يوميات
عراقية :
لكي تنجو من مصيبة اتبع
الطرق التالية!
بغداد/ عباس الشطري
سهرة بانتظار البانزين
مجاميع من سواق
التاكسي يفترشون الحديقة الصغيرة المجاورة لساحة كهرمانة
يضعون على موائدهم البسيطة ما جادت به عوائلهم من طعام
وشراب , يقضون الليل في حفلة تسامر يومية تفيض بها ذاكرتهم
من قصص عايشوها عبر اكثر من ثلاثة عقود تبدا من قصة ابوطبر
وتنتهي بالقتل اليومي على الهوية؟ وبينهما العديد من صور
المعاناة املا في ان تشرق شمس صباح اليوم التالي فيتسابقون
للحصول على بضعة لترات من البانزين .
عن قصة المبيت في الساحات العامة قريبا من محطات البانزين
يقول قصي محمد (سائق سيارة اجرة) : من اجل مساعدة بعضنا
اتفقنا على تكوين مجموعات صغيرة تقوم المجموعة الاولى
بالمبيت هذا اليوم والاخرى في اليوم التالي وتتكفل احدى
المجموعتين بايصال ماتحتاج الاخرى ,ويضيف معاناتنا كبيرة
تبدا من الزحام الشديد وتنتهي بالكارت ابو العشرة الذي
نقدمه الى(البوزرجي) كعربون صداقة مجبرين على ذلك.
وبين الانتظار للحصول على حصتنا من البانزين والالم
يعتصرنا نشاهد (البحارة) وهم السواق الذين يقومون بتحوير
خزانات الوقود لتاخذ اكبر كمية من الوقود نشاهدهم وهم
يدخلون اول الناس دون الالتزام بالنظام بتواطؤ واضح من
المشرفين وامام انظار الشرطة المكلفة بتنظيم الزحام .
العبور الى الضفة الاخرى
لم يكن يدور في
خلد عبد الكريم وهو استاذ جامعي في علم الاجتماع ان يكون
يوما ما ضحية دفاعه عن القيم المجتمعية المدنية وكثيرا
ماحاضر في اقسام جامعته عن التطور الاجتماعي وانصهار
الاقوام البدوية في بوتقة الحضارة الانسانية الجديدة
وانسلاخ افكارها وعقائدها القديمة عن وعيها الجمعي والتي
عادت الى الظهور بعدالهزة العنيفة للمجتمع بعد التغيير,ان
تجبره تلك الافكار على النزوح من حيه السكني الذي الفه منذ
طفولته مجبرا بعد ان ترك بيتا كبيرا بكل محتوياته اذ فاجاه
الانذار بوجوب اخلاء البيت خلال ساعات لم تمهله لتوديع
اصدقاء طالما ارتشف الشاي في بيوتهم وتحدث اليهم عن
انجازات ابن خلدون وعلي الوردي في حقل علم الاجتماع واذا
كان عبد الكريم يملك راتبا جيدا يساعده على التكيف مع وضع
سكناه الجديد , فا ن اخرين يواجهون صعوبات كبيرة كسعد
البياتي الذي يقول استاجرت بيتا متواضعا في اطراف بغداد
وبمبلغ 350 الف دينار وهو مبلغ يساوي راتبي ولولاتدخل
اقاربي ووساطتهم في الامر لكان المبلغ اعلى وكان لزاما علي
ان اوفر مبلغا اخر للمعيشة في ظل وضع امني وخدمي مترد
ويضيف تركت بيتي السابق على عجل حفاظا على عائلتي بعد ان
تسلمت الانذار وتناهى الى سمعي الان بان البيت يسكنه
ارهابيون ويستخدمون كل محتوياته.
الخطف تحت الحراسة النسائية
س,ع فتاة بعمر
الزهور لم تكمل عامها السابع عشر متفوقة بدراستها وتحلم
بدخول كلية الطب ,كي تقدم خدمة انسانية لمجتمعها ,سرق
حلمها برمشة عين
حين خرجت الى حديقة الدار تجمع ملابس اخوتها المنشورة على
الحبل اختطفتها الأيدي العفنة لتبدا رحلة المساومة مع
الاهل حول الفدية ومن مبلغ مائة الف دولار الى عشرين الف
دولار مع كل الآلام والخوف والفزع الذي عاشته عائلتها خوفا
مما يمكن ان يحدث لمدللتهم والخوف الذي عايشته هي بين ايدي
مجرمين عتاة لايتورعون عن عمل أي شيء, حين عادت الى البيت
بعد شهر من الاختطاف روت الى قريبتها كيف كانت تعيش مع عدد
من الفتيات المختطفات وتحرسهن عصابة من الرجال في النهار
وفي الليل تتناوب عليهن مجموعة من النساء لم يتورعن عن
الاخذ بالقوة مصوغاتهن الذهبية البسيطة تحررت هذه
الفتاة من الاسر الذي ترك في داخلها عقداً نفسية ورعبا
لايمحى .
حلم صعب المنال
تكاد تجدهم كل
يوم يزدادون عددا في زحام واضح واذا مارأيتهم للوهلة
الاولى في مكان اخرتظن انهم يبتاعون شيئا او ينتظرون
الحصول على قنينة غاز اوربما شيئا افتقده السوق منذ ساعات
لكن الامر مختلف لان المكان هو الطب العدلي .الذي اصبح
اسما مرعبا لايتمنى الوصول اليه أي من العراقيين لكنهم
مجبرون على زيارته بل اصبح شيئا عاديا لدى العديد منهم
.احدهم وهو رجل تجاوز الستين يأتي منذ الصباح ويغادر مع
انتهاء النهار . يقول حارس المشرحة ان هذا الرجل ياتي
بانتظام منذ ثلاثة اشهر ويراقب الجثث الداخلة عسى ان تكون
احداها لولده المخطوف وحين حاولت التخفيف عن معاناته قال
لي انه لايستطيع التوقف لان والدته تكاد ان تجن واخوته لم
يدخروا جهدا للبحث عنه يقول الحارس الذي عقد صداقة عميقة
مع الموتى منذ امتهن هذه المهنة: ان حلم الزائرين ان تكون
اجساد ذويهم تامة غير ناقصة فكثيرا مايثير الفزع وجود
امواتهم بلا رؤوس و يضيف ان الفساد الاداري تسلل الى
الموتى فالوصول الى الجثة المطلوبة يتطلب الركض وراء من
يسهل ذلك ومقابل مبلغ من المال يتناسب مع ساعات وايام
المطالبة .
البحث عن الرزق الحلال
لم تعد ساحة
الطيران تعج بالعمال اذ لاتجد سوى عدد قليل منهم لكنك حين
تجد في البحث ستجدهم متفرقين بين الازقة المجاورة وربما
ياتيك احدهم حين يتيقن من غايتك الحقيقية فيقدم لك العمال
المطلوبين الذين غالبا مايكون هو واحدا منهم . غالب حسون
:نجا من عدة تفجيرات طالت الساحة يضحك بالم حين يشرح لك
هذه الطريقة في اجتذاب الرزق بعيدا عن رائحة الموت ويصفها
ضاحكا انها حيلة شرعية للخلاص من عزرائيل .ويضيف اعتمدنا
في الفترة الاخيرة على العمل وفق طرق متعددة ومبتكرة منها
الاتفاق في مكان معين مع المقاولين الثقاة لتجنب المجهول!
يشكو غالب شانه شان اخرين من زملائه من قلة العمل وشحته
ويفسره بانشغال الناس بامور اخرى .؟
صور كثيرة تتخلل هذه الصور تبدا من الركض وراء الحصول على
جواز السفر مرورا بقنينة الغاز ورغيف الخبز والنوم ساعات
دون انقطاع الكهرباء الى حلم الزوجات والامهات بعودة ذويهم
مساء دون التعرض لمكروه الى احلام الحكومة في التخلص من
هذه الكوابيس اليومية بعد ان اعيت المسؤولين المؤتمرات
الصحفية التي يعدون فيها المواطن بالتحسن في الاوضاع
الامنية والمعيشية فيفاجأون بتدهور مريع اخر . |