عنه تعليمات حول البيشمركة الذين يقومون بتسليم انفسهم ويذكر الامر المرسل الى امن اربيل انذاك نقطتين رئيسيتين هما " حجز واعتقال البيشمركة الذين سلموا انفسهم في غير مناطق عمليات الانفال الاولى والثانية والثالثة في معسكرات خاصة والذين يسلمون انفسهم الى افواج الدفاع المدني يتم اعتقالهم عند الاجهزة العسكرية وان هذه التعليمات لا تشمل البيشمركة الذين يسلمون انفسهم في مناطق القتال " .
لم يختلف القادة العاملون تحت امرة علي الكيمياوي عنه فقد قاربوه في قسوته حتى ان احد قادة الفيالق هناك وهو بارق عبد الله الحاج حنطة نفذ على وجه السرعة امر الكيمياوي وبدا بانشاء معسكر خاص لقتل وابادة مجاميع البيشمركة والناس المدنيين والقرويين واصبح الامر منهجا رسميا يتم تنفيذه " لم يغفل التاريخ ما فعله بارق هذا فسرعان ما قتل ولكن بمسدس بيد صدام " .
اما طاهر توفيق وهو محافظ نينوى انذاك وسكرتير لجنة شؤون الشمال والمتهم مع صدام وعلي حسن المجيد ، في نفس القضية ، فلا يبدي اعتراضا على اعدام الاكراد من قبل امن الفيلق الاول في الجيش العراقي .
ويذكر في كتاب صادر عنه بان " الرفيق المناضل علي حسن المجيد مسؤول تنظيمات الشمال علق على كتابكم بما يلي ( ليس لدينا اعتراض على قطع رؤوس الخونة ولكن كان الافضل ارسالهم الى الامن للتحقيق معهم ايضا فلربما يجدون لديهم امورا اخرى يستفاد منها قبل اعدامهم ) " .
لا يعترض علي الكيمياوي على اعدام شعبه ، انهم خونة بالنسبة له ، ما دفعه الى قتل المزيد حتى انه لم يعد يعتد بالارقام .
وكشفت منظمات دولية عديدة عن حديث لعلي حسن المجيد مع مفاوض كردي ذكر انه النائب في البرلمان العراقي الان محمود عثمان ، وهو يختلف بشان عدد الاكراد الذين قتلهم ( هل كان 100 الف ام 180 الف ! ) وفي التسجيل ذكر له ان عدد الاكراد الذين قتلوا في حملات الانفال كانوا 180 الفا فيرد غاضبا " لا ليسوا اكثر من 100 الف " ! .
كان المجيد مهتما بارضاء صدام وتثبت نظامه وقمع اي انتفاضة تسعى للاطاحة به وليس يهمه كم قتل واباد من قرى " الحقيقة ان ما قمنا بتنفيذه شيء لم يتمكن من تحقيقه الحزب او القيادة حتى سنة 1987 " هذا ما قاله المجيد ، جزار نظام صدام ، عقب انتهاء عمليات الابادة في كردستان .


موقف المجتمع الدولي من جرائم الانفال

فاضل عمران
دان المجتمع الدولي قمع الشعب العراقي وخصوصا الاكراد واصدر مجلس الامن عام 1991 القرار رقم 688 الذي ندد فيه بقمع السكان المدنيين العراقيين، بما في ذلك المناطق التي يسكنها الاكراد، وطالب المجلس بوضع حد لذلك، وذكر ان نتائج القمع تهدد السلام والامن الدوليين، وفي بيانين آخرين أدلى بهما رئيس مجلس الامن الدولي في 11 مارس " أذار " و23 نوفمبر "تشرين الثاني " عام 1992، ذكر ان المجلس لايزال يساوره بالغ القلق أزاء الانتهاكات الخطرة لحقوق الانسان التي أرتكبتها حكومة العراق ضد شعبها ولا سيما في المنطقة الشمالية (كردستان) من العراق ومراكز الشيعة في الجنوب واهواره .
وتنص اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، التي صادقت عليها مصر والأردن ولبنان وسورية " وهي بلدان زارها علي حسن المجيد عقب احداث الانفال " .
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية افاق العالم على بشاعة وفظاعة الجرائم التي ارتكبتها المانيا النازية بقيامها بإبادة ملايين البشر بسبب انتمائهم الديني وعرقهم ، فاقرت دول الحلفاء ميثاق محكمة نورمبرغ عام 1945 الذي اعتبر بان مجرمي الحرب هم الذين يرتكبون جرائم ضد السلم او الذين ينتهكون قوانين الحرب وكذلك الذين يرتكبون جرائم ضد الانسانية حتى ان كانت هذه الجرائم مما لاتتعارض مع قوانين ذلك البلد التي ترتكب فيه .
واصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1946 قرارين بهذا الخصوص اكدت في اولهما مبادئ ميثاق محكمة نورمبرغ واكدت في ثانيهما قرارا يتعلق بمنع إبادة الاجناس واعتبرت هذا العمل جريمة تدخل في نطاق القانون الدولي.
ومن هنا ظهرت " اتفاقية منع ابادة الاجناس والمعاقبة عليها " التي صادقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ التاسع من كانون الاول/ ديسمبر من عام 1948 ووقعت عليها العديد من الدول ، واعتبرت بموجبها ابادة الاجناس جريمة طبقا للقانون الدولي وتتعهد الدول الموقعة على الاتفاقية بمنعها والمعاقبة عليها .
وقد عرفت المادة الثانية من الاتفاقية الابادة الجماعية بانها " ارتكاب افعال معينة بقصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعة او قومية او اثنية او عنصرية او دينية " .
وتشمل الابادة الجماعية وفقا لمبادئ وقرارات الامم المتحدة وقبلها الجمعية العامة " قتل أعضاء من الجماعة والحاق اذى جسدي او روحي خطر بأعضاء من الجماعة او اخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا او جزئيا وفرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الأطفال داخل الجماعة وقتل الاطفال من الجماعة عنوة الى جماعة اخرى .
يبدو ان هذا ما فعله صدام في حلبجة وبقية القرى الكردية وما فعله في الدجيل وفي الاهوار ومدن الجنوب العراقي وهو ما فعله ايضا لدى غزوه دولة الكويت .
ويقول خبراء في القانون الجنائي والدولي " ان جريمة الابادة الجماعية هي جريمة ضد الانسانية فهي لذلك تعتبر جريمة محكومة بقواعد القانون الدولي وليس القانون الوطني وهي غير مشمولة بنظام التقادم الزمني الذي تطبقه الدول على الجرائم المرتكبة من قبل مواطنيها والتي تخضع لقواعد القانون الجنائي داخل تلك الدول اي ان المتورطين بهذا النوع من الجرائم لا تسقط عنهم جرائمهم مهما طال الزمن " .
سمح نظام صدام لنفسه القيام بالعديد من جرائم الابادة الجماعية عن طريق سن قوانين خاصة تجيز له ذلك واصدار قرارات لما يسمى بمجلس قيادة الثورة تبيح ارتكاب هذه الجرائم بينما هي في الحقيقة جرائم معاقب عليها بموجب القانون الدولي واتفاقية منع ابادة الاجناس وتحصن صدام بمبادئ دستور مؤقت هو دستور عام 1970 لحماية نفسه واعوانه من اية مساءلة قانونية حيث نصت المادة الأربعون من هذا الدستور العراقي الذي كان سائدا انذاك على ان رئيس مجلس قيادة الثورة ونائبه والأعضاء يتمتعون بحصانة تامة ولا يجوز اتخاذ اي اجراء بحق اي منهم الا باذن مسبق من المجلس " .
غير ان المادة السابعة من اتفاقية منع ابادة الاجناس والمعاقبة عليها نصت على انه " لا تعتبر الابادة الجماعية والافعال الاخرى المذكورة في المادة الثالثة منها جرائم سياسية على صعيد تسليم المجرمين " .
وتؤكد بكل وضوح في مادتها الرابعة على ان " يعاقب مرتكبو الابادة الجماعية أو اي من الافعال الاخرى المذكورة في المادة الثالثة سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو افراداً ".


الانفال.. فيلم وثائقي عن جرائم صدام ضد الشعب الكردي
 

عبد الخالق فارس
انهى المخرج الكردي مانو خليل بعد جهد طويل، العمليات الصورية و الصوتية لفيلمه الوثائقي " الانفال، باسم الله، البعث و صدام"، حيث كلف البحث و العمل في هذا الفيلم الذي يعد و ثيقة تاريخية عن جرائم منظمة و ارهاب دولة رسمي المخرج حوالي السنتين واكثر من ثلاثة الاف ساعة عمل متواصل.
والفيلم هو انتاج مشترك للمخرج مع التلفزيون السويسري قناة اللغة الألمانية و مدته قرابة الساعة و هو مترجم إلى اللغات الفرنسية و الانكليزية و الالمانية.
فيلم الانفال يتحدث عن الحرب التي اعلنها صدام حسين ضد الشعب الكردي و التي كلف للقيام بها ابن عمه علي حسن المجيد، الذي عرف فيما بعد ليس فقط عند الشعب الكردستاني و لكن في كل انحاء العالم بـ “علي الكيمياوي”، الذي استغل اسم السورة الثامنة من القرآن الكريم، ليسمي حربه بالانفال.
الفيلم شهادة دامغة عن التطبيق الشوفيني لأيديولوجية البعث.
الفيلم يحتوي على شهادات و مقابلات مع اناس نجوا من مجازر لمجرد المصادفة، و مقابلات مع عوائل ارسلت بناتهم كنساء سبي إلى دول عربية وهذا اثبات على شراكة النظام المصري في جرائم صدام و تستره عليها ايضا و ما يزال مصيرهن إلى اليوم غير معروف.. ويحتوي الفيلم على وثائق و على دلائل خطرة عن ممارسات البعث و جهاز مخابراته في التخطيط و التنفيذ للقتل العمد و الرسمي، و هو كاف، ليضع رقبة صدام حسين مجيد التكريتي وزمرته في حبل المشنقة..
الفيلم ولو انه يتحدث عن الانفال بدرجة اساسية، لكنه لا ينسى التطرق إلى التطبيقات التي مارسها نظام صدام في السجون و تعذيب السجناء السياسيين و تقطيعهم او في ضرب حلبجة بالاسلحة الكيميائية، حيث لا تزال نتائج الحرب الكيميائية موجودة إلى اليوم و ستبقى لعشرات السنين القادمة.
ويسلط الفيلم الضوء على هذه الحرب التي راح ضحيتها اكثر من 182 الف انسان كردي ودمر اكثر من 4500 قرية و نهبت ممتلكاتها على بكرة ابيها.
(في السابق كانت يد صدام حسين طويلة، تمتد إلى اعناقنا، يفعل ما يشاء ضد نسائنا و اطفالنا و املاكنا، كنا حينها بلا امل، و بلا حول و لا قوة، اليوم نحن احرار، و نملك قدرنا و نحن مستعدون للدفاع عن عرضنا و شرفنا، سيضحي مئة رجل بروحه لاجل امرأة واحدة اذا اراد احد ما ان يعتدي عليها...و لن نسمح لاي كان ان يمد يده صوبنا بسوء بعد الان...) من حديث اخ لاحدى الفتيات اللواتي ارسلن إلى مصر في الفيلم.
فيلم الانفال لا يتحدث فقط عن الماضي،و عن الالام و عن حق الشعب الكردي في ان يمثل صدام و زمرتة امام المحكمة، و تعويض الشعب الكردي عما لحق به.
سيبدأ عرض الفيلم بشكل فعلي بعد العطلة الصيفية و سيرسل للمشاركة في المهرجانات السينمائية العالمية و في القنوات التلفزيونية في كل مكان.

 

 

للاتصال بنا  -  عن المدى   -   الصفحة الرئيسة